اناث وجكايات .. هواجس منى
منى صبية صغيرة في عمر الورود
حكايتها بسيطة لكنها تحمل عبرة وتصورات
الان عمرها يناهز النضوج في عالم الأنثييات
منذ صغرها كانت من المتميزات
في كل شيء تتميز على أقرانها من البنات
ذكاء وجمال وعفة وخلق وأحترام للذات
عاشت في بيت ميسور الحال
أخوتها أثنان ولها ثلاث أخوات
والدها يعمل بزاز ... له دكان على ناصية الحارة
أمها طيبة حنونة واعية لها أرث من الثقافة
وهبت حياتها لأسرتها وبيتها
تعامل الابناء كأصدقاء وبناتها كصديقات
بعد اعوام كبرت منى وكبرت معها الاحلام والامنيات
بدأت احلامها تداعب خيالها كأي فتاة
اهتماماتها في المدرسة أن تكون مميزة على جميع الطالبات
اما مايداعب الاحساس ... كان لها تفكير خاص
رسمت في خيالها تفاصيل احلامها بأجمل اللوحات
ملامح فارس الاحلام ...
وأهم شيء في ذهن المراهقات
رجل وسيم شجاع يفهم فيها روح الانثى التي تسكنها
يعني له كل شيء في الحياة
يحتويها بالحب والحنان ويكون لها ملاذ امان
هنا بدأت تتوضح لديها معالم وأهتمامات
بدأت تتذوق الاحساس من خلال القصص والحكايات
خياراتها بالقراءة .... قصص رومانسية
كانت مولعة بها كأي صبية
أما قصتها مع التلفاز والمشاهدات
مميزة ولها بعض الخصوصيات
تترقب كل عنوان يدل على حكاية عاطفية
تتابع الجميع على السواء أفلام ومسلسلات
بعد أن تكمل ماعليها من أعمال وواجبات
تسجل في دفترها الصغير المواعيد والتوقيتات
تبدأ ترتيبها حسب الاولويات
عنوان القصة هل تحكي عن الحب ام عن ظاهرة في المجتمعات
ثم وسامة الممثل ورقة الممثلات
وأخيرا تترك فراغ تحت حقل بلا أسم .. تسجل وتصنف فيه القبلات
تبدأ بمتابعتها حسب ماتتيحه الظروف والمناسبات
تعيش دور البطلة
تتفاعل مع أحداث القصة ... يتبين على ملامح وجهها بعض الاضطرابات
مرة تحزن وأخرى تنفعل وبعدها تعظ على شفتيها ... تتألم ويرتسم على وجهها بضع أبتسامات
حسب سيناريو الاحداث
أن كان ماتشاهده سبق أن شاهدته لمرات
تردد الحوار بصمت ... في داخلها كي لايشعر أحد بها
خلاصة الامر أنها كانت تتأثر بشدة بما تشاهده على القنوات
يبقى عالقا في ذهنها كل ماشعرت به
وعندما يحين وقت النوم ... يلف البيت الهدوء والسكون
تذهب مع مشاعرها الى خزانة اسرارها ... بالطبع ستكون وسادتها
تبدأ بأستعراض ماحدث لها في يومها
منذ صباحها ... حتى الارتماء في أحضان سريرها
شريط ملون تتفحص فيه كل مامر بها من أحداث مهمات
أمور كثيرة تحضر على بالها ...
لكنها تتزقف عند الحب في حياتها
ومع هزيع الليل تتذكر مأساتها
تعزف سيمفونية بكائها بصمت نحيبها
تنسل من فراشها وتحكي مع مرآتها
لماذا يارب انا هكذا
تتذكر انها ليست مثل اقرانها
لاتستطيع الحديث مثل بان ونجلاء ومها
ليست خرساء
لكن تتلعثم بالكلام
التأتأة عيبها
وهذا مايقض مضجها
يؤلمها
تشعر بعجزها
كيف لا .. وهي أنثى رائعة الخصال
فاتنة ساحرة الجمال
طيبة نقية أنثوية هي رمز للدلال
حاولت هي واهلها لمرات
أن تعالج نفسها من مأساتها
لكن باءت بالفشل جميع المحاولات
أرتضت بنصيبها وأعتادت أن تلملم أوجاعها .. وتحتضن آلامها
تنفث آهاتها في أرجاء كيانها
ومع أنغماسها في فترة مراهقتها كانت تخفي مشاعرها وتمنياتها في صدرها
تمنت أن تعيش قصة حب كصاحباتها وأول حب بالتأكيد سيكون في محيطها
أبن الجيران الذي كان يتابعها بالنظرات .. شعرت بلذة الأعجاب بينهما
نظراته ليست عادية أنها تحمل رسائل مثل تلك التي لاحظتها في احدى الروايات
تقارن ماحصل معها ومافهمته من دردشة كانت بينها وبين احدى الصديقات
سرى تلك التي بدأت قبلها بعلاقة حب مع ابن الجيران
حدثتها بكل تفاصيل العلاقة بدءا من النظرات حتى ماحدث بينهم باللقاءات
منى تعكس دائما كل ماتجمع في فكرها من وقائع حصلت معها
تحاول ان تعيش لذتها مع مايترسخ في ذهنها من مشاهدات
كم كانت تعاني في داخلها من صراعات
تتناقض الاحاسيس مع المشاهد الحميمية التي تبقى في رأسها الصغير راسخات
أرتجافة شفتاها لاتعرف سرها عندما تستذكر مشهد القبلات
تخيلاتها تأخذها للفضول بمدى ذلك الشعور التي كانت تراه فقط
روح الانثى الكامنة في داخلها ... تفجر بها طاقات
تتسارع النبضات ... وتختض مفاتنها تحت وطأة الرغبات
لاتجد امامها سبيل الا أن تحتضن وسادتها لتصمت أنين الآهات
تبقى في صراعها مع التخيلات
حتى يغلبها نعاسها ... لتهدأ في داخلها من ثورات
توالت عليها الايام
أحبت منى ... فهمت معنى العشق
مرت ببعض تجارب الحياة المؤلمة
مع كل تجربة حب فاشلة تحفر في جذور أعماقها ذكريات
ضاعت احلامها مابين
خيانة ... طيش ... سوء نية ... أختزالها كأنثى وسيلة للشهوات
وصعوبة النطق عندها كان أكثر المسببات
وأصعب مواقفها مع الشاب الذي يسخر منها ويذكرها بعيبها
كم تشعر بهوانها وهي تجر ورائها أذيال خيبتها
في كل يوم كانت تضيف لوسادتها سر دفين من اسرارها
تسأل نفسها عدة تساؤلات
متى سأشعر بلذة الحب متى سأكون كالاخريات ؟؟
هاهو الزمن يمر عليها متثاقلا بأحداثه وماحمله لها من الام وشيء من اللذات
في خاطرها تجمعت كل التمنيات
كل ليلة تودع يومها بسيل من الدمعات
ويبقى السؤال في ذهنها حاضرا
متى سأشعر اني أنثى ؟؟
متى سأكون امرأة ؟؟
متى سأكون ام مثل باقي الامهات ؟؟
مجرد تساؤلات تقض مضجعها في كل يوم
تخفيها في خزانة اسرارها
عسى ان تستيقظ في الصباح لتجد الاجابات
أنتهت دراستها الثانوية وأصبحت طالبة جامعة في احدى الكليات
مرحلة جديدة في حياتها جعلتها تشعر انها من الفاتنات
بعدما كان الكل يرمقها بنظرات الاعجاب
سواء كانوا زملاء ام زميلات
شخصيتها كان تمتاز بخليط من الوقار والانوثة
لها عنفوان وشموخ ... ترافقه سحر وجاذبية
لكن
مع ذلك كله بدأت المعاناة
عندما دق قلبها لرجل توسمت فيه مايرتسم في خيالها لفارس احلامها من صفات
بدأ رحلتها مع الغرام ... شعرت انها قريبة من تحقيق الاحلام
انه يختلف عن كل تجاربها العقيمة
نست او حاولت ان تتناسى كل مامضى وفات
أنتبهت لنفسها لحظة وهي تفكر في غرامها الجديد
مايميز تلك العلاقة
ان حبيبها .. تفهم مأساتها وأحب فيها عيبها
عندما قالت له أنها تعاني من صعوبة النطق
وتخذلها بعض حروف الأبجدية
وحرف الألف بالذات
أسمع مني كيف أقول لك
(أأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأأحبك)
هل ترضى بتلك الكلمة تصدر بمثل هذه التشوهات
فأجابها
بالعكس حبيبتي هذا يسعدني بل أنتشي وأنا اسمعها بتلك الطريقة
أنا أتلذذ وأنت تهمسيها بأذني
أطيلي في نطقها ياحبيبتي غنيها لي بتزاحم أنفاسك مابين حنجرتك وشفاهك
أنثري حروفها على حبالك الصوتية
كي تخرج من ثغرك نقية .. غير متسرعة .. فتأخرك بنطقها يضيف نكهة خاصة لها
في مساء ذات اليوم قررت ان تكون مختلفة
ستخضع كل شيء لحسابات
تحدثت لوسادتها
يارفيقتي يا أفضل من يسمعني في صمتي
انا مللت من آلام الذكريات
سئمت من الخيال والعيش من خلال الصور واللوحات
اريد ان احقق ذاتي ... احقق اهم مالدي من أمنيات
كفاني اوجاع وآلام وعثرات
لا أعرف ان كنت يوما ستخنقني العبرات
اواااااااااااااااااااااااااااااااه منك ايتها الحياة
لأني طيبة ونقية
بادرت بحسن الظن مع كل شاب كان يسمعني الحب في كلمات
أعيش مع همسات الحب كأميرة مدلله وسط الغيمات
وفي لحظة مبادلتي أيها الكلام .. أجده وجه لي أقسى الطعنات
بعد الان سوف لن اترك شيئا دون يكون ببالي أسوأ الاحتمالات
فزعت عند هذه الكلمة
ظلت ترددها في نفسها كثرا
اسوأ الاحتمالات
كررتها لمرات ومرات
لتستفهم كيف ستعرف اسوأ الاحتمالات
وأخيرا
أمسكت بوسادتها لتخبرها بما عزمت عليه
سأذهب لاحدى العرافات
لاتتفاجئي مني ياوسادتي
أعلم بأني فتاة متعلمة ومؤمنة لكني سئمت من تكرار فشلي
ياصاحبتي عزمت على امري
هذا هو سري
أحتفظي به لاجلي
ذهبت منى في ثاني يوم مع احدى الصديقات
الى احدى العرافات
وبعد رحلة مضنية بين الأزقة والحارات
وصلت الى بيت تلك العرافة المشهورة حسب ماتناقلته اخبارها بين الفتيات
جلست بالقرب منها
لتراقب مراحل عملها
وكالعادة ... نثرت البخور وبدأت بترتيل همهمة وبضع تمتات
وهذا ماتعرف به تلك المشعوذات
بادرت العرافة منى بسؤالها
مابك يابنيتي
انك جميلة جدا .. فاتنة .. ورقيقة .. وهيأتك تدل على أنك بنت ذوات
بالتأكيد لديك رجل يحبك وانت تبادليه الحب
هل تريدين ان تعرفي متى يكون موعد الزواج
ام تريدين مني عمل لاجعله يذوب في هواك
ام هناك بينكم عوائق وعقبات
سأعمل لك ما تريدين من أعمال وحجابات
أطلبي ماشئت ياست البنات
هنا فاجأتها منى
قالت لها ايتها العرافة
اريد أن أعرف موعد المأساة
كيف سيكون شكلها
كم سيبلغ حجم المعاناة
ماذا ستترك من آثار في أعماقي تلك الجراحات
أريد منك وصف دقيق للمأساة
هذا ياسيدتي كل مالدي من طلبات
ضحكت حينها العرافة وتعجبت من حديث الفتاة
قالت لها والدهشة لم تفارق ملامحها
اربعون عاما وانا أعمل في مجال الغيبيات
مرت علي الكثير من النساء ... والفتيات
طلبات غريبة ومفاجئات
كلها تتمحور حول الأحتفاظ بالحب والسؤال عن مفقودات
او تتباين بين عمل بين التفريق بين الزوج واهله
او أن يبقى اسير حبها مدى الحياة
واحيانا لأبعاد فضول بعض الجارات
او منع الشر والسوء في بعض الحالات
كثيرة هي الطلبات ومع حجم الحيف تكون متشعبات
لكني لأول مرة أسمع من انثى لها من الحسن آيات
تطلب مني ان احدد موعدها مع المأساة
وكيف يكون شكل الطعنات ... وماتحمله من قساوة وآلام
مع ذلك يابنيتي
سألبي لك كل الرغبات
أخيرا
سأترك لخيال القاريء حق وضع النهايات
ماذا سيكون رد العرافة على الطلبات
وماذا سيكون رد فعل منى على المأساة