...ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثون بعد الأربعمائة والألف للهجرة وحدث فيها أن عدا حاكم الشام الرافضي على شعبه وقتل العباد وخرّب البلاد وشرّد الحاضر والباد وكان هذا بعد أن طالبوه بيسير حقهم وفكاك أسراهم فرفض طلبهم وقتل أسراهم ، فثار عليه العامة والخاصة ، فأمعن في قتلهم وتعذيبهم وسلّط عليهم من لا يرقب فيهم إلاًّ ولا ذمة من روافض العراق وخراسان وأطراف الشام وغيرهم من غلاة الرفض والتشيّع فحدثت بذلك مآسي يعجز اللسان عن وصفها ويموت القلب كمداً من ذكرها وأعادوا بذلك صنيع أسلافهم أمثال علي بن الفضل القرمطي عندما قتل أهل اليمن وأبو طاهر القرمطي عنما غزا مكة وقتله حجاج بيت الله الحرام وسرقته للحجر الأسود وغيرها من الفظائع التي يدين بها القوم لأهل السنّة وما يعتقده سلفهم وخلفهم من الأجر العظيم في قتل السنّي وتعذيبه ، ولقد شاهد أهل الإسلام قاطبة مصداق هذه العقيدة الخبيثة وما فعلوه بأطفال الحولة من نواحي حمص وبنساء القبير من نواحي حماة ما تشيب منه مفارق الولدان ، وكان حكّام ذلك الزمان ممن عاصر هذه الأحداث لا يملكون من أمرهم شيئاً يرون القتيل فلا يدفنونه والأسير فلا يفتدونه ويسمعون صرخات الأيامى فتصمّ آذانهم ولا تلقى جواباً فلا جذوة الإيمان فيهم جاوبت صيحاتهم ، ولا نخوة العرب لبّت استغاثاتهم ، أطفأوا بذلك شعيرة الجهاد التي غررّ بهم أهل الصليب ، أنها من الاعتداء والتخريب ، فأخمدوه وحاربوه ، ولم يُجب صيحات المستغيثين حاكم من حكام الدُويلات الإسلامية المتفرقة أحدٌ يذكره التاريخ في ذلك الزمان.
ولكن لله الأمر من قبل ومن بعد فلقد حركت هذه المآسي أمراء الأجناد الشامية ممن كان ينضوي تحت لواء هذا الخبيث وثاروا عليه وانحاز لهم الكثير من جند الشام وسمّوا جيشهم (الجيش السوري الحر) وجرت لهم معه حروب وخطوب وواقعوه مرات متعددة حتى أزالوا اسمه ورسمه عن البلاد بالكلية وانقرضت دولته بالكلية فحمدهم أهل الإسلام على صنيعهم وأما طاغيتهم فلقد غدر به أحد أتباعه فأرداه قتيلاً وأرى المسلمين جسده فكانت عبرةً لكل مدّكر.
..............................
أخي المسلم : هذه سنة لم يذكرها المؤرّخ الكبير ابن كثير رحمه الله في كتابه (البداية والنهاية) لأنه لم يعاصرها وأجدني بعد سبعة قرون من رحيل هذا المؤرّخ شاهداً على ما حدث وما سيحدث بإذن الله في هذه السنة التي لو أدركها ابن كثير لكتب بعبارات الألم ما يفوق ما كتبه في أحداث التتر.
مرعيد عبدالله الشمري