إضاءات حول
بدعة قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة
الكاتب هو محمد تقي الدين الهلالي وقد ابتدأ الكاتب بقول خاطىء وهو جواز الاجتماع فى المسجد لغير الصلاة مبرهنا على ذلك برواية لم يقلها النبى(ص) حيث قال :
"اعلم أن الاجتماع لقراءة
القرآن في المسجد في غير أوقات الصلاة مشروع لقول النبي (ص)(ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه). رواه مسلم في حديث ابي هريرة .
بالطبع الرواية تعارض كتاب الله فى نزول الملائكة الأرض بينما هى فى السموات لا تنزل كما قال سبحانه :
" وكم من ملك فى السموات "
وقال فى عدم نزولهم لخوفهم من نزول الأرض وهو عدم طمأنينتهم :
" قل لو كان فى الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا"
والاجتماع فى المساجد يكون لشىء واحد وهو ذكر الله وهو الصلاة كما قال سبحانه :
" فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه"
وقال فى صلاة يوم الجمعة:
" فاسعوا إلى ذكر الله"
وتناول أن الاجتماع لقراءة
القرآن كى يقرأ أحد القوم والباقون يستمعون مباح فى المساجد حيث قال :
"لكن الاجتماع لقراءة
القرآن الموافقة لسنة النبي (ص)وعمل السلف الصالح أن يقرأ أحد القوم والباقون يستمعون ، ومن عرض له شك في معنى آية استوقف القارئ وتكلم من يحسن الكلام في تفسيرها حتى ينجلي تفسيرها ، ويتضح للحاضرين ، ثم يستأنف القارئ القراءة ،هكذا كان الأمر في زمن النبي (ص)وبعده إلى يومنا هذا في جميع البلاد الإسلامية ما عدا بلاد المغرب في عصرنا الأخير ،"
وبالطبع هذا تشريع لا يمت للإسلام بصلة فالصلاة توجب
قراءة الكل معا كما قال تعالى :
" فاقرءوا ما تيسر من القرآن"
فما تحدث عنه يكون خارج المساجد للدعوة إلى الله
وتناول اختراع أحد المغاربة
بدعة القراءة معا
بنغمة واحدة حيث قال:
"فقد وضع لهم أحد المغاربة ويسمى عبد الله الهبطي ، وقفا محدثا ليتمكنوا به من
قراءة القرآن جماعة بنغمة واحدة ، فنشأ عن ذلك
بدعة القراءة
جماعة بأصوات مجتمعة على نغمة واحدة"
وذكر الكاتب أسباب فساد هذا الاختراع حيث قال :
"وهي
بدعة قبيحة تشتمل على مفاسد كثيرة :
الأولى : أنها ، وقال النبي (ص)(وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة
بدعة وكل
بدعة ضلالة ...الحديث)
الثانية : عدم الإنصات فلا ينصت أحد منهم إلى الآخر ، بل يجهر بعضهم على بعض بالقرآن ؛ وقد نهى النبي (ص)عم ذلك بقوله
(كلكم يناجي ربه ، فلا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ، ولا يؤذ بعضكم بعضا )
الثالثة: أن اضطرار القارئ إلى التنفس واستمرار رفقائه في القراءة يجعله يقطع
القرآن ..، فتفوته كلمات في لحظات تنفسه ، وذلك محرم بلا ريب .
الرابعة : أنه يتنفس في المد المتصل مثل "جآء" و "شآء" و "أنبيآء" و "آمنوا"..وما أشبه ذلك ، فيقطع الكلمة الواحدة نصفين ، ولاشك في أن ذلك محرم وخارج عن آداب القراءة ، وقد نص أئمة القراءة على تحريم ما هو دون ذلك ، وهوالجمع بين الوصل والسكت ، كتسكين "باء":"لاريب"، ووصلها بقوله تعالى :"فيه هدى" ؛ قال الشيخ النهامي بن الطيب في نصوصه :
الجمع بين الوصل والوقف حرام ****نص عليه غير عالم همام
الخامسة : أن في ذلك تشبها بأهل الكتاب صلواتهم في كنائسهم، فواحدة من هذه المفاسد تكفي لتحريم ذلك والطامة الكبرى أنه يستحيل التدبر في مثل تلك القراءة وقد زجر الله عن ذلك بقوله في سورة محمد " أفلا يتدبرون
القرآن أم على قلوب أقفالها " ، ونحن نشاهد معظم من يقرأ على تلك القراءة لا يتدبر
القرآن و لا ينتفع به ، و تالله شاهدت قراء
القرآن على القبر فلم يتعظوا بمشاهدته ولا برؤية القبر ولا بما يقرؤونه من
القرآن "
وتناول البدعة كتعريف وبعض البدع التى إنكارها حيث قال :
"قال ابو اسحاق الشاطبي في "الاعتصام" :(واعلموا أنه حيث قلنا إن العمل الزائد على المشروع يصير وصفا له أو كالوصف فإنما يعتبر بأحد أمور ثلاثة : أما بالقصد ، وإما بالعادة ، وإما بالشرع والنقصان . أما بالعادة كالجهر والاجتماع في الذكر المشهور بين متصوفة الزمان ، فإنه بينه وبين الذكر المشروع بونا بعيدا إذا هما كالمتضادين عادة ، وكالذين حكى عنهم ابن وضاح عن الأعمش عن بعض أصحابه قال : مر عبد الله برجل يقص في المسجد على أصحابه وهو يقول : سبحوا عشرا وهللوا عشرا ، فقال عبد الله : إنكم لأهدى من أصحاب رسول الله (ص)أو أضل ؟ "يعني أضل".
وفي رواية عنه أن رجلا كان يجمع الناس فيقول : رحمه الله من قال كذا و كذا مرة الحمد لله ؛ قال فمر بهم عبد الله بن مسعود فقال لهم : هديتم لما لم يهد نبيكم ، وإنكم لتمسكون بذنب ضلالة . وذكر له أن ناسا بالكوفة يسبحون بالحصى في المسجد فأتاهم وقد كوم كل رجل بين يديه كوما من حصى ، قال: فلم يزل يحصيهم بالحصى حتى أخرجهم من المسجد ، ويقول : لقد أحدثتم
بدعة وظلما ، وقد قفلتم أصحاب محمد (ص)علما ) انتهى."
وعلق الكاتب الهلالى على الروايات عن ابن مسعود حيث قال :
"تعليق:
وقد روي هذا الحديث عن ابن مسعود من طرق كثيرة بعبارات مختلفة لفظا ، متفقة معنى ، بعض الروايات مطول وبعضها مختصر ، وفيه فوائد:
1- هذا الحديث موقوف ولكنه في حكم مرفوع ، لأن ابن مسعود صرح بأن ذلك مخالف لسنة النبي (ص)، ففي بعض الروايات :"ويحكم يا أمة محمد ما اسرع هلكتكم ، هذه ثيابه لم تبل بعد وآنيته لم تكسر ونساؤه شواب ، وقد أحدثتم ما أحدثتم ". وفي رواية أخرى : أن عبد الله بن مسعود لما طردهم من مسجد الكوفة ورماهم بالحصباء ، خرجوا لى ظاهر الكوفة وبنوا مسجدا وأخذوا يعملون ذلك العمل ، فأمر عبد الله بن مسعود بهدمه ، فهدم.
2-أن البدعة وإن كانت إضافية ، شر من المعاصي ، كما حققه أبواسحاق الشاطبي ، فهي حرام ، وإنما كانت شرا من المعاصي ، لان المعصية يفعلها صاحبها وهو معترف بذنبه فيرجى له أن يتووب منها.
3-أن المبتدع يستحق العقاب والطرد من المسجد ، إن كان الإبتداع فيه.
-4أن كل مسجد بني على قبر أو بني لارتكاب البدع فيه فيجب هدمه ، لأنه مثل مسجد الضرار الذي أمر رسول الله (ص)بهدمه واحراقه ، فهدمه أصحابه وجعل كناسة ترمى فيه الجيف "
بالطبع الله أمر ببناء المساجد ونظافتها لاقامة شىء واحد وهو الصلاة وهى
قراءة القرآن وهو ذكر اسم وهو وحى الله ولم يأمر بأى شىء أخر فيها مما ابتدعه الناس عبر العصور المختلفة
وتناول بالكلام ابنى حجر الهيثمى والعسقلانى فذم أحدهما ومدح الأخر حيث قال :
"وقد نقل غير واحد عن ابن حجر الهيثمي أنه قال : (إن هذه المساجد المبنية على القبور هي أحق بالهدم من مسجد ضرار). وان حجر هذا كان مبتدعا ضالا ولكنه في هذه المسألة قال الحق ، والحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها ، أما الامام ابن حجر العسقلاني فهوامام محقق ، لم يشرح احد صحيح البخاري مثل شرحه المسمى ب"فتح الباري" ولذا قال العلماء : لا هجرة بعد الفتح ."
وقال :
ثم قال أبو اسحاق عاطفا على البدع المنكرة :(..ومن أمثلة ذلك أيضا
قراءة القرآن على صوت واحد ، فإن تلك الهيئة زائدة على مشروعية القراءة ، وكذلك الجهر الذي اعتاده أرباب الرواية )انتهى"