فن من فنون التعايش في الحياة , الكل منا يغفل عنه ويستسلم لما يصيبه من سوء وكدر ... هو فن التهوّيـــن
لابد من اتقان هذا الفن و تعلمه .. وتعلم كيف ننسى ما مضى من الآلام , وأن لا نقبل أن نكون آلة حزن وتنديد !
ربما الاغلبية منا شديدي الحساسية , وربما تألمنا يومين لحادثة أحرجتنا أمام الناس , وكنا كذلك شديدي الحرج من كل صغيرة وكبيرة ... الأمر الذي يوقعنا في كثير من المشاعر السلبية .. هنا لابد من التهوين ... فالتهوين كفيل أن يقضي على مشاعرنا السلبية تجاه الماضي ...
ليس هنا احد أحد إلا وله ذكريات حادة وحرجة ومؤلمة , لكنها هي التي تصنع الأبطال !
تذكر أن الذين ينعمون بالرخاء , ويتربون في القصور , ويأكلون ما يشتهون , ويلبسون ما يريدون , ويمرحون ويسرحون , هؤلاء لا معنى لحياتهم , ولذلك فإن القادة الذين نشئوا بين المحن ومن وسط الشعب هم الذين يقودون الأجيال , ويصنعون الرجال , ويحققون الآمال, ويفعلون المحال !
واهم وأروع مثلنا في الخلفاء الراشدين والأئمة المجددين , بل هذا السبب الذي جعل جيل الصحابة جيلاً فريداً ..
اليابان, ألمانيا وغيرها, دول خاضت المعارك العالمية وتحطمت ثم قادت , لأن قادتهم كانوا ممن ذاقوا المحن , وأرادوا صنع الحياة وتحقيق الانتصار ...
تعلم أن تهوّن كي تعيش , ابدأ من الآن , أغلق باب التنديد والمسكنة , أنت تعيش اليوم وليس الأمس ,
وإن ما مر بك مر بكل إنسان لكن بألوان مختلفة !
لقد عاش نابليون في قمة الجاه والسلطة والشهرة , لكنه قال في سانت هيلينا : (لم أعرف ستة أيام سعيدة في حياتي),
بينما عبرت هيلين كيلر العمياء الصماء البكماء: (أجد الحياة جميلة جدا) ,
تعلم كيف تعيش سعيد بقلب ماضيك إلى تجارب صاغتك كما يصاغ الذهب واقلب حاضرك ميداناً للتحدي , واجعل مستقبلك أملاً براقاًً ونوراًً ساطعاًً ..
شد يهودي على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) , وقال: (يا محمد ! اقض ديني , فإني أراكم مطل يا بني هاشم) ,
أولا: أساء إلى رجل محفوف بمحبيه وفاديه,
وثانيا: تعدت يده عليه ,
وثالثا: ناداه باسمه مجردا وليس بينهما سابق صحبة,
ورابعا: طعن فيه بل وفي جميع أهله,
فما زاد النبي (صلى الله عليه وسلم) على أن ابتسم وأمر بدينه ليدفع له , والقصة مشهورة حيث أسلم اليهودي بعدها , وقد أراد أن يختبر صفة الحلم المذكورة فيه في التوراة ...
تذكر أن النقد يأتي على قدر المنتقد , وإنه اعتراف بقدرك ومكانتك , قول لنفسك : هذا لأهميتي !
الناس ليسوا جميعا على قدر واحد من التعليم والادراك والأدب والتحضر ... ففيهم السيئ كذلك , ونحن نقبله في مجتمعنا , سلِ نفسك :
اين انت من اخلاق وحلم النبي (صلى الله عليه وسلم) ؟
تعال انظر نفسك وأنت تغضب إذا ذكرك أحد بسوء أو بغلطة , بل ربما كان هذا الشخص زوجك أو صديقك , أو ربما أباك أو أمك . نعم أنت لا تطيق ذلك !
تفكرت في السبب الذي يجعل القرآن الكريم يدون حادثة الشجار التي حصلت في بيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين زوجاته ... فعلمت أن ذلك تربية لنا لك نعرف أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) ... كان يتعرض أحيانا لمثل هذه المواقف ويصبر بل ويغفر فمن باب أولى أن نفعل نحن ذلك ..
تمر علينا عشرات بل مئات الحوادث والأمور كل يوم , فلو أننا اتخذنا موقفا من كل حادثة فقد تهلكنا هذه الحوادث وهذه الامور ويفتك بنا القلق , تتعب أعصابنا ...
فان حدث وتعرضت لحادثة , خاصةً وان كانت لا تستحق كأن يغيظك أحد أو يشتمك , أو يتهمك أو ما شابه ذك , فلا تلقِ له بالا , ولا تعطي له اية اهتمام , ففي كثير من الأحيان قد تتعرض لشخص يريد اغاظتك لا تستجيب لمطلبه , تعلم كيف تتجاوز صغائر الأمور...
فأنــت أكبـــر مــــن ذلك !