بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين
انشأ هذه السقاية السلطان مراد الرابع عند تجديده لجامع الشيخ عبدالقادر الكيلاني سنه 1048هـ /1637 م. تقوم هذه الساقية على شاطئ دجلة عند متحف الازياء في جوار قبر ابن الجوزي (بستان اكريبوز) وتمتد حتى تصل الى جامع الكيلاني فتقطع محلة السنك والمحال التي تليها بصورة مستقيمة تقريبا، حتى تنتهي عند الكيلاني، فسميت المحلة باسم راس الساقية، وما زالت بهذا الاسم فتمون محلة الكيلاني والمحال التي تمر بها بالماء وعرفت هذه الساقية عند اهالي بغداد بـ(المزملة البرانية) وذلك لوقوعها خارج اسوار جامع الكيلاني. ومن السياح او الرحالة الذين وصفوا هذه القناة هو الرحالة الدانماركي كارستون نيور الذي زار العراق سنة 1180هـ /1766 م عند وصفه التكية القادرية:(ان لهذه التكية التي تقع على مسافة بعيدة من دجلة مجرى خاصا يجلب لها الماء من النهر).
كما اشار اليها فيلكس جونس فذكر (ان لجامع الشيخ الكيلاني قناة تحمل اليه الماء من نهر دجلة) لكنه انه لم يشر اليها في خريطته، غير انه رسم الدرب الذي تسير فية الساقية، كما ذكرعقد محلة راس الساقية.
وذكر الالوسي ان علي رضا باشا والي بغداد انشأ ساقية اخرى لجامع الكيلاني وكانت غزيرة الماء كبيرة الارواء واجرى اليها جدولا من نهر دجلة .
غير اننا لانعرف لجامع الكيلاني ساقية اخرى سوى ساقية واحدة وهي التي بناها السلطان مراد الرابع. ولعل تعميرها وتحسينها من قبل الوالي علي رضا جعل الالوسي ينسب انشأها اليه، مستندا الى الابيات المدونة على رخامها. غير ان البيت الخامس يؤيد تجديدها وليس انشاءها ومن المناسب ذكر الابيات:
لله ساقية قد شاد مبناها
والى العراقيين اتصالها وادناها
اعنى علي رضا بل حيدري وغى
سميه لجميع الناس مولاها
من ماء دجلة اجرى سلسبيل ندي
يروي العطاش من الرمضاء اصفاها
وانساب جداولها في صحن دائرة
تطب المجرى محكى عن مزاياها
انعم بها كعبة للائذين بها
فقد صفا زمزم الجدوى ومرادها
تطوعا واحتسابا من فواضله
تجددت وسمت اركان عليها
قبالها منه لله خالصة
تفتر عن شنب الحسنى ثناياها
صح القيول جرى فورا فارخه
تجرى فينبوع بسم الله مجراها
1247
ان للسقاية بقايا شاخصة يمكن وصفها:
تقوم عند شاطئ دجلة بئر بيضوية الشكل مبنية بالاجر والصاروج قطرها 3 /5م سمك جدارها 85 سم الاجر 10سم وطوله 36سم تتصل من اسفلها بقناة مبنية بالاجر والصاروج ايضا تؤدي الى نهر دجلة لحمل المياه الى البئر.
اما الساقية فيتصل بها من الاعلى جدار يرتفع عاليا وهو مبني من الاجر والصاروج، يلتف من الجانب الشرقي من فوهة البئر ويأخذ نفس الشكل ليكون هذا الجدار حوضا لتجميع المياه المرفوعة من البئر لتنساب في ساقية مبنية بالاجر والجص ارتفاعها 35ر2 تمتد لمسافة 12م وتتجه الى الشرق باتجاه جامع الكيلاني وهي تحتوي على عقود سعة العقد 85ر1 م وسمك جدار العقدة 55ر1 والمسافة بين الاقواس 90سم عند بدا التقوس، وقد تم فرش المجرى نفسه بطبقة من القير سمكها حوالي 7سم خشية تسرب الماء او ضياعه اثناء جريان.
ويدل هذا على روعة وجمالية الهندسة التي عملت الساقية في تلك الفترة التاريخية المهمة في العصور المتعاقبة التي حكم فيها العثمانيون العراق التي دامت ستة قرون جثمت على صدور العراقيين.