بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
الشاعر الذي قتله شعره) كلنا نعرف من قال : أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي *** وأسمعت كلماتي من بــه صـمـم الخيل والليل والبيداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقــلم هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفري ، أبو الطيب الكندي الكوفي المولد ، (الملقب بأبي الطيب المتنبي) ، ولد سنة303هـ ، و من الجدير بالذكر أن المتنبي من أعظم شعراء العرب ، حيث اتصف بالذكاء والحكمة ، فقد قال الشعر وهو ابن تسع سنوات ، فقد كان صاحب كبرياء وطموح ، وكان يتصف بالشجاعة ، وكان محباً للمغامرة . من أبرز مواضيع شعره كانت في وصف المعارك، وفلسفة الحياة، والحكمة ، لقد كان يجيد اللغة والبيان بطريقة بالغة ومبتكرة ، تجعله يمدح الأمراء والملوك بدون تكلف أو صنعة ، فقد كانت تنتج عن تفجر أحاسيسه التلقائية البالغة، و ظهرت سيرة حياته من خلال 326 قصيدة من الشعر العربي ، وضح فيها بعض أساليب الحياة في القرن الرابع الهجري ، ولقد أجاد المتنبي وصف الحروب، والثورات، والنوازع النفسية، التي كانت في تلك الفترة التي عاصرها الشاعر في الدولة العباسية ، حيث قال في وصفه شِعب بوَّان : مَغَاني الشِّعْبِ طِيباً في المَغَاني *** بِمَنْزِلَةِ الرَّبيعِ منَ الزّمَانِ مَلاعِبُ جِنّةٍ لَوْ سَارَ فِيهَا *** سليمانٌ لسَاَرَ بِتُرجُــــــمَانِ ولا ننسى أن نذكر إبداعه في الحكمة ؛ لأنه كان يقول ما يتصل بالنفس الإنسانية من قول حكيم ، فقد قال : إذا غامَرْتَ بشَرَفٍ مرومِ *** فَلا تَقنَعْ بما دونَ النّجومِ فطَعْمُ المَوْتِ في أَمْرٍ حَقيرٍ *** كطَعْمِ المَوْتِ في أَمْرٍ عَظيمِ وكان من أغرب قصص الشعراء قصة موت المتنبي ، فقد كان قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة ، قال في مطلعها : مَا أنصَفَ القَومَ ضبّه *** وأُمهُ الطر طبه وإنّما قلتُ ما قُلــــــ *** تُ رَحمَة لا مَحَبة فلما كان المتنبي عائداً إلى الكوفة ، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي خال ضبة فتقاتلا، فغلبه فاتك، وأراد المتنبي الهرب، فقال له غلامه : أتهرب وأنت القائل : الخيل والليل والبيداء تعرفني *** والسيف والرمح والقرطاس والقلم فأجابه المتنبي : "قتلتني قتلك الله" . وأردنا في سطورنا هذه، أن نبحث عن أبي الطيب المتنبي بين أبناءنا اليوم ، في حكمته وذكائه الفطري ، وفراسته ونظرته في الحياة ، التي لخصها بين سطور أبياته الشعرية الفلسفية ، التي لا نجد مثيل لها بين قصائدنا الحالية ، بالرغم من بلاغة شعرنا العربي حتى يومنا هذا ، وأتمنى أن تكونوا قد لمستم -في هذه السطور البسيطة-، وشعرتم بنفس المتنبي العزيزة الكريمة ، وكم تمنيت أن يكون معنا في هذه الأيام العصيبة ، حتى نطلب منه النصح والفائدة ، فلك منا كل التقدير يا أبا الطيب المتنبي
بحث وتقديم ناطق ابراهيم العبيدي