أود أن أبدأ بالقول أن المفاهيم منها ما يكون خاطئاً عموماً و ينطبق على معظم الناس و الأزواج و منها ما يكون خاطئاً مع أشخاص معينين و في حالات خاصة و لا نستطيع بالضرورة تعميمه على جميع الأزواج. و هذا التقسيم ضروري لأن بعض المفاهيم التي سنعرضها في هذا المقال تنطبق على بعض الرجال فقط. 1- أقصر طريق لقلب الرجل معدته: وهذا المفهوم ينطبق – إلى حد ما – على مجموعة من الرجال بالفعل و إن لم يكن أقصر طريق بل يمكن اعتباره في الحقيقة (من الطرق) التي تصل إلى قلب الرجل. ففي مجتمعاتنا هناك من الرجال من يؤكد في نظرته لمقومات الزوجة وربة البيت الناجحة على أنها تحسن إعداد المائدة و يتفاخر كثير من الرجال بقدرة زوجاتهم على الطهي، بل و أعلم من الرجال من يعاني من عدم اهتمام زوجته بإعداد الطعام وتكون هذه أحد أسباب المشكلات بين الزوجين، ولذلك من الصعب أن نقول أن هذا المفهوم خاطئ إلا إذا أخذناه على حرفيته، وإنما يمكن القول (إن أحدى الطرق للوصول إلى قلب بعض الرجال هي معدته) 2- الحب وحده يكفي لقيام حياة زوجية سعيدة لا بد من التفريق بين بعض المصطلحات إذ أنها لا تتلازم بالضرورة. وهذه المصطلحات هي: دوام الحياة الزوجية، و المحبة الزوجية، و التوافق الزوجي. فمن الزيجات ما يكون دائماً و لفترات طويلة إلا أنه غير سعيد و قد لا يكون الزوجان متوافقين. ومن الزواجات ما يكون متوافقاً إلا أنه لا يدوم لأسباب أخرى قاهرة أو خارجية (كإجبار أهل أحد الطرفين طرفه على الانفصال مثلاً). ومن الزواجات ما يكون الزوجان متوافقان و بمعنى أن يتلاءم الزوجان في حياتهما مع بعضهما البعض و لا يكونان بالضرورة محبين لبعضهما البعض بل تكون علاقتهما مبنية ربما على الاحترام التبادل و المصالح الشتركة و التوافق في الأهداف و الشخصيات. لذلك يبدو القول بأن الحب و حده يكفي لقيام حياة زوجية سعيدة قولاً تعميمياً غير واقعي لأن هناك مقومات أخرى، منها التلاؤم في الأفكار و الاتجاهات و منها بعض النواحي التفصيلية كالنواحي المالية أو الاتجاهات الفكرية أو وجود عوامل خارجية سلبية كالتدخل السلبي من الأقارب مما قد يجعل الزواج غير سعيد رغم المحبة المتبادلة بين الزوجين. و لذلك فإن المفهوم الذي أراه مناسباً أكثر هو (الحب بين الزوجين أحد المقومات الهامة للحياة الزوجية السعيدة) 3- استشيري صديقة مخلصة عندما تواجهك مشكلة: موضوع الاستشارة من الموضوعات المهمة في الحياة وهو من علامات الحكمة؛ ولكن بالنسبة للعلاقات الزوجية فإنه من المفيد جداً أن نعلم أن الزوج و الزوجة ينبغي لهما أن يحاولا قدر المستطاع أن يبقيا خلافاتهما بينهما و يحاولا حلها (لا تجنبها فقط) بأنفسهما و بدون تدخل الآخرين لأن تدخل الآخرين يمكن أن يكون له نتائج عكسية و يزيد المشكلة بدلاً من أن يحلها. إلا أن الإنسان إذا شعر بأنه لا يستطيع اتخاذ قرار ما أو حل مشكلة ما بنفسه أو مع شريك حياته فأخذ رأي شخص آخر حكيم يثق به هذا الإنسان يكون ضرورياً جداً في بعض الأحيان و مفيداً. و يمكن للزوج أو الزوجة إذا استشاروا ألا يدخلوا في التفاصيل في ما يتعلق بالحياة الزوجية عند عرض المشكلة للمستشار بل يذكرون فقط ما يحتاج إليه لفهم المشكلة و عرض الحلول الناسبة المحتملة لها. ونود أن نشير إلى أن إخلاص الصديقة لا يكفي لإعطائها الأهلية لأن تكون مستشارة، لأنه لا بد من توفر القدرة على إعطاء الرأي والخبرة في الموضوع المستشارة فيه. و يمكن لصديقة مخلصة و محبة اعطاء نصيحة خاطئة (غير مقصودة) لزوجة تعاني من مشكلة فيؤدي ذلك إلى تعقيد المشكلة بدلاً من حلها. لذلك من المفيد أن نغير المفهوم السابق فنقول (استشيري أحياناً صديقة حكيمة و مخلصة و ذات خبرة عندما تواجهك بعض المشكلات فقد يساعد ذلك على حلها) 4- استنزفي الزوج مادياً و أغرقيه في الديون و مشكلات الأولاد حتى لا يفكر في الابتعاد عنك: هذه مقولة تعتمد على قناعة بعض الزوجات بأن الزوج طالما لم يكن مستريحاً مادياً أو ذهنياً فإنه لن يفكر في أخرى. ولا ألوم الزوجات على مثل هذه القناعة لأننا نرى في الواقع بعض الحالات والتي يكون فيها الزوج ولفترة سنوات هادئا، ثم إذا إذا تحسن وضعه المادي سارع بالزواج من ثانية أو طلق زوجته الأولى ليتزوج بأخرى وهذا الأمر مشاهد أحياناً، ولكن ... اذا نظرنا بعمق لمثل هذه الحالات وخاصةً أنني قابلت بعض الأمثلة - بصفتي طبيباً نفسياً – لحالات مشابهة، فالواقع أن الزوج في كثير من هذه الحالات لم يكن مستريحاً في حياته مع زوجته أصلاً؛ وكانت الناحية المادية عائقاً حقيقياً له عن الارتباط؛ فلما استطاع الارتباط بأخرى بادر لظنه بأنه قد يحل مشكلته الأصلية وبهذا الاعتبار فالسبب ليس أنه ارتاح مالياً فتزوج بل إنه عندما ارتاح مالياً وصار قادراً سارع بما يراه حلاً لمشكلته الأصلية. وفي هذه الحالة فقناعة الزوجة (بحرب الاستنزاف) مع الزوج ليست هي الحل؛ بل الحل أن تعرف أبعاد المشكلة وتحاول حلها بالطرق السليمة و الصحيحة لأنه في بعض الأحيان – وهذا أمر ملاحظ أيضاً – فإن الزوج إذا أحس بالاستنزاف وبدأ يفقد صبره فقد لايكتفي بالتفكير بالزواج من أخرى فقط بل قد يطلق الأولى ويعلن – إفلاسه الزوجي – لأنه قد لا يطيق العيش مع زوجته بهذه الطريقة في الحياة؛ وتكون الزوجة قد خربت بيتها بيدها بهذا المفهوم. إن معظم الأزواج يرغبون في أن تحافظ زوجاتهم على أموالهم ويحبون الزوجة التي تشعر زوجها بحرصها على ماله خاصةً و أنه يقضي الأوقات الطويلة خارج المنزل ليوفر هذا المال. وأما بالنسبة لمشكلات الأولاد وغيرها فإن هناك قاعدة نفسية تربوية عامة تندرج تحتها هذه النقطة وهي: أن السلوك الذي يصاحبه أو يعقبه شيء منفر أو مؤلم أو غير مرغوب يؤدي بصاحبه تدريجياً إلى عدم تكراره بعد ذلك. وإذا ضربنا مثالاً حول هذه القاعدة فنقول: أن الزوج الذي يعود إلى بيته من العمل فيقابل بمشكلات عديدة (حقيقية أو مصطنعة) من الزوجة أو لايجد استقبالاً طيباً فسيرتبط عنده بالتدريج البيت بالشعور المنفر وسيبدأ بعد ذلك إما بالبحث عن مكان آخر يجد فيه الراحة والطمأنينة أو أن يتجنب البيت ويغرق نفسه في نشاطات أخرى كالعمل أو الترفيه مع الأصدقاء. وينطبق نفس الشيء على الناحية المادية أيضاً. و يذكرني هذا بطرفة وهي: أن الزوج لام زوجته على كثرة طلباتها المادية وقال لها: أنت تقولين دائماً لي هات، هات، هات ولم تقولي لي يوماً خذ. فأجابت الزوجة بسرعة: حسناً ... خذ أنبوبة الغاز الفارغة واستبدلها بأخرى. لذلك فإنني مقتنع بأن الزوجة التي تريد أن تخسر زوجها حقيقةً هي التي ستلتزم بالمفهوم الاستنزافي والإغراقي (استنزاف الزوج من الناحية المادية و إغراقه في المشكلات بدون المحاولة الحقيقية لتحسين الوضع) ويمكن لنا وضع مفهوم آخر بديل وصحي بدلاً من السابق فنقول: (أشعري زوجك باحترام وقته وجهده وحافظي على ماله ولاتصطنعي المشكلات وتعاونا معاً في علاج مشكلات الأولاد فذلك مما يجعل علاقتكما الزوجية أكثر دواماً وأكثر سعادةً). 5- الاختلاف بين الزوجين يؤدي إلى تدعيم الروابط بينهما: يمكن تقسيم الاختلاف بين الزوجين (كالاختلافات بين البشر) إلى نوعين: اختلاف تنوع؛ واختلاف تضاد. واختلافات التنوع هي اختلافات تنشأ غالباً بسبب اختلاف الأذواق وليس بالضرورة فيها أن يكون أحد الطرفين على صواب والآخر على باطل، بل هي اختلافات في الرأي يمكن أن تكون كلها صحيحة في وقت ما أو في موقف ما فقد يختلف الزوجان في لون غرفة المعيشة مثلاً أو في تسمية الطفل أو في أكلة معينة أو موعد لشيء ما .... وهذه تمر في الحياة اليومية كثيراً وللأسف فإن خلافات عميقة قد تنشأ بالتدريج بسبب هذه الأنواع ولو نظر الزوجان فيها بشيء من الحيادية والعمق لوجدا أنها لا تستحق أن ينشأ نزاع أو خصام بسببها بل يمكن الوصول إلى حلول إذا وضع كل من الزوجين الاحتمال بأنه قد يترك رأيه أحياناً وقد يأخذ بالرأي الآخر لأن الحياة فيها أخذ وعطاء وبشكل متبادل بين الطرفين. وأما الخلاف الآخر الذي سميته بخلاف التضاد فإنه ينشأ عندما يكون لكل من الزوجين رأي يضاد الرأي الآخر، ويصعب اعتبار كلا الرأيين صواباً في ذات الوقت. فقد يختلف الزوجان في طريقة التصرف تجاه سلوك أحد أطفالهما أو في طريقة المعيشة والانفاق المادي في مواقف معينة أو في ردة فعلهما تجاه حدث معين. وهنا يحتاج الأمر إلى نوع من تفهم الطرف الآخر ووضع احتمالية أن يكون الشخص نفسه مخطئاً فيعود للحق إذا تبين له. ويحتاج الأمر أحياناً إلى شيء من التضحية لوجود الحب والذي يسمح للتضحية أحياناً أن تفرض نفسها في بعض الجوانب الحياتية. الواقع أن الاختلاف ليس هو العامل الأساسي في تدعيم الروابط الزوجية أو إضعافها وإنما التعامل مع الخلاف هو العامل الأساسي فكم من الأزواج تنشأ بينهم خلافات عميقة ومع ذلك لا تؤثر كثيراً على استمرارية الحياة الزوجية، إذ أنهم يتعاملون فيها بشكل سليم ونؤكد هنا على الحوار بين الزوجين وأقصد هنا بالحوار الفعال الإيجابي المثمر والذي له طرقه ووسائله ويمكن الرجوع إلى بعض الكتيبات التي تتحدث عن العلاقات الزوجية أو الأشرطة أو عن آداب الحوار الفعال ليتدرب عليها الإنسان وبذلك يمكن أن نقول: (أن التعامل الجيد مع الخلافات الزوجية يمكن أن يؤدي إلى تدعيم الروابط بين الزوجين وأن عدم القدرة على التعامل بشكل سليم مع الخلافات يضعف الروابط الزوجية بل قد يدمرهل أحياناً). 6- المرأة وحدها هي التي تتحمل عبء السعادة الزوجية أوتعاستها: هذا القول واضح جداً أن فيه مغالطة إذ أنه من بديهيات العلاقة الزوجية أنها علاقة تبادلية بين شخصين ومنطقياً فإنها تتأثر بكل طرف منها، لذلك فإن المسؤولية مشتركة بين الطرفين واسقاط المسؤولية على الزوجة أو على الزوج فقط هو نوع من الهروب من تحمل المسؤولية، والواقع أن كليهما مسؤول عن نجاح العلاقة وسعادتها من عدمها. 7- الزواج السعيد يستمر سعيداً من البداية إلى النهاية: هذا القول ليس واقعياً بل الواقع أن مسيرة الزواج مثل مسيرة الحياة فيها صعود ونزول وفيها مطبات أحياناً. وقد يتخللها مشكلات تجعل أي طرف يراجع مواقفه ويراجع تصرفاته بل وقد يراجع طريقة حياته وجدوى الاستمرار في العلاقة الزوجية أحياناً. إن الزواج السعيد قد يمر بأزمات داخلية أو خارجية، وهذه لابد أن ينتبه إليها الزوجان ويتعاملا معها بجدية لئلا تخدش صفاء العلاقة وتتحول إلى شقاء بدل السعادة، ولابد لكل من الزوجين أن لا ييأس إذا لاحظ أن مشاعره قد تغيرت أحياناً تجاه الطرف الآخر ولا يسارع بالحكم و التعميم أن زواجه ليس سعيداً بل ينظر إلى الأمور من عدة جوانب ويلاحظ الجوانب السلبية والإيجابية في الطرف الآخر. 8- إذا لم يتبادل الزوج الحديث الطويل مع زوجته باستمرار فهذا دليل على أنه قد ملّ منها ويفكر في أخرى: في مجتمعاتنا لا نعاني من طول الحديث بين الأزواج وقصره بقدر معاناتنا من محتوى الأحاديث؛ فيمكن أن يكون الحديث بين الزوجين قصيراً وفعالا أكثر من الحديث الطويل الذي قد لاتكون منه فائدة. يحتاج الزوجان أن يجلسا مع بعضهما بشكل متكرر ويفضل أن يكون لوحدهما ويمكن أن يحدث ذلك خارج المنزل (كأن يسرقا وقتاً للذهاب إلى منتزه أو مطعم عائلي -تتوافر فيه الضوابط الشرعية والخصوصية وفي نفس الوقت- يتكلمان في عن مشاعرهما تجاه بعضهما البعض وعن رأيهما فيما يعترض حياتهما من مشكلات. وينبغي تخصيص أوقات لتبادل المشاعر الطيبة بدون الدخول في معترك أحداث الحياة. وغير هذه النقطة فلابد أن نبين أن الناس أنواع في قدرتهم على التخاطب؛ فمن الأزواج من لايرغب أصلاً في قضاء الأوقات الطويلة في الحديث ويكون من طبيعته قلة الكلام وتحتاج زوجة مثل هذا الإنسان إلى الانتباه لطبيعة زوجها واحترام مشاعره وعدم الجري اللاهث والسريع وراء محاولات تغييره لأنها غالباً ما ستبوء بالفشل إن حاولت استعجال النتائج. اما دلالة الحديث طولاً أو قصراً على وجود أخرى في ذهن الرجل فهذا مما لادلالة فيه أصلاً فقد يكون الزوج مشغولاً في أمور أخرى كثيرة كالعمل أو الأمور الاقتصادية أو الأقارب أو غير ذلك. لذلك أرى أن هذا المفهوم يمكن تغييره إلى الآتي: (ينبغي للزوجبن أن يوجداأوقاتاً يتحدثان فيها إلى بعضهما وبخصوصية حول حياتهما الخاصة ومشاعرهما فهذا مما يقوي علاقتهما ببعضهما ولاينبغي للزوجة أن تسيئ فهم قلة كلام زوجها على أنه يعني بالضرورة أنه قد ملّ منها ويفكر في أخرى بل تحاول تفهم رأيه ووجهة نظره في ذلك وتبدي له مشاعرها ورغبتها في أن يتحدثاأكثر إلى بعضهما البعض). |
آخر تعديل روح الحب يوم
9 - 3 - 2012 في 04:56 AM.