تذكر ما مضى قد يحوي على ما قد يشعرنا بالسعادة والفرح أو على ما قد يشعرنا بالضيقة والحزن
والتي يصاحبهما ألم وحسرة وندم لأننا لم نتمكن من تفادى ما قد حدث.
لكن لنتوقف للحظة ولنفكر قليلاً، ندمنا وحسرتنا ألم يكن على شيء استطعنا تجاوز ألمه
ومن ثم أكملنا طريقنا ؟! ألم يكن على شيء أخذنا منه عظة وعبرة حتى لا نقع فيه مرة أخرى؟!
ألا يعني ذلك أنه كان ندمًا مؤقتًا ؟! لا جدال في الأمر، بلى لقد كان كذلك.
والان فلنسترسل في تفكيرنا قليلاً بعد،
ماذا لو قلنا أن هناك تذكر سوف يسبب تعاسة أبدية وحسرة لا نهاية لها ؟!
ندمٌ حيث سيردد المرء من بعده (يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي).
ندمٌ تمنى فيه المرء ما هو صعب تحقيقه أو بالأحرى محال تحقيقه.
ألا يستدعي ما قد قيل أن تتوقف لبرهة وأن تعرض شريط حياتك أمامك ومراجعة ما قد فعلت.
بل وأن يجعلك ذلك تعيد ترتيب أولوياتك وأن تجدول أعمالك مرة أخرى حتى لا تتعرض لندم يأسرك مدى الحياة.
إن كان التاجر يجري جردًا لأعماله وحساباته بين الفينة والأخرى،
فما بالنا نحن لا نعيد مراجعة حساباتنا مع أنفسنا وما لله علينا من حق؟!!
حدث العاقل بما يُعقل، ولا يقتنع المرء إلا إن أجاب بالحق على ما كان يستنكره.
إليكم هذا التساؤل، هل هناك وجود لإنسان حاذق قد يتنزه عن جمع المال ولديه يقين وعلم مسبق
بأنه سيُصرف من عمله قريبًا وفي الوقت ذاته هناك ركود في سوق العمل؟!
حتمًا سيكون الجواب، بالطبع لا. بل سوف يسارع وسوف يتحرك أسرع من ذي قبل
ليجمع ما يستطيع من مال لكي تكون له عونًا في وقت سيعاني فيه من ضيق مالي.
نحن هو هذا
الإنسان والعمل الذي سيصرف منه هو هذه الدنيا والمال الذي سيجمعه لينفعه في ضيقته
ما هي إلا أعمالنا الصالحة التي نحن بحاجة إليها (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ).
المؤمن الحصيف مَن لا يدع جهوده تذهب أدراج الرياح وأن تصبح (هَبَاءً مَنْثُورًا)
ولا يدخل في مَن قال عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم - : ( أتدرون من المفلس ؟
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال: المفلس من أُمَّتِي من يأتي يوم القيامة
بصلاة وصيام، وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا،
وضرب هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه
أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار).
ما لنا إلا أن نقول
...اللهم لا تجعلنا ممن ضل سعيهم في الحياة الدنيا و هم يحسبون انهم يحسنون صنعًا...