ولكن مع كثرة الكلام، وتعدد الحوادث، شهدنا دعوات مستمرة لبيان الآثار السيئة لاستقدام الخادمات خاصة غير المسلمات على البيت والأولاد، وقد شاركنا قبل ذلك في هذا الموقع المبارك ـ لها أون لاين ـ في الدعوة للاستغناء عن الخادمات، فكانت ردود الفعل تؤكد أن الدعوة مازالت غريبة، والقبول للفكرة لا يزال بعيدا، ولعلنا نطرح اليوم بعض الحلول البديلة، والمقترحات العملية لإنجاح هذه الحملة في الاستغناء عن الخادمات.
التذكير بالآثار السيئة للخادمات:
كثر الكلام عن الآثار السيئة لاستخدام الخادمات خصوصا على الأطفال، وسبق أن حذر العلماء والدعاة من استقدام الخادمات، خاصة غير المسلمات من النصرانيات والبوذيات والهندوسيات؛ لما لهن من تأثير خطير على تربية الأطفال، وتغيير سلوكياتهم للأسوء، بل إفساد عقائد أطفالهم؛ لأن الطفل يقلد ما يراه من الخادمة التي يتعايش معها ويتربى على يديها فترات طويلة، وقد سمعنا قصصا مأساوية تشيب من هولها الولدان، مثل: قتل للأطفال، أو إهمال متعمد، وإصابات متنوعة بالأمراض، أو تحرش جنسي من الخادمات بالصغار، إضافة لخطورة تقليد الأطفال لعبادة الخادمات غير المسلمات.
بل وقعت حوادث أخرى خطيرة مع الرجال انتهت بزواج الرجل أو الزوج من الخادمة التي تتفنن في إغراء الشباب، وتظهر مفاتنها، وتبدو في أحسن صورة، وتتحلى بأفضل الأخلاق، ويخدع الزوج المسكين، ويترتب على ذلك هدم المنزل، وضياع الأولاد.
ويحصل هذا كثيرا أيضا مع الوافدين المقيمين حينما تتركه زوجته وتقيم مع أهلها أو في بلدها لتعليم الأبناء، ويبقى الزوج فريدا وحيدا يشكو الوحدة والغربة؛ فيرى أمامه إغراءات الخادمة التي تدعي الخلق الحسن، وتظهر الاستقامة، أو قد تبدو الخادمة ـ ومع وجود الزوجة ـ في صورة أفضل من الزوجة المضغوطة نتيجة كثرة المسؤوليات؛ فيتزوج الخادمة إذا كان مستقيما، وإلا فيقع في الزنا إذا كان مفرطا.
كيف نقتنع بالفكرة:
يمكن النظر للنساء في الخليج قبل ظهور النفط وكثرت الأموال، ونتسائل: من كان يخدمهن؟ فالأمهات والبنات لا شك أنهن كن يقمن بالخدمة على الرغم من عدم توفر الأدوات الكثيرة الكهربائية المساعدة التي يسرت كثيرا من أعمال المنزل، وعلى الرغم من توفر فرص الاستغناء عن الخادمات للكثير من الأسر؛ فنجد أن الموضوع دخل فيه حب الفخر أو التنافس للشهرة وحب للترف والتفاخر بشكل وجمال الخادمة. فموضوع الاستغناء عن الخادمات يجب أن يؤخذ من باب أنها محاولات جادة لإنقاذ السفينة،فإذا أردنا أن ننقذ أمتنا، فلا بد من حماية عقيدة وقيم أطفالنا فهم المستقبل، وهم من سيقوم بإنقاذ أمتنا من الغرق،وهذه الأمة تتكون من الأفراد الصالحين، الذين يكونون الأسر المتماسكة،والتي هي ستكون هي اللبنة القوية لتكوين المجتمع المتماسك المتكاتف، فإذا نشأت عقيدة الأطفال بهذه الصورة الهشة المتأثرة بعبادة الخادمات الكافرات، فكبر على المجتمع أربع تكبيرات، واستعد لحضور مراسم الدفن والعزاء لمستقبل الأمة!
ولكن بحمد الله فالمؤمن لا ييأس، والمصلح لا يمل من إعادة المحاولة، ويحاول أكثر من مرة فالأمل موجود والخير وفير، والدعاة كثير، فينبغي أن نحاول تربية المسلم على الاستقامة، ونعمل على تكوين الأسرة الصالحة بحق، والتي تساهم في تكوين لبنة قوية متماسكة تعمل على إنشاء مجتمع صالح وقوي، فيجب أن نرسخ تعاليم الدين للجميع، ونصحح المفاهيم ونحاول إعادة العز والنصر والتمكين لأمة المسلمين خصوصا النساء مع استمرار توعية الزوجات بخطورة الخادمات.
بعض المقترحات العملية لحل المشكلة:
أولا: كيفية الاستغناء عن الخادمة:
ينبغي للمرأة المسلمة أن تقبل أولا بالفكرة، وتحاول تنفيذها بالتدريج، وينبغي أن نتعاون مع ربة المنزل بتعويد أنفسنا على عادات جديدة؛ لنساهم في إنقاذ عقيدة أطفالنا، ونتجنب الحوادث المتكررة للخادمات، فنتعود على خدمة أنفسنا، مع تدريب النفس على الإحسان للخدم عند الحاجة الملحة إليهن.
الاقتراح الثاني: يمكن لمن يحتاج للخادمة دون مشكلات الاستقدام ومبيت الخادمة باستمرار في المنزل، وللابتعاد عن مخاطر ذلك: الاستعانة ببعض الخادمات المستوطنات أو المقيمات من جنسيات متنوعة مثل: الخادمة الحبشية أو الأرتيرية، أو غيرهما، وهي تعمل ثلاثة أو خمسة أيام في الأسبوع، وترجع يوميا لأهلها، فلا تنام في المنزل يوميا، ولا تؤثر في الأولاد، ولا تفتن الزوج.
الاقتراح الثالث: لتجنب الآثار السلبية للخادماتلا نتغافل عن الإحسان إليهن؛ لأن غالبية الحوادث التي انتشرت من تعذيب أو قتل للأولاد، أو الإصابة المتعمدة بالأمراضمن الخدم كانت ردة فعل من الخادمات بسبب سوء المعاملة.
الاقتراح الرابع: الاقتناع من الجهات المسؤولة أن هذه المشكلات الاجتماعية تحتاج لتكاتف جميع الجهات خصوصا الإعلامية والتربوية للحد من هذه الظواهر التي وإن كانت غالبا غير مخالفة للشرع (أي استقدام الخادمات) ولكن نتائجها وخيمة، وآثارها عديدة؛ ولذلك حرمها بعض أهل العلم (أي استقدام الخادمات بدون محرم) ولذلك نحتاج أيضا لطرح المزيد من الحلول العملية المقبولة. وأخيرا:
إذا دعت الضرورة لاستقدام الخادمات، فلنحسن معاملتهن، ونبتعد عن القسوة، ونهجر الشدة فهن لسن كائنات جامدات، بل بشر وأخوة لنا في الإنسانية، وقد يكن أيضا مسلمات "ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء"رواه أبو داود والترمذي، وصححه.
قد تكون بعض التصرفات الغير إنسانية نتيجة بعض الحوادث المتكررة والتي تنتشر بسرعة ويتناقلها الجميع عن حوادث عنف من الخادمات مع لأهل المنزل وخصوصا الأطفال، وهذه قد تكون ردة فعل سريعة لسوء التعامل مع الخادمات، لكن الله تعالى أمرنا بالعدل والإحسان، ونسير بالأساليب الإنسانية، ونسلك الطرق السليمة و القانونية في تأديب الخدم.
ونذكر أنفسنا بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم للجميع الرجال والنساء لحسن التعامل مع الخدم: عن الْمَعْرُورَ بْنَ سُويْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَبَا ذَرٍّ الْغِفَارِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ حُلَّةٌ وَعَلَى غُلَامِهِ حُلَّةٌ فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إِنِّي سَابَبْتُ رَجُلًا فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَيَّرْتَهُ بِأُمِّهِ ثُمَّ قَال: "إِنَّ إِخْوَانَكُمْ خَوَلُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِمَّا يَأْكُلُ وَلْيُلْبِسْهُ مِمَّا يَلْبَسُ وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَإِنْ كَلَّفْتُمُوهُمْ مَا يَغْلِبُهُمْ فَأَعِينُوهُمْ) رواه البخاري ومسلم.
اختكم / نبرة حزن