ينتظر الفرج رغم القصاص
حكى محمد بن الحسن بن المظفر، قال:
حضرت يوما في مجلس، أيام نازوك، فأخرج وزيره، وجماعة حكم بقتلهم والناس ينظرون دون أن يستطيعوا حتى الاحتجاج، فقتل بعضهم.
ثم أخرج غلامًا حدث السن، مليح المنظر، فرأيته لما وقف بين يدي وزير نازوك، تبسم.
فقلت: يا هذا، أحسبك رابط الجأش شجاعًا؛ لأني أراك تضحك في مقام يوجب البكاء، فهل في نفسك شيء تشتهيه؟
فقال: نعم، أريد رأس خروف حار، ورقاقًا.
فسألت صاحب المجلس أن يؤخر قتله إلى أن أطعمه ما يريد، ولم أزل أرجوه وأتوسله، إلى أن أجاب، وهو يضحك مني، ويقول أي شيء ينفعه هذا، وهو سيقتل بعد قليل؟
قال: وأرسلت بسرعة من أحضر ما طلبه من رأس حار ورقاق، واستدعيت الفتى، فجلس يأكل غير مكترث بالحال، والسياف قائم، والقوم يساقون، فتضرب أعناقهم.
فقلت: يا فتى، أراك تأكل بسكون، وقلة فكر.
فأخذ قشة، من الأرض، فرمى بها، رافعا يده، وقائلاً وهو يضحك: يا هذا، إلى أن تسقط هذه إلى الأرض مائة فرج!!
قالوا: فوالله، ما استتم كلامه، حتى وقعت صيحة عظيمة، وقيل: قد قتل نازوك.
وأغارت العامة على الموضع، فوثبوا بصاحب المجلس، وكسروا باب الحبس، وخرج جميع من كانوا فيه.
فاشتغلت أنا عن الفتى، وهربت بنفسي، حتى ركبت دابتي مهرولاً، وصرت إلى الجسر، أريد منزلي.
فوالله، ما توسطت الطريق، حتى أحسست بإنسان قد قبض على يدي برفق، وقال: يا هذا، ظننا بالله – عز وجل – أجمل من ظنك، فكيف رأيت لطيف صنعه.
فالتفت، فإذا هو الفتى بعينه، فهنأته بالسلامة، فأخذ يشكرني على ما فعلته، وحال الناس والزحام بيننا، وكان هذا آخر عهدي به.
حسن ظن بالله رغم سيف السياف الذي يلمع فوق رأسه.. هكذا الأمل بالله وإلا فلا!
*تذكرة:
ما بين غمضة عين وانتباهتها
يبدل الله من حال إلى حال |
|
|
|