فِي أَحَدِّ الأيام و قَبْلَ شُرُوقِ الشَّمْسِ ..
وَصِلَّ صَيَّادِ إِلَى النُّهُرِ ،
وبينما كان على الضفة تعثر بشئ ما وجده
عَلَى ' ضِفَّةِ النَّهْرِ '..
كَانَ عِبَارَةُ عَنْ كِيسِ مَمْلُوءِ بِالْحِجارَةِ الصَّغِيرَةِ ،
فَحِمْلَ الْكِيسِ وَوَضْعَ شبكتِهُ جَانَبَا ،
و جَلَسَ يَنْتَظِرُ شُرُوقُ الشَّمْسِ .....
كَانَ يَنْتَظِرُ الْفَجْرُ لِيَبْدَأُ عَمَلُهُ .. حِمْلَ الْكِيسِ بِكَسَلِ
و أَخَذَ مِنْه حَجَرَا و رَمَّاهُ فِي النُّهُرِ ،
و هَكَذَا أَخَذَ يُرْمَى الأحجار .. حَجَرَا بَعْدَ الآخر ..
أَحُبَّ صَوْتِ اِصْطِدامِ الْحِجارَةِ بِالْمَاءِ ، وَلِهَذَا اِسْتَمَرَّ بإلقاء الْحِجارَةِ فِي الْمَاءِ حَجْرَ .. اثنان .. ثَلاثَةً ..
وَهَكَذَا ** سَطَّعَتْ الشَّمْسُ .. أَنَارَتْ الْمَكَانُ ..
كَانَ الصَّيَّادُ قَدْ رَمَى كلّالحجارة
ماعدا حَجَرَا وَاحِدَا بَقَّي فِي كَفِّ يَدِهُ ،
وَحِينَ أَمْعَنَ النَّظَرُ فِيمَا يُحَمِّلُهُ ..
لَمْ يُصْدَقْ مَا رَأَّتْ عَيَّنَاهُ
لَقَدْ .. لَقَدْ كَانَ يُحَمِّلُ كَيَّسَا مِنْ ألمااس !!
نِعْمَ يا إلهي .. لَقَدْ رَمَى كِيسَا كَامِلَا مِنْ الْمَاسِّ فِي النُّهُرِ
، و لَمْ يَبِقْ سِوَى قِطَعَةٍ واحدَةً فِي يَدِهُ ؛
فَأَخَذَ يَبْكِي .. لَقَدْ تَعَثَّرَتْ قَدَّمَاهُ بثروة كَبِيرَةً
كَانَتْ سَتُقْلِبُ حَيَّاتُهُ رَأَسَا عَلَى عُقَبِ ..
و لَكِنْه وسطَ الظُّلاَّمِ رَمَّاهَا كُلَّهَا دُونَ أَدُنى اِنْتِباهِ !!!!!
..... أَلَا تَرْوُنَّ
إِنَّه مَا يُزَالُ يُمْلِكُ مَاسَّةُ وَاحِدَةٍ فِي يَدِهُ !!..
كَانَ النَّوَرُ قَدْ سَطَّعَ قَبْلَ أَنْ يُرْمِيَهَا هِي أيضاً ..
وَهَذَا لَا يَكُونُ إلّا لِلْمَحْظُوظِينَ وَهُمْ الَّذِينَ
لَا بدّ للشّمس أَنْ تَشْرَقَ فِي حَيَّاتِهُمْ وَلَوْ بَعْدَ حِينَ ..
وَغَيْرَهُمْ مِنْ التعسين قَدْ لَا يَأْتِي الصَّبَاحُ و النُّورَ
إِلَى حَيَّاتِهُمْ أَبَدًا ..
يَرْمُونَ كُلَّ مَاسَاتِ الْحَيَاةُ ظناً مِنْهُمْ أَنَّهَا
مِجْرَدَ حِجارَةِ !!!!
..... الْحَيَاةُ كَنِزَ عَظِيمِ و دَفِينَ .. لَكِنْنَا لَا نُفَعِّلُ شُيِّئَا سِوَى
إضاعتها أَوْ خسارَتَهَا ،
حَتَّى قَبْلَ أَنْ نَعْرُفَ مَا هِي الْحَيَاةُ ..
سُخْرَنَا مِنْهَا وَاِسْتَخَفَّ الْكَثِيرُونَ مَنَّا بِهَا ،
وَهَكَذَا تُضِيعُ حَيَّاتُنَا سُدًى إذاً لَمْ نَعْرُفَ و نَخْتَبِرُ مَا هُوَ مُخْتَبِئُ فِيهَا مِنْ أَسرارِ وَجَمَّالَ وَغِنى
لَيْسَ مَهْمَا مِقْدَارَ الْكَنْزِ الضَّائِعِ ..
فَلَوْ بَقِيَتْ ' لَحْظَةُ وَاحِدَةٍ ' فَقَطُّ مِنْ الْحَيَاةُ ؛
فَإِنَّ شُيِّئَا مَا يَمُّكُنَّ أَنْ يَحْدُثَ .!!.
شَيْءَ مَا سَيَبْقَى خَالِدَا .. شَيْءَ مَا يَمُّكُنَّ انجازه ..
فَفِي الْبَحْثَ عَنْ الْحَيَاةُ لَا يَكُونُ الْوَقْتُ متأخراً أَبَدًا ..
وَبِذَلِكَ لَا يَكُونُ هُنَاكَ شُعُورُ لِأَحِدُ باليأس ؛
لَكُنَّ !
بِسَبَبِ جَهْلِنَا ،
وَبِسَبَبِ الظُّلاَّمِ الَّذِي نعيش فِيه اِفْتَرَضْنَا أَنْ الْحَيَاةُ
لَيْسَتْ سِوَى مَجْمُوعَةٍ مِنْ الْحِجارَةِ !!!
وَالَّذِينَ تَوَقَّفُوا عِنْدَ فَرِضيَةٍ كَهَذِهِ قَبَّلُوا بِالْهَزِيمَةِ
قَبْلَ أَنْ يَبْذُلُوا أََيُّ جُهْدِ فِي التفكير وَالْبَحْثَ والتأمل ....
..... الْحَيَاةُ لَيْسَتْ كُومَةُ مِنْ الطِّينِ وَالْحِجارَةِ ... بَلْ !
هُنَاكَ مَا هُوَ مخفي بَيْنَهَا ، وَإذاً كَنَتْ تَتَمَتَّعُ بِالنَّظَرِ جَيِدَا ؛
فَإِنَّكِ سَتَرَى نَوَرُ الْحَيَاةُ الماسيّ يُشْرِقُ لَكَ لِيُنِيرُ
حَيَاتَكَ بأمل جَدِيدَ