تلك هي الصبية التي لم تمكث في بيت زوجها طيلة تسعة أعوام سوى تسعة أشهر!!
هذه الأشهر التسعة متفرقة، بمعدل ثلاثة أشهر في بيت الزوجية، وثلاث سنوات في بيت أهلها.
تلك قصص من الواقع لشباب وشابات، ما زالوا يحلمون بالاستقرار الأسري، وما زالوا طامعين في تغيير حالهم المادي إلى الأفضل، لكن الحال ازداد تعقيدًا أكثر وأكثر، في كل موجة عودة، تصطدم بعقبات أكثر تعقيدًا، خاصة من لا يملك وظيفة مرموقة، تعيد إليه شيئًا من الاستقرار.
وتستمر المعاناة، ويعلمون أن الطلاق مرتان، لكنهم يأملون بالإمساك أكثر من التسريح.
إنه الزوج الذي عاش يصارع النفسية والعد التنازلي لذهاب زوجته وإيابها.
هكذا أيضًا الزوجة المستسلمة، تكابد العناء في حمل شنطتها، ومغادرة بيت الزوجية مجبرة لا مخيرة، بل هي تائهة ما بين حقيقة وخيال، حقيقة بيت الزوجية، وخيال الواقع المرير (مصروف المعيشة(.
غيرها من الزوجات اختارت التسريح، فإمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، إلا أن هذين الزوجين آثرا صلاح الحال والمال، لم ينجبا؛ لأن الذهاب أكثر من الإياب.
هذان الزوجان الآن في المرحلة الثالثة، بل في الشهور الثلاثة (الثالثة)، فإما ذهاب لمدة ثلاث سنوات (رابعة)، وإما إياب قد ينتهي بالتسريح.
الأمل يطفئه الألم، والحياة تعقدت أكثر من ذي قبل، والأمر بيد الله، فإما حياة تسر الزوجة، وإما تسريح يُفرح العدى.
الغريب في هذه السنوات التسع أن الشنطة لم تتغير، وأن الظرف لم يتبدل، وأن الواقع أصبح مفروضًا، بل أكثر من الفرض، فالواجب في الدِّين له مبررات وأعذار شرعية وتجلية، بينما الواجب في الحياة إما أن تعيش بقهر، وإما أن تموت بفهر!!
الخلل ليس في الزوجة ولا الزوج.. الخلل في الحياة المعيشية؛ ازدادت صعوبة عن ذي قبل، وأصبح الكثير من الكماليات من الضروريات، فلا مفر، ولا مقر.. إنها الأسرة المكلومة التي لا تزال تبحث عن متنفس للاستقرار والاستمرار