عالم الذر
من الخرافات الشائعة فى التراث العالمى خرافة
عالم الذر ويقصد به :
اننا كنا قبل خلقنا نعيش فى
عالم أخر اسمه
عالم الذر وهى جمع ذرة ويسمونه عالك الروح أيضا وعالم الالست ويعرفونه على أنه
(عالم قد عاشه الإنسان حينما كان روحا بلا جسد لفوائد ومصالح جمة لا يدرك كنهها العقل القاصر)
وقد استدلوا بالقرآن على وجود هذا العالم والأدلة هي :
يقول أحدهم وهو القحطانى :
الآية الدالة على هذا العالم بدلالة صريحة وكل الذين أثبتوا هذا العالم استدلوا بها وهي (آية الميثاق) وهي:
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ"
بالطبع لا دليل على أن الذرية أخذت من ظهر آدم (ص) كما يزعمون لأن الذرية أخذت من ظهور بنى آدم(ص) وهم كل واحد فى عصره والمعنى أن الله أخذ الميثاق من ظهر وهو نفس كل إنسان عن طريق إبلاغه الوحى الإلهى فى زمنه عن طريقين الرسل(ص) أو الكتب كما قال سبحانه:
"واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذى واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا"
وبدليل أخر أن الله أخذ من ضمن الميثاق على كل رسول(ص) ومن فى عصره وجوب الإيمان ببعث أخر الرسل كما قال سبحانه :
"وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما أتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين"
والدليل الثانى عندهم "قوله تعالى: - وَعَلَّمَ آَدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) أن هذه الآية تدل على أن الله قد خلق الأرواح قبل الأجساد ولكل روح اسمها المختص بها وذلك لان هذا الكلام الذي دار مع الملائكة وآدم كان في الجنة وليس في الأرض ونحن نعلم بأن أول خلق إنساني في الأرض هو آدم علما بأن القرآن يصرح بأنه مسبوق بخلق ذكره في قوله تعالى: - أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ -.
فإن قلتم أنها أسماء موجودات ليس لها أرواح قلنا أن هذا التخصيص باطل وذلك لان اسم الإشارة (هؤلاء) يستخدم للعاقل مما يدل على أن هناك أناس عقلاء كانوا قبل خلق الجسد، قال تعالى: " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآَدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ "
بالطبع ما قاله القحطانى تحريف لمعنى الأسماء فالمعروض هو الكتابة أي الكلمات المكتوبة وهؤلاء تشير للأسماء كما أن تعليم الأسماء كلها يعنى أنه تعلم أسماء لا يمكن عرضها في مكان كالسموات فالسموات كانت تحتوى آدم(ص) والأرض لا يمكن عرضها ككل في السماء لأنها أساس السموات كما أن الملائكة لا يمكن حتى أن تجهل نفسها هي الأخرى
والدليل الثالث عند القحطانى في بحثه
عالم الذر :
"يوضح الله جل جلاله بأن خلق الإنسان يكون على مراحل ومن ضمن هذه المراحل هي مرحلة
عالم الذر حيث استخدم ضمير الجمع في - خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ - الآية، يعني أننا خلقناكم أجمعين في
عالم الذر حيث كنتم أرواحا ثم قلنا للملائكة أسجدوا لآدم حيث أن كلمة (ثم) تفيد الترتيب، فيعني ذلك أن مرتبة الخلق متقدمة على مرتبة الصورة وكل من الخلق والصور مقدم على السجود لآدم."
وكلمى خلقناكم لا تعنى أنه خلق كل البشر لأن الآيات الأخرى تقول " إنى خالق بشرا من طين" وتقول " وإذا قال ربك للملائكة إنى خالق بشرا من صلصال من حمأ مسنون فإذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين"
ومن ثم لا يمكن أن يكون الجمع هنا إلا تعبير عن المفرد وهو لآدم(ص) البشر المخلوق من طين أى صلصال
والدليل الرابع :"قوله تعالى:" فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذَلِكَ نَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ) حيث ورد في تفسير القمي عن أبي عمير عن ابن مسكان عن أبي عبد الله في قوله: - وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ ... - الآية (قلت معناه كان هذا ثم ثبت المعرفة ونسوا الموقف وسيذكرونه ولو لا ذلك لم يدر أحد من خالقه ورازقه فمنهم من أقر بلسانه في
عالم الذر ولم يؤمن في قلبه فقال الله تعالى: - فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل )
ويؤكد الإمام الصادق بأن التكذيب يكون في
عالم الذر."
بالطبع الآية تتحدث عن أخذ الذرية من بنى آدم وليس من آدم(ص) فكيف يكونون في
عالم الذر وهم ذرية وأما الآية "ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين"
فلا يوجد فيها أي دليل على
عالم الذر فالقوم كذبوا الرسل في أول مبعثهم عندما كانت الدعوة لاتباع الله والابتعاد عن الآلهة المزعومة بالوحى فلما طلبوا المعجزات وهى الآيات البينات جاءوا بالبينات وهى البراهين من المعجزات كفروا مرة ثانية وهو ما أكده الله في قوله:
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
والدليل الخامس عند القحطانى في كتابه
عالم الذر:
" قوله تعالى: - هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى) ما ورد عن القمي قال حدثنا علي بن الحسين عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن علي عن علي بن أسباط بن علي بن معمر عن أبيه قال سألت أبا عبد الله عن قول تعالى: - هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى - قال: (إن الله تبارك وتعالى لما ذر الخلق في
الذر الأول فاقامهم صفوفا وبعث الله محمدا فآمن به قوم وأنكره قوم فقال الله: - هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى -، يعني محمد (ص) حيث دعاهم إلى الله عزو جل في
الذر الأول) "
بالطبع لا يوجد أى دليل على
عالم الذر فى الآية لأن الآية تتكلم عم الأقوام السابقة المذكورة فى الآيات وهى :
"أنه أهلك عادا الأولى وثمود فما أبقى وقوم نوح من قبل إنهم كانوا أظلم وأطغى والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى فبأى آلاء ربك تتمارى هذا نذير من النذر الأولى"
والدليل التالى عنده هو ما ورد فى كتب الشيعة وهو الرواية التالية::
"ما ورد عن الأصبغ بن نباتة، عن علي قال: (أتاه ابن الكواء فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الله تبارك وتعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى؟ فقال علي قد كلم الله جميع خلقه برهم وفاجرهم وردوا عليه الجواب (فثقل ذلك على ابن الكواء) ولم يعرفه، فقال له: كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له: أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه: {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى}؟ فقد أسمعهم كلامه، وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله - يا بن الكواء - {قالوا بلى} فقال لهم: إني أنا الله لا إله إلا أنا، وأنا الرحمن، فأقروا له بالطاعة والربوبية، وميز الرسل والأنبياء والأوصياء، وأمر الخلق بطاعتهم، فأقروا بذلك في الميثاق، فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك: شهدنا عليكم يا بني آدم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين) "
وهو تكرار لنفس الآية السابقة عبر تفسير لا دليل عليه ويناقض أن الله لم يقل لنا أن لنا حياة في الماضى وإنما كنا أمواتا والميت لا يعرف شيئا ولا يعى بأى شىء قوله سبحانه :
"كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون"
وذكر دليل أخر من روايات السنة الرواية التالية:
"ما أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والبيهقي وجماعة عن أُبي بن كعب أنه قال في (آية الميثاق): (جمعهم الله فجعلهم أرواحا في صورهم ثم استنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق على أنفسهم: ألست بربكم؟ قالوا بلى: قال فأني أشهد عليكم السموات السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة أنا لم نعلم بهذا أعلموا أنه لا اله غيري ولا رب غيري ولا تشركوا بي شيئا أني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا: بلى شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك (لا اله غيرك) فأقروا ورفع عليهم آدم ينظر إليهم فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال يا رب لولا سويت بين عبادك قال: إني أحببت أن اشكر)"
والرواية السابقة تتناقض مع مضمون الآية فى أن الله أشهد فى الرواية السموات والأرض وآدم(ًص) والآية ليس بها شىء من ذلك وهى :
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ"
ومن ثم هو افتراء على الله من قبل من نسبوا الرواية لصحابى وكذلك الرواية التالية:
"ما روى مسلم بن يسار الجهني أن عمر بن الخطاب سئل عن هذه الآية فقال سمعت رسول الله (ص) سئل عنها فقال: (أن الله سبحانه وتعالى خلق آدم ثم مسح ظهره فأستخرج منه ذرية فقال خلقت النار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل؟ فقال (ص) أن الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل أهل الجنة فيدخل الجنة وإذا خلق العبد للنار أستعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل أهل النار فيدخله النار)"
والرواية السابقة تناقض الآية فى أن الذرية أخذت من ظهور بنى آدم وليس من آدم(ص) فقالت:
"وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آَدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ "
انتهت الأدلة التى استدلوا بها وجود
عالم الذر وهو
عالم وهمى لا وجود له وفى الفلسفة اليونانية نجد أنهم ينسبون إلى أفلاطون
عالم شبيه بعالم
الذر وهو
عالم المثل حيث يقول :
((أن نفوسنا قبل حلول الأجسام كانت تعيش في (عالم المثل) فلما حملت في الأجسام نسيت
عالم المثل بعض النسيان ولكن إذا وقع نظرنا على معنى كلي كالجمال والقبح تذكرت مثاله (فأدركت) بالمقارنة ما في الأشياء من جمال وقبح فالعلم هو تذكر (للمثل) والجهل (نسيان) لها وما التجارب في الحياة الدنيا إلا وسيلة لتنبيه العقول وتذكيرها بما عرفته في
عالم المثل))."
وحاليا نجد المعاصرين يقولون عن اتصال المواليد بالآباء والأمهات وبقية الأقارب قبل ولادتهم وهو ليس اتصال وإنما هو :
أحلام حلموا بها لأن المواليد لا يعلمون شيئا وهم فى بطون أمهاتكم وحتى بعد ولادتهم فكيف يتصلون وقد قال سبحانه :
" "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
فكيف يكون اتصال ممن لا يعرف أى شىء ؟
وقد أنكرو الكثيرون وجود هذا العالم الوهمى :
قال ابن القيم في كتاب الروح منكرا
عالم الذر:
"بما انه أخبر أن حكمة هذا الأشهاد هي اقامة الحجة عليهم لئلا يقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين والحجة عليهم بالرسل والفطرة التي فطروا عليها كما قال الله تعالى: {رُسُلا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا}
وقال :
"فلو كانت الروح موجودة قبل البدن لكانت عالمة حسية ناطقة عاقلة فلما تعلقت بالبدن سلبت ذلك كله ثم حدث لها شعور وعلم وعقل شيئا فشيئا، وهذا لو كان صحيحا لكان من أعجب الأمور أن تكون الروح كاملة عاقلة ثم تعود ناقصة ضعيفة جاهلة ثم تعود بعد ذلك إلى عقلها وقوتها، فأن في العقل والنقل والفطرة ما يدل على هذا وقد قال الله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}
وقال :
"لو كانت الروح موجودة قبل الأجساد وهي ما هي عليه الآن من طيب وخبث وكفر وشر لكان ذلك ثابتا لها قبل الأعمال وهي إنما اكتسبت هذه الصفات والهيئات من أعمالها التي سعت في طلبها واستعانت عليها بالبدن فكيف تتصف بتلك الصفات والهيئات قبل قيامها بالأبدان التي عملت بها تلك الأعمال.
أنه تعالى حكا في آية الميثاق عن تلك الذرية بأنهم يقولون {أنما أشرك آباؤنا من قبل} وهذا الكلام لا يليق بأولاد آدم (ص) لان منهم من لم يكن مشركا.
أن البنية شرط لحصول الحياة والعقل والفهم، إذ لو لم يكن كذلك لم يبعد في كل ذرة من الذرات أن يكون عاقلا فاهما مصنفا للتصانيف وهذا الباب يثبت عليها كثير من الجهالات وإذا ثبت أن البنية شرط لحصول الحياة فلا يمكن أن تكون هذه الذرات فاهمة عاقلة.
قال الكعبي أن حال تلك الذرية ليس بأفضل من حال الأطفال من ناحية الفهم والعلم لما لم يكن توجيه التكليف إلى الطفل فكيف يمكن توجيهه إلى تلك الذرات."
وقال محمد جواد مغنية وهو مفسر شيعى منكرا عالك
الذر إلا في حالة إجابة المؤمنين به على الأسئلة التي سألها حيث قال في تفسيره الكاشف:
"وقد وجدنا في تفسيره الكاشف عندما يتطرق إلى تفسير سورة الأعراف في آية الميثاق يقول ((نحن مع الذين يؤمنون بعالم
الذر أن أجابوا عن هذه التساؤلات: أين جمع الله هذه الذرية؟ هل جمعها في هذه الأرض أو في غيرها؟ وهل تسع هذه الأرض لهم جميعا؟ ولنفرض أنها اتسعت لأنهم كانوا على هيئة
الذر فهل كان آدم من الضخامة بحيث يستوعب كل ما خرج منه مباشرة وبالواسطة إلى يوم يبعثون؟ ثم هل يتذكر واحد من الحجم الذي يفوق عدد الرمل؟ هل يتذكر واحد فقط الخطاب الذي أعطاه الله مشافهة وان كان أنساه طول العهد فكيف يحتج الله عليه بشيء لا يتذكره هذا من جهة العقل، أما من جهة نص الآية فأنه يدل على عكس
عالم الذر الذي أخذ من صلب آدم الأول لان الله سبحانه وتعالى قال: {أخذ ربك من بني آدم} ولم يقل من آدم مع العلم أن ابن آدم يقال له آدمي ولا يقال لآدم الأول أبن آدم وكذلك قال {من ظهورهم} ولم يقل من ظهره وقال {وذريتهم} ولم يقل من ذريته، هذا إلا أن الله تعالى قال في الآية الثانية أنه فعل ذلك لئلا يحتج عليه أحد بشرك الآباء مع أن أول من أشرك لا مبرر لاحتجاجه بشرك أبيه لان المفروض أن أباه لم يشرك وان دل هذا على أن العهد قد أخذ من كل واحد مستقلا بحد وجوده جسما بل وبعده شدة إدراكه))"
إذا العالم المذكور
عالم وهمى لا وجود له ولا معنى صحيح ينتج عنه لأن معناه أن الكافر يكفر مرة قبل وجوده والمسلم يسلم مرة قبل وجوده