قصة’ ...... ( أكٌف الخذلان )
كثيرًا ما بررتْ لنفْسِها شَراهتُها للقَسوةِ والحرمَان ، وهي التّي جمَعتْ مُنْذ أكثر مِن عِشريْنَ سنة
وزْرَ ترمُلِها ورفْقَة أطْفالِهَا الخَمْسة .
التعوِيضات التّي حصلتْ عليْهَا مِن الشَّركة البِتروْلية التّي كانَ يعملُ بها زوجها ،
جعلتْها تعْتَلي منَصةَ الارتياحِ المَادي ،
تاركةٌ وراءها الكُرسي الاحتياطي للمُعاناة .
زوج ابنتها مريم حمّلها بينَ أكُفِ الفَرح ، حينَ اشْترتْ له سيارة لَمْ يتركْ مكاناً عرفته أمّ لَم تعرفْه إلا أخَذَها إليه ،كانَ ذلِك سبباً كافياَ ليُغلِقَ أبناؤُها أبوابَ قلُوبَهم في وجْهها .
لمّا عَانتْ من القُصورِ الكلوي لَمْ تجدْ كَما قالتْ :
إلا زوجَ ابنتها عادل وزِيارة واحِدة مِنْ ابنها البِكر مَروان فِي المَشفى .
ظنتْ حينها أنّها نظفَت بقايا أضْرار جُروحِها.
وهي التّي ترددْ لأبنائِها بزفرَة ناقِمة :
قطعَ بي والدكم نِصفَ المسافةِ خُلقتُ وحْدي للوحدةِ.
في غمرةِ كيدها لزوجاتِ أبنائِها ،
حولتْ ملكيةَ البيتِ لابنتهِا .
وقدْ غَذتْهم من فتاتِ الحرمانِ فقَابلوْها بالجُحودِ والنسيان ، أقنعَ عادل زوجته بوضعِ وكالة باسمهِ خشية تراجع أمّها. ذاتَ مساء كان صوتُه عال :
اختَاري بينِي وبينَ أمّك فِي هَذا البيت ...
خبأتْ شكواهَا في دهاليزِ بعيدة من الألمِ وحملتْ حقيبةَ الصمتِ وذهبتْ إلى بيتِ ابنها مروان ليستقبِلها وزوجته وأبناءه بترحاب باهِتْ اعتقَدتْ أنّها ستواجِه المَاضي في هَذه السّن المُتقدمة بذكرياتِ أجمل وقَد سيطرتْ علَى تلك الشّبهة التّي كانَت تطاردُها من حـِرمانِ أبنَائِها مِنْ تعويضاتِ والدِهم ومِنحَتِه .
بعدَ أيام حمّلتْ حسْرَتها ،قَررتِ العَودةَ لابنتها التّي اكتفَت بالصــمتِ في وجهِ زوجها الذّي جَردها منْ أفراحِها وجثمَ علَى طموحَاتها .
عندَ بلوغِ محطةِ المسافرينَ نبهَها سائق سيارة الأجرة إلَى ضرورةِ نزولْها علَى غِرارِ بقية الركابِ...
أجَابتْ وهِي موْغلة في التعبِ وقَد رفعتْ عينيها للسماءِ في هَمَس : ربّاه لا مكانَ أقصده ، خذنِي إليك. مدّ يده ليساعدَها على النزولِ وهو يمازحُها :
وجهك القَمري سيدّتي يشْبِه وجْهَ أمّي رحِمها الله ، وإذَا نصفُ أطرافِها دونَ حراك صَرخَ بذهُول تجَمعتِ الحُشودُ ...
سارعَ أحدهُم برفعِ أصبعِهَا للشّهادةِ |
|
|
|