الشتاء للأرواح ربيع
كلُّ يسبحُ في السمواتِ العلى .. واﻷرض للمتفرد الخَﻼّق
ولوجههِ عـنت الوجوه وسبّـح .. الملكوت من بَهْرٍ ومن أشواقِ
يا باريء اﻷكوان مِن عدم ويا .. مُنشيْ الحياةِ وباسطَ اﻷرزاقِ
بكَ وحدكَ اللهـمَّـ جــال تفكري .. وهواك مليءُ قلبيَ الخفّاقِ
كم هي رائعة نظرة العابدين المتفائلين في الحياة .. رغم القسوة والنكد والكبد !
تذوقوا من عذب الكَلِم مارقّ منه الفؤاد ، وسآلت منه مدامع الحب ،
وقرّت له عيون المشتاقين
فأجروه عذباً زﻻﻻً على ورق .. فكيف نجازيهم أجر ماسقوا لنا ؟!
.......................°● مِحَنٌ تُزهرُ مِنحْ ●°
قال شيخ اﻹسﻼم ـ ابن تيميه رحمه الله ـ وهو في أشد محنة في السجن :
( مايصنع أعدائي بي ؟ أنا جنتي في صدري ! أينما رحت ﻻتفارقني ؛
أنا حبسي خلوة وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة ) !
....................°● جَدَبٌ يَحتَضِنُ غَيْثْ ●°
قال اﻹمام ـ مالك بن دينار رحمه الله ـ وهو الذي تاب من آية :
( مازرع الله في قلوبكم يا أهل القرآن ؟!
إنّ القرآن ربيع المؤمن ، كما أن الغيث ربيع اﻷرض )
....................°● غُروبٌ يَتبَعُهُ شُرُوقْ ●°
قال ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ :
( مرحبًا بالشتاء ، تنزل فيه البركة ، ويطول فيه الليل للقيام ، ويقصر فيه النهار للصيام )
قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ :
( إنّما كان الشتاء ربيع المؤمن ﻷنّه يرتع في بساتين الطاعات
ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض اﻷعمال الميسرة فيه )
الـشـتــاء للأرواح ربــيــع،،
ما أجملها من بساتين نظِرة ، وجنان وآرفة ، وقلوب بروعة اﻹيمان عامرة ؛
هي‘ دعوة لنتفيأ ظﻼل اﻷنس في رحاب أقوالهم والسير على خطاهم مهتدين بهداهم ،
لنكن حسنة في صحائف حسناتهم ، ونعمل بها مرة حتى " نكون "من أهلها " كل مرة " !
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«اشتكت النار إلى ربها فقالت :
يارب أكل بعضي بعضًا فأذنْ لي بنفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف،
فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير»
متفق عليه. والمراد بالزمهرير شدة البرد.
قال ابن رَجب:
' فإنّ شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم'.
وهذا ما يوجب الخوف واﻻستعاذة منها، فأهل اﻹيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم
يذكرهم بما هناك من النعيم و الجحيم ...
حتى وإن شعر القوم بالبرد القارس فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم،
ويوجب لهم اﻻستعاذة منها، ويذكرهم بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول عزوجل:
' مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ﻻ يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَﻻ زَمْهَرِيرًا ' اﻹنسان 13
قال ابن رَجب :
' فنفى عنهم شدة الحر والبرد '.
قال قتَادة :
' علم الله أنّ شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعًا '.
" نسأل الكريم من فضله "
حتماً إذا أستشعرنا دفء الطاعة ، وأنس العبادة ستتﻼشى قسوة الحياة واﻵم اﻷيام ...
هي جنة في الصدور ليوم الملتقى في جنة الخلود تقر بها أعين المشتاقين ...
’’ يآ أنيس المستوحشين سبحانك ،،
[ ما أضيق العيش على من لم تكن دليله ،
وما أوحش البﻼد على من لم تكن أنيسه ] !
.. ربِّ نسألك إخﻼصاً وقبوﻻً و أنساً بك وحدك ..
و شتآءاً يكون ربيعٌ وَ ذكرى ...