{ خضوع العبد .. لمن يكون ؟ }
----
الخضوع يجب أن لايكون لغير الله
وحتى يتحقق الخضوع : لابد من وجود خالق ووجود مخلوق
وجود إله ووجود عبد { فلا إله بغير خضوع
}
ومعنى أن يقول إنسان أنا عبد وأن لى إله بدون الشعور بالخضوع لهذا الإله
فلا يكون عبداً خاضعاً .. وأصبح لامعنى لعبوديته .. فالعبد دائما هو الخاضع للمعبود
فالذى لايشعر بأنه خاضع هو بذلك لايريد أن يكون عبداً للإله ..
رغم أنهُ يعلم بأنهُ لايستطيع الخروج من سيطرة الله عليه
والذى لايشعر بالخضوع هو أيضاً عبداً مستكبراً ومتكبراً
يريد بذلك أن يخرج من سيطرة الخالق
قال تعالى :
{ أم هم المسيطرون } أى الغالبون فيتصرفون كيفما شاءوا
فمن المعلوم أن أى ملك من ملوك الأرض لايريد من قومه سوى أن يعظموه ويوقروه
ويخضعوا لهُ ويطيعوه .. فإذا فعلوا ذلك .. فهو أصبح ملكا عليهم
فإذا حدث العكس ولم يوقروه ويعظموه ويهابونه ويخافون منه ويطيعوه
فلن يكون ملكا عليهم .. وهذا مثال
{ ولله المثل الأعلى }
فكل العباد يعلمون مالذى يريده الله منهم .. وهو التعظيم
والإجلال والوقار
والمهابة والحياء والخضوع والمهابة والخوف والطاعة
فإذا كان ذلك من العبد أصبح يُقِرْ أنه عبداً للإله الواحد المعبود
والخضوع لله ليس ذلا بل علواً ورفعةََ
والخوف من الله هو لطلب رضاه والفوز بجنته
والمهابة من الله سيقابلها رضا الله عنه .. ويجعل العباد تهاب منه
والله سبحانه وتعالى يرزق الجميع ولا يتخلى عن أحد
سواء من خضع لهُ أو من لم يخضع
لكنهُ سبحانه وتعالى يوم البعث
سوف يعاقب من لم يخضع ويثيب من خضع ولا يظلم ربك أحدا
كما أن الخالق دائما هو الذى يتمتع بالقوة .. والمخلوق هو الأضعف
حتى وإن كان المخلوق يمتلك بعض صفات القوة
لكنها قوة لاتقارق بقوة الله القوى العزيز
قال تعالى :
{ أولم يروا أن الله الذى خلقهم هو أشد منهم قوة }
قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله: العبودية نوعان .. عامة وخاصة
فالعبودية العامة: هي عبودية القهر والتسخير والملك والتسيير
وهذه تعمّ جميع الخلق مكلّفهم وغير مكلفهم .. برهم وفاجرهم .. مؤمنهم وكافرهم
والعبودية الخاصة: هي عبودية التأله والطاعة والمحبة وإطاعة الأوامر وهذه خاصة
بعباد الله المؤمنين .. الذين استجابوا لداعي الله
ولو أدرك أى إنسان قوة الله لخرَّ مغشيا عليه
فمها كانت قوتك لن تستطيع أن تحرك إحدى الجبال
ولا تقوى على حمل صخرة من جبل
ولو سقط عليك حجر منه لأهلكك .
فالإنسان ضعيف أمام حجر من جبل
فما بالك بالأرض وما عليها .. وما بالك بالكون الهائل
وما فيه من كواكب ومجرات .. وما بالك بالكرسى والعرش
ففى الحديث : مالسماوات السبع فى الكرسى إلا كحلقة بأرض فلاة
وفضل العرش على الكرسى كفضل الفلاة على تلك الحلقة .. الى آخر الحديث
ويجب على الإنسان أن يذوب حتى يكاد أن يتلاشى
كلماصافحت عيناه هذهِ الآية:
{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ
}
الذل والخضوع لله تعالى .. هو ركوع المشاعر
وسجودها .. لأن أصل معني العبودية في اللغة هوالخضوع
الذى يعني الإستسلام ..المشتق من كلمة الإسلام
فالإستسلام هو إسلام النفس وكل ما تملك إلى مالكها الحقيقي هو الله سبحانه
والتجرد من كل ما تملك لتنسبه إلى مالكه الحقيقي وهو الله سبحانه
فأنت أيها العبد لابد أن تكون مستسلم ومغلوب علي أمرك لله ومن الله
قال الله تعالى { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}
والخضوع والذل : معناه أنك لاتستطيع أن تعيش بغير عطاء من تتذلل لهُ
وهو الله .. فمن غيره يطعمك ويسقيك ويميتك ويحييك
قال تعالى :
{ أم من هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور }
ومعنى
{ بل لجوا في عتو ونفور } أى الْكُرْهُ .. والإِعْرَاضُ .. والتَّبَاعُدُ
و التمادى والإصرارعلى الضلال والطغيان والإبتعاد عن الحق والإستكبار
والإنسان هو دائما فى حالتين .. أما أن يكون هاربا من الله
ومتغافلا عنه .. ويتلهى ويتشاغل بالدنيا عن الله
قال الله تعالى فيهم :
{ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْر مِنْ رَبّهمْ مُحْدَث إِلَّا اِسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ }
فأنت ايها العبد .. بغير عطاءه ونعمته لا تستطيع أن تتنفس .. فالنفس والهواء نعمة
وما أكثرها نعم الله عليك فهى لاتعد ولا تحصى
فأنت عبد لإحسانه وخاضع لما يجود به عليك
وكما يقولون فالإنسان أسير الإحسان
ولنا أن نتذكر كيف إنتقم الله سبحانه وتعالى من قوم عاد .. و ثمود .. ولوط
وفرعون لعدم خضوعهم لله وتعاليهم وتكبرهم وعدم مخافتهم
فى النهاية .. لابد أن يدرك الإنسان ويعى أنهُ مخلوق
والذى خلقه وصنعه من مادة وتركيبة وفقا لإرادة الخالق والصانع
فعلينا أن نستسلم لإرادة الخالق .. ونتوكل عليه ليفعل بنا مايشاء
أسأل الله أن يجعلنا لهُ من الخاضعين المتذللين الطائعين
والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الخلق وإمام المرسلين