الربيع الحلو وطبايق الخبيزة وفطاير العكوب وتعب التنظيف لتلك الطبخة ، والبيوت العتيقة كجدّات الحكايات، ورائحة الطبخ في الأزقة الضيقة بين شبابيك مزروعة بالورود منثور وثم السمكة ، وفنجان قهوة وركوة وراديو موضوع على شباك مفتوح لنسيمات ربيعية وصوت هدى السادات ما يطلبه المستمعون وأغنية نازك كل دقة بقلبي جعلتني أذكر حارتني الجميلة في زمن كان للطيبة رائحة وعبق في كل شبر أقطعه بين شوارع وأزقة الزمن القديم كنت تشتم رائحة الخيرات وصحون تتداول بين الجيران ومغزل لجدة تغزل بجانب أحد عتبات البيوت وصينية رز مصري يتم تنقيته وكذا حبات العدس المجروش وركوات قهوة وسواليف رائحة المحاشي تعانق رائحة تقلية بامية أو ملوخية وصوت ينادي مجلخ ساكاكين مكاكين مقصات وصياح مصلح بوابير الكاز وعتبات وبواب عتيقة ويد حديدية " مطرقة " كجرس كهربائي ومزراب تعوشب حوله ورود نهدية وشمس دافئة أجبرت الناس على الخروج لمقرها الجديد عتبات البيوت وأجبرت غصون الأشجار العارية على التزين بزهور وأخضرار ورائحة مصاطب النعناع والرشاد والكزبرة تؤائمها حبات الفول الأخضر " حوسة " وهنا السؤال لماذا تباعدت بيوت الزمن الجميل وذبلت زهور وورود الشبابيك لماذا تركنا بيوت الشمس بيوت الجدة والعيلة والطبلية حتى رائحة زعترنا تغيرت بعد ما فارقونا الكبار وسكنا تلك العلب الباردة شقق لا تعرف جار مغلقة على نفسها لا تدخلها شمس فقط جدران عارية لا تملك بساطة الماضي شقق تأسرك في قضبانها وتنسى كل فصول السنة وتنسى رائحة زمن كان يسمى الزمن الجميل .وفي الصباح لم تعد توقظني رائحة الخبز المشروح الساخن القادم من فرن الحارة من طحيننا البلدي الذي تعجنه أمي ..... رائحة قادمة من الجنة تدخل إلى الخياشيم والروح لتصعد بها إلى وطن الغيم الأزرق في يوم ربيعي