هذا كتاب عن رجال غامضين قادوا شعوبهم وأوطانهم نحو دروب جهنم وأفسدوا كل شيء حتى الهواء اليومي.. عن رجال ملؤوا الدنيا ضجيجا وعاشوا حياة مجللة بالسواد والحب والخوف.. عن رجال اشتهروا بالعدوانية والشراسة.. ونساء أحببنهم.. هؤلاء الرجال الذين كنا نعتقد أنهم حيطان باردة وكائنات محصنة ضد الحب أحبوا وتكسرت قلوبهم كأحجار الوديان الجافة.. أحبوا نساءهم ولكنهم لم يحبوا أناسهم ولم يمنحوا شعوبهم وبلدانهم التي ينتمون إليها سوى المزيد من الموت والبؤس.. حولوا مدنهم إلى مدن لا يحلو لها النوم إلا بين أذرع العساكر ووقع الأحذية الخشنة وزجوا بالبشر نحو الحفر والمدافن.. لكنهم أحبوا كغيرهم من الرجال والرجال لا يختلفون كثيرا في العشق «فالعشق مركب من أمرين استحسان للمعشوق وطمع في الوصول إليه فمتى انتقى أحدهما انتقى العشق» سقطوا كغيرهم من الرجال في طغيان الأنوثة.. المرأة العنصر الأساسي الذي ارتكز عليه الكتاب ولا عجب في ذلك فمؤلفته هي الفرنسية الفاتنة «ديان دوكري» التي اهتمت بالأقدار العاطفية لنساء ستة ديكتاتوريين من خلال دراسة رائعة دخلت فيها عالم هؤلاء النسوة اللواتي عشن وقضين حياتهن بين هؤلاء الرجال الذين كنا نعتقد أنهم لا يشبهون الخلائق البشرية.. كسرت الغلاف الكاذب وأعادت اكتشاف الزوايا البكر في نفوسهن.. الكتاب هو نساء في كنف الديكتاتورية تناولت فيه كاسترو وميلديفيك وصدام حسين والخميني وكيم يونغ إيل وابن لادن .. تتزاحم الحكايات في الكتاب وكل الحكايات تنتهي إلى رجال أحبوا وأصابهم هذا الزلزال العنيف الذي لا يرحم لا دكتاتوريا ولا ديمقراطيا، ونساء صنعن الحب حتى في أكثر اللحظات قسوة.. أحببن وهن في أقصى حالات الشطط والعزلة أحببن رجالا ولم يكن في ذهنهن شيء سوى حبهن، واستطعن من خلال هذا الحب أن يجردن أولئك الوحوش من كل أسلحتهم.. جعلن قلوبهم هشة تتكسر كأحجار البراكين تخفق كلما دخلوا بيوتهم.. بوسعك أن تتخيل آية الله الخميني يغسل الأواني ويقوم بعملية تنظيف مراحيض منزله نيابة عن زوجته، ويقول لها في إحدى رسائل الحب التي بعث بها إليها « في خان العاشقين صرت خادماً» .. أما فيدل كاسترو فكانت تتأمله «مارتيا» وهو يلهو في مكتبه بالسيارات الصغيرة كطفل كبير ظل يعشق اللعب بنماذج السيارات القديمة، و(ماريتا لورنيز) هي من وعدتها الاستخبارت الأمريكية بمليوني دولار لقتل كاسترو، قالت «لديان دوكري» كان في مقدوري قتله لكنني أحببته جدا ولازلت كذلك.. أما اليونانية.. «باريسولا لامبسوسي» التي تعيش في ضاحية سويدية حياة متواضعة تقول بغصة عن صدام حسين: «اعتقدت يوما أنني دخلت قلبه ولكنه يبدو أنه بلا قلب» ... أما ساجدة طلفاح زوجة صدام فيقول جراح التجميل العراقي علاء بشير إنها عندما قررت إزالة البقعة الداكنة من على ذراعها التي كانت تعتقد أن صدام لا يرتاح لها أنه نسي أن يخدرها بما يكفي وعندما استدرك الأمر أصابه الذعر بيد أن ساجدة أجابته بابتسامة فاترة بوسعي الإساءة إليك لكن عندما يرتبط الأمر بمحبة صدام يمكن تحمل أي شيء وكل شيء!!. نعم فالحب يجعلنا نفعل ذلك وأكثر.. يصبح السلطان خادما والكسلان نشيطا والوحش طفلا.. وهو الحالة الوحيدة التي يقصر فيها العمر ويتلاشى فيها الوقت وتصبح الأيام مليئة بما لا ينتهي وتغسل النفس من أوجاعها ويصبح الورد فجرا والكلام شمسا والعطش فضاء.. من وجه الحبيب نستلم شهادة النطق ومن صمته نغرس أصابعنا في الرمل وحتى يطويها الزبد ونصبح صدفة بلا شاطئ .. وكل الطرق في النهاية لا تؤدي إلا إلى الحب ومن لم يخفق قلبه يوما فليصب على قلبه ماء نار !!.