التعامل الأسري في رمضان
شهر رمضان دورة تربوية وأسرية فضلًا عن كونه دورة إيمانية وروحية.
فالأسرة المسلمة تجتمع في رمضان عند وجبة الإفطار ليس لتناول الطعام فقط ثم الانصراف ؛ ولكن من أجل استشعار الروابط الاجتماعية والتآلف القلبي والتعايش
بود وحنان .
وفي رمضان فرصة لفتح صفحة جديدة للتعامل الأسري وتناسي الشحناء والبغضاء والبدء بمحبة وإخاء .
فقد آن لك أيها الأب أن تشارك أسرتك موائد الإفطار وتجلس معهم وتمنحهم الحنان والرعاية .
آن لك أن تجلس جلسة عائلية تتفقد فيها أحوال ابنك الكبير وابنتك البالغة وأطفالك الصغار .
آن لك أن تحيطهم بشفقة الأب وتمد لهم يد العون
وتسمع منهم وتشاركهم همومهم وتقدم لهم النصائح.
فكن أنت المستشار التربوي وأنت المدرب الأسري.
وأنت الداعية المفوّه والصديق المقرب منهم .
رمضان يجمع أهل القنوات الإعلامية فيفرّغوا أنفسهم
لجذب اهتمام المشاهدين ولفت أنظار هم والاستئثار بإعجابهم .
أفلا يجمعكم رمضان !
أيها الآباء وأيتها الأمهات...!
وأيها الأبناء وأيتها البنات !
آن الأوان لأن تمدوا أيدي التواصل وتتبادلوا العبارات اللطيفة وتعيشوا بمحبة وتراحم .
تحية لك أيتها الزوجة الصابرة الصامدة
وأنت تستنفرين في رمضان استنفار الجندي في ساحة القتال .
تحضرين ما لذ وطاب وتعملين بجد ونشاط ليسعد زوجك وأولادك .
أوصيك أن تخلصي عملك لوجه الله لتنالي أجر من فطر صائمًا وأجر طاعة الزوج ورعاية الأولاد .
تحية لك أيها الزوج الذي قدّرت نصب زوجتك وتعبها
وواسيتها بكلمات التشجيع والدعاء .
ولم تقبّح ولم تُعب الطعام ولم تستهزأ بصنيع زوجتك .
وأذكرك بخلق النبي صلى الله عليه وسلم مع أهله .
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: ((ما عاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا قط، إن اشتهاه أكله، وإن كرِهه تركه))؛ متفق عليه.
فإياك - أيها الزوج- أن تكون ساخطًا متذمرًا ، وصن لسانك عن الفحش والرفث وتذكر أنك صائم.
وأوصيك أن تبتغي مرضاة الله في النفقة على عيالك
فالنففة على العيال صدقة .
قال رسول الله ﷺ : { إذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ نَفَقَةً وَهُوَ يَحْتَسِبُهَا كَانَتْ لَهُ صَدَقَةً} [متفق عليه].
أوصيك أن تحرص على لم شمل العائلة وعدم الانشغال بالأسفار والزيارات .
فاحرص على تناول الطعام مع زوجتك وأولادك واقتدِ بخير الأزواج نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
عن أنس رضي الله عنه أنَّ جارًا ، لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فارسيًّا . كان طيِّبَ المَرَقِ . فصنع لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . ثم جاء يدعوه . فقال ( وهذه ؟ ) لعائشةَ . فقال : لا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( لا ) . فعاد يدعوه . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( وهذه ؟ ) قال : لا . قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( لا ) . ثم عاد يدعوه . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ( وهذه ؟ ) قال : نعم . في الثالثةِ . فقاما يتدَافعان حتى أتَيا منزلَه ." [صحيح مسلم ]
رفض النبي صلى الله أن يستأثر بتناول الطعام ويترك زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقد رأى ما بها من جوع .
تحية لك أيها الابن البار وأنت تعطف على والديك ولا تتأفف من طلبات الأم ولا تتذمر من وصايا الأب .
تحية لك أيتها الفتاة البارة التي كنت لأمك نعم العون
والسند وكنت لإخوانك الصغار الأم الرحيمة التي تعطف وترحم وترفق في التعامل .
هذه دوحة الأخلاق الرمضانية فاجعلوا لكم نصيبًا من تلك الأخلاق والتعاملات ، واجعلوا رمضان منصة انطلاق نحو السعادة وتحسين العلاقات الأسرية .
أسأل اللهم أن ينفعنا ويرفعنا بالاقتداء بنبينا صلى الله عليه وسلم وأن يصلح حالنا وحال المسلمين |
|
|
|