يحكى أن رجلا أعرابيا كان يعيش في وسط الصحراء في خيمة وكان فقيرا جدا حتى أنه كان لا يكاد يجد لقمة العيش هو وزوجته وأولاده .ومع ذلك كان راضيا عن الله لا يشتكي أبدا .
وفي ليلة من الليالي أشعل هذا الأعرابي نارا ليتدفأ هو وزوجته وأولاده،
فقد كانت ليلة شديدة البرودة... وفجأة سمع الأعرابي صوت خيول تقترب .
فرأى رجلين فرحب بهما وقام على الفور إلى زوجته وطلب منها أن تعد
لهما طعاما .
فقال الأعرابي لزوجته : لابد من إكرام الضيفين فقومي واذبحي الشاة
وأعدي الطعام لهما .
سمع الرجلان الحديث الذي دار بين الأعرابي وزوجته ، فعلما أن هذا
الأعرابي لا يمتلك إلا هذه الشاة فحاولا أن يمنعاه من ذبح الشاة ؛
لكن الأعرابي الكريم رفض ذلك وأصر على إكرام الضيفين .
وبسرعة شديدة قامت الزوجة وذبحت الشاة وأعدت الطعام لهما فأكلا
وشربا وباتا حتى الصباح ثم انصرفا بعد أن شكرا هذا الأعرابي
على كرم الضيافة وعلى حسن استقباله لهما .
وفي الصباح الباكر انصرف الرجلان بعد أن طلبا من الأعرابي
زيارتهما في المدينة في أقرب وقت .
ولم يعرف الأعرابي أن الرجلين هما : حاكم المدينة ووزيره
المخلص .
وبعد عدة أيام ذهب الأعرابي إلى المدينة وظل يبحث عنهما
حتى وجدهما ، ولكن قبل أن يكلمهما قال في نفسه : كيف أطلب
المساعدة من مخلوق ضعيف ولا أطلبها من الخالق الرازق
(جل وعلا ) فعاد الأعرابي إلى خيمته في الصحراء وأخبر زوجته
بما حدث ففرحت بزوجها الذي امتلأ قلبه باليقين والثقة في الله .
وفي ليلة من الليالي هبت ريح شديدة فحطمت الخيمة فقام الأعرابي
هو وزوجته وأولاده بالرحيل في الصباح الباكر إلى مكان آخر.
وبينما هو يحفر ليثبت الخيمة وإذا به يجد صندوقا كبيرا
ففتحه فوجده قد امتلأ بالذهب والفضة ففرح فرحا شديدا هو
وزوجته وأولاده... وقرر أن يبيع هذا الكنز وأن يبني قصرا
كبيرا في المدينة .
وبنى الأعرابي قصرا لزوجته الصابرة ولأولاده... وسمع
الحاكم ببناء هذا القصر الكبير فأرسل أحد جنوده ليعلم من
صاحب هذا القصر فذهب وعاد إلى الحاكم ليخبره أن صاحب
القصر رجل أعرابي كان يعيش في خيمة في الصحراء فعثر
على كنز فبنى هذا القصر .
فذهب حاكم المدينة ووزيره لرؤية القصر فلما رآهما الأعرابي
عرفهما وعرف أن هذا هو الحاكم وأن الآخر هو وزيره المخلص
ففرح بهذا اللقاء .
سأله الحاكم : لماذا لم تأت إلينا ؟
قال الأعرابي : لقد جئت إليك ولم أعرف أنك حاكم البلاد ولكن
علمت أن العبد لا ينبغي أن يتوكل على غير الله فلما توكلت
على الله رزقني الله بهذا الرزق الواسع .
ففرح الحاكم بكلام الأعرابي وأخبره بأنه منذ هذه اللحظة
من أصدقائه المقربين وقال له : لقد تعلمت منك درسا
لا أنساه أبدا .
ونحن أيضا يجب أن نتعلم هذا الدرس الجميل ونتوكل
على الله دائما في كل شيء .