قراءة
الفنجان ما بين
الاعلام والاعلان
قراءة
الفنجان ظاهرة منتشرة في بلادنا وإن كادت حاليا أن تنقرض ويزعم البعض ان مصدر تلك العادة السيئة المحرمة هي ألبانيا فمن هناك انطلقت
قراءة الفنجان مع الفتح العثمانى لها فقد اشتهروا بتقديم القهوة التركية الأصيلة فهى التى تفتح
الفنجان وتعرف البخت
بالطبع منطقة ألبانيا وما جاورها تشتهر بوجود قبيلة الغجر أو الشعب الغجرى وهذا الشعب مشهور بممارسة محرمات كثيرة كالسحر والرقص وألعاب الخفة والقمار ومعرفة الغيب ولذلك يطلق على زاعمات معرفة الغيب بقراءة
الفنجان أو ضرب الرمل أو الودع الغجريات ومنهن تعلمت بعض نساء المنطقة
ارتباط
قراءة الفنجان بالقهوة التركية أمر غريب فتركيا أساسا لا تنتج البن ولم تكن حسب التاريخ المكتوب تعرف شرب البن وحتى الشاي هي وأوربا إلا من قرون تعد على أصابع اليد
الغريب ا، أهل النصب والدجل ألفوا كتبا لمن يريد تعلم النصب منها كتاب اسمه البيان في علم الكوتشينة والفنجان ومؤلفه عبد الفتاح الطوخي
وكعادة من يريدون الخداع يؤسسون لنصبهم باسم العلم حيث يقول الطوخى أن أساس
قراءة الفنجان هو :
" ان جسم الانسان يتركب من ذرات صغيرة تمتزج بالدم الذي يجري في الشرايين امتزاجا كلياً، ومن هذه الذرات يتركب العالم الطبيعي المحيط به، ولما كانت الجاذبية أمرا طبيعيا كان من الضروري خضوع هذه الذرات الطبيعية الى الذرات الانسانية وصار من السهل المعقول ان ذرات الدم الكائنة في الانسان تجذب الذرات الطبيعية المحيطة به وتمتزج بها تماماً، وبواسطة هذا الامتزاج تتضح الخفايا في علم الغيب، وتظهر الاسرار المحيطة بهذا الانسان، وعليه فمن الطبيعي إن امتزجت ذرات القهوة التي يشربها الانسان بذراته المخلوقة فيه بواسطة الشهيق والزفير، ارتسم على اثرها الأشكال والرسوم التي تظهر داخل الفنجان"
بالطبع لا علاقة بين العلم وبين الخداع لأن
قراءة الفنجان هو ادعاء العلم بالغيب الذى لا يعرفه ولا يعلمه سوى الله كما قال سبحانه :
" وعنده مفاتح الغيب لا يعلمه إلا هو "
ومن ثم لا يوجد أي أساس للخداع فقارئات
الفنجان تدعى العلم بالمستقبل
وقد ذكر الدجالون أصول نصبهم وهو
قراءة الفنجان فقالوا :
الأول أن تكون القهوة تركية
الثانى أن تكون القهوة مصبوبة في فنجان فخاري أو زجاجي معتم
الثالث أن تكون بقايا القهوة غير سائلة أو جافة
الرابع لف
الفنجان عدة مرات ثم قلبه
الخامس أن ينشغل المقروء له وهو يشرب القهوة بالموضوع الذى يريد الاستعلام عنه
والأصول تفضح خداعهم فأولا لا وجود للقهوة التركية لأن تركيا لا تنتج البن لكونها باردة المناخ والبن نبات يحتاج لنموه لدرجات حرارة عالية وأما حكاية القهوة التركية فهى طريقة لعمل شراب البن وثانيا لأن البن واحد فكيف تكون طريقة عمله هي الكاشفة إذا المقصود هو البن نفسه وليس طريقة عمله وثالثا أن معرفة الغيب لا تحتاج لفناجين معينة ولا طريقة خاصة لمل شراب البن لأن العارف سيقول ما يعرف بأى وسيلة لأن معنى كلامهم هو أن الفناجين والبن هو من يقول مع أنهم لا يتكلمون
وأيضا ما حاجة العارف للف
الفنجان وقلبه إذا كان من يعرف وليس
الفنجان ؟
وأصول
قراءة الفنجان عندهم فهى :
الأول مسك
الفنجان باليد اليمنى ولفه عكس عقارب الساعة
الثانى
قراءة الفنجان من عند يد الفنجان
الثالث الجزء السفلى من
الفنجان يعبر عن الماضى والوسط عن الحاضر والجزء العلوى عن المستقبل
وكما سبق الكلام لأخد يعلم الغيب سوى الله كما قال سبحانه :
"فقل إنما الغيب لله"
وكل هذا الكلام عن الأصول والأركان خداع فالعملية كلها قائمة على التالى :
عملية الكلام التي تتم من قبل أصحاب المشكلة مع القارئة أثناء الشرب وأثناء لف
الفنجان وقلبه والجلوس مدة قبل عدل
الفنجان وفى أحيان تتم عملية التعرف من خلال المستقبلة لأصحاب المشكلة والتي تتكلم معهم ثم تدخل فتخبر القارئة بالمعلومات اللازمة فتقوم وتدخل عليهم وفى ذهنها ما يجب أن يقال
القارئة تقول لهم على حسب ما تراه من أموالهم التي جلبوها لها معهم سواء مال عينى أو نقدى فإن كان المال كثير أخبرتهم بما يفرجهم كثيرا وإن كان قليل فهى تحاول تخبرهم أخبار مفرحة قليلا أو سيئة وتخبرهم بقدرتها على تحويل طالع السوء لطالع حسن من خلال إرضاء فلان وفلان من الجن أو الأولياء أو سواهم بذبائح أو طعام أو مال
والقارئة تعتمد على معرفتها بمشاكل القوم فيما تقول فإن المطلوب تزويج البنت فهناك عريس في الطريق وإن كان المطلوب وظيفة للولد بعد الجيش ففي الطريق وظيفة وهكذا وإن كان المطلوب حل مشكلة زوجية ترسلهم بدورها لنصاب تعرفه لجلب الحبيب أو التحبيب
ومن أشهر الأعمال التي تناولت
قراءة الفنجان قصيدة نزار قبانى قارئة
الفنجان فالكثير منا قرئوها أو سمعوها تغنى عبر المذياع أو التلفاز أو التسجيل والكثيرون يرددونها ويحسبون أنها تصديق لقارئات
الفنجان ولكن في الحقيقة من يقرئها سيجد أنها تبين أساليب خداع قارئات
الفنجان وكذبهن
ففي أولها تبدأ بادعاء القارئة معرفة الغيب المكتوب بالقول :
"فالحب عليك هو المكتوب"
وتبدأ في اختراع الأحكام المخالفة للشرع من كون الشهيد من مات فداء للمحبوب بالقول :
"يا ولدي قد مات شهيدا
من مات فداء للمحبوب"
وتعترف أنها تعمل بالتنجيم حيث تكرر القول:
"بصرت ونجمت كثيرا"
ويبين نزار أن القارئة تقول أى كلام محال فتقول :
" مقدورك أن تمضي أبدا في بحر الحب بغير قلوع
وتكون حياتك طول العمر كتاب دموع
مقدورك أن تبقى مسجونا بين الماء وبين النار
فبرغم جميع حرائقه
وبرغم جميع سوابقه
وبرغم الحزن الساكن فينا ليل نهار
وبرغم الريح .. وبرغم الجو الماطر والإعصار"
الكلام المحال :
اقلاع في البحر بلا قلوع /الحياة كتاب دموع/ مسجون بين النار والماء / حزن وريح ومطر واعصار/ حرائق وسوابق
ويبين أنها تحقق للمقروء له حلمه في امرأة جميلة رائعة بالقول :
"بحياتك يا ولدي امرأة
عيناها سبحان المعبود
فمها مرسوم كالعنقود
ضحكتها أنغام وورود"
فقارئات
الفنجان دوما يحققن الرغبات التي يرغب من يذهب للقراءة إليها
وبعد تحقيق الرغبة يكذبن في استحالة الوصول للمرأة بالقول :
"فحبيبة قلبك يا ولدي
نائمة في قصر مرصود
من يدخل حجرتها .. من يطلب يدها
من يدنو من سور حديقتها .. من حاول فك ضفائرها
يا ولدي مفقود .. مفقود"
وتبين المرأة كذبها في أن الحبيبة المذكورة معدومة ليس لها وجود وأن المقروء له
الفنجان سيعرف ذلك بعد موته بالقول :
"وستعرف بعد رحيل العمر
بأنك كنت تطارد خيط دخان
فحبيبة قلبك يا ولدي
ليس لها أرض أو وطن أو عنوان"
وتكذب القارئة نفسها بأن المقروء له
الفنجان سيحب كثيرا وليس تلك المرأة وحدها وفى كل مرة سيفشل فتقول :
"مقدورك أن تمضي أبداً..
في بحر الحب بغير قلوع
وتحب ملايين المرات...
وترجع كالملك المخلوع"
ونلاحظ أن نزار في القصيدة يبين عادات
قراءة الفنجان حيث يقول :
"جلست والخوف بعينيها
تتأمل فنجاني المقلوب "
فهنا لابد قبل القراءة من قلب الفنجان
كما يبين أن القارئات يعرفن أن كل من يذهب لهن لابد أن يكون حزين ومن ثم يعملن على هذا الوتر حيث قال :
"قالت يا ولدي لا تحزن
فالحب عليك هو المكتوب "
الغالبية العظمة تستمع للقصيدة على أنها قصيدة حب وهيام وما قصد صاحبها سوى بيان أكاذيب قارئات
الفنجان بأسلوب شعرى