هكذا علمتني الشمس
إشراقة شمس يوم جديد ....يلوح بالأفق بوارق من الأمل ...
مع كل شروق يولد حلم يبحث عن الواقع...
مع كل شروق عشرات القلوب تلهج بالدعاء لخالقها ليشرق عليها بالصحة والعافية...
ومع كل غروب عشرات القلوب تلهج بالدعاء لخالقها بأن يكون غروب الحزن الآخير في حياتها...
مابين الشروق والغروب تبنى أمم ...وتزول أمم..
مابين الشروق والغروب لحظات سعادة ولحظات حزن...
مابين الشروق والغروب أكبر وتكبر أمالي وآلامي..
مابين الشروق والغروب تسقط ورقة من فصول الحياة...
مابين الشروق والغروب أحداث أبطالها نحن والكون ...
تشرق الشمس...تلقي تحية الصباح..بنثر ضيائها على عتمة الكون...
تتسلل أشعتها بصمت وهدوووء....تصعد بإستحياء...تسير على مهل وفي خجل...
شيئا فشيئا ........أصبحت سيدة الموقف....
تمسك بزمام الأمور دون ترنح أو تذبذب..
تحاول بعض الغيوم أن تحبس شيئا من تألقها وتسرق من تميزها فتأبى بعزة وثقة عالية...
يأتي الغرووب فتميل في شموخ وكبرياء ودفء وحنان....
علمني شروق الشمس وغروبها أن الحياة خطوة خطوة....نمشي على مهل ...
نصعد..
نعلو..
نصارع..
نتألق..
نثابر.
نغيب.
المهم
أن نصعد بتأني.
وأن نتألق بتميز وإبداع.
وأن نغيب بذكرى شامخة.
هكذا علمتني الشمس.
وعلمتني ..
كيف أستعذب أشعتها ، وأسرح في خيال ضياءها ، لأرحل عبر مسافاته إلى متاهات الجمال ، وعواطف الشموخ ، فأقرأ ما لذ لي من كلمات محبرتها ، ومن ريشة أناملها ، فأنظر إلى إليها لوحة تمتع العيون ، وكلمة تنطرب لها كل الأفكار ، ففكرها راقي على العقول ، وقلمها غالي على الحروف ، وصفحاتها هي ميلادي .. ومحبرتها هي تاريخي .. وأشعتها هي سر وجودي .. وضيائها هو حياتي .. وشمسها هي غاية أمنياتي .
وعلمتني ..
كيف تعزف بأشعتها أنشودة الحياة ، وتعرف روعة عزف ضياءها ، على أوتار كبريائها ، ونغمات عنفوانها ، فتكون حياتها صفحة رائعة في مدارات الأيام ، وعنوان جميل في دفاتر السنين ، فهي عنواني القادم ، في ميادين العقل ، ومتاهات الفكر .
وعلمتني
كيف تعرف الحياة بجمالها وحلوها ، كيف تصنع الأيام ، وتحفظ السنين ، وكيف تصنع مستقبلها الزاهي بيدها ، وكيف تتناغم مع أشعارها ، لترسوا بي على متن قافياتها ، بجمال الكلمة ، وروعة الأبيات ، والتي دائما ماتسكن هناك .. في قلبي.
وعلمتني .
كيف تمتع عيناها بالنظر إلى الزهور ، ورائحتها البهية ، وكيف تقطف في كل صباح وردة جميلة لتهديها إلى الأيام التي احتضنت قلبها ، ورافقتها إلى مدينة الفكر والإبداع ، مدينة الضياء الحسن ، وعاصمة المساحات البعيدة ، والمحيطة في قلبها من هنا وهناك .
وعلمتني .
كيف تصافح الحب ، وكيف تعرفه ، وكيف تقرأ أبجديات حروفه ،فتحفظ كلماته، لتفهم معانيه ، فتحمله بيديها بحنان نادر ، لتودعه في عاصمة ذاتها ألا وهو قلبها الكبير ، والذي يضم في محيطة آلاف الزهور الجميلة ، والأوراق اليانعة .
وعلمتني .
كيف تمسك القلم ، لتكتب كلمات لا يعرف معانيها سوى قلبها ، وكيف ترافق الأوراق لتحبس فيها أشواقها الحادية ، فوق بركان عواطفها الملتهبة ، التي باتت لغتها اليومية التي لا ترى إلا في عيونها ، والتي دائما ما تختم رسالتها بدمعة ثقيلة على قلبي ، ولكنها غالية على نفسي ، لأحبس حزنها في قلبي ، وأنشر حسنها في فكري .
وعلمتني .
كيف تعرف نفسها ، وتصالح ذاتها ، كيف تبني لنفسها مجدا بعيدا عن الضجيج والإشاعات ، كيف تعرف حقيقة المعاني الجميلة التي تأسر قلب كل إنسان في هذا الوجود ، كيف تفرق بين الحاضر الموجود ، والقادم المنتظر ، لأنها حلمي الجميل الذي أرسمه كل يوم ، بريشة فنان ماهر ، لأنه لن يرضى بغير ضياءها بديل ، ولا لأشعتها لقلبه دليل .
وعلمتني .
كيف تستقبل حداء الطيور في كل صباح ، كيف تعرف أن الطيور هم لغة السلام المحببة إلى كل قلب وكيف أن الطيور تنظر إليها فترسل نغماتها ، لتبادلها الحب بالحب ، والإبتسامة بالرضاء ، فهي بحسنها تطرق الجمال بصوت هادئ ، وتعزف الكلمات الخلابة برتم موسيقي فاتن ، لتسحر العيون ، وتصغي لها كل الأسماع .
وعلمتني .
كيف تنام قريرة العين ، مسافرة في خيالها ، لتضع عنوان لأحلامها ، لتكون رائعة كروعة وجودها في هذه الحياة ، لأن وجودها هو من يعرف جمال حضورها ، لأنه يدرك مدى قوة سحر تأثيرها على كل وجود ، فهي رائعة الوجود ، لأنها هي من سحرت العالم بشفافية إنسانيتها ، وجمال كيانها ، فهي حاضرة في كل القلوب ، وعنوانها هناك في السماء العالية .. لأنها لم ولن ترضى بغير العلى مكان لها .
وعلمتني .
كيف تكتب اسمها الغالي في دفتر الوجود ، وكيف تحفر عنفوانها في قاموس الحياة ، وكيف تكون هي كقطرات مثل غيث الأمطار ، وكيف تستقبل فنون جمالها ، على ميدان كبرياءها النادر ، وشموخها الباهر ، والذي أبهر العباقرة ، وأستعذب المشاعر ، وخلق الأحاسيس ، بلا نكبات .. أو كربات .. وإنما بجمال الوقفات ، لترسمها الكلمات ، وتعرفها الحروف ، فتسكن هناك في قلوب الادباء والمميزين .
وعلمتني .
كيف تخطف الأضواء من بين الحضور ، وكيف يكون حضورها كالعنوان للكتاب ، وكيف تحتفل بمطلعه بأول تحية تلاطفها ، ليكون ردها عبارة في رشاقة ، وحلاوة في منطق ، وطلاوة في سحر ، لتكون من هذي التي تعلمتها .. محفوظة في القلوب ، سائرة على العقول ، شاردة في الأفكار .
وعلمتني .
كيف تسمو بنفسها ، وكيف تتميز عن غيرها ، وكيف تميز نفسها ، كيف تكون أعجوبة في دنيا الحياة ، وكيف تكون متفوقة في عالم الشموخ ، وكيف تكون مرهفة الإحساس أمام كل المشاعر ، لكي تكون روحها دائما متألقة .
وعلمتني .
أن تدخل حياتي هكذا وبدون استئذان ، وأن تعرف معاناتي بلا مبالاة ، وان تبكي دموعا حارة لتطفئ لهيب ذاتي ، من زمن لسعني ، ومن حزن لذعني ، ومن هم لدغني ، فرأيت أبياتها شفاء ، وكلماتها دواء ، وحضورها عنوان وجودي .
وعلمتني .
كيف تجمع أوراق جمالها من غصون أشجار عنفوانها ، لتجمعها في باقات ورد زاهية ، فتصنع من هذه الزهور كيانها ، لتكتب هذا الكيان في كتابها ، لتسميه بعنوان حياتها ، فتهديني حياتها ، لأحفظها هناك في ديوان الجمال ، وقواميس العنفوان ، تحت مظلة كبرياءها ، وشمعة إبداعها .
وعلمتني .
كيف تملأ فضاءها شهدا ، لتعزفها أنغاما على حدائق الحياة ، فترسل ألحانها ندية عطرة عبر الرياح ، لتستقبلها كل القلوب ، لتتدبر اللحن ، وتتأمل العزف ، فتهبها تلك القلوب شهادة الخلود في إبهاجها ، ورايات النبوغ لأجل إسعادها .
وعلمتني .
كيف تصافح دموعها ، وكيف تعالج أحزانها ، و كيف تتعلم من المصائب ، وكيف تقتنص فرحتها ، لأجل إسعاد نفسها ، وراحة ضميرها ، كيف تتلألأ في ضيافة الابتسامة ، وكيف تعيش بلا ذلة أو مهانة ، كيف تستعذب الاحترام ، وتجعله لنفسها هو الإمام .
وعلمتني .
كيف تعرف غيرها ، وكيف تفرّق بين ذاتها وغيرها ، كيف تحرس العقول الرائعة ، وتأسر القلوب النظيفة ، كيف تعامل القلوب كما يريد قلبها ، لا كما يريد عقل غيرها ، أن تكون ملك نفسها ، لا ملك غيرها.
وعلمتني .
كيف أدعوا لها في كل صباح ، وأنا أنظر إلى السماء الشاهقة ، تسحرها شمس مشعة بالنور الخالد . الذي يذكرني بسطوع حضورها في قلبي ، وروعة أنغامها في نفسي ، ورقة مشاعرها في كياني .
وعلّمتني .
كيف أجد روحها لنفسي كقطعة من الشهد ، وأقلبها كتقلب الدرة في اليد ، وكأني أمسك برايات الشموخ ، لأباري الكبرياء ، في ميدان عنفوانها ، لألتحق بها هناك في مراكب الصدارة ، وديوان الخلود .
وعلمتني .
كيف أراها تقرأ شموخها ، وكيف تعتز بكبريائها ، وكيف تفتخر بعنفوانها ، وكيف تحي أشواقها في كل صباح ، كيف أقرأها عسلا صافيا على حاضرها ، وملكة على زمانها ، لأنها سيدة حضورها .
وعلمتني .
أن القلب الذي أحبها لن يستطيع أن يكرهها ،لأنه لن ينسى في يوم أنها قلّدته بيدها وسام الحب ، والذي أودعته بعد رحيلها في قلب كل إنسان أبدع في حبه وأخلص له ، حتى ولو خسره ، فيكفيه فخرا أنه قد أخلص له ، ومنحه الوفاء من لهيب قلبه.
وعلمتني .
كيف أسافر مع جمالها ، وكيف أركب قوافل إبداعها ، لننشد أنا وهي فن إمتاعها على صفحات الزمن ، لتبقى ذكرياتنا متوجة على هامة الدهر ، بعيدا عن صخب السنين ، وآلام الأيام ، فعقارب ساعاتنا قد توقفت ، ونبضات قلوبنا قد ارتعشت ، ليبقى لقاءنا المنتظر هناك .. بعد الزمان .
وعلمتني .
أن أسافر مع فكرها الرائع ، وأن أقهر ألامها ، لأنها لاتعترف ببدعة الألم ، بقدر ما تعترف بسيطرة الأمل على الجوارح ، لأنها علمتني أن الفكر أعز صديق للإنسان ، وأن السعادة سأجدها في عاصمة فكرها ، ألا وهو قلبها ، الذي فاز بجزالة الفكر ، وروعة الكلمات ، فجمالها يكمن في كيانها ، فأحزانها تقتلها بكبريائها ، والألم تدوسه بأقدامها ، لأن فكرها أكبر من كل ألم يواجهها ، و يكفيها فخرا أنها تنشد الامل في حياتها .
و.
ربما ترحل الشمس عن عالم سااجده إلى عالم آخر ، لتعيش سااجده في وحدتها ، لتأسرها غربتها التي سكنت بين جوانحها منذ زمن ، ولكني لن انسى فضلها ، ولن انسى ضياءها ، فقد وقفت معي حينما حاولت زرع فراقي لأرضها ، فما كانت إلا أن رفضت رحيله ، وماكان مني إلا أن البي لها طلبها ، إحتراما لوقارها في نفسي ، لأنني تعلمت من أشعتها معنى روعة الحضور ، وجمال الكلمة التي ترسمها على جبين الحياة ، وكأنها كتاب أقرأ منه علم دراسة الفكر الراقي ، فكان من واجبي أن ارسمها بحروفي ، لتفخر بها كلماتي ، كعربون من الوفاء والذي اكنه لها بكل حب وإحترام وتقدير .
نعم هكذا علمتني تلك الشمس معنى جمال الحياة ، وروعة الفكر في عالم البيان ، وكأنها صفحة بيضاء لأجمل كيان ، فهي تلك الشمس الخالدة ، والساكنة هناك .. في قوافي الإبداع .
الشمس آية من آيات الله تشرق كل يوم، فلا أجمل من شروقها، وتغرب فلا أحسن من غروبها، ينفعنا في البرد دفؤها، وتؤذينا في الحر أشعتها، وما هي إلا جزء يسير من خلق الله - تعالى
{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: 33].
مع أطيب تمنياتي لكم ..ولقولبكم ضياءها وأشعتها
نسمه آلمآنيــه