قال ابن الجوزي في صيد الخاطر (ص: 148)
ينبغي لكل ذي لب وفطنة أن يحذر عواقب المعاصي، فإنه ليس بين آدمي وبين الله تعالى قرابة ولا رحم، وإنما هو قائم بالقسط، حاكم بالعدل...
-ولقد رأيت أقوامًا من المترفين، كانوا يتقلبون في الظلم والمعاصي باطنة وظاهرة، فتعبوا من حيث لم يحتسبوا، فقلعت أصولهم، ونقض ما بنوا من قواعد أحكموها لذراريهم، وما كان ذلك إلا أنهم أهملوا جانب الحق عز وجل، وظنوا أن ما يفعلونه من خير يقاوم ما يجري من شر، فمالت سفينة ظنونهم، فدخلها من ماء الكيد ما أَغْرَقَهُمْ.
- ورأيت أقوامًا من المنتسبين إلى العلم، أهملوا نظر الحق -عز وجل- إليهم في الخلوات، فمحا محاسن ذكرهم في الجلوات، فكانوا موجودين كالمعدومين، لا حلاوة لرؤيتهم، ولا قلب يحن إلى لقائهم.
فَاللهَ اللهَ في مراقبة الحق عز وجل؛ فإن ميزان عدله تبين فيه الذرة، وجزاؤه مراصد للمخطئ، ولو بعد حين، وربما ظن أنه العفو، وإنما هو إمهال، وللذنوب عواقب سيئة.
فَاللهَ اللهَ! الخلوات "الخلوات"! البواطن البواطن! النيات النيات، فإن عليكم من الله عينًا ناظرةً! وإياكم والاغترار بحلمه وكرمه، فكم (قد) استدرج! وكونوا على مراقبة الخطايا، مجتهدين في محوها! وما شيء ينفع كالتضرع مع الحمية عن الخطايا، فلعه...
وهذا فصل إذا تأمله المعامل لله تعالى نفعه .