ألا أنظر! هاهو الموت قد أقام لنفسه عرشاً
في مدينة غريبة، تستلقي وحيدة
بعيداً في أعماق الغرب المعتم
حيث الجيد والسيئ والأسوأ والأجود
قد انتهى كله إلى رقدة أبدية.
تلك قلاعها وقصورها وقبابها
( قباب تآكلت دون أن ترتجف )
لا تشبه أي شيء لنا.
في طرف ما، نسيته الريح الجاذبة،
تحت السماء
تستلقي المياه الحزينة مستسلمة.
ليس ثمة إشعاع هابط من السماء المقدسة
فوق تلك المدينة ذات الزمن الليلي الطويل
ليس إلا الضوء المنبعث من البحر المكفهر
إذ يتدفق بصمت فوق الأبراج
إذ يلتمع فوق الذرى البعيدة حيثما شاء
فوق قصور الملوك والأبراج والقباب
فوق الكناس – فوق قباب بابلية الأشكال
فوق العرائش الظليلة المنسية
فوق زهور الحجر المنحوت واللبلاب
فوق القبور المهيبة،
تحت السماء
تستلقي المياه الحزينة المستسلمة
بينما تختلط الأبراج بالظلال
وحيث تبدو الأشياء كلها معلقة في الهواء
بينما يلقي الموت، من قلعة في أعالي المدينة
نظراته الجبارة "
ألا تشف ملامح من ذلك المشهد الذي تحدث عنه الشيخ في الحانة، ملامح
" دجىً ضافٍ وأدغال
تلامحَ وسطها قمر البحيرة يلثم العمدا ...
يمس الباب من جنبات ذلك المعبد الخالي
طواه الماءُ في غلس البحيرة بين أحراش مبعثرة وأدغالِ "
... ... ... ... ... .... ....
" كأن الماء في ثبجِ البحيرة يمنع الزمنا
فلا يقتحم الأغوار، لا يخطو إلى الغرفِ،
كأن على رتاج الباب طلسماً فلا وسنا
ولكن يقظةٌ أبدٌ، ولا موتُ يحد حدودَ ذاك الحاضرِ الترفِ.
كأن تَهجّد الكهان نبع في ضمير الماء يدفقُ منه للغرفِ... الكاتب
نزار قباني |