البداية كرة القدم كرياضة وتسليه ومتعة أيضا لم تكن ـ كما يتوهم البعض ـ بنت هذا القرن أو قبله وانما تضرب بجذورها في أعماق تاريخ الانسان الذي مارس ـ بحسب الشواهد في مختلف أطواره اللعب بشكل كروي ما، كيف كانت قصة الانسان مع كرة القدم ؟ وما هو السر في انتشارها ومتى أخذت شكلها المقنن الحالي ؟ وهل تستمر في كونها سيدة كل الرياضات ؟ تلك هي المحاور كرة القدم موغله في القدم لقد حملت أثار الأولين صورا عن تعاطي الانسان القديم لرياضة كرة القدم في هوميروس في أودسيته يصف كرة جميله مشعه تحظى باهتمام معاصريه والصينيون يقولون بأن بلادهم كانت الموطن الأول لكرة القدم ويعيدونها إلى عهد ((ين)) أي حوالي 3500 قبل الميلاد وتذكر الروايات التاريخية بأن اللعب بالكره في هذه العهود كان يقوم على أساس من يستطيع أن يقذف الكره ألى أبعد مسافه وبأن الرومان الذين ورثوا هذه الرياضه طوروها وقد تشكلت على أيديهد لعبة أخرى تسمى في اللغة الاتينية harpastum التي كانوا يمارسونها بصفة جماعيه ويبيحون فيها امساك الكرة باليد والهرب بها أو احتضانها .
في القرون الوسطى انتقلت لعبة الكره الى شمال غرب أوروبا تحت أسم ((السول)) وقد تميزت بالعنف واستعملت فيها شتى السبل لاحراز النصر وكثيرا ما أفضت إلى مآس دفاعا عن شرف القرية أو العائلة .
ورغم كل هذا التراكم التاريخي للعبة الكره ، إلا أن القرن السادس عشر يبقى العلامة المميزة في تاريخ تطور كرة القدم حيث عرف سكان البندقيه في ايطاليا كيف يستمتعون بهذه الرياضة التي أطلقوا عليها أسم ((الكالشو)) وقد وضعوا لها القواعد وأحاطوها بالكثير من الضوابط التي لا تزال من حيث المبدأ تحكم الألعاب الجماعية بما فيها كرة القدم .
ميدان لعبة (( الكالشو)) مستطيل الشكل يدور فيه التنافس بين خصمي متساوي العدد (27 لاعب في كل فريق) ويتخذ كل منهما التدريب المتعارف عليه ضمن أربعة خطوط هي خط المهاجمين ، خط لاعبي الوسط ، خط لاعبي المحور الثالث ، ثم خط المدافعين وسيان في هذه اللعبة أن يكون القذف بالايدي أو بالأرجل كما في لعبة (السول) لكن الاختلاف هو أن دفع الكره في الكالشو يكون في اتجاه أرضية الخصم وليس العكس .
لقد ظل هذا الشكل من اللعب هو السائد والارقى إلى أن كان القرن التاسع عشر حيث اكتسبت اللعبة في بريطانيا ميزة خاصة أوحت بها الرؤى الارستقراطية لهذه التسلية المحببة حيث اقتلعت منها عوامل الاندفاع المتهور واصبحت لها قيمه تعليمية وتربوية تمثل فيها روح الجماعه حجر الاساس لكن الطريقه بقيت في ذاتها حيث ظلت الأيدي والأرجل تتآزر معا في اسكان الكره في شباك الخصم ، إلى أن كان ذات يوم من أيام السنه (1823) حيث عمد أحد الاعبين وهوه (وليم أب ليس) بملعب مدينة روجبي إلى الجري بالكره بعد مسكها ولم يتكها حتى وضعها في مرمى الخصم ، وهنا حدث الانقسام الذي أدى مع مرور الايام إلى ظهورالأنواع الأخرى من الرياضات الكرة المعروفه . التقنين لكرة القدم لقد كانت حادثة ال((روجبي)) العابرة بداية النزوع إلى تخصص رياضات الكره وظهور ترسانه من القوانين المنظمة للعبة كرة القدم ، وقد تم في هذا السياق في أكتوبر (1848) ببريطانيا للعبة كرة القدم ، وقد تم وضع الأسس الأولى لرياضة كرة القدم وفي ديسمبر (1836) صيغت بالبلد نفسه القوانين النهائية الأربعة عشر التي لا تزال تحكم نشاطات كرة القدم حتى اليوم ، والتي اضيف اليها بضع قوانين فثقط دون أن يطرأ على الأخرى تغيير ذو بال .
النواميس التي سنت لتنظيم كرة القدم تحدد قياسات الملاعب والمرمى ، وطول محيط الكره ووزنها وكذا عدد الاعبين وتفرد الحارس بحق استعمال يديه ، ثم مدة اللعب التي تقسم إلى شوطين ، وتحديد ظروف صلاحية الأهداف والأخطاء وعقوباتها وتمييز المنتصر من المنهزم بحسب عدد الأهداف طبعا .
ولعل التغيير الهام الوحيد الذي حصل طول كل هذه المده يتمثل في تعريف التسلل الذي تعود فكرته إلى عام 1925 وما عدا ذلك فأن الأمر لا يتعدى بعض الرتوش البسيطه على القوانين القديمه .
وعن طريق بريطانيا انتقلت اللعبة بقوانينها وضوابطها إلى البلدان المجاورة ، التي تحولت على يدها إلى كل أصقاع العالم بعد هيمنتها على مشارقه ومغاربه وجنوبه إبان مرحلة الاستعمار ، وهكذا ما أن كانت سنه (1930) حتى تم تنظيم. |
|