أيها الموت مهلا ً
إلام تلاحق ظلي
وتكمن لي في تجاعيد قلبي
وتنسل داخل جفنيَّ
تمتص أحلامي الذابلات؟
إلامَ تغذ ُّ الخُطى نحو روحي؟
تمهل قليلاً
فما زال في شـَفـَةِ الورد كِلمتـُهُ
لم يـُذعها الأثيرْ
تمهل قليلاً
لكيما أهيىء روحي لتلقاك
كيما أهيىء متكأ ً تتربعُ فيه على شُرُفاتِ الفؤاد
تمهل فما زال قبليَ خلقٌ كثير
تمهل لكي يتموضع آخرُ حرفٍ على رُدُهاتِ القصيدةِ
يا موتُ معنايَ لم يكتمل كيف حان المصيرْ
إلامَ تلاحقني؟ بعضُ شغليَ لم يكتم لبعدُ
آخر ما سأقول لليلى حبيس لساني
وصايايَ للوردِ، آخرُ قبلة ادَّخـَرتـْها شِفاهي
وآخرُ أغنيةٍ أعشبت في دمي
والقصيدة ينقـُصُها حجرٌ واحدٌ
وأنا لم يزل ليَ وعدٌ قبيل حضوركَ
يا موتُ ما زال في الوقت متسعٌ لي لأدعوَ قبرتي كي تغنـّيَ
وردة َ روحي تحدثَ أخبارها
والندامى لأقرأ سفر الوصايا عليهمُ قبل العشاءِ الأخيرْ
تمهل قليلا ً ودعني أهيىء نفسي إلى موعد العشق يا صاحِ
كأسي هناك الندامى يديرونها وأنا قادمٌ
فانتظرْ أيها الموتُ لحظة َ أكملُ هذي القصيدة َ
اشرَبُ كأسكَ أشرَبُ كأسيَ
ها إنك الآن تكمن لي عند حرف السريرْ
تمهل قليلا ً
ودعني أودعُ أصحابيَ الطيبين
ودعني أمر على قبر أمي أودعُها
ربما نلتقي
ربما لا تراني هناك
وقد ذهبت بين جمع ٍ من الذاهبين إلى اللهِ
يا موتُ موَّتَ أميَ قبل وصولي إليها بشوقين
دعني هنا فوق تربتها قيد حزنين
ثم تعالَ إليَّ ودسَّ فؤاديَ في قبر أمي
لعلي أسافرُ حيثُ تسافرُ
يا موتُ أرجوك دعني أعانقُ هذا الترابَ الأثيرْ
أيها الموت ياصاحبي
مُذ ْ ولدتُ وأنت تلاحقني مثل ظلي
ولما رضعتُ من الحلم كنت هنالك ترقبني
كنت عند القصيدة مختبئاً بين دغل الحروف
وليلة َ زرتُ خباءَ الحبيبة كنتَ هنالكَ مختبئاً في
عيون المساء
وليلة َ جئتُ إلى البحر كنت َ تحدقُ في قاع روحي
وليلة َ عانقتُ زهرة روحي لمحتك مختبئاً في العبيرْ
أيهاالموتُ
ذات مساءٍ لمحتكَ عند حديقة بيتيَ لما تسللتَ
قبَّلتَ وردتها
ومضيتَ كأنْ لم تـَغـُلْ وردة ً عرَّشتْ في الفؤاد
كأنْ لم تفجِّر بروحيَ حزناً تناثر في الدمع ِ
حزناً ضريرْ
آهِ منك مددتَ يديكَ إلى وردة القلب
من حينها وأنا لا أزال أحسُّ أناملك الباردات على جسد الروح
يا موت موَّتني قبل حيني سأشكوك لله
ما ليلة ٌ نمتُ إلا رأيتك تنشبُ ظفرك في روح
أمي
التي سافرت في الفضاء الكبيرْ
تمهَّل قليلا ً لأشربَ قهوتها
ملءُ روحي روائحُ قهوة أمي
ملءُ عيني المراعي التي أمرعت بالقصائد والعشب
أمي هنالك خلف المراعي البعيدات
تسقي تذودُ وتغدو تروحُ
وسيدة العشب أمي
انتظر أيها الموتُ دعني أهيىء نفسي
لألقى الحبيبة َ
دعني أرجِّلُ روحي
أرشُّ فؤادي بشيءٍ من الحب والعشب
أمي تحب الروائح في الروح ِ
دعني أهيىء شيئاً يليق إذا ما دخلتُ عليها الخباء الوثيرْ
تمهّلْ
فما زال في الكأس ِحُلْمٌ تكسَّرَ في قعرها
لم يزل عند هذا المساء بقايا صدىً غاربٍ
للندامى الذين يطوفون حول خيالاتهم
حول بعض ِ القصائدِ
بعض ِ الكؤوس ِ
وبعض ِالمعاني التي يتشكل منها السديمُ المثيرْ
أيها الموتُ
حيرتني
أنت لفظٌ صغيرٌ ومعنىً كبيرْ