لا نجاح في الحياة من دون تعزيز الثقة بالنفس، بل إن هذه الثقة
هي شرط وصفته في الوقت ذاته؛ فلكي تنجح يجب أن تكون واثقًا من ذاتك
مؤمنًا بقدراتك، كما أن الناجحين واثقين من أنفسهم.
وعلى هذا تمسي الثقة بالنفس صفة من جهة وسببًا ونتيجة من جهة أخرى، وعادة ما يُنظر
إلى الثقة بالنفس على أنها قدرة الفرد على الحكم على مكانته الاجتماعية والشخصية
فيما يتعلق ببيئته والقدرة على استخلاص الرضا منها.
لكن قبل الخوض في موضوعنا عن أهمية تعزيز الثقة بالنفس حقيق بنا أن نقول
إن ثمة فارقًا جد يسير بين الثقة بالنفس والغرور؛ فالمغرور غارق في أوهامه، لا يرتكن
إلى شيء عملي وواقعي في ذاته، يبرر غروره، وإنما هو نرجسي، وكل مغرور نرجسي تقريبًا
غارق في ليل أوهامه وعتمة حكمه الخاطئ على ذاته والآخرين.
والمغرور لا يقيم احترامه على نفسه إلا على أنقاض ذوات الآخرين؛ فتراه دائم
التقليل من الآخرين ومن جهودهم، كأن ليس على الأرض أحد سواه.
لكن أهمية تعزيز الثقة بالنفس تنبع من منطق مختلف تمامًا؛ فالثقة بالذات تقوم في الأساس
على حكم عقلاني على الذات قبل الآخرين، كما أنها تنهض، من حيث الأصل، على معرفة المرء
بنفسه، وما تنطوي عليه من مهارات، وما تمتلكه من مواهب. وإحدى آيات كمالك أن تدرك مدى
نقصك، وعظمتك تنبع من انفتاحك على التعلم من الآخرين، جميع الآخرين، الأعلى منك والأقل.
غير أن هاهنا نقطة حرية بالنظر والتأمل: المغرور والواثق من نفسه مستقلان تمامًا
عن أحكام الآخرين، لكن الفرق بينهما، في هذه النقطة، جد كبير؛ فالمغرور غارق في الأوهام
كما قلنا قبل قليل، كما أن الناس بالنسبة له أصفار لا قيمة لهم على الإطلاق.
لكن الواثق من نفسه لا يفت في عضده طعن الآخرين فيه، وانتقاصهم من قدراته
فهو يدرك حدود إمكاناته ويثق في رأيه أكثر مما يثق بآراء الآخرين فيه؛ ففي الآخير المرء
هو أدرى بنفسه، من هنا بالضبط تنبع أهمية تعزيز الثقة بالنفس.
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
أهمية تعزيز الثقة بالنفس
لكننا إلى الآن لم نجلِ حدود أهمية تعزيز الثقة بالنفس، وهو ما نحاول النهوض به على النحو التالي..
- القدرة على المواجهة
الحياة ليست وردية _أنتَ تعلم هذا من تلقاء نفسك بطبيعة الحال_ وقد تواجه أشخاصًا
لا يريدون لك الخير، هذا أيضًا منطقي، طالما أن المرء يحب نفسه أكثر من أي شخص آخر
(طبعًا المشكلة هنا أخلاقية؛ إذ لا مانع أبدًا من أن تحب نفسك لكن هذا لا يبيح لك
أذية الآخرين)، وأمثال هؤلاء الأشخاص سوف يضعون أمام نجاحك العراقيل.
ومن بين تلك العراقيل التي يضعونها أمامك هي التشكيك في قدراتك
والطعن في نقاط قوتك الأساسية، لكن أهمية تعزيز الثقة بالنفس تأتي
من كونها تمكّنك من المواجهة، من مقاومة هذا الطعن.
وأفضل ما تفعله حيال هذا التشكيك ألا تعيره انتباهًا، أن تواصل المسير، ألا تستسلم
للإحباط وذاك الحط من قيمتك، واصل طريق العلو حتى لو وحيدًا، النور في آخر النفق ينتظرك.
- تجاوز الصعاب
أغلب الناجحين يضطرون إلى العمل، من آن لآخر، تحت ضغط كبير، لكنهم وعلى الرغم
من ذلك _وهنا تنبع أهمية تعزيز الثقة بالنفس_ يفلحون في تقديم أفضل ما لديهم، إنهم
يصنعون إنجازات كبرى رغم الظروف الصعبة والقاسية.
ما السر إذًا؟ إنه أهمية تعزيز الثقة بالذات، وإيمان هؤلاء القوم بقدرتهم على صنع المستحيل
هذا إن كان للمستحيل من وجود في قاموسهم الشخصي.
وللثقة بالنفس أهمية أخرى، إنها تدعوك دائمًا إلى الخجل من ذاتك، فطالما أنك تثمن نفسك
عاليًا فلن تقبل بالدنية أبدًا، ولن ترضى إلا بالوصول إلى قبة الفلك، وتحقيق أكبر الإنجازات.
- التفكير الإيجابي
لعلك قد لا تلاحظ أن أهمية تعزيز الثقة بالنفس تأتي من كونها تساعدك في التفكير الإيجابي
فالمؤكد أن الواثقين من أنفسهم ليسوا محبطين ولا يائسين، لا يعقل أن يكونوا كذلك أصلًا
وإلا فكيف حققوا تلك النجاحات التي قامت عليها ثقتهم بأنفسهم؟!
وبالتالي فإن لديهم دائمًا أهدافًا كبرى، وطموحات عظيمة، إنهم يبغون التأثير في العالم
لا يريدون مغادرة عالمنا الأرضي كما أتوا إليه، ولكنهم، عوضًا عن ذلك، يسعون إلى صنع
فارق حقيقي، وكل مساعيهم تقود إلى ذلك، وتصب في هذه الغاية. |
|
|
|