بسم الله الرحمن الرحيم علمي بعاقبة الأيام تكفيني وما قضى الله لا بد يأتيني "رفعت الأقلام وجفت الصحف " الترمذي وقال حديث حسن صحيح {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً }الأحزاب36 {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }القصص68 أعظم الناس بلاءً الأنبياء..
هل قارنت بلاءك ببلاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم..
توفي والده وهو صغير وتوفيت والدته وهو في السادسة من عمره..
عمل في رعي الغنم..
لاقى من أهل مكة ومن عصبته وأقاربه أشد أنواع القسوة..
جاع في شعب مكة..
توفيت ناصرته وزوجته خديجة..
توفي أولاده القاسم و الطاهر وعبد الله وإبراهيم
طرد من بلده
توفيت بناته زينب ورقية وأم كلثوم
استشهد عمه حمزة..
شُجّ رأسه وكسرت رباعيته...
فهل كان له الخيرة من أمره... {قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلاَ ضَرّاً إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ }الأعراف188
لما توفي ولده إبراهيم. فاضت عيناه بالدموع...
دموع الرضا بقضاء الله سبحانه ...
وقال " إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ وَالْقَلْبَ يَحْزَنُ وَلَا نَقُولُ إِلَّا مَا يَرْضَى رَبُّنَا وَإِنَّا بِفِرَاقِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ "البخاري1230
لعمر بن الخطاب كلمة مشهورة وهي قاعدة ذهبية في طريقة التعامل مع المصائب والامتحانات:
"ما من مصيبة إلا وأحمد الله عليها لأمور:
أنها لم تكن في ديني، وأنها أهون من سابقتها، وأن لي الأجر فيها عند الله.." أكبر مصيبة مصيبة الدين.. لأن الذي يفقد الدين.. يفقد الدنيا والآخرة.. والذي يفقد الدنيا... ليس بالضرورة أن يفقد الآخرة.. يا أيها الناس لا تكونوا كفقراء بني إسرائيل . ... خسروا الدنيا والآخرة.. أمسك عروة بن الزبير رجله بعد أن قطعت ثم نظر إليها. وقال: اللهم إنك تعلم أني لم أمش بها إلى معصية قط.. لم يبك ولم يشك ولم يندب إنما رضي بما قدر الله سبحانه وتعالى في سابق قضائه.. هل أدلك أخي على طريقة تعوِّد بها نفسك على استقبال القضاء والقدر؟..
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَالَ : " اتَّقِي اللَّهَ وَاصْبِرِي " قَالَتْ :إِلَيْكَ عَنِّي فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي وَلَمْ تَعْرِفْهُ فَقِيلَ لَهَا إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ فَقَالَتْ لَمْ أَعْرِفْكَ فَقَالَ إ: " إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى " متفق عليه فلا بد أن تعوِّد نفسك على الصبر في الصدمة الأولى.. كيف ذلك؟.. لو وقع من يدك كأس الشاي الفارغ... فاستقْبِلْه بلفظ الحمد لله.. لو وقع القلم من يدك فاستقبله بلفظ الحمد لله.. لو وقع ولدك أمامك ثم قام يركض فاستقبله بلفظ الحمد لله... وهكذا فكل عمل صغير وطِّن نفسك على أن تستقبله بالحمد لله.. فإنها كلمة عظيمة عند الله.. تخرج من الشفاه بالألفاظ.. فيستقبلها القلب بالرضا.. فتتلقفها الملائكة... لتوصلها إلى رب العزة والجبروت.. فيسكب السكينة والطمأنينة في قلب قائلها ويعمر قلبه بالإيمان ويجزل له المثوبة والإحسان والأمر الثاني.. تفكَّرْ في عاقبة الأمور واشعر بألطاف الله حول هذه المصيبة إن للحسن بن علي رضي الله عنهما كلمة رائعة في هذا الباب وهي مفتاح الرضا بالقضاء والقدر.. وهي قوله: "لو اطلعتم على الغيب لاخترتم الواقع".. فالحكيم الخبير.. يسيِّر هذا الكون بتدبير حكيم.. فالشكوى والندب والصياح واللطم لا يغير القضاء ولا يشفي المرض ولا يحيي الموتى إنما يزيد المصيبة مصيبة والبلاء بلاءً في إحدى المشافي مريضان مصابان بنفس المرض.. وهما على حافة الموت.. رجل .. في كل نفس ينطق بالحمد لله ورجل في كل نفس يلعن ويسب ويشتم الأطباء والممرضين.. في لحظة من اللحظات..
كلاهما فارقا الحياة.. على هذه الحال.. الأول راض ... فله الرضا والثاني ساخط فله السخط..
لقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم " إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلَاءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلَاهُمْ فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ" قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الترمذي /2320/ فمن أي الفريقين أنت من الراضين ... أصحاب الجنان ؟.. أم من الساخطين أصحاب النيران؟.. وطِّن نفسَك على الرضا، فإن السخط لا يغيِّر القدر ولا يحيي البشر، ولكنه يزيد الذّنب ويغضب الربّ. إن الرضى سرُّ الصبر وسرُّ النصر وسرّ النجاح و سرّ الفلاح من وطّن نفسه عليه أفلح ومن جنّد نفسه له ترقى ومن وضعه نصب عينيه وصل وتذكر أنه ما من كائن إلا وهو كائن إلى يوم القيامة وما من أمر نافد إلا وهو نافد إلى يوم القيامة " قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللَّهُ عَلَيْكَ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " أحمد |