هناك العديد من الأشخاص الذين يلعبون دائماً دور الضحية بكافة المواقف التي يتعرضون لها
حيث يشعرون بأن تعاستهم ناتجة عما يقوم به الآخرون من أفعال، وأنه لا يوجد طائل من محاولة
إصلاح أي شيء للشعور بالسعادة، ويطلق على تلك الحالة عقلية الضحية
أو في بعض الأحيان متلازمة الضحية أو عقدة الضحية.
فما هي عقلية الضحية / وما هي علاماتها وأسبابها؟
وكيف يمكن التعامل معها؟
هذا ما تتناوله تلك المقالة.
* ما هي عقلية الضحية؟
ترتكز عقلية الضحية على ثلاثة معتقدات رئيسية:
1. الأمور السيئة تحدث، وستظل تحدث دائماً.
2. الأشخاص الآخرون أو الظروف هم الملومون دائماً.
3. أي محاولة لخلق تغيير سوف تفشل، لذا لا جدوى من المحاولة.
الأمر الذي يجعل أصحاب عقلية الضحية يشعرون بأنهم لا حيلة لهم، حيث إنهم يعانون من الألم
والضغوطات الشديدة؛ الأمر الذي ينتج عنه عدد من المشاعر والسلوكيات السلبية، ومن الجدير
بالذكر أن "عقلية الضحية" لا تعد مصطلحاً طبياً بشكل رسمي، حيث يتجنبه غالبية الأطباء
والمعالجين النفسيين بسبب الوصم والسمعة السيئة المرتبطة بهذا الوصف.
* 6 علامات لعقلية الضحية
1- عدم الشعور بالمسؤولية
تلك هي إحدى العلامات الأساسية، والتي تتضمن إلقاء اللوم على الآخرين، وخلق الأعذار
وعدم الاعتراف بالمسؤولية، والتصرف دائما بعقلية "هذا ليس خطئي!". بالطبع الأمور السيئة
تحدث للجميع، وأحيانا لأشخاص لا ذنب لهم في ذلك، إلا أن هذا لا ينفي وجود مسؤولية
للشخص عما يحدث له من أمور سيئة في كثير من الأحيان أيضاً. حيث قد يكون
التقصير أو القيام بتصرف خاطئ سبباً في حدوث أمر سيئ.
2- عدم السعي نحو الحلول
ليست كافة المواقف السيئة التي يتعرض لها الفرد غير قابلة للحل؛ ففي معظم الأحيان دائماً
ما يوجد حل لإنقاذ الموقف، أو على الأقل تحسينه عبر القيام ببعض التصرفات، أو ردود الأفعال
البسيطة. إلا أن الذين يعانون من عقلية الضحية لا يسعون أو حتى يحاولون مجابهة الموقف
السيئ الذي يتعرضون له، بل قد يرفضون محاولات الآخرين لمد يد العون والمساعدة
وكأنهم يرغبون في الشعور بالرثاء حيال ذواتهم.
3- العجز وقلة الحيلة
يشعر الكثير ممن يعانون من عقلية الضحية بأنهم ليست لديهم القدرة
اللازمة لمجابهة أية أمور أو إحداث تغيير لما يتعرضون له من مواقف. الأمر
الذي يرسخ في أذهانهم الإحساس بالعجز وقلة الحيلة.
4- حديث الذات السلبي وتدمير الذات
يقوم من يعانون من عقلية الضحية بتوجيه العديد من الرسائل السلبية - الناجمة عما يمرون به
من صعاب وتحديات - إلى ذواتهم داخلياً، حيث يبدأون في حديث ذاتي سلبي بعبارات من قبيل
"كل الأمور السيئة تحدث لي" أو "أنا أستحق الأمور السيئة التي تحدث لي" أو "لا أحد يهتم بشأني"
ومع توالي المواقف الصعبة تترسخ تلك المشاعر بداخلهم عبر الحوار الذاتي. الأمر الذي يتسبب
في حدوث تدمير ذاتي بشكل غير واع، مما يحول دون السعي نحو العلاج والشفاء.
5- قلة الثقة بالنفس
بجانب كل هذا يعاني أصحاب عقلية الضحية من الشعور بقلة الثقة بالنفس وعدم تقدير الذات.
الأمر الذي يزيد من تفاقم الشعور بدور الضحية. حيث أنهم يشعرون بافتقادهم للمهارات والقدرات
المطلوبة لبلوغ النجاح، مما يشكل حاجزاً نفسياً أمام تطوير الذات وتحقيق الأهداف.
6- الإحباط وفقدان الأمل والغضب
بمرور الوقت تتطور لدى أصحاب عقلية الضحية الكثير من المشاعر السلبية الأخرى كالإحباط
وفقدان الأمل والغضب، فهم يشعرون بالإحباط من العالم الذي يكون ضدهم بغير عدل، وبفقدان
الأمل من عدم تغير ظروفهم وأحوالهم إلى الأحسن، وبالغضب من الأشخاص الآخرين
الذين يبدون سعداء وناجحين. كل تلك المشاعر السلبية قد تساهم في إصابتهم بحالات
نفسية كثورات الغضب والاكتئاب والعزلة والوحدة.
* الأسباب وراء حدوث عقلية الضحية
1- صدمة سابقة
أحيانا قد تتطور عقلية الضحية كطريقة للتواؤم أو مواكبة التعرض للصدمة أو نوع
من إساءة الاستغلال، وبتكرار تلك الأمور تترسخ عقلية الضحية أكثر فأكثر، لكن
تجدر الإشارة إلى أن ليس كل من يعانون من الصدمات سيتبنون عقلية الضحية، إذ تختلف
ردود الأفعال وطرق التعامل مع الأمر من شخص لآخر.
2- الغدر والخيانة
إن التعرض للغدر وخيانة الثقة بشكل متكرر من شأنه الإسهام في تبني
عقلية الضحية؛ حيث تصعب الثقة بالآخرين بعد ذلك بشكل كبير.
3- الاعتمادية المشتركة
تشير الاعتمادية المشتركة إلى نمط غير صحي من العلاقات، حيث يقوم الفرد بتقديم
احتياجات الزوج أو الزوجة أو أفراد الأسرة كأولوية على الاحتياجات والرغبات الذاتية.
نتيجة لذلك قد يشعر الفرد بالإحباط والغضب المستمرين من عدم تلبية رغباته أو احتياجاته
رغم أن سلوكه يلعب دوراً في هذا، الأمر الذي قد يسهم في تبنيه لاحقاً لعقلية الضحية.
4- التلاعب والاستغلال
يقوم البعض بالتلاعب واستغلال الآخرين بغرض جلب تعاطفهم وجذب اهتمامهم
أو إشعارهم بالذنب. ومن ثم قد يبدأون في لوم الآخرين على كافة المشاكل والأمور
السيئة التي تحدث لهم. مما يجعلهم يقعون دائما في لعب دور الضحية.
* 5 طرق للتعامل مع من يعانون من عقلية الضحية
1- تجنب الوصم
يجب عدم وصم الأشخاص الذين يعانون من تلك المشكلة بلفظ "الضحية"، وبدلاً
من ذلك يمكن لفت نظرهم بشكل متعاطف إلى بعض سلوكياتهم، مثل الشكوى أو اللوم
أو عدم تحمل المسؤولية أو الشعور بالعجز، وبالإضافة إلى الحديث معهم بطريقة إيجابية
تتيح لهم التعبير عن أنفسهم وما يشعرون به.
2- وضع حدود للتعامل
إن التعامل مع من يتبنون عقلية الضحية قد يكون صعباً للغاية، حيث قد يلقون باللوم أو يشيرون
بأصابع الاتهام لمن حولهم بشكل مستمر، لذا فإن وضع حدود للتعامل مع أولئك الأشخاص
قد يكون ضرورياً وصحياً، لكن بالوقت ذاته يجب استمرار التعاطف معهم والاهتمام بهم.
3- عرض المساعدة
كما أسلفنا فإن من يعانون من عقلية الضحية يشعرون بالعجز أمام ما يتعرضون له، والطريقة
الأمثل للتعامل مع ذلك الأمر هو عرض طرق المساعدة من دون القيام بها بشكل مباشر
وذلك من خلال قبول شعورهم بعدم القدرة على التصرف، ثم سؤالهم حول ما كانوا ليفعلون
لو كان الأمر بيدهم، ومساعدتهم على التفكير في حلول لتحقيق مبتغاهم، فبدلاً من إعطائهم
نصيحة مباشرة، يمكن لمساعدتهم على التفكير في إيجاد حلول أن تشعرهم بقدرتهم
على مجابهة الأمر وحل مشاكلهم بأنفسهم.
4- التعاطف والتشجيع
إن إظهار التعاطف والتشجيع يمكنه أن يساعد من يتبنون عقلية الضحية، وذلك من خلال الإشارة
إلى ما يجيدون القيام به، والتركيز على نجاحاتهم وإنجازاتهم، وتذكيرهم بالرغبة الصادقة
في التضامن معهم. الأمر الذي تستطيع الأسرة والأصدقاء القيام به، وكذلك مجموعات
الدعم النفسي أو المعالجون النفسيون.
5- الأخذ بعين الاعتبار ما يمرون به من مشاعر
يشعر من يعانون من عقلية الضحية بالكثير من المشاعر السلبية التي أسلفناها، مما قد يزيد
من الضغط العاطفي الذي يشعرون به ويتسبب في تدهور حالتهم، الأمر الذي ينبغي دائماً
أخذه بعين الاعتبار لدى التعامل معهم، وبالطبع هذا ليس عذراً لما يقومون به من سلوكيات
لكنه محاولة للتفهم والقبول بغية المساعدة.
ترجمة وإعداد محمد السنباطي |
|
|
|