الحكايه
يحكا أن ديك الجنِّ قام برحلةٍ بعيداً عن حمص طلباً للمالِ كي يردَّ بعض ديونه المستحقة,وعندما لاحَ خبر عودته قام ابن عمه أبو الطيبِ بالإيقع بينه وبين زوجته فقام بإعلامها أن ديك الجن قد قتل على الطريق.. فسيطر عليها الحزن والكمد وملأها الهم والحسرةُ ..وفي ذات الوقت قام أبو الطيبِ بإعلامِ صديقِ ديك الجنِّ (بكر)وأعلمه بذات الخبرِ وطلب منه الذهاب إلى بيت صديقه كي يهدِّئَ من روع زوجته (ورد).. ذهب (بكر) إلى بيت صديقه وشارك ورداً في همها وكمدها وحزنها على زوجها,وشرع بمواساتها وتهدئتها،ومع وصول ديك الجنِّ (سالماً)إلى حمصَ أسرع إليه ابن عمه أبو الطيب وأخبره بوجود صديقه في بيت زوجته أثناء غيابه وأنه كان يتردد إليها باستمرار..فاستبد الغضب بديك الجن ومضى هائجا إلى بيته,وعندما تحقق من صحة مارواه أبو الطيب شهر سلاحه وقتل زوجته وصديقه بسيفه.. توفي ديك الجنِّ بعد سنواتٍ مليئةٍ بالحزنِ والهم والندم على صديقهِ وزوجته سنة : 235 أو 236 هجرية و له أربع أو خمس و سبعون سنة.
***
ومما قال في رثائه لزوجته :
.يا طلعة طلع الحمام عليها
..................وجنى لها ثمر الردى بيديها
رويت من دمها الثرى ولطالما
.................روى الهوى شفتي من شفتيها
قد بات سيفي في مجال خنقها
.................ومدامعي تجري على خديها
فوحق نعليها وما وطئ الحصى
................شيء اعز علي من نعليها
ما كان قتليها لأني لم اكن
..................ابكي اذا سقط الغبار عليها
وقال عندما رأها بلمنام متحسف نادم عندما لاينفع اندم
جاءت تزور فراشي بعدما قبرت *** فظلت ألثم نحراً زانه الجيد
وقلت: قرة عيني قد بعثت لنا *** فكيف ذا وطريق القبر مسدود
قالت: هناك عظامي فيه مودعة *** تعيث فيها بنات الأرض والدود
وهذه الروح قد جاءتك زائرة *** هذي زيارة من في القبر ملحود
فشتاق لها وبكا بعد عاطفه وحزن كاد يقتله وقال
أشفقت أن يرد الزمان بغدره *** أو أبتلي بعد الوصال بهجره
قمر أنا استخرجته من دجنه *** لبليتي وجلوته من خدره
فقتلته وله علي كرامة *** ملء الحشا وله الفؤاد بأسره
عهدي به ميتاً كأحسن نائم *** والحزن يسفح عبرتي في نحره
لو كان يدري الميت ماذا بعده *** بالحي حلَّ بكى له في قبره
غصص تكاد تفيض منها نفسه *** وتكاد تخرج قلبه من صدره
واصار يلوم نفسه وينوح من حزنه قايلً
بأبي نبذتك بالعراء المقفر *** وسترت وجهك بالتراب الأعفر
بأبي بذلتك بعد صونك للبلى *** ورجعت عنك صبرت أم لم أصبر
لو كنت أقدر أن أرى أثر البلى *** لتركت وجهك ضاحياً لم يقبر
والخال في الخد إذ أشبهه *** وردة مسك على ثرى تبر
وحاجب منك خطه قلم الحس *** ن بحجر البهاء لا الحبر
ما أصبر الشوق بي فأصبرنا *** من حسنت فيه قلة الصبر
فاخذ يشرب الخمر حتى ينسى حزنه ولاكن الخمر
ذكره بخمارها فأنشد وهوا عليل مخمور
بها غير معذول فداو خمارها *** وصل بعشيات الغبوق ابتكارها
ونل من عظيم الردف كل عظيمة *** إذا ذكرت خاف الحفيظان نارها
وقم أنت فاحثث كأسها غير صاغر *** ولا تسق إلا خمرها وعقارها
فقام تكاد الكأس تحرق كفه *** من الشمس أو من وجنتيه استعارها
ظللنا بأيدينا نتعتع روحها *** فتأخذ من أقدامنا الراح ثارها
موردة من كف ظبي كأنما *** تناولها من خده فأدارها
فيسير ولا احد يدري به جنون او سكر
ردي الملبس كأيب الوجه ابيض راسه من ندمه
قل دينه وخيره ضعفت حاله فناح قائلً
وصاحب ونديم ذي محافظة *** سبط اليدين بشرب الراح مفتون
نادمته ورواق الليل منخرق *** تحت الصباح، دفيناً في الرياحين
فقلت: خذ، قال: كفي لا تطاوعني *** فقلت: قم، قال: رجلي لا تواتيني.
إني غفلت عن الساقي فصيرني *** كما تراني سليب العقل والدينِ
فمات بسبب حزنه وتسرعه وغيرته وقتله لصديقه وحبيبته