المساجد العريقة في "بلاد البحيرات".. روعة في التصميم
رمضان والعيد في أذربيجان.. مأكولات ومسابقات وأمسيات
تعدّ أذربيجان من أجمل بلدان العالم، حيث تتميز بالطبيعة البكر، كما أنها تسمى "بلاد البحيرات" حيث تعتبر أكبر بلد يحوي بحيرات داخلية في العالم.
وتبلغ مساحة أذربيجان 86.6 ألف كيلومتر مربع، وهي جزء من جبال القوقاز ويبلغ عدد سكانها 7.5 ملايين نسمة ولغتها الرسمية اللغة الأذرية وهى قريبة جداً من التركية.
ويغلب على طبيعة هذه البلاد الجبال والهضاب وكثرة المجاري المائية، ويتميز مناخها بالاعتدال في الصيف والبرد الشديد خلال الشتاء حيث تتأثر بأجواء سيبيريا، كما تتميز أذربيجان بكثرة الأمطار، ويبلغ عدد البحيرات فيها ما يقارب 250 بحيرة.
ويحتفل الشعب الأذري بشهر رمضان منذ منتصف شهر شعبان، حيث تتزين المساجد والمنازل ويتبارى الشباب في تزيين الشوارع الرئيسة بأشكال رائعة ثم حين يحلّ العيد ينظم السكان سباقات للخيل، وهي عادة أصيلة لديهم.
ويتناول السكان على الإفطار التمر والماء، ثم يصلون في جماعات ويتناولون الطعام، خاصة طبق الشوربة الذي يعدّ أساسياً وضرورياً في المائدة.
ومن الأطباق الشهيرة هناك الضلحة وهي من ورق عنب ومفروم لحم الضأن مع البصل اليابس، ويضاف إليه الخضراوات المقطوعة والملح والفلفل، وفي بعض الأحيان الحمص المبلل في الماء بالإضافة إلى أوراق العنب الطازج الذي يخلط مع اللحم المفروم ويقدم معه لبن الزبادي.
وهناك ضلحة من تفاح وأخرى من ورق شجرة التوت، أيضاً هناك بلوف وهو يعني "الأرز" الذي يتمتع بالشعبية.
أما طبق القاوورما فهو يطهى من لحم الدجاج والبقرة وشحم اللية والبيضة والسمك ولحم الطيور وكذلك من البصل والطحين والفواكه المجففة والزعفران والبهارات وتضاف إليهم الخضراوات.
ويفضل الأهالي "سمك كوكو" المكون من الشبوط والكرب والحفش الأبيض غير السمين، وتعتبر هذه الوجبة من السمك المدخن إضافة إلى أرقى أنواع المشروبات الأذرية.
ويعتمد المطبخ الأذربيجاني بشكل أساسي على التقاليد القديمة، حيث الطبخات الشرقية كما تشارك الأمطار الربيعية والشمس في ظهور الخضروات الجديدة واللذيذة.
هذا ويشهد شهر رمضان المبارك تنظيم العديد من الفاعليات في العاصمة "باكو" حيث تقام يومياً أمسيات دينية يحضرها عدد كبير من المواطنين الأذريين وأعضاء الجاليات العربية وهي تلقى إقبالاً كبيراً بالإضافة إلى إقامة صلاة العشاء وصلاة التراويح والقيام وإلقاء بعض الخطب الدينية للدارسين المبتعثين من جامعة الأزهر وأم القرى، حيث يتم استقبال الشيوخ الموفدين من مصر والسعودية للمشاركة في إحياء ليالي الشهر الكريم.
وقد انتقل الفن الإسلامي إلى المناطق التي فتحها المسلمون ومنها مناطق أذربيجان، حيث اعتنقت شعوبها الإسلام مما أثّر بشكل كبير على فنها المعماري وأضحت المساجد والمدارس التعليمية تحفاً فنية شاهدة على تاريخها وانتمائها الإسلامي.
وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي أخذت الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى ومن بينها أذربيجان، التي أعلنت استقلالها الوطني، تخطو ببطء من أجل استعادة هويتها الإسلامية الضائعة أو المطموسة.
وبدأت جهود إعادة الاعتبار لدور المساجد التي تهدم أو أغلق غالبيتها خلال العهد السوفيتي وتحول البعض الآخر إلى متاحف وأماكن تاريخية مهملة.
ونشطت في عواصم ومدن هذه الأقطار حركة إعمار شملت العديد من المساجد الضخمة الحديثة التي قامت بتنفيذها جمعيات إسلامية عربية وتركية وإيرانية إضافة إلى الاعتماد على تبرعات الأهالي والأغنياء المحليين ثم نشطت هذه المساجد والجمعيات في نشر التعاليم الدينية.
ويعود تاريخ بعض المساجد في أذربيجان إلى أزمنة بعيدة مثل مسجد محمد بن أبي بكر الذي يعد من أكثر المساجد شهرة وعراقة في البلدة القديمة بمدينة باكو.
ويتكون هذا المسجد من مبنيين أحدهما قلعة دائرية والثاني قاعة مربعة صغيرة مع مدخل على شكل غرفة صغيرة لنزع الأحذية، وعلى الواجهة الشمالية كتبت بلغة عربية وبخط كوفي واضح عبارة "بسم الله الرحمن الرحيم بني هذا المبنى من قبل الأستاذ العرايس محمد بن أبو بكر في عام 471 هجرية 1078 ميلادية".
وأطلقت على المأذنة المبنية إلى جانب المسجد عبارة "القلعة المكسورة" وذلك بعد أن تهدم الجزء العلوي منها في عام 1723 ميلادية.
وتتكون الجهة الجنوبية للمسجد من طابقين هما قاعة في الأعلى وطابق أرضي "تسوية" منفصلين حيث تستخدم السفلى للنساء.
وبحسب مصادر في وزارة الثقافة الأذربيجانية فقد أجريت للمسجد أعمال ترميم وصيانة واسعة كان آخرها خلال عام 1920 أدخلت خلالها الكثير من التعديلات البسيطة على البناء القديم وذلك أثناء زيادة التهوية والإنارة.
ويتسم المسجد بشكل عام بالبساطة في تصميمه مع الافتقار إلى الزخرفة، بالإضافة إلى المحراب الموجود في وسط الواجهة الجنوبية وصمم سقفه العلوي على شكل نصف دائرة ومن خلفه فجوة ازدان عقدها العلوي بخطوط ورسوم على شكل نصف زهرة كما أحيطت حافاتها بالنجوم.
وكتب على عقد الباب من الداخل والخارج لفظ الجلالة "الله" إضافة إلى رسوم وأشكال تنتج عن تقاطع أضلاع النجوم الخماسية والسداسية التي يشتهر بها فن العمارة الأذربيجاني.
ويختلف المسجد والمئذنة عن بعضهما سواء في فن العمارة أو عناصر وأسلوب البناء كما أن حجم المئذنة الكبير لا يتناسب مع التقاليد المتعارف عليها في بناء المساجد في أذربيجان خلال العصور الوسطى حيث كان من المتعارف عليه أن يتناسب حجم المنارة مع حجم قاعة الصلاة في المسجد.
ويفسر بعض الباحثين هذا الاختلاف بأن المسجد كان قد أقيم على أنقاض معبد للنار أعيد بناؤه وتحويله إلى مسجد حيث أخذ الطابق العلوي منه سمته الحديث بينما ألحقت به المنارة التي كانت مقامة سابقاً وتتصف بالشكل الأسطواني وهي مبنية من الحجر القوي وفي قمتها العليا شرفة للمؤذن كتبت تحتها آية قرآنية.
ومن المساجد المهمة كذلك مسجد الجمعة الواقع في البلدة القديمة بباكو بالقرب من القلعة التاريخية الشهيرة التي أصبحت رمزاً لأذربيجان.
ويقول المؤرخ الأذربيجاني أخوندوف إن الجامع قديم جداً وأعيد بناؤه وترميمه أكثر من مرة كانت آخرها في بداية القرن العشرين حيث وضع الأهالي مخططاً لبناء مسجد جديد مكان المسجد المتهاوي بحيث يكون كبيراً في حجمه مثل مساجد المدن الكبرى مثل القاهرة وإسطنبول تحيط به حديقة عامة وأمام مدخله وتزرع الأشجار وتقام نوافير المياه.
ولم تسمح إدارة المدينة بهذه الخطوة بحجة استكمال بناء سور القلعة القريب من المكان مما اضطرها إلى إعادة بناء المسجد الجديد مكان القديم الذي تهاوى في عام 1318 هجرية 1901 ميلادية.
وكانت تتوسط المبنى القديم للمسجد أربعة عقود مستديرة مكشوفة من الأعلى مما يشير إلى أنه بني على أنقاض مبنى آخر كما تعلو الأقواس قبة مخروطية حددت المظهر العام الخارجي للمسجد وزينت بألواح وبلاط ومواد زخرفة، لم تكن مستخدمة في فن البناء والعمارة في الأقاليم الشمالية لأذربيجان في تلك الفترة.
وفي وسط الجامع توجد قاعة الصلاة وهي مربعة الشكل يتبعها عدد من الغرف الصغيرة إحداها في الجزء الشمالي الغربي مخصصة للنساء.
وفي الخارج يوجد فناء صغير داخله حوض ماء للوضوء إضافة إلى وجود قاعات الرجال والنساء كانت منفصلة عن بعضها ولكل قاعة باب خاص بها.
وألحقت بالجامع في القرن 15 الميلادي مئذنة ما زالت في وضع جيد حيث تمتاز بثقل حجمها وشكلها المعماري وهي لا تختلف كثيرا عن مئذنة مسجد محمد بن أبي بكر.
وبخلاف مبنى المسجد القديم فإن المسجد الجديد يمتاز بقاعة صلاة واسعة تعلوها قبة أنيقة تتخللها فتحات للإنارة بسيط في تصميم جميل في زخرفته.
آخر تعديل علياء يوم
21 - 7 - 2014 في 09:36 PM.