الدهرية أو الملاحدة
شاع في عصرنا لفظ الملحدون والإلحاد كلفظ يطلق على إنكار وجود الله مع أن اللفظ في القرآن لا يعنى إنكار وجود الله وإنما اللفظ يطلق على على معنيين :
الأول الوحى الضال كما في قوله سبحانه :
" ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون إليه أعجمى وهذا لسان عربى مبين "
فالكفار اتهموا الرسول (ص) بأن القرآن يلحد له بالأعجمية والمقصود يوحى إليه أي يقال له بلغة غامضة من قبل المعلمين الذين يعلمونه بينما القرآن نفسه واضح مفهوم وهذا هو معنى عربى
الثانى اللحد في أسماء الله ومعناه الطعن في أحكام الله وهو تحريف معانى آيات الله لاظهار أن بها معايب و هو قوله سبحانه :
"ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون فى أسمائه "
وقد فسر الله الأسماء أنها الآيات وهى الأحكام حيث قال :
"إن الذين يلحدون فى آياتنا لا يخفون علينا "
ومن يحرف الآيات وهى الأسماء لابد أن يعصاها
ومن ثم معنى كلمة الإلحاد لا علاقة له بإنكار وجود الله سبحانه وتعالى وأما إنكار وجود الله فأهله هم :
الدهرية الذين يقولون أنها عوامل الدهر وهى الزمن وأشهر أقوال
الدهرية هو :
إنكار البعث الأخروى فهم يستبعدون تماما الوعد بالإحياء ودخول الجنة أو النار
أن سبب هلاك الناس هو الدهر وهم يقصدون أحداث الزمن من شيخوخة أو مرض أو زلازل أو براكين ....
وهو ما قصه الله علينا فيما حكاه من أقوالهم حيث قال عن سخريتهم من كلام الرسول(ص):
"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
وكرر الله حكاية نفس كذبهم حيث قال :
"وقالوا ما هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
وقد تناول الله احتمالات خلق الناس عند الكفار فبين التالى :
الاحتمال الأول أن الناس وجدوا من غير خالق
الاحتمال الثانى أن الناس من خلقوا أنفسهم
الاحتمال الثالث أن الناس هم من خلقوا الكون بسمواته وأرضه
وهو قوله سبحانه :
"أم خلقوا من غير شىء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض "
والاحتمالات كلها هى إنكار لوجود الله الخالق وهى احتمالات كاذبة كلها
إن خزعبلات المنكرين لوجود الله الخالق تقوم على الأسس التالية :
الأول وجود الكون من غير خالق والسبب في رأيهم أنهم لا يرونهم ولا يلمسونه أو يشعرون بوجوده عن طريق الحواس
خلاصة كلامهم إنه غير موجود لكونه ليس مادة محسوسة ومع هذا تجد المنكرين المعاصرين يؤمنون بالغيب ممثل في أشياء لم يروها مثل :
تغيرات أعضاء الحيوانات في الماضى
انقراض أنواع كالديناصورات والماموث
النجوم الراديوية
الثقوب السوداء
المادة المظلمة
تحديد أعمار الكائنات بالملايين والمليارات والألوف من السنوات
وكلها أشياء لم يراها أحد ولا لمسها لأن كل هذه مجهولات والغريب أنهم يؤمنون بما يعترفون أنه من الممكن أن يكون خطأ كما جاء في كتاب الله الفرضية الفاشلة حيث قال كاتبه فيكتور ستينجر:
"لقد رأيت عدة نماذج مقترحة تتم تخطئتها خلال 40 عاما من مسيرتى البحثية فى فيزياء الجسيمات الأساسية والفيزياء الفلكية فالتخطئة تحدث عمليا" ص32
والأغرب أنه يقر في كتابه أن تلك الأمور معروفة بالاستنتاج وليس عن طريق الرؤية والحواس الأخرى حيث قال ستينجر:
" تتضمن النماذج الفلكية أيضا الثقوب السوداء التى لا يمكن إداركها إلا بشكل غير مباشر وتتضمن النماذج الكونية المادة المظلمة والطاقة المظلمة التى لا تزال غير معرفة حتى لحظة هذا الكتابة ولكنها مستنتجة من البيانات" ص42
والغريب أن القوم عندما يكلمون المؤمنين بوجود الله يطلبون منهم أن يرونه أو يجالسوه ونجد أقوال لها المعنى في كتاب الله الفرضية الفاشلة حيث قال:
" إن كان الله موجودا فأين هو؟ لقد سمى الفيلسوف ثيودور درينج هذا برهان غياب الأدلة"ص27
وقال أيضا:
-"ولهذا إن كان الله موجودا لابد أن يظهر فى مكان ما ضمن فراغات أو أخطاء النماذج العلمية"ص21
ونسوا أنهم يسخرون من الوثنيين الذين آلهتهم حجارة أو أشجار أو غير هذا وهى أشياء مادية محسوسة ومع هذا ينكرون ألوهية ما يحسونه وهو تناقض في المنطق
ونجد أمثال المنكرين في بنى إسرائيل الذين قالوا كما قص الله علينا:
"وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة"
وهم أنفسهم الذين طالبوا موسى(ص) بأن يجعل لهم إلها محسوسا أي صنما كما لعبدة الأصنام حيث قالوا :
" اجعل لنا إلها كما لهم آلهة"
ونجد منطق المنكرين لله أيضا منطق متناقض فعندما تذكر لهم من اخترع كذا أو كذا يقولون اسم المخترع في كل شيء عدا الكون فعندما تٍسألهم من خلق الكون يجيبون لا شيء والمقصود لا خالق له وهو منطق المجانين الذين يطبقون القانون على ما يريدون وأما ما لا يريدونه فهم لا يطبقونه
الثانى المترتب على عدم وجود الله هو عدم وجود بعث أخروى ومن عدم وجود ثواب ولا عقاب وهو ما حكيناه في أول المقال عن قولهم:
"أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون هيهات هيهات لما توعدون إن هى إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر "
ومن ثم هم ينكرون البعث وهو إحياء الموتى للحساب ومنطقهم الثانى للايمان بالبعث هو الذى قصه الله علينا حيث قال :
"إن هؤلاء ليقولون إن هى إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين"
وهم يرون عمليات البعث تحدث أمامهم من خلال عملية الزراعة التي يقومون بها لاطعام أنفسهم فالبذور والفروع المقطوعة الميتة تقطع من النباتات وتموت عن طريق جفافها ومع هذا عندما توضع في التربة وتسقى بالماء تعود للحياة مرة أخرى بعد أن كانت ميتة وفى هذا قال سبحانه :
"وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون"
ومن غرائب منكرى العصر أنهم اخترعوا اختراعا يتناقض مع معتقدهم وهو تجميد الموتى استعدادا لاحياءهم في المستقبل عندما يتقدم العلم ويصبح قادرا على إعادة الحياة للموتى كما يزعم بعضهم
ونجد منطق المنكرين لله متناقض فالكثير منهم إن لم يكن كلهم يدعون أن لديهم مبادى وقوانين يعيشون عليها والسؤال :
من أين أتتكم المبادىء والقوانين الأخلاقية إذا كان لا وجود لمشرع ولا معلم لتلك القوانين؟
وعندما يقول المؤمنون بوجود الله لهم:
إن المخلوقات تظهر لنا قوانين تخالف قوانينكم فمثلا الكثير منكم يعتمد في حياتكم الشهوانية على الجماع بين الرجل والمرأة أو بين الرجل والرجل أو بين المرأة والمرأة أو بين الإنسان والحيوان وقوانين الطبيعة لا نجد فيها سوى جماع الذكر والأنثى في كل الأنواع فلا يوجد جماع بين ذكور النوع فقط أو بين إناث النوع فقط
ومثلا كل الحيوانات ترتدى زيا مغطيا لجسمها كلها عدا الوجه والأرجل من أسفل فالشعر والريش والوبر والصوف يغطيها وحتى النباتات يغطيها اللحاء إلا في أماكن الورق والثمر ومع هذا يعتمد معظم المنكرين سياسة العرى والتعرى ومدن العراة وينكرون على نساء المسلمين ارتداء الخمار والجلباب المغطية للجسم عدا الوجه والأطراف
إذا كى نستخدم قوانين الكون الذى يسمونه الطبيعة لكى تكون قوانين البشر فهى تتعارض مع الكثيرمن معتقدات المنكرين لله
إن إنكار الإله معناه لا قانون فكل واحد يعمل ما يحلو له في حياته وهو منطق لو استعمله الناس لفنت البشرية
وتراثنا نجد فيه اتهامات لبعض الشخصيات بأنهم كانوا منكرين لوجود الله كالطبيب الرازى والكاتب عبد الله بن المقفع والأغرب ان كتبهم الموجودة بين أيدينا لا يوجد فيها دليل واحد على إنكارهم لوجود الله وإنما توجد أدلة على إيمانهم بوجود الله ومع هذا تطفح كتب المنكرين لله بالحديث عن كونهم منكرين لله والأغرب أن حتى المؤمنين بالله يكررون تلك الكذبة نقلا عن المنكرين لوجود الله والغريب أن الكل ينقل عن واحد نسب لهم ذلك مكررا أن هذا موجود في كتبهم وكتبهم تلك كلها مفقودة لا وجود لها والموجود منها يثبت إيمانهم بوجود الله
وأشهر المنكرين لوجود الله من الغربيين المعاصرين كريتشارد دوكينز صاحب كتاب وهم الإله وستيفن هوكينغ في كتابه التصميم العظيم وغيرهم لا نجدهم منكرين لوجود الله وإنما متشككين فنجده يقول أنه لا دليل لا على وجود الله أو عدمه في الفقرة التالية:
"وبالتأكيد ليس هناك أى سبب لاعتبار احتمال وجوده من عدمه50% فقط لأننا لا نستطيع البرهان على وجوده من عدمه كما سنرى لاحقا "ص56
ونجده يؤمن بوجود الله المعقد في قوله :
"ومرة أخرى أكرر السبب ألا وهو مهما كانت معرفتنا قليلة عن ماهية الله فإننا نستطيع أن نتأكد بأنه على درجة عالية من التعقيد وبالتالى متعذر الاختزال أيضا "ص127
وقال أيضا مشعرا إيانا بكونه مؤمن بالله:
"ومن أنا لأقول بأن الدليل العقلانى هو النوع الوحيد من الأدلة ؟ هناك طرق أخرى للمعرفة إلى جانب الطرق العلمية وإحدى هذه الطرق هى التى يجب استعمالها لمعرفة الله "ص156
ويقر بامكانية وجود وجود مصمم أي خالق فيقول:
" ربما يكون مصمم خارق ولكن فى هذا الحالة لن يكون مصمما أتى من العدم بالتأكيد "ص158
وكل معتمدهم على عدة أمور :
الأول نظرية التطور التى لم يراها أحد وهى تحدث ولذا نجد صاحب وهم الإله ف يقر بأنه لا يعرف ما حدث في بداية التطور فيعطى احتمالات حيث قال"أصل الحياة كان حدثا كيمائيا أو سلسلة من الأحداث حيث حدثت الشروط الحيوية لبداية التطور العنصر الأهم كان الوراثة دى إن إيه أو الأكثر احتمالا شىء شبيه بها من حيث موضوع النسخ لكن أقل ضبطا ربما جزئيات أر إن إيه القريب لها " ص139
ويكرر كلامه عن تعدد الاحتمالات في نظرية التطور حيث قال :
"ومن بين كل الفراغات فى قصة التطور فإن فراغ أصل الحياة يبدو عصيا على الفهم لدماغ بتقديرات متمرسة على تقييم احتمالات ومجازفات على موازين يومية "ص140
الثانى أن فلان قال أدلة اثبات إنكار وجود الله ومع هذا عندما تعود لكتب فلان لا تجد أي أدلة ومن ثم ينقل الثانى عن الأول والثالث عن الثانى والرابع عن الثالث نفس القول وهو نفس ما جرى في اتهام ابن المقفع والرازى الطبيب ونجدهم ينقلون عن بعضهم كثرة الملحدين في قول صاحب وهم الإله:
وقال "من الواضح أن الطريق أمامنا لا زال طويلا لكن الملحدين أكثر عددا مما كنا نتصور وخصوصا بين النخبة المثقفة الحال كان كذلك حتى فى القرن 19 عندما قال جون ستيورات " من المحتم أنها ستكون صدمة هائلة لو عرف العالم كم هى نسبة المشككين فى الدين بين الحاصلين على أعلى الأوسمة لتميزهم اللامعة فى مجالات العلم والفكر "ص8
الثالث اعتماد احصائيات عن أعداد المنكرين لوجود الله فهم يستدلون مثلا على عدم وجود الله بأن كذا غالبا 90 في المائة من أعضاء الأكاديميات العلمية منكرين لوجود لله وبهذا يكون الله غير موجود لأن أكثرية أستاذة الأكاديميات ينكرون وجود الله وليس اعتمادا على أدلة وبراهين وإنما بناء على كثرة عددية
ونجد صاحب كتاب الله الفرضية الفاشلة يقول :
-"فى استفتاء تم عام 1998 م 7% فقط من أعضاء الأكاديمية الوطنية للعلوم فى الولايات المتحدة نخبة العلماء الأميركيين قالوا أنهم يؤمنون بإله شخصى"ص18
وحتى لو اعتمدنا مبدأ الأكثرية فهم لم يأخذوا رأى كل أساتذة ألأكاديميات العلمية كلهم فالاحصاء إن كان له وجود مبنى على عينة تجريبية لا تزيد عن ألف بينما عدد الأساتذة مثلا بالملايين في أنحاء العالم
الرابع علم الفلك غير المرئى الذى لم يشاهده أحد فتجدهم مثلا يتحدثون عن شيء لا يراه أحد أبدا وهو اتساع الكون وفى رأيهم لو كان الله موجود ما اتسع الكون ومن المعلوم لكى نقول أن الكون يتسع أن نعرف مساحته أو سمكه عندما بدأ وهو شيء لم يحضره أحد ولا شاهده أحد من الخلق وذلك لكى نقيس حجم الاتساع أو الضيق الذى حدث وهو لم يحدث