وسط كل ما يجتهد فيه السعوديون احتفالًا بذكرى يوم التأسيس، ليعبّروا من خلاله عن ولائهم وانتمائهم لهذا الوطن الشامخ؛ كان من أكثر ما استرعى انتباهي هذا العام وانتباه الكثيرين من المتابعين، فيلم قصير قدّمته "دله البركة" عبر العديد من وسائل الإعلام، يحكي ميلاد الدولة السعودية الأولى قبل نحو ثلاثة قرون، على يد المغفور له الإمام محمد بن سعود، وكيف سجل التاريخ الإرهاصات الأولى لمولد هذا الوطن العملاق، وكتب بحروف من نور بطولات رجال وضعوا نصب أعينهم أمن البلاد والعباد، حتى تكلل سعيهم بهذا الكيان الكبير، بقادته وشعبه ومقدراته وحاضره ومستقبله وتاريخه العريق.
والحقيقة أن أكثر ما لفت انتباهي في هذا الفيلم، هو تجسيد الحياة في ظل الدولة السعودية الأولى، وكيف استطاع الإمام محمد بن سعود أن يبني دولة على مبادئ الدين والعدل والأمن والرخاء، وهي ذات المبادئ التي أورثها -رحمه الله- لأبنائه الذين حكموا البلاد ونفعوا العباد من بعده، وحققوا الرخاء والخير لشعبهم، كما صور لنا الفيلم كيف كانت الدرعية القديمة بمبانيها وطريقة عيش أهلها وملابسهم، وكيف كان البناء والتشييد.
قرون من البطولات والكفاح، من أجل البناء والنماء، تنقلها لنا "دله البركة" من خلال الفيلم وعبر دقيقة واحدة، وصولًا إلى هذا العهد الزاهر، الذي تدخل فيه السعودية عصرًا جديدًا من الحداثة والتطور والرقي، عبر مشاريع عملاقة وتطور مستمر علميًّا وتعليميًّا وتقنيًّا وصناعيًّا وصحيًّا وسياحيًّا، لينعم مواطنها الآن بجودة الحياة ورقي المستوى المعيشي، ولتتبوأ المملكة مكانتها المستحقة في مصافّ الدول المتقدمة والرائدة على مستوى المنطقة والعالم.
واللافت في مشاركة "دله البركة" في احتفالات يوم التأسيس هذا العام؛ أنها تأتي امتدادًا لما تُقَدمه كل عام من جهود إبداعية في المناسبات الوطنية المختلفة، من خلال أعمال فنية أصبحنا نترقبها من مناسبة لأخرى، والتي تعكس من خلالها الروح الوطنية والانتماء والولاء للقيادة، وتهدف إلى تعزيز ذلك لدى المجتمع السعودي وأجياله الناشئة.
بعد ثلاثة قرون من يوم بدينا، وإلى الآن، نستعيد من خلال هذا الفيلم القصير لـ"دله البركة" طريقًا طويلًا من العطاء، سلكه قادة المملكة منذ التأسيس وحتى الآن، حتى أصبحنا اليوم نلمس بأنفسنا مكانة الوطن واستقراره ونماءه، في عالم تتقاذفه التجاذبات والأنواء، ويعاني الكثير من الأزمات والتداعيات السياسية والاقتصادية، بينما ينعم وطننا بالاستقرار والرخاء، نتيجة قيادة حكيمة، ورؤية طموحة، نجحت باقتدار في إعادة بناء مؤسسات الدولة وقطاعاتها وفقًا لمتطلبات المستقبل، كما نجحت في تعزيز دور المملكة لتصبح من كبرى الدول إقليميًّا وعالميًّا في كل المجالات