الصعوبات النفسية عند الطفل التوحدي
خصص هذا المقال للحديث عن الصعوبات النفسية عند الطفل التوحدي، والتي يمكن تقسيمها إلى عدة أقسام كما الاتي:
1. صعوبات العلاقات الاجتماعية
إن عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي يعد الجانب السلوكي الأكثر أهمية كمؤشر للإصابة بالتوحد، واضطراب السلوك الاجتماعي لا يقتصر على جانب سلوكي اجتماعي واحد بل يشمل أنماط وجوانب عديدة كما يتضح من النقاط الاتية التي تصف السلوك الاجتماعي عند الطفل التوحدي:
عدم القدرة على التفاعل مع الاخرين، فتجده ينسحب من المواقف الاجتماعية.
لا يأبه بالأشخاص المتواجدين حوله، فعند اصطحابه إلى جمعة عائلية مثلًا تجده يتجاهل تمامًا الأشخاص الموجودين فيها ويتوجه بانتباهه على الجوانب المادية (الأشياء) الموجودة في الغرفة.
يفتقد القدرة على التواصل البصري فهو لا يستجيب عندما يدعى باسمه أو أنه لا ينظر إلى أمه وهي تتحدث إليه.
يتعامل مع الأشخاص كما لو كانوا جمادات فهو لا ينظر إلى وجوههم وعندما يتفاعل معهم فإنه يقوم بذلك كما لو كانوا مواد جامدة فتجده لا يمانع أن تقوم أمه بمساعدته في ارتداء ملابسه لكنه لا يعيرها أي اهتمام يذكر.
يفتقد السلوكيات المقبولة وفق المعايير الاجتماعية، فعلى سبيل المثال قد يشرب الماء أو يأكل أجزاء من النبات عندما يكون في موقف تعليمي للعناية بالنباتات.
لا يدرك مشاعر الاخرين ولا يأبه بها فقد تجده مثلًا يمشي على الشاطئ باتجاه هدفه في خط مستقيم حتى وإن أدى ذلك إلى المشي على الناس الموجودين أو حاجياتهم فهو يتصرف بطريقة لا تفرق بين الناس والأشياء.
يجدر الذكر أن النقاط السابقة لا تشمل جميع الأطفال التوحديين، حيث أن بعضهم يتفاعلون وبشكل عفوي مع الاخرين، لكن تفاعلهم يقتصر على بعض السلوكات الاستحواذية المزاجية المتكررة كأن يلمس ملابس الاخرين أو شعرهم.
2. صعوبات في التفاعل مع الاخرين
الاعتقاد بأن الأطفال التوحديين لا يتفاعلون مع الاخرين بشكلٍ مطلق اعتقاد لا يمكن تعميمه حيث تجدهم أحيانًا يستجيبون للاخرين الذين يبادرون إلى التفاعل معهم إذا كان مجال التفاعل واضح وبسيط، وعلى الرغم من ذلك فإنهم لا يستجيبون في مواقف أخرى.
فهم غير قادرين على المبادرة بجذب انتباه الاخرين، ففي حين يسعى الأب والأم ويحاولون التفاعل مع طفلهم التوحدي فمن النادر أن يبادلهم هذا التفاعل، وإذا ما حدث فإنه يقتصر على أوجه تفاعل تتصف بالتكرار والنمطية.
3. صعوبات في التواصل البصـري
الاعتقاد السائد هو أن الأطفال التوحديين يتحاشون التواصل البصري مع الاخرين، وهذا الاعتقاد صحيح، حيث وجد أن الطفل التوحدي لا يطيل تركيز النظر على أي شيء وليس فقط على أعين الاخرين كما يتوقع البعض، وتكمن الغرابة في عدم قدرة الأطفال التوحديين على التواصل بصريًا في كونهم لا يعرفون كيف يتم توظيف البصر للتواصل مع الاخرين بدون كلمات.
هذا ببساطة يعني أن الأطفال التوحديين غير قادرين على فك رموز الإيماءات والتلميحات التي تبدو على وجوه الاخرين والتي تحمل في طياتها معانٍ كثيرة.
4. صعوبات في الإحساس العاطفي والعلاقة بالاخرين
يتمكن الكثير من الأطفال التوحديين من تكوين ارتباط عاطفي بوالديهم كما أن بعضهم يبدأ الابتسام بشكل طبيعي عندما يبلغ عمره 6 أسابيع إلا أن ذلك لا يعني أن قدرتهم على تكوين العلاقات طبيعية.
مثلًا قد يتساءل الطفل التوحدي كثيرًا عندما تترك معلمته المفضلة المدرسة بشكل نهائي وقد يقول إنه يفتقدها ويتمنى أن تعود للمدرسة، لكن هناك احتمالًا على أن ما يفتقده هذا الطفل في واقع الأمر هو الروتين اليومي الذي تعود عليه وليست العلاقة مع معلمته.
إن المشاعر والعواطف التي يعبر عنها الأطفال التوحديين في المواقف الاجتماعية يمكن أن تكون غريبة وغير متوقعة، فعلى سبيل المثال يظهر غالبية الأطفال التوحديين مشاعر الغضب والخوف والسرور والحزن في مواقف لا تستوجب ذلك من الأطفال العاديين كأن:
يضحك الطفل التوحدي دونما سبب واضح.
يتوجه الطفل التوحدي بملابسه الداخلية إلى ضيف يجلس مع والديه في غرفة الاستقبال دون أن يشعر بالخجل.
5. صعوبات في القدرة على إدراك أفكار الاخرين
يواجه الأطفال التوحديون صعوبات بالغة في ما يتعلق بقدرتهم على إدراك أفكار الاخرين، إذ يصعب في الغالب عليهم فهم أو إدراك ما تشتمل عليه بعض المواقف الحياتية من خداع أو تضليل سواء أكانت مواقف اجتماعية حقيقية أم تمثيلية خيالية.
يعود السبب إلى أنهم غير قادرين على معرفة ما يدور في فكر الاخرين ووجود فجوة كبيرة بين الطفل التوحدي وما يدور في فكر وعقل الأشخاص الاخرين. |
|
|
|