شُرُوقٌ لَآ يُدْرِكُهُ أُفُول
وَ رِسآلَةُ خَلْقٍ تَسْتَوْعِبُ الزّمَنَ كُلّهُ
جَآذِبِيّةٌ تربِطُ الشَّمْسَ بكَوَآكِبِهَآ ،وَ تَشُدُ الكَوَآكِبَ لِأقْمآرِهَآ
هَكَذآ جَآءَ القُرآنُ الكريمُ رِسَآلَةَ عَظَمَةٍ تَسْتَوعِبُ الأنْفُسَ جَمْعآء
مآ كآئِنًآ بينَ أرضٍ وَ سَمآء
تُزِيحُ رُكآمَ هُمُومٍ وَ أهوَآٍء تَصَلّبَتْ فِي قُلُوبٍ
وُرّثَتِ ضَلَآلًآ وَ شِركًآ ،غبرَت عليهآ سُنُون و قُرُون
رِسآلَةُ هَدْيٍ تُنِيرُ بالحقِّ البَصآئِرَ، تُجنّبُهَآ الزّيْغَ وَ العِثآر
رِسآلةٌ خَآتمَةٌ خَآلِدَةٌ تَأصّلتْ بِحُبّ اللّه و طلبِ رضآئه ،العَمَلِ تمْهِيدًآ للقآئه
و الشّوْقِ الى جنّتِهِ وَ كثِيرِ نِعَمِهِ وَ عَطَآئِه
رِسآلةُ دِينٍ حَصِين وَ نبيٍّ أمينٍ
أخرَجَ العآلمَ بيَديْهِ مِنْ ظُلُمآتِ البَغْيِ إلَى نُورِ الحقّ بِحِكمَةٍ جَعَلَتِ المُتّبعِين ربّآنيّين
ينْصَهِرُونَ فِي الإسلَآمِ وَ كآنُوا شَتآتًآ لَآ يَجمَعُهُ شيء
(لَوْ أنفَقْتَ مَآ فِي الأرضِ جَمِيعًآ مآ آلَفْتَ بينَ قُلُوبِهِم)
وَ هَمْسَةٌ هَآ هُنآ مِنْ كُنُوزِ الشّيخُ مُحمّد الغَزآلي رحمَهُ اللّهُ و هُوَ يَزِنُ الأمّةَ الإسلآمِيّةَ:
''بدأَتِ الأُمّةُ الإسْلآمِيّةُ ضَعِيفَةَ العُودِ كالنَبْتَةِ الخَضرَآء الطَريّة لَو دآسَهَآ
حَيَوَآنٌ بِظَلْفِهِ لَأمآتَهَآ ،ثُمَّ كَيْفَ نَمآ هَذَآ الزَرْعُ ،وَ تَحَوّلَتْ السّآقُ الغَضُّ
إلَى شَجَرَةٍ بَآسِقَةٍ وَ اِنْضَمَّ إلَيْهَآ غَيْرُهَآ فَإذَآ الحَقْلُ المُتَمَوّجُ يَتَحَوّلُ إلَى غآبَةٍ مِنَ
الأشجآرِ البآسِقَةِ ،لَوْ صَعَدَ الرِجَآلُ عَلَى أغْصآنِهآ لَحَمَلَتْهُمْ.''
هَكَذَآ كُنّآ وَ هَكَذَآ صِرْنآ (كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعجِبُ الزُّرَّاعَ)
انّ اللّه اصطَفَى مِنَ العرَبِ خـآتَمَ رُسُلِه وَ أكْرَمهُم بوَآفِرِ فضلِهِ
قِبْلَةً فِي أرضِهِم مُبآرَكَةً وَ جَعَلَ لُغَتَهُمْ لِسآنَ وَحْيٍ وَ نَبْضَ سُنّةٍ مُطَهّرَةٍ.
(فاذكُرُونِي أذكُركمْ وَ أشكُرُوآ لِي وَ لَآ تَكفُرُون)
اِمتَدّتْ بِهِ الأُمّةَ الإسْلَآمِيّةَ مَعَ التّآرِيخِ
لتُمَكّنَهَآ مِنْ بِنآء أصُولِ الإسلَآمِ و التُرَآثِ مُستَقآةٍ منْ تلْكَ الرّسآلَة
وَ تَكُونَ نَهر فِكْرٍ و فقهٍ و أدبٍ و تربية.
يَقُولُ عزّ وَ جلّ:
(وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ المُنذِرِينَ
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ)
''مِنْ حُسنِ حظِّنآ أنّنآ نَشأنَآ فِي غِمآر يقظَةٍ للّغَةِ العربيّة وَ قَوَآعِدِهَآ وَ آدَآبِهآ
وَ فِي أيّآمٍ كآنَ الخَطَأُ في اللُّغَةِ يُعَدُّ نَقِيضَهُ ،و البيانُ الرديءُ يُحسَبُ عجْزًآ
و رُزِقَتِ اللُّغَةُ بشُعرآءَ فُحول و كُتّآبَ و عبآقِرة...
و لَآ ريبَ أنّ الإستِعمآر العالمِيّ انتآبَهُ قلقٌ بآلِغٌ لِهَذآ الأزدِهآر فهُوَ يبغِي
القَضَآءَ على اللُغَةِ العربيّة تمهيدًآ لردم ينآبيع الإسلَآمِ الثقافية وَ جعلِهِ رُفَآتًآ لَآ حياة فيهِ ''ش محمّد الغزالي
يقُولُ الشَّآعر:
لغةٌ إذا وقَعَتْ على أسماعِنا كانتْ لنا برداً على الأكْبادِ
سَتَظَلُّ رابِطةً تُؤَلِّفُ بيننا فهي الرجاءُ لناطقٍ بالضَّادِ
ان كآنَ الإسلَآمُ أمّةً وَ رِسآلَة فَوَجَبَ علَى الأمّةِ أن تَكُونَ صُورَةً حَسَنَةً لرِسآلَتِهآ
وَ لَكِنَّ الفَجوَة اتّسَعَتْ بينَ الأمّةِ وَ رِسآلَتِهَآ وَ غَدَى عآلَمُنَآ الإسلَآمِيُّ محرُوبًآ مَغلُوبًآ عَلَى أمرِهِ
وَ لِأنّ الأمّةَ تجرّدَتْ مِنْ وَآجِبآتِهآ و مِنَ الحقّ الذّي وَجَب أن يَكُون مِحوَرَ سُلُوكِنآ العام و الخاصّ
رُبّمآ منذُ سِنِينَ خلَت كآنتْ الأمّةُ تَحمِلُ في ثنايآهآ أسبآب دآئِهآ و دوآئِهآ
لكنّ الحاجة للدّوآء اليومِ أكبرُ
ان هَدْيَ السّمآءِ يستَدْعِي تطبيقًآ فخِطآبُ اللّهِ مُتَعَلِّقُ بأفعآلِ المُكلّفين
و الحقيقَةُ أنّنآ مُتَنآقِضُونَ فِي تَآريخِنآ لا نتوآزى مَعَ اسلآمِنآ و رسآلتِنآ إلّآ بِمُجرّدِ الإسمِ
هِيَ فتنَةُ التّطَوُّر الزّآئفِ وَ الإنحدآرِ لحَضآرَةٍ لَآ تُشبِهُ الحضآرَةَ الأصل
''وَ قدْ رأينآ الدُّوَل الاستعماريّةَ تسحَبَ جيُوشَهآ و تترُكُ أقطآرًآ احتلّتهآ
غير أنّها وكّلت إلى ثقآفتِهآ الغلّآبة أن تَحتَفِظَ لها بكلّ شيء
فإنّ الغزو الثقافيّ أنكى مِنَ الغزوِ العسكريّ ، وإذا احتلال العقُول أقسى من احتلال الأراضي
إنّهُ لَآ يستَهِينُ بِأثَرِ الثقآفَةِ إلَّآ أحمق ، و مُذ أفلَحَ الجُهآلُ في بِلَآدنآ ، و عبثت أصابِعُهم بقيادنا
و اضمحلّ العلم و انزوى أهلُه شَرَعنآ ننهَزِمُ في كُلّ ميدان ''ش محمد الغزالي
فأينَ نَحنُ مِنْ رسآلَتِنآ؟
''إنّ تَآرِيخَ العربِ الأقدمين مع الدّين مثآر عبرة !لقد قرأتُ سير الأنبيآءِ
العرب مع أقوامهم و عجبت لضيآع رسآلتهم أمآم عواصف التّكذيب
التّي هبّت عليهم من كلّ مكان ! في جنوب الجزيرة العربيّة كانت عآدُ و سبآ
و في شمالها كانت ثمودُ و مدين و قُرى المؤتفكة ..إنّ الرُّسَل الكِرام أعجزتهم
الطّبآعُ المستكبرَة و الرذآئل المُتمكّنة ، فمضت سنن اللّه تحصُدُ المُجرمين و تؤدّبُ العاتين
و شاء اللّهُ أن يتجدّد العربُ مع الرّسآلَة الأخيرة...و الواقع أن الجيل الذّي رباه محمّد
صلّى اللّه عليه و سلم كان من طراز فذّ لقد ألَآن القلوب للّه حتّى بلّت دُموعها المحاريب
......و لكنّ العرب نسوا معقد شرفهم و عروة مجدهم و ظنّوا أنّهم بغير الإسلام
يمكنوا أن يكونوا شيئا ...و جاء دورُ الهزيمَةِ العامّةِ في تاريخ العرب الأخير
و العرب يفخرون بأصلهم لا بدينهم و يتحدّثون عن دمهم لا عن نسبهم الرّوحي الثاقب ''ش محمد الغزالي
إنّ القُرآنَ بآقٍ مآ بَقِيَتِ الحَيآةُ عَلَى هَذآ الكَوكَب
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
نتسآءَلُ كُلّ حينٍ أينَ نَحنُ مِنَ الزّمَنِ و مآ حآل و مآلُ لُغَتِنَآ ؟
القُرآنُ مَحفُوظٌ بعنايةالخالِق مآ سقط منه حرف و لُغَتُهُ لآ يمسُّهآ التحريف أو التّسويف
يقُولُ الشيخُ محمّد الغزالي رحمهُ اللّه:
''وَ قدْ استبآنَ لي أنّ الخَطَأ لَآ يُولَدُ ضَخْمًآ يَومَ يُولد، إنّهُ يبدأُ عوجآ محقورًآ، أو انحرافا طفيفا
ثم يستفحل شرُّهُ على مرّ الأيآم ''
إذًآ فأخطآؤنآ وُلِدَتْ قديمَة و تكَآلبَت لتنشأ اليَومَ فِي أوسآطِنَآ التّي هيّأتْ تعآظُمهآ
هِي أخطآءُ الغفلَةِ وَ الزّلَل فهذه الأمّة التّي اتسَعت حَمَلَت في طيّآتِهَآ تدآخُلَآتٍ ثقافية و دينية و اجتماعية
أسّسَت لتدَاوُل غير اللّغة العربية .
لكنّآ نحنُ وَجَبَ أن نصوِّبَ الأخطآء لتَستقيمَ حآلَ الأمّة و تَجِدَ القُلُوبُ سُبُل الرّشآد
وَ نتزَوّدَ بفصاحة اللّغة و أدبها رَغمَ تَعدّد اللغات و الحضارات .
مماتصفحت