لكن أيّ كِسَاء ؟ "كاسية عارية" ..
أهذه من أنتظر مجيئها ؟ ..
أتستحقّ الشوق للقائها ؟ ..
أين التي كانت لا تلبس القصير، وتخشى من المصير ..
أوَصل الحال بكِ إلى هنا ؟.. بل كنتِ المعينةُ على الخير!
والدافعة عن كلّ شر! ..
ذهبْتُ لأُسلّم عليها وأُخاطبها، فإذا بها تنظر إلي،
تبسّمْتُ في وجهها، فانصرَفَت ولم تبالِ بما تفعل ..
أصابني القلق تجاهَها, أألحقُ بها أم أتركها ؟
تريّثتُ قليلاً لأرى النظرة الأخيرة في تفكيري ..
فقلت "لا والله لن أتركها" ذهبتُ لأبحث عنها فلم أجدها ..
رأيتُ عن بعد إحدى قريباتها، فأسرعتُ
إليها : "أرأيتِ سلمى؟
قالت : لقد ذهبَت من الجهة اليسرى، إلحقي بها"..
"حسناً شكراً لكِ"..مضيت في طريقي لأبحث عنها ..
فإذا بي أراها أمامي "سلمى" إلتفتَت إلي "أهذهِ أنتِ ؟
" وكأنها لم ترني من قبل !!.
تبادلنا الأحاديث.. تسألني عن أخباري، وأسألها عن أخبارها ..
فتَحْتُ لها موضوع لباسها .. بدايةً تطرّقتُ لسؤالها ..
رأيتُ الحيرة في عينيها ..
ثم أخرجَت هاتفها النقّال : "عذراً أُخيّتي لديّ مكالمة طارئة"
تعجّبتُ لأمرها، لمَ تريد الهروب ؟.. ذهبَتْ بعيداً ..
مضى الوقت طويلاً وأنا أنتظرها ..
يا ترى ماذا كانت تفعل ؟..
أكلّ هذه مكالمة هاتفيّة ؟.. لا بأس لا عليّ من هذا الأمر ..
بتُّ أنظر إلى النجوم طويلاً "كيف أبدأ بنصيحتها"..
لا شكّ أنّها تحتاج إلى من يرشدها إلى الطريق المستقيم ..
عادت إليّ بعد طول انتظار ..
جلسَت معي تحدّثني، ووضعَت هاتفها على الطاولة ..
بَدَأََتْ بالحديث مسترسلة .. لم أُلقِ لها بالا ..
أخذتني أفكاري إلى بعيد ..
لم يقطعها إلا ذلك الصوت المزعج ..
صوت الموسيقى يتأجج في أُذنيّ ..
لفت انتباهي صورة تشعّ في هاتفها ..
صورة شابّ وسيم (ولكنّه لا يستحقّ هذا الوصف) ..
رفَعَت السمّاعة فجأة .. تغيّر صوتها بدأ التغنّج والدلال يظهر فيه ..
هنا زادت مصيبتي .. تراكمَت المفاجآت عليّ (بل المفاجعات) ..
كلّما جئتُ لأنصحها، غلَبَني الشيطان : "بل أمامكِ وقتٌ طويل"..
"أعوذ بالله"..استعذتُ بالله منه، وناديتها : "سلمى ..
تعالَي حبيبتي لأُخبركِ بخبَر" ..
جاءت : "لعلّه بشرى" ..
"بشرى بإذن الله .. ألم تسمعي قول الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-
: (صنفان من أهل النار لم أرهما - وذكر منها - نساء كاسيات عاريات
.... لا يدخلن الجنّة، ولا يجدن ريحها ... . الحديث)..
أتريدينَ أن تكوني منهنّ ؟
قالت : "لا والله"
قلت "فما بالكِ إذاً" ؟
ابتَسَمَتْ قائِلة "بشرى بإذن الله" ثمَّ أرخَت لِجام هواها،
واسترجعت ماضيها، ووقع منها الحديث موقعه فدبَّت
أنوار الهداية مرَّة أخرى، وتفجَّرت ينابيع الخير في قلبها
بعد أن غطَّتها الشبهات والشهوات ردحًا من الزمن ...
هكذا نحن .. يطول بنا الأمَد ولا ندري بأنّ الموت قريب،
فللّهِ رحمته وعقابه ..
للكاتبه تماضر الرميح