التاريخ: 06 يناير 2013
المصدر: د. عبد اللطيف الشامسي
جريدة الإمارات اليوم
قد يتسـاءل البعض عن مدى جدوى هذا السـؤال، حيث يعتقـد
الكثـيرون أن التعليـم هدف،والجميع يسعى للحصول على الشهـادة
العلمية، لأنها مفتاح الحياة العملية والوظيفية،لكن التساؤل الأهم
هو: هل السعي للحصول على الشهادة العلمية لأجل الشهادة،
أم لأجل الوظيفة المهنية؟ هذا ما سنتطرق إليه في هذا المقال.
إن الخطأ الفـادح الذي وقع فيه مطـورو التعـليم في القرن الماضـي
أنهم قاموا بتصنيف التعلـيم إلى صنفين: تعليـم أكاديمي (نظري)
، وغـير أكاديمـي (تطبيقي)، أي بشـكل غير مباشـر طلبة أذكياء
، وآخرون غير أذكياء، ومقياس التمييز في ذلك التصنيف يتمثل
في القدرة على حل مسـائل المواد العلمية المجردة والجامدة،
بغض النظر عن استيـعاب الجانب التطـبيقي لهذه المواد...
ولقـد أدّى هذا التصـنيف إلى اسـتبعاد أعداد كبـيرة من الطلبة ذوي المواهـب
المتميزة في المجالات غير الأكاديمـية، ما جعـل كثيرًا من الناس غير سعداء،
بسبب عـدم حصولهـم على الشهـادات العلميـة كمتطلب لتأمين وظيفة ما في
سوق العمل، ولقد أدّى ذلك إلى عزوف أعداد من الطلبة عن الاستمرار في
الدراسة، وبالتالي إلى إهدار تلك الطاقات البشرية...
-----
إلا أنه يمكن تدارك هذا الهدر من خلال إعداد مناهج تواكب
متطلبات هذا القرن، بحيث يتمّ دمج صنفي التعليم الأكاديمي والتطبيقي، والمزج
بينهما بشكل متين ومتوازن، ما يرغب الطلبة في الاقبال على التعليم، ويجعل مخرجات التعليم
أكثر جاهزية لسوق العمل، وبالتالي يكون هدف التعليم الوصول إلى مهن تتوافق مع اهتمامات
الطلبة وميولهم وقدراتهم العلمية، وصناعةكوادر ذات مهارات احترافية (Professionals)
وكفاءات لها القدرة على الإنتاج والعطاء فور التخرج.
فالتعليم في واقعنا الحالي أصبح هدفًا بعد أن كان من المفترض أن يكون وسيلة،
فكل متعلم يسعى للحصول على الشهادة أو نيل الدرجة العلمية أولاً، ثم يفكر في
نوع الوظيفة أو المهنة لاحقاً، لذلك نجد أنه بعد إتمام الحصول الشهادة العلمية فإننا
نفكر في الوظيفة المناسبة، ونقوم بإرسال السيرة الذاتية إلى عدد من المؤسسات
الحكومية أو الخاصة، آملين الحصول على الرد بالقبول من إحداها، بغض النظر عما
إذا كانت تلك الوظيفة تتناسب مع طموحاتنا أو حتى إنها تتماشى مع التخصص الذي درسناه سابقاً.
فغدت الشهادة هي الهدف الذي نسعى إليه، وليس الهدف إتقان
المهنة، وعلى هذا فيمكننا وصف التعليم في القرن العشرين،
بأنه: «تعليم أكاديمي بحت وهدف في حد ذاته»، وهذا النوع من
التعليم أدى إلى احداث خلل في التركيبة الوظيفية والمهنية،
إذ أصبح الكثير من حَمَلة الشهادات الجامعية لا يتمكنون من
الحصول على مهنة تلائم اهتماماتهم وتخصصاتهم الدراسية، وأدّى
هذا النوع من التعليم إلى وجود فجوة بين مؤسسـات التعليم
من ناحية، ومؤسسات العمل من ناحية أخرى، ما أدى الى ندرة
الكوادر المؤهلة القادرة على تولّي الوظائف بمهنية على الرغم
من تكدس حملة الشهادات الجامعية.