"الخليل" مدينة فلسطينية تقع إلى الجنوب من القدس في الضفة الغربية، وتبعد عن القدس حوالي 35 كم،
و هي من أقدم مدن العالم وتاريخها يعود إلى 5500 عام، نزلها سيدنا إبراهيم عليه السلام منذ نحو 3800 سنة، وسميت بالخليل نسبة إليه (خليل الرحمن)، وتضم رفاته ورفاة زوجته سارة، وعائلته من بعده إسحق ويعقوب ويوسف ولوط ويونس والخليل بذلك ثاني المدن المقدسة في فلسطين عند المسلمين، وتضم الكثير من رفات الصحابة وفي مقدمتهم شهداء معركة أجنادين بناها العرب الكنعانيون وأطلقوا عليها اسم (قرية أربع) نسبة إلى بانيها (أربع) وهو أبو عَناق أعظم العناقيين، وكانوا يوصفون بالجبابرة ويُعتبر السور الضخم الذي يحيط بالحرم الإبراهيمي الشريف اليوم هو من بقايا بناء أقامه هيرودوس الأدوي الذي ولد المسيح عليه السلام في أواخر عهده، أما الشرفات على السور فإسلامية في عام 1948 احتلت المنظمات الصهيونية المسلحة جزءاً من أراضي قضاء الخليل الذي يضم (16) قرية، واحتلوا الخليل في عام 1967 إثر حرب حزيران تقع الخليل على بُعد36كم للجنوب من القدس، على هضبة ترتفع 940 م عن سطح البحر. يربطها طريق رئيسي بمدينتي بيت لحم والقدس، وتقع على الطريق الذي يمر بأواسط فلسطين رابطة الشام بمصر مروراً بسيناء موقعها المتوسط جعلها مركزاً للتجارة منذ القدم، عُرفت منذ القدم بأنها مدينة تحيط بها الأراضي الزراعية واشتهرت في زراعة العنب الذي يحتل المكان الأول بين أشجارها المثمرة كما تزرع التين واللوز والمشمش والزيتون وتزرع فيها الحبوب والخضروات بلغت مساحة مدينة الخليل عام 1945 (2791) دونماً، وتحيط بها أراضي قرى بني نعيم وسعير وحلحول وبيت كاحل وتفوح ودورا والريحية ويطا تشتهر الخليل بالمهن اليدوية وصناعة الصابون وغزل القطن وصنع الزجاج، ودباغة الجلود أقامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أحزمة استعمارية حول المدينة، كما استعمرت قلب مدينة الخليل، واقاموا أيضاً مستعمرات داخل الأحياء العربية منها (بيت رومانو)، و(هداسا "الدبويا" )، الحي اليهودي (تل الرميدة) على مشارف مدينة الخليل إلى الشرق مباشرة، كما تعد مستعمرة (كريات أربع) من أكبر المستعمرات التي أقامتها إسرائيل يوجد في الخليل أكثر من (20) مستعمرة مقامة على أراضيها التي صادرتها سلطات الاحتلال لهذا الغرض ويوجد في الخليل مواقع أثرية منها بلدة تريبنتس كانت تقوم على البقعة المعروفة اليوم باسم رامه الخليل، إلى الشمال من مدينة الخليل وتبعد عنها 2.5كم، ويذكر أن إبراهيم عليه السلام أقام فيها أكثر من مرة، وفيها بشرت الملائكة سارة بمولودها إسحق .
دعونا نستمع إليها و هي تتحدث عن نفسها قائلة :
نعم .. أنا مدينة الخليل .. مدينة خليل الرحمن أبي الأنبياء : إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، جدِّ نبيكم محمد صلى الله عليه وسلم ، سمَّوني باسمه ، ونسبوني إليه ، لأنه اختارني سكناً له من بين سائر المدن والقرى ، وفي حناياي أضمُّ قبره الشريف ، داخل المسجد الكبير الذي يسمى باسمه الكريم : المسجد الإبراهيمي .
ewewe5
وأنا مدينة عريقة عتيقة ، نشأت قبل خمسة آلاف سنة من الآن ، فأنا من أقدم المدن المعمورة المسكونة بأهلها الطيبين ، أبنائي وبناتي أصلاء ، من العرب المسلمين المنحدرين من قبائل العرب الكنعانيين الذين سكنوني منذ خمسة آلاف سنة وبنوا حولي سوراً عظيماً على سفح جبل (الرفيدة) ذي الحجارة الضخمة وعُرِفتُ حينها باسم ذلك العربي الذي بنى السور : (أربع) وبعدها أطلقوا عليّ اسم (حبرون) إلى أن جاء خليل الرحمن إبراهيم ، عليه الصلاة والسلام ، واستقر هو وزوجته سارة في قلبي ، ولما ماتت سارة ، اشترى سيدي إبراهيم مغارة (المكفيلة) والحقل المحيط بها على سفح جبل الراس ، مقابل جبل الرفيدة ، ودفن زوجته الحبيبة فيها ، ثم مات سيدي إبراهيم ، ودُفن إلى جانب سارة ، وبعدها توسّعتُ واتصلت مع بيت (مغارة سيدنا إبراهيم) وصرتُ أدعى (مدينة الخليل) على ساكني خليل الرحمن إبراهيم أعطر التحيات ... كان هذا قبل أربع آلاف سنة تقريباً .
والحقّ ، إن اليهود و المستوطنين ليسوا أول الغزاة الذين ابتُليتُ بهم ، فقد غزاني ، من قديم الزمان ، الرومان والفرس ، ودمروني ، ولكن الفاتحين المسلمين أعادوا إليّ البهجة والعمران ، فقد استقبلتهم استقبالاً حسناً كسائر أخواتي من المدن الفلسطينية والشامية ، وأنا من البلاد الشامية طبعاً ، التي باركها الله ورسوله ، وصرتُ في أيامهم من أهمِّ المدن ، إلى أن استولى عليّ الصليبيون الغزاة القساة ، عام 1100 م فأذاقوني الأمرّين ، ولكن البطل العظيم صلاح الدين ، جاءني محرراً . ومن ثم اجتاحتني وأخواتي جيوش المغول عام 1260 م ودمروني ، ولكن البطل الملك الظاهر بيبرس طرد الغزاة المحتلين ، وأعاد بنائي عام 1267 م .
ثم جاء الإنكليز بجيوشهم الملعونة ، واحتلوافلسطين عام 1917 م وقال قائدهم الجنرال اللنبي الصليبي : الآن انتهت الحروب الصليبية ، وأعطى الإنكليز أعداء الله وأعداء الإسلام والمسلمين وعداً لليهود بإقامة كيان لهم في فلسطين ، وهو المعروف بوعد بلفور المشؤوم ، وساعدوهم على الهجرة إليها ، ودربوهم على القتال ، وجهزوهم بالسلاح ، ثم أقاموا لهم (دولتهم) دولتهم المسماة بإسرائيل ، وها أنا ذا الآن أئنُّ مع أخواتي الأسيرات اللواتي يتضرعن إلى الله المنتقم الجبار ، أن يعين المجاهدين على تحريرنا من أيدي الصهاينة .
وإذا أحببتم أن تزوروني ، فأنا قريبة من أختي الكبرى مدينة القدس المكبّلة بالأغلال ، أبعد عنها أربعة وأربعين كيلو متراً إلى الجنوب ، في منطقة زراعية رائعة ، مليئة بأشجار الكرمة والتين والزيتون ، والخوخ ، واللوز ، والجميز ، والمشمش والتفاح .. إلى جانب الخضروات كالبندورة ، والكوسا ، والقثاء ، والخيار ، وسواها .
تعالوا لتتذوقوا العنب الخليلي ، وسوف يقدّم إليكم أبنائي الكرماء ، طعاماً حلواً لم تتذوقوا مثله من قبل ، إنه (العنطبيخ) أي العنب المطبوخ .. إذا ذقتموه مرة فلن تنسوه أبداً ، وسوف تذكرونه كلما أكلتم اللحم المطبوخ بالأرز أو البرغل أو الفريكة في بلادكم ، لأنه سوف يذكركم (بالقِدْرة الخليلية) اللذيذة ، وهي عبارة عن أرز ولحم يوضعان في الطنجرة (القِدْر) التي توضع في الفرن ، حتى ينضج الأرز واللحم على مهل .. إذا زرتم أي واحد من أبنائي المعروفين بالجود والكرم ، فسوف يقدم إليكم طعام (القدرة) و (العنطبيخ) اللذين سوف يبقى طعمهما تحت أضراسكم ما دامت أضراسكم في أفواهكم .
إنني أقوم في منطقة رائعة ، سماؤها رائعة صافية ، وهواؤها عليلأرتفع عن سطح البحر بحوالي ألف متر تقريباً ، فجوّي بارد ، وشتائي قارس ، ومنظر الثلوج عندي بديع ، فأنا مصيف ممتاز بهوائه النقي الجاف ، لأني بعيدة عن البحر ، وأنا من أفضل المناطق التي توصف للمصاب بالأمراض الصدرية ، لقضاء فترة النقاهة .
وأبنائي ماهرون في صناعة النسيج ، والملابس القطنية ، والعباءات ، وصناعة الموازين الكبيرة ، وتعليب الفواكه ، والخضار ، وربّ البندورة ، كما يشتهرون بصناعة الأدوات والأواني الزجاجية ، والفخارية ، ودباغة الجلود ، وصنع الفراء.
وعندي كثير من الحارات المشهورة ، كحارة القلعة ، وحارة الحاووز ، وحارة القزازين ، وحارة الأمراء ، وحارة الزاهد ، وحارة قب الجانب ، وحارة المحاور .
ومن أشهر الأحياء عندي : حي عين سارة ، وعين خير الدين ، وحي فيطون ، ووادي التفاح ، والمشارفة التحتا ، وجبل جوهر ، وجبل بيلون ، وبرك سليمان ، وقبة الزاهد ، ومشهد الأربعين .
وأحبّ أن أحدثكم قليلاً عن برك سليمان ، وهي برك أثرية تقع على مسافة قصيرة بيني وبين بيت لحم ، وهي ثلاث برك واسعة ، في مكان منبسط بين جبلين ، تلي الواحدة منها الأخرى ، من الغرب إلى الشرق ، وتنخفض عنها بضعة أمتار ، وهي التي كانت تمدّ أختي مدينة القدس الشريفة بالماء ، وتتميز بجمال موقعها ، وبمناظرها الخلاّبة ، فالأشجار المتنوعة تحيط بها من كل جانب ، وتكاد تحجبها عن عيون الناظرين ، فتجعل منها متنزَّها جميلاً يؤمّه الناس من كل مكان من أرض فلسطين الأسيرة الآن ، ومن بلاد الشام وغيرها ، قبل أن نقع في أسر الصهاينة .
ولدي الكثير من المناطق الأثرية ، كبلوطة إبراهيم التي كان سيدنا إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ ينصب خيامه في أرضها .
ويتبعني عدد من القرى التي هي بمثابة البنات لي ، مثل قرى : بيت أومر ، والظاهرية ، وصوريف ، ودورا ، وإذنا ، وسعير ، وبيت فجار ، ويطّة ، وحلحول ، وترقومية ، وغيرها ، كلها قرى جميلة شوَّه صورها وسمعتها اليهود والمستوطنون .
وأخيراً ، أحبُّ أن أقول لكم : إنني مدينة لا يعرف أهلي الجوع ، فنِعَمُ الله كثيرة عندي ، والطعام عندي يقدَّم لكل من يريد من أهلي ومن الغرباء ، وعلى مدى الزمان ، وفي كل يوم .
لنترككم مع بعض الصور من هذه المدينة :