أرجو من فضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم التعقيب على هذه الصورة حيث انها من على شبكة الانترنت فهل هى صحيحة؟؟؟
وهى توجد فى متحف بتركيا
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وبارك الله فيك
كنت عقبت منذ أكثر من سنة - تقريبا - حول بعض الصور
فقد انتشرت بعض الصور ، ويزعم ناشروها أنها لبيت النبي صلى الله عليه وسلم .
ولا صحة لما يُزعم أنه صور بيت النبي صلى الله عليه وسلم .
لا صحـة لما ذُكر لأسباب منها :
أولاً :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له في حجة الوداع : يا رسول الله أتنزل في دارك بمكة ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دور . متفق عليه
وفي رواية للبخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال : وهل ترك لنا عقيل منزلا .
ومعنى هذا أنه صلى الله عليه وسلم لم تبقَ له دار قبل فتح مكة وقبل حجة الوداع ، فكيف بعد فتح مكة ؟ فكيف تبقى إلى الآن ؟؟؟
ثانياً :
وجود المحراب في المصلى
والمحراب لم يكن موجودا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .
ثالثاً :
أين السند الصحيح على أن هذا هو بيته صلى الله عليه وسلم ؟
فما يُزعم أنه بيته أو شعره أو سيفه كل هذا بحاجة إلى إثباته عن طريق الأسانيد الصحيحة ، وإلا لقال من شاء ما شاء .
فمن الذي يُثبت أن هذا مكان ميلاد فاطمة رضي الله عنها ؟
وأن هذه غرفة خديجة رضي الله عنها ؟
وما أشبه ذلك .
رابعاً :
أنه لو وجد وكان صحيحا لاتخذه دراويش الصوفية معبدا ولاشتهر بين الناس
كما يفعلون عند مكتبة مكة ( شرق الحرم ) يزعمون أن مولد النبي صلى الله عليه وسلم كان فيها، فهم يأتونها ويتبركون بها !!
بل كانوا يتبرّكون بمكان في المدينة النبوية يُسمّونه ( مبرك الناقة ) وكانوا يأتونه ويتبركون به ، وربما أخذوا من تربة ذلك المكان بقصد الاستشفاء !!
وهؤلاء لا يفقهون !
ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم عن الناقة : دعوها فإنها مأمورة .
حتى بركت في مكان المسجد .
خامساً :
عدم اهتمام الصحابة رضي الله عنهم بحفظ مثل هذه الآثار ، بل عدم التفاتهم إليها .
فقد بلغ عمر بن الخطاب أن أناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها ، فأمر بها فقُطعت . رواه ابن أبي شيبة في المصنف .
وهذا يدل على أن الصحابة رضي الله عنهم لم يكونوا يهتمون بآثار قدم أو منزل أو مبرك ناقة ونحو ذلك .
ومثل ذلك يُقال
عما يُزعم أنه شعرة الرسول صلى الله عليه وسلم أو موطئ قدمه أو وجود سيفه أو ما يُزعم أنه الصخرة التي صعد عليها النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد لما أُصيب .
حتى زعم بعضهم أن حجرا بقرب جبل أُحد هو مكان ( طاقية ) الرسول صلى الله عليه وسلم!!
وأين إثبات هذا بالأسانيد الصحيحة ؟؟؟
وفي زمان الخليفة المهدي جاءه رجل وفي يده نعل ملفوف في منديل ، فقال :
يا أمير المؤمنين ، هذه نعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهديتها لك .
فقال : هاتها .
فدفعها الرجل إليه ، فقبّـل باطنها وظاهرها ووضعها على عينيه وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم ، فلما أخذها وانصرف قال المهدي لجلسائه :
أترون أني لم أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرها فضلا علن أن يكون لبسها !
ولو كذّبناه لقال للناس :
أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فردّها عليّ ، وكان من يُصدّقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلى أشكالها !ّ والنصرة للضعيف على القوي وإن كان ظالما ! فاشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدّقناه !
ورأينا الذي فعلناه أنجح وأرجح .
فإذا كان هذا في ذلك الزمان ، ولم يلتفتوا إلى مثل هذه الأشياء ، لعلمهم أن الكذب فيها أكثر من الصدق ! فما بالكم بالأزمنة المتأخرة ؟!
والله أعلم .
الشيخ عبد الرحمن السحيم
الآثـار النبويـة
السؤال:
أثناء زيارتي لتركيا رأيت في متحف ( طوب قابي سراي ( في اسطنبول قاعة للأمانات المقدسة ، تضم آثاراً نبوية؛ شعرات للرسول صلى الله عليه وسلم، ورسالته للمقوقس ، وبردته، وأشياء أخرى، ولم ألاحظ ما يدل على ثبوت ذلك تاريخياً .
فما حقيقة هذه الآثار ، و هل يصح أنها نبوية؟
الجواب :
ليس هنالك ما يدل على ثبوت صحة نسبة هذه الآثار ونحوها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم .
قال صاحب كتاب ( الآثار النبوية) المحقق أحمد تيمور باشا ص 78 بعد أن سرد الآثار المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقسطنطينية (اسطنبول) : ( لا يخفى أن بعض هذه الآثار محتمل الصحة ، غير أنا لم نر أحداً من الثقات ذكرها بإثبات أو نفي ، فالله سبحانه أعلم بها، وبعضها لا يسعنا أن نكتم ما يخامر النفس فيها من الريب ويتنازعها من الشكوك ) الخ.
ولا شك في مشروعية التبرك بآثار نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، ولكن الشأن في حقيقة وجود شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر .
وإن مما يضعف هذه الحقيقة ما جاء في صحيح البخاري(3/186) عن عمرو بن الحارث رضي الله عنه أنه قال : ( ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهماً ولا ديناراً، ولا عبداً ولا أمة، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضاً جعلها صدقة) فهذا يدل على قلّة ما خلَّفه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته من أدواته الخاصة .
وأيضاً فقد ثبت فقدان الكثير من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم على مدى الأيام والقرون؛ بسبب الضياع، أو الحروب، والفتن ونحو ذلك .
ومن الأمثلة على ذلك فقدان البردة في آخر الدولة العباسية، حيث أحرقها التتار عند غزوهم لبغداد سنة 656هـ ، وذهاب نعلين ينسبان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في فتنة تيمورلنك بدمشق سنة 803هـ .
ويلاحظ كثرة ادعاء وجود وامتلاك شعرات منسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في كثير من البلدان الإسلامية في العصور المتأخرة، حتى قيل إن في القسطنطينية وحدها ثلاثاً وأربعين شعرة سنة 1327هـ ، ثم أهدي منها خمس وعشرون، وبقي ثماني عشرة.
ولذا قال مؤلف كتاب (الآثار النبوية) ص82 بعد أن ذكر أخبار التبرك بشعرات الرسول صلى الله عليه وسلم من قبل أصحابه رضي الله عنهم : (فما صح من الشعرات التي تداولها الناس بعد بذلك فإنما وصل إليهم مما قُسم بين الأصحاب رضي الله عنهم ، غير أن الصعوبة في معرفة صحيحها من زائفها ).
ومن خلال ما تقدم فإن ما يُدّعى الآن من وجود بعض الآثار النبوية في تركيا أو غيرها سواءً عند بعض الجهات، أو عند بعض الأشخاص موضع شك ، يحتاج في إثبات صحة نسبته إلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى برهان قاطع، يزيل الشك الوارد ، ولكن أين ذلك ؟ ولاسيما مع مرور أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان على وجود تلك الآثار النبوية، ومع إمكان الكذب في ادعاء نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم للحصول على بعض الأغراض ، كما وُضعت الأحاديث ونسبت إليه صلى الله عليه وسلم كذباً وزوراً .
وعلى أي حال فإن التبرك الأسمى والأعلى بالرسول -صلى الله عليه وسلم- هو اتباع ما أثر عنه من قول أو فعل ، والإقتداء به ، والسير على منهاجه ظاهراً وباطناً .
المجيب د. ناصر بن عبد الرحمن الجديع
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية