-
,
قدرات الدماغ العظيمة
ما نعرفه عن أدمغتنا هو أنها تتمتع بقدرات عظيمة مهمل معظمها ولديها القدرة على التذكر والتفكر
واستحضار المعلومات ودمجها وتركيبها وتصويرها وتخيلها، قد تلوح في المخيلة الآن صورة لإينشتاين
أيقونة العالِم كبير الدماغ المهمِل مظهرَه المرسِل شعرَه كيفما اتفق، إن كان هذا ساخراً فإن السخرية
الحقيقية تكمن في أن تلك الأدمغة نفسها قد يسقط منها رقم هاتف صاحبها الذي تستقر في جمجمته.
وقد تخلط أسماء الأشخاص أو تمحوها أحياناً فتوقعنا في حرج لا مخرج منه كالذي وقع معي ذات مرةٍ حين
قابلت صديقاً يربطنا بعائلته نسبُ فناديته باسم أخيه الشاب الذي كان قد توفي قبل فترة قصيرة، شعرت
بالغضب داخله يكاد ينفجر فيَّ لكنه تمالكه وأظهر الأسى المكتوم بلطف مؤدب. أشكره على الجهد الذي
بذله، تخاصمت مع دماغي يومها وأخضعته لتمارين ذاكرة مما تقدمها كتب “توني بوزان” عقاباً لها وردعاً
لها كذلك لأن ليس للدماغ مثيل يُردع.
مشكلة غياب عمق التفكير
أرى الأمر فعلاً بعين التوجس، ليس خوفاً من أجيال غبية ولا من سيطرة الروبوت علينا كما يفترض البعض،
لكنه شيء يدعو للتوقف: أن تعرف الكثير من الأسماء والمعلومات ولا تستطيع ربطها بمصادرها ولا تأصيلها
تأصيلاً بسيطاً. هنا أستطيع القول: إن المشكلة ليست في إمكانيات الدماغ عامة إنما في عمق تفكيره وسرعة
عثوره على المعلومة التي يحتاجها، ثم عرضها بطريقة مفهومةٍ للرائي أو السامع، بمقدار سرعتك في عرض
المعلومة تستطيع تقييم فطنتك.
هناك مثال بسيط لما أرمي إليه، أنت تعرف أن المكان الذي يقصده محدثك في حديثه وسيقصده كذلك في
طريقه موجود في الشارع رقم كذا الذي تسلكه كل يوم، لكنك لا تجيد وصفه لصاحبك لأنك لا تتمتع بالعمق
الكافي الذي يوصلك لجذر المعلومة. ولذلك تحتاح للعمل على تمرين عقلك على الاستحضار السريع، لأن سيل
المعلومات والأخبار والملهيات السطحية على هاتفك تصعب مقاومته ويسهل الانجراف معه لعدة أسباب مثل
طريقة العرض الجذابة. وهذا موضوع لمقال قادم مرتبط بهذا الأمر.
ختاماً:
دعواتي أن يرأف الله بحال كل من يعاني من الزهايمر وكل من يقومون برعايتهم وأن يتوفر علاج يمنع أسبابه.
~