بين كروم العنب استلقت على جبل الكرمل..فهو المكان الذي عشقته تلك الجميلة..
حيفا هي الابنة الثالثة لأمها فلسطين،فتاة بجمالها الكون يبتسم،والفجر بزهوها يرتسم، عيناها الواسعتان امتزجتا بالبحر فهو الصورة التي أحبّت؛ بطيوره وقواربه واتساعه الأخّاذ!
وككل يوم على نسيم البحر العليل تصحو لتملأ الدنيا حياة،تتزيّن بثوبها المزركش البهي وترقص على موسيقى الكون؛ تطير مع العصافير وتميل والشجر، تضحك فيشرق البحر!
ومرت الأيّام وحيفا هي عروس الآن..
أسموها عروس البحر، فازدادت روعة وتفردا..
ومن تلك الأيام جاء يوم.. كان لحيفا كباقي الأيام -هكذا ظنّت!- كانت تزرع بذورا لتكبر والسنين وتكون كروما فلسطينية..
لم تكن تعلم أنّ ذئبا بين البساتين يتربّص.. فأمها لم تحذّرها؛ ولم الحذر وهي لم تعط كعكا مع حيفا لجدتها!
وفجأة تعالت الأصوات.. أين حيفا!!!
“الحادي والعشرون من شهر نيسان لعام ألف وتسعمئة وثمانية وأربعين”
سُرقت حيفا،اختُطفت تلك الفتاة البريئة، ذنبها الوحيد أنّها جميلة!
سرقها الذئب اللعين أمام الملأ بمنظر بشع وهي تصرخ وتبكي ومن حولها ينظرون..
خاطف ظاهر اسمه صهيون، ذئب متوحش يسرق أمام أعين الناظرين وبكل وقاحة بعدها يُحلل سرقته والجميع يبصمون! فتتعالى قهقهته اكثر واكثر..
سرق حيفا وإخوتها، غرس مخالبه على أمّهم الحزينة فلسطين.. يسأل من حولها من تكون؟ هي لك هم يُجيبون!
شهادة ميلاد حيفا حُرّفت، أَوَيظن لو أنّ الحروف اعترفت سينسى الكرم زارعه والبحر ساكنه!
حيفا.. العنب نضج يُناديكي..
اليوم لا قاطف له غير يديكي..
ستكملين الحكاية وعليكِ رداؤكِ الأحمر، اليوم من دم يُحاك! وصيّاد الذئب قادم وإن تأخّر، اصبري يا ابنة فلسطين الأبيّة.. لن تكوني لهم حتى لو غيّروا الهويّة..