لمحبة الله تعالى أوقاتاً، يصفو فيها اللقاء، ويحلو فيها الذكر، والدعاء، بحيث يفتح على المحب أبواب الرحمة، فيدخله ربه فيها، قال تعالى: (ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده)، أوقات الصفاء، يزول عن القلب الكدر، ويصرف عنه القلق، والضجر، فتهب على العبد المعارف، وتنزل عليه اللطائف، ويمد بالإيمان، واليقين، فتبرز الحقائق غير مكسوفة، ولا مدخولة، ولا معلولة، يكون لها نور، يبدد ظلمة الجهل، والحيرة، فمن حفظ ربه، وأقبل عليه بكليته، وتحرر من الأغيار؛ هداه ربه لولايته، ونوره بأنوار محبته، وهنا لا يكون في القلب سوى محبوب واحد هو ربه، وحب غيره يرفع من القلب، ومن أوصله ربه إلى هذا المقام؛ استقام دينه، وعلت منزلته، وسمع قوله، وتؤسي به، فأوقات الصفاء قليلة، ولا تكون إلا في أوقات الخلوة معه تعالى، وخاصة الخلوة في جوف الليل، والثلث الأخير منه، فهذه أحوال مجربة، ومعلومة، ويتعين على كل مؤمن أن يبادر بتحديد وقت للخلوة مع ربه، يزداد فيه معرفة بربه، ومحبة ربه، ولا يتنظر أوقات الصفاء، بل يبادر، ويبدأ بالذكر، والإستغفار، والدعاء، والتوجه إلى ربه بقلبه، وجوارحه كلها، وسيجد ربه أقرب إليه من نفسه، والله المعين.