مراجعة
لكتاب الرد على
الترغيب عن
صلاة الرغائب الموضوعة وبيان ما فيها من مخالفة السنن المشروعة
الكاتب هو تقي الدين ابن الصلاح والكتاب موضوعه
الرد على كتاب العز بن عبد السلام المحرم لصلاة
الرغائب وقد ابتدأ الكاتب كلامه بالحديث عن أن
صلاة الرغائب وهى
صلاة تصلى فى رجب أو فى شعبان هى
صلاة تم اختراعها فى فى القرن الخامس من قبل المقدسيين فى الشام والمقصود بعد انتهاء وحى الله بخمسة قرون حيث قال :
"هذه الصلاة شاعت بين الناس بعد المائة الرابعة، ولم تكن تعرف، وقد قيل: إن منشأها من بيت المقدس -صانها الله تبارك وتعالى- "
وأقر الكاتب بأن الحديث الوارد فيها ضعيف وهو ما يجعل الرواية موضوعة حيث قال :
"والحديث الوارد بها بعينها وخصوصها ضعيف ساقط الإسناد عند أهل الحديث، ثم منهم من يقول: هو موضوع، وذلك الذي نظنه. ومنهم من يقتصر على وصفه بالضعف، ولا يستفاد له صحة من ذكر رزين بن معاوية إياه في كتابه في تجريد الصحاح، ولا من ذكر صاحب كتاب((الإحياء)) له فيه واعتماده عليه؛ لكثرة ما فيهما من الحديث الضعيف، وإيراد رزين مثله في مثل كتابه من العجب."
الغريب هو أن الكاتب المعترف بضعف الرواية وسقوط إسنادها أقر بأنه هذا لا يمنع من جواز
صلاة تلك الصلاة حيث قال :
"ثم إنه لا يلزم من ضعف الحديث بطلان
صلاة الرغائب والمنع منها، لأنها داخلة تحت مطلق الأمر الوارد في الكتاب والسنة، بمطلق الصلاة، فهي إذاً مستحبة بعمومات نصوص الشريعة الكثيرة الناطقة باستحباب مطلق الصلاة، ومنها ما رويناه في صحيح مسلم من حديث أبي مالك الأشعري أن رسول الله (ص)قال: ((الصلاة نور ).
وما رويناه من حديث ثوبان وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أن رسول الله (ص)قال: ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة)) أخرجه ابن ماجه في سننه وله طرق صحاح.
وأخص من ذلك بما نحن فيه ما رواه الترمذي في كتابه تعليقاً من حديث عائشة رضي الله عنها ولم يضعفه أن رسول الله (ص)قال: ((من صلى بعد المغرب عشرين ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة)) فهذا مخصوص بما بين المغرب والعشاء، فهو يتناول
صلاة الرغائب من جهة أن اثنتي عشرة ركعة داخلة في عشرين ركعة، وما فيها من الأوصاف الزائدة يوجب نوعية وخصوصية غير مانعة من الدخول في هذا العموم، على ما هو معروف عند أهل العلم فلو لم يرد إذا حديث أصلاً بصلاة
الرغائب بعينها، ووصفها، لكان فعلها مشروعاً لما ذكرناه.
وكم من
صلاة مقبولة مشتملة على وصف خاص لم يرد بوصفها ذلك نص خاص من كتاب ولا سنة، ثم لا يقال: إنها بدعة، ولو قال قائل أنها بدعة لقال مع ذلك بدعة حسنة لكونها راجعة إلى أصل من الكتاب أو السنة ومن أمثال هذا، ما لو صلى إنسان في جنح الليل مثلاً خمس عشرة ركعة بتسليمة واحدة، وقرأ في كل ركعة آية من خمس عشرة سورة على التوالي، خص كل ركعة منها بدعاء خاص.
فهذه
صلاة مقبولة غير مردودة، وليس لأحد أن يقول: هذه
صلاة مبتدعة مردودة فإنه لم يرد بها على هذه الصفة كتاب، ولا سنة.
ولو وضع لها حديثاً بإسناد رواها به، لأبطلنا الحديث وأنكرناه، ولم ننكر الصلاة فكذلك الأمر في
صلاة الرغائب من غير فرق والله أعلم."
وتعليقى هو أن ابن الصلاح يقيم نفسه مقام الله فيشرع صلوات ليس فيها نص من كتاب الله أو حتى من الروايات وهو ما يعارض أن الله هو المشرع الوحيد فلا يجوز لرسول ولا لعالم ولا لأيا كان يشرع أى حكم كما قال تعالى :
" شرع لكم من الدين"
والغريب أيضا أن الروايات التى جعلها أساس لتشريع
صلاة الرغائب معارضة
لكتاب الله فرواية" واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة"هى تكذيب لقوله سبحانه :
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
فالجهاد هو أفضل العمل
ورواية من صلى بعد المغرب عشرين ركعة، بنى الله له بيتاً في الجنة تعارض كتاب الله مكذبة إياه فى أن ثواب الصلاة وهى عمل غير مادى هو عشر حسنات كما قال سبحانه :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
وأما رواية الصلاة نور فهى تكذب أن كل أعمال المسلم الصالحة هى نور يسعى بين يديه فى القيامة كما قال سبحانه :
"يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم"
فكتاب المسلم مسجل فيه كل أعماله الصالحة الحسنة
ومن ثم لا يمكن أن نقيم بيت صحيح على أساس فاسد فابن الصلاح يقول لنا أن الرواية الساقطة الإسناد الضعيفة المعنى يمكن أن تكون أساس بنى عليه
ونجد الكاتب يرد على عالم زمانه العز بن عبد السلام كتابه فى تحريم تلك الصلاة ناقدا كلامه حيث قال :
"والذي يتوهم فيه من
صلاة الرغائب أنه كذلك أمور نذكرها ونبين بالدليل الواضح كونها سالمة من ذلك إن شاء الله تعالى.
أحدها: ما فيها من تكرار السورة.
وجوابه أن ذلك ليس من المكروه المنكر، فقد ورد نحو ذلك، وورد في بعض الأحاديث تكرار سورة الإخلاص
فإن لم نستحبه، لم نعده من المكروه المنكر، لعدم دليل قوي على ذلك.
وما ورد عن بعض أئمة الحديث من كراهة نحو ذلك، فمحمول على الكراهة، التي هي بمعنى ترك الأولى فإن الكراهة قد أطلقت على معان وذلك أحدها. والله أعلم ."
وتعليقى:
أنهذا رد بلا قيمة لأن الله لم يطلب منه تكرار قراءة السورة فى الجلسة الواحدة وإنما طلب قراءة ما تيسر من القرآن حيث قال سبحانه :
" فاقرءوا ما تيسر منه"
وما تيسر يعنى قراءة السور بلا تكرار وإنما خلف بعضها وروايات التكرار كلها وضعها الكفار لشغل أوقاتنا بما لا طاعة لله به وهو شغل المسلمين عن جهاد الأعداء على وجه الخصوص بجعل أوقاتهم وقت كلام وليس عملا لإنتاج القوى المختلفة المرهبة للعدو
وقال موضحا الاختلاف فى السجدتين عقب
صلاة الرغائب :
"الثاني: السجدتان الفردتان عقيب هذه الصلاة، وقد اختلف أئمتنا في كراهة مثل ذلك، فإن كان المنازع يختار قول من يكرهها فسبيله أن يتركها فحسب، لا أن يترك الصلاة من أصلها، وهكذا الأمر في تكرار السورة سواء بقي على الصلاة اسمها المعروف لبقاء معظمها، أو لم يبق، لكون المقصود إبقاء الناس على ما اعتادوه، ومن شغل هذا الوقت بالعبادة وصيانتهم من الترك لا إلى خلف، والله أعلم."
الثالث: ما فيها من التقييد بعدد خاص من غير قصد، وهذا قريب راجع إلى ما سبق الكلام عليه، وهو كمن يتقيد بقراءة سبع القرآن أو ربعه كل يوم وكتقييد العابدين بأورادهم التي يختارونها لا يزيدون عليها ولا ينقصون والله أعلم.
الرابع: أن ما فيها من عدد السور والتسبيح وغيرهما مكروه (لإشغاله القلب) .
وجوابه أن ذلك غير مسلم وهو يختلف باختلاف القلوب وأحوال الناس.
وإني لاعرف أحد المشايخ كان إذا سافر استصحب معه كتاب: دلائل الخيرات وفيه في كل يوم وظيفة، فكان أحيانا يفوته حزبه حزبه من القرآن، ولا يفوته ورده من الدلائل، فكنت أسأله عن ذلك فيقول: حزب القرآن يمكن قضاؤه في كل يوم، وأما ورد الدلائل فهو مخصص بيومه! أفليس هذا تشريع في الدين؟! فالله المستعان
وقد روي عد الآيات في الصلاة عن عائشة رضي الله عنها وطاووس وابن سيرين وسعيد بن جبير والحسن وابن أبي مليكة في عدد كثير من السلف.
وقال الشافعي رضي الله عنه: لا بأس بعد الآي في الصلاة، نقله عنه صاحب ((جمع الجوامع)) في منصوصاته من غير خلاف، وحكاه ابن المنذر عن مالك والشافعي وأحمد وإسحاق والثوري وغيرهم ويشهد له من الحديث؛ حديث
صلاة التسبيح والله أعلم.
الخامس: فعلها جماعة، مع أن الجماعة في النوافل مخصوصة بالعيدين، والكسوفين، والاستسقاء، وصلاة التراويح ووترها.
وجوابه أن الحكم في ذلك؛ أن الجماعة لا تسن إلا في هذه الستة، لا أن الجماعة منهي عنها في غيرها من النوافل .
وفي ((مختصر الربيع)) عن الشافعي رضي الله عنهما أنه قال: لا بأس بالإمامة في النافلة، ومن الدليل عليه ما رويناه في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما.
((أنه بات عند رسول الله (ص)ليلة، فلما قام يصلي صلاته من الليل قام ابن عباس رضي الله عنهما يصلي خلفه، ووقف عن يساره فأداره إلى يمينه)).
وفي رواية مسلم التصريح بأنه قام يصلي متطوعاً من الليل. وثبت عن أنس رضي الله عنه ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم في دارهم في غير وقت الصلاة، فصلى به وبأم سليم وأم حرام)).
وفي رواية لأبي داود فصلى بنا ركعتين تطوعاً وفي ((الصحيحين)) نحوه عن عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنهم، والله أعلم.
السادس: أن هذه الصلاة صارت شعاراً ظاهراً حادثاً ويمتنع إظهار شعار ظاهر في الدين.
وجوابه: أن حاصل ذلك يرجع إلى أنها عبادة لها أصل في الشريعة، ظهرت وكثرت الرغبات فيها، وهذا لا يوجب أن يعكر عليها باجتثاثها من أصلها، فإن ما اختص به علماء المسلمين في علم الفقه وسائر علوم الدين، من التأصيل، والتفصيل، والتفريع، والتدقيق، والتصنيف، والتدريس شعار ظاهر حدث في الدين لم يكن في صدر الإسلام، فلم لا نقول: إن ذلك مبتدع ينبغي اجتنابه، وشعار محدث يتعين اجتثاثه، والله أعلم.
وقد احتج المنازع بأشياء أخر لا تساوي الذكر، ومما يجاب به عنها أن يقال له: صل هذه الصلاة وتجنب وجنب فيها ما زعمت أنه محذور كما بيناه فيما سبق، وهو معتمد منها بقوله: إن في ذلك اختصاص ليلة الجمعة بالقيام، وهو منهي عنه، وهذا ليس بشيء لأنه ليس بلازم من حال من يصلي
صلاة الرغائب أن يدع في باقي لياليه
صلاة الليل، ومن لم يدع ذلك لم يكن مخصصاً ليلة الجمعة بالقيام، وهذا واضح والله أعلم.
فقد وضح بما بيناه وأصلناه أن
صلاة الرغائب غير ملتحقة بالبدع المنكرة!! وأن الحوادث ذوات وجوه مختلفة مشتبهة، فمن لم يميز كان بصدد إلحاق الشيء منها بغير نظيره!! والله تعالى أعلم."
وتعليقى هو :
الغريب فى كلام الكاتب هو أنه شرع بروايات النوافل ما لم يشرعه الله سبحانه وهو صلوات ما أنزل الله بها من السلطان فالصلاة الوحيد التى أباحها الله غير الصلوات المفروضة هى :
قيام الليل فهى لمن قدر على صلاتها من المسلمين حيث قال :
"إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثى الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وأخرون يضربون فى الأرض يبتغون من فضل الله وأخرون يقاتلون فى سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه"
والرسول(ص) لا يشرع شىء فى الدين من عند نفسه وإنما هو متبع لكلام الله حيث قال :
"قل ما يكون لى أن أبدله من تلقاء نفسى إن أتبع إلا ما يوحى إلى"
وكل الروايات فى النوافل ألفها أعداء المسلمين لشغل أوقاتهم بشىء لم يطلبه الله حتى يضيعوا أوقاتهم فى أعمال لا تنتج قوة ولم يطلبها رب العالمين
وتجد فى كلام الكاتب عن كتاب قراءة كتاب دلائل الخيرات كلاما هو ترك لقراءة كتاب الله والاستغناء عنه بكتب بشرية الغرض منها التمكين لأعداء الله فى بلاد المسلمين وجعلهم يحكمونها لأن أهلها منشغلون بأداء نوافل لا تجعلهم يعملون الصالحات ومنها إنتاج طعامهم وملابسهم ودوائهم وسلاحهم وسائر ما يحتاجونه فى دنياهم
ولو عددنا صلوات النوافل فى الروايات وركعاتها والترديد المتكرر لسور بعينها ثلاث وعشر ومئات المرات وما يتلوها من التسبيح والتكبير والتهليل عشرات ومئات وألاف المرات فإن وقت الصحو فى النهار والليل لن يكفيها
ومن ثم لا عمل لنا سوى
صلاة النوافل وأما العمل الوظيفى الإنتاجى وغيره من الطاعات فأبعدونا عنها وهو ما جعل الأمة مهزومة من كل أعدائها ومهزومة فى أكلها وشربها وبيوتها ومحتاجة لغيرها