الإسراء في القرآن
معنى الإسراء:
الإسراء معناه الانتقال من مكان إلى مكان في الليل بدليل قوله :
"الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى"
وقوله :
"فأسر بعبادى ليلا"
وقوله:
"فأسر بأهلك بقطع من الليل"
والملاحظ أن المشترك في
الإسراء أن زمنه الليل وأنه في الآية الأولى من مكان إلى مكان أخر من المسجد الحرام للمسجد ألأقصى وفى الثانية من مصر إلى خارجها خلف البحر وفى الثالثة من قرية لوط(ص) إلى خارجها
سبب
الإسراء :
بين الله أن سبب
الإسراء وهو نفسه المعراج :
هو رؤية آيات الله الكبرى والمقصود رؤية مخلوقات الله العظيمة وهى الجنة والمسجد الأقصى وهو المكان المقدس في السماء حيث يوجد العرش الذى تحيط به الملائكة
وفى هذا قال سبحانه :
"لنريه من آياتنا "
وقال أيضا:
"رأى من آيات ربه الكبرى"
الأدلة على كون
الإسراء في الصحو وبالنفس والجسد:
من الخلافات التي حدثت بلا داعى بين المفسرين أن
الإسراء كان مناما والمقصود رؤيا وعند الآخرين حدث في اليقظة بالنفس والجسد ونصوص
القرآن واضحة في أنه كان في الصحو وبالنفس وهى الروح والجسد وهى :
1-قوله سبحانه :
" لنريه من آياتنا"
2- قوله سبحانه :
" لقد رأى من آيات ربه الكبرى "
3- قوله " بعبده "والتي هي مثيل " بعبادى" في إسراء موسى(ص) والتي هي مثيل " بأهلك " في إسراء لوط(ص)فالعبد والعباد والأهل تطلق على بشر في حالة صحو وإلا كيف سيتحركون ولا يلتفتون كما حدث من امرأة لوط(ًص) وكيف سيعبرون البحر وهم نيام في إسراء موسى(ص)
4-قوله " ولقد رءاه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى "
5- قوله " ما زاغ البصر وما طغى "
6-قوله " ولقد رءاه بالأفق المبين"
7- قوله" أفتمارونه على ما يرى"
فالرؤية البصرية وفى مكان كسدرة المنتهى وفى الأفق تعنى أن الرجل كان متيقظا صاحيا
كما أن الوحى وقد أوحى في الرحلة للنبى(ص) لا يحدث إلا في اليقظة حيث كان يردد الرسول(ص) بعد انتهاء جبريل(ًص) من الوحى بأمر الله لأنه كان يردد قبل أن ينتهى من الوحى فنصحه الله ألا يتعجل وأن يقرأ بعد انتهاء قراءة جبريل(ص) فقال :
"وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ"
وقال أيضا:
" لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ "
والترديد لا يكون والإنسان نائم وإنما متيقظ واعى كى يسمع ويفهم
الرد على من زعم أن المسرى به موسى(ص):
قال البعض أن آية
الإسراء في بداية سورة
الإسراء لا تختص بخاتم النبيين(ص) لأن موسى (ص) ذكر في الآية التالية لها وهى :
"وأتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا"
وبالطبع هذا كلام يتعارض مع الآية السابقة فلو أراد موسى(ص) لقال لآتيناه الكتاب وجعلناه هدى لبنى إسرائيل ليستمر السياق كما في الآية ألأولى
ولأن إسراء موسى(ص) لم يكن من مسجد إلى مسجد وإنما كان من بلد هي مصر إلى مكان قبله بحر كما قال سبحانه :
"ولقد أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادى فاضرب لهم طريقا فى البحر يبسا لا تخاف دركا ولا تخشى"
من رأى خاتم النبيين (ص):
من ألأمور التي اختلف فيها المفسرون رغم وضوحها من الذى رآه محمد(ص) في الرحلة فزعم البعض أنه رأى الله مع أن الله نفى أن يراه أحد حاليا ومستقبلا بقوله " لن ترانى"
لقد ذكرت الرؤية مرتين وهى واضحة أنه رأى معلمه جبريل الذى علمه
القرآن فقال :
"علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى"
وقال :
" إنه لقول رسول كريم ذى قوة عند ذى العرش مكين مطاع ثم أمين وما صاحبكم بمجنون ولقد رءاه بالأفق المبين"
إذا المرئى معروف وهو رسول له مكانة عند الله وهو جبريل(ص)
والمكان الذى رآه فيه واضح" الأفق الأعلى" وهو نفسه " الأفق المبين"
والغريب أن من زعموا أنه رأى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا لم يسألوا أنفسهم هل يحل الله في مكان حتى يمكن رؤيته؟
ولو حل في مكان فهذا معناه أنه أصغر وليس أكبر من خلقه لأن المكان احتواه وهو ما يتعارض مع العبارة الصحيحة :
كان الله ولا مكان
مدى القرب من جبريل (ص):
لقد بين الله أن المسافة بين خاتم النبيين(ص) وجبريل(ص) كانت مسافة قريبة جدا وهى قاب قوسين أو أدنى والمقصود مقدار شبرين أى ما يساويهما حيث قال :
"فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى"
الوحى في الرحلة :
بين الله أنه أوحى إلى عبده وهو رسوله الخاتم(ص) الذى أوحى والمقصود أنه أنزل عليه وحى وهو في السماء ليطمئن قلبه وأما ما ترويه الروايات فهو :
الوحى بالصلاة وهو كلام يتعارض مع أن الصلاة نزلت من قبل كما هو في ظاهر سورة العلق :
" أرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى"
" كلا لا تطعه واسجد واقترب "
ونزلت صلاة قيام الليل في سورة المزمل " قم الليل إلا قليلا "
ولابد أن آيات الوضوء نزلت قبلها
الإسراء هو نفسه المعراج :
المشهور هو أن
الإسراء كان من مكان أرضى لمكان أرضى ولكن الحقيقة أن
الإسراء هو نفسه المعراج وهو الصعود في السماء للتالى :
-أن المسجد الأقصى لا يمكن أن يكون موجودا في الأرض فبما أننا نعيش على الأرض الأولى فابعد مكان عنا لن يكون أرضا لأننا تحتنا ست طبقات أرضية بينما فوقنا جو السماء وسبع طبقات ومن ثم أبعد مكان وهو أقصى مكان هو السماء السابعة
-أن الأرض باعتبار سطحها كروى فهناك 360 نقطة في نهايتها أقصى عن مركزها وهو المسجد الحرام في مكة والتي هى أم والمقصود مركز البلاد باعتبار أن كل البلاد حولها كما قال سبحانه :
" لتنذر أم القرى ومن حولها"
ومن ثم يكون هناك360 نقطة أقصى في الأرض
-الروايات تثبت اثنين مسجد أقصى في الأرض أحدهما في بيت المقدس والثانى في الحجاز في الجعرانة وكلاهما لا يقع في أقصى مكان بعيدا عن الكعبة وهى المسجد الحرام حيث ورد في كتاب أخبار مكة للأزرقى ج2 ص207
"حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنِ الزَّنْجِيِّ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي زِيَادٌ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ طَارِقٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ، اعْتَمَرَ مَعَ مُجَاهِدٍ مِنَ الْجِعْرَانَةِ، فَأَحْرَمَ مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي حَيْثُ الْحِجَارَةِ الْمَنْصُوبَةِ، قَالَ: «مِنْ هَاهُنَا أَحْرَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وَإِنِّي لَأَعْرِفُ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ هَذَا الْمَسْجِدَ عَلَى الْأَكَمَةِ، بَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ سَمَّاهُ، وَاشْتَرَى مَالًا عِنْدَهُ نَخْلًا، فَبَنَى هَذَا الْمَسْجِدَ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: فَلَقِيتُ أَنَا مُحَمَّدَ بْنَ طَارِقٍ، فَسَأَلْتُهُ، فَقَالَ: اتَّفَقْتُ أَنَا وَمُجَاهِدٌ بِالْجِعْرَانَةِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّ «الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى الَّذِي مِنْ وَرَاءِ الْوَادِي بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى مُصَلَّى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانَ بِالْجِعْرَانَةِ» قَالَ: فَأَمَّا هَذَا الْمَسْجِدُ الْأَدْنَى فَإِنَّمَا بَنَاهُ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ، وَاتَّخَذَ ذَلِكَ الْحَائِطَ"
وفى نفس الكتاب ج1 ص75 لم يذكر وجود الأقصى وإنما سمى بيت المقدس :
"حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنِي جَدِّي، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ سَاجٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ: بَيْتُ الْمَقْدِسِ أَعْظَمُ مِنَ الْكَعْبَةِ؛ لِأَنَّهُ مُهَاجَرُ الْأَنْبِيَاءِ، وَلِأَنَّهُ فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ. وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: الْكَعْبَةُ أَعْظَمُ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} حَتَّى بَلَغَ: {فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ} ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ، أوَلَيْسَ ذَلِكَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ " قَالَ عُثْمَانُ: وَأَخْبَرَنِي خُصَيْفٌ قَالَ: أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ " قَالَ: أَوَّلُ مَسْجِدٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ مِثْلُ قَوْلِهِ " {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} "
والغريب أن كل الروايات التي ذكر فيها المسجد الأقصى لم يقل حديث واحد منها أنه في بيت المقدس ولا في أي مكان سوى الحديث الذى حدده في الجعرانة وهى قرية على طريق الحج بين مكة والمدينة
-أن السبب في آية
الإسراء هو نفسه السبب في العروج إلى حيث الجنة حيث قال سبحانه :
" لنريه من آياتنا"
وقال :
" لقد رأى من آيات ربه الكبرى "
وواحدية السبب تعنى أن الحادثة واحدة
-لو افترضنا أن
الإسراء غير المعراج وهو أمر أرضى فلابد أن يشاهد الرسول(ص) في بيت المقدس المعروف بشر ممن كانوا في مكان المسجد وسوف يصلون معه أو حتى يروه هو والرسل(ص) يصلون خلفه كما تزعم الروايات وهو أمر محال أولا لأن الموتى لا يرجعون للحياة كما قال سبحانه :
" وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون"
وثانيا لأن الله منع الآيات وهى المعجزات عن الناس في عهد خاتم النبيين(ص) حيث قال :
" وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ولكن لا يوجد أي روايات عند الأمم الأخرى عند حادثة الصلاة في بيت المقدس
-أن المكان وهو المسجد الأقصى مبارك حوله وهذا معناه أنه مركز السماء كما أن الكعبة مركز الأرض وهو بحذائها وهو ما يوافق أن الملائكة حول العرش كما قال سبحانه محيطين به :
"الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم"
موعد
الإسراء وهو المعراج :
لا يوجد في كتاب الله تحديد لليلة
الإسراء في أي شهر ولا في أي ليلة من الشهر ولا حتى في أي سنة من السنوات وحتى الروايات التي تناولتها لم يذكر في أي منها موعد تلك الليلة وقد دأب الناس على الاحتفال بها في شهر رجب في ليلة السابع والعشرين وهو ما لا دليل عليه
وقد حاول البعض استنباط الموعد من آية الاسراء بأن الآية مع البسملة كلماتها 27 وأن كلمة أسرى رقم 7 والحقيقة طبقا لكلام النحاة الكلمات 28 باعتبار الباءين في بسم وبعبده واللام في لنريه كل منهم كلمة
"بسم الله الرحمن الرحيم سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"