| جروحْ | 25 - 12 - 2023 01:26 AM |
غريبان الجزء1
https://www.raed.net/img?id=552709
بعض العلاقات تكون معقدة, لا نعرف لها عنوانا أو وصفاً.
لم يكن ما بينهما حبا بل كان أكثر عمقا و سطحية بنفس الوقت كان شيئا شبيها بالسراب و الحقيقة المدمرة
حتى النخاع, لم تكن هناك ستارة بينهما لم يكن هناك جليد بل كان شيئا حارقا لا يدركانه, إحساس لا يشابهه شيء.
لطالما بدا لها بعيدا و قريبا في آن,
تعرفه ولا تعرفه.. عيناه المتوشحتان بالغموض, سحابة تظللهما لا تعرف نوعها و لا كيف تكونت حتى صارت
بهذه الظلمة فغطت أفكاره.. كأنه يحبسها بداخله يرفض إطلاقها و يجاهد لئلا تتسرب الحقيقة
فتلمس قلبها و تدركها حواسها و هذا يؤلمها في الصميم بشدة .
الوضع كان مختلفا سابقا, كل التفاصل الصغيرة كانت بسيطة حتى المشاعر كانت واضحة ظاهرة لا شيء مخفي
لا كلمة غامضة يغلفها الضباب و لا نظرات منكسرة منهكة.
بدأت تلاحظ كتلة غريبة تتكون بداخله شيئا فشيئا كلما رأته و مع مرور السنوات شعرت بالسعادة و كأنها بهتت في عيناه,
تسائلت عن هذا بصمت في داخلها..
كلما التقيا, كلما جمعتهما الطرق ترى عتابا منطفئا في كلماته في نظراته, فيلمس إحساس خريفي نقطة أليمة في أحشائها
وجع ظنت أنها قد مسحته, سحقته أو على الأقل خدرته, لأنها ببساطة لم تطلق كل الغرابة التي تحملها اتجاهه
و لو أنها لا تظهر لنفسها فقد كانت بداخلها تتسائل عن سبب غرابته, و هل هي السبب بالبرود الذي هو عليه؟
هل هي السبب بانكسار كيان ربما قد بناه بداخله؟
و هو من جهته يتسائل عن صمتها الدائم العجيب الذي يستفزه..
يحاول ألا يجعل غضبه منها, من صمتها أن يطفو على سطح وجهه ظنا منه بأنه سيرتكب حماقة قد يندم عليها
و هو يكره الندم كما يكره بشدة الجدران التي حبست نفسها خلفها و منطقتها الآمنة, يكاد يقسم أن هناك ما يشغل تفكيرها يستحوذ عليه, لكنه لا يستطيع المواجهة و هي تزداد بعدا مع الوقت, تغيب ببطئ كغروب أيام الصيف الحارقة
و هو يذوي كشمعة تكاد تنطفئ, فقد سلاسته المعهودة لم يعد كما في السابق, ترك نفسه القديمة في الماضي, كما فعلت هي.
تفكيره يتشوه بكلمات بعيدة الصدى, هناك ما يغطي على مشاعره و الحقيقة التي بداخله غرقت فلم يعد يجد نفسه في خضم
هذه المسابقة سوى مهزوما أمام نفسه ببؤس
فقد اعتاد الانهزام أمام ذاته رغم إنكاره المتكرر أمام مسامع الجميع إضافة إلى براهينه الواهية..
لكنه أمامها يشعر بنفسه مكشوفا غير محمي و هذا يُقلقه..
لا يريد أن يخسر ما بينهما أيا كان و في نفس الوقت يعجز عن الاحتفاظ حتى بنفسه, يعجز عن الإفصاح بما في داخله,
هذا البعد هذا البؤس الذي يشعران به يغلفهما عند كل لقاء, يحتجزهما يخنقهما لا يتحملانه, يهربان منه يتجنبانه بكل ما أوتيا من قوة.
يا ترى
من أين جاء كل هذا؟ ماذا يحدث معهما؟
هل المسافة تصنع البعد و الحواجز بين القلوب,
أم القلوب تخلق حواجز لا تنكسر إلا بيد القدر الحديدية؟
ما كل هذا الضباب المأساوي.. ما كل هذا الغبار الذي يطير في الهواء؟
يحجب رؤية الأحاسيس المخبئة, يسلب الأنفاس المتعبة, منذ يوم ولادتها..
إنهما يضيعان, يطويهما الزمان كصفحات يلتهمها قارئ شره..
يا للخيبة يا للتعاسة, الأشجار الباسقة تفقد أوراقها إنها تشيخ, إنها تهرم قبل الأوان.
هي يسكنها الخريف بكل ألوانه, أما هو فهدوء الليل و وحشته في ضحكته و نظراته, ينام على شفتيه يسكن بين كلماته..
و الإنسان عندما يفقد الوضوح يفقد شيئا من ألوان روحه.
إنهما غريبان عن بعضهما منذ الأزل هكذا تقول لنفسها, و مع هذا تشعر أن هناك خيط خفي اللون خفي السمك يجمعهما, لا يُدركان ما هو يجهلان شكله و تشكيله و كيف بدأ يصل بينهما, ربما منذ الطفولة أو عندما تفتحت الورود و الزهور.
لكل منهما حياته الخاصة و أفكاره, لكل منهما موج مختلف يلطمه بطريقة مؤلمة..
و مع هذا تتفاجأ به في ليلة من لياليها الطويلة في حلمها,
و هل لهذا معنى؟
هه سخرت من نفسها.. كيف قد يكون له معنى و كل شيء بدأ بينهما بلا بداية و انتهى بلا نهاية,
مجهولان في طريق بعضهما البعض.
يُـتبـع..
https://www.raed.net/img?id=552714
https://www.raed.net/img?id=552717 |
|
|
|
|
