قال الله تعالى :
{ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21)الروم
كثيراً ماكنت أتوقف عند وصفه تعالى للصلة بين الأزواج بأنها صلة – مودة ورحمة – وأتأمل في دقة الوصف ، فليست العلاقة علاقة عشق وهيام ، وصبابة وغرام ، كما هي بين بعض الرجال والنساء الذين لا تربطهم رابطة الزواج ، أو بين المخطوبين أو المحبوبين قبل أن تربطهما رابطة الزواج .
إنها صلة محبة هادئة (( مــــودة )) وصلــة (( رحمة )) متبادلة ، صلة السكن والاستقرار ، كما بقول صاحب الظلال – رحمه الله - : (( قلما يتذكرون يد الله التي خلقت لهم من أنفسهم أزواجاً ، وأودعت نفوسهم هذه العواطف والمشاعر ، وجعلت في تلك الصلة سكناً للنفس والعصب ، وراحة للجسم والقلب ، واستقراراً للحياة والمعاش ، وأنساً للأرواح والضمائر ، واطمئناناً للرجل والمرأة على السواء (في ظلال القرآن ) .
وأريد هنا - أيضاً – أن أقف بك على حالة تخضع لها بعض النساء حيث تصور لهن القصص والمسلسلات العلاقة بين الزوجين بأنها علاقة صبابة وغرام ، وعشق دائم وهيــام، أو أنها يجب أن تكون هكذا ، فإذا تزوجت الفتاة ، وهدأت عاطفتها المشبوبة ، واستقرت مشاعرها المتأججة ، حسبت أن زواجها قد فشل ، وأن زوجها ليس الرجل الذي كانت تحلم به ، وليس الزوج المناسب لها .
يقول د. فريدريك كونيغ ، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة تولين :
((إن الحب الرومانسي قوي ، وعاطفي جداً ولكنه لا يدوم ، بينما الحب الواقعي مرتبط بالأرض والحياة ، ويستطيع أن يصمد أمام التجربة . إن كل انسان يحس بالشوق الكبير إلى الحب الرومانسي ، وكثيراً ما يحس بأن هناك خطأ فيه ، لأنه لم يمر بهذا الحب في حياته وغالباً ما تبحث المرأة عن الشخص المثالي الكامل ، الذي تستطيع أن تعيش معه حبها الرومانسي ، وتضع في ذهنها ألا تتنازل عن شيء من شروطها . ولذلك تدير ظهرها للرجال الذين تحس معهم بإمكانية بناء علاقة لها معنى ، ويمكن أن تعيش في الواقع ، ولكنها تجد في كل رجل شيئاً من النقص وهي تقارنه بالصورة المثالية في ذهنها )) .
ويضيف د . كونيغ :
(( إنه من المستحيل أن يصل الإنسان إلى تطويع العواطف القوية في الحب الرومانسي . إن هذا الحب يبدوا مثل الكعكة ، يحس الإنسان بالمتعة وهو يتناولها . . . ثم يجيء زمن الهبوط . بينما الحب الواقعي هو الذي يعني تقاسم الحياة اليومية ، والتعاون من أجل أن يستمر ، وفي مثل هذا التعاون يستطيع الإنسان أن يستمر ، وفي مثل هذا التعاون يستطيع الإنسان أن يصل إلى حاجته الأساسية ))
ملحق "القبس" العدد 5537 . وهكذا عزيزتي حواء ، يؤكد علماء النفس والاجتماع ، حقيقة أوضحها القرآن الكريم قبل أربعة عشر قرناً . . كيف لا . . والقرآن من لدن الله تعالى . . خالق الإنسان .
والآن أيهما أفضل ؟
حب رومــــــانسي لا يدوم ، أم مــــــــودة ورحمــة دائمتان ؟ ؟ (( رسالة إلى حواء ))
أ. محمد رشيد العويد |