:: سورة الكهف - علاء عقل ( جودة عالية )❤️ كلها خشوع وطمأنينة (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: تلاوة خاشعة (سورة طه) (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: سورة الكهف - حسن الفاضلي (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: لشيخ سعد الغامدي سورة البقرة النسخة الأصلية (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: علامات الساعة الكبرى التي أخبر عنها النبي محمد(صلى الله عليه وسلم ) (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: صور لادعيه اسلاميه (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: صور دينية واسلامية (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: شؤم اللعن (خطبة) (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: التقوى وأثرها في حياة المسلم (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: لعلكم تتفكرون (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: قيمُة العُمر فَي الإسلَام. (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: الحث على شكر النَّعماء والصبر عند البلاء. (آخر رد :جوهرة بغداد)       :: كود الايام والساعات والثواني من عمر المنتدى (آخر رد :تووفه الحربي)       :: مفاهيم حقوق الإنسان ومنطلقاتها بين الفكر الإسلامي والفكر الغربي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاريخ العراق القديم/مهنة النجار اصولها من بلاد الرافدين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك البسملة و السلام في بداية كل موضوع (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك شريط متحرك يظهر لعضو معين الاصدار الثاني (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك مواعيد مباريات (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: هاك حاله الباسوورد (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: هاك إحصائية عمر المنتدى (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصص من التراث العراقي/الرجل الصالح والمراة الفاسدة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: معركة فتح الديبل والسند (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سيرة التابعي الجليل/طاوس بن كيسان (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سيرة الصحابية الجليلة/15/عاتكة بنت عبدالمطلب (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة لله يشكي مكسور الجناح (آخر رد :حمدفهد)       :: احذر الجلوس الطويل إلى مكتبك (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سيرة الصحابي الجليل/18/الطفيل بن عمرو (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تفسير ايات سورة التين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سلسلة الاخلاق الاسلامية/13/التعفف (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك منع عضو معين من استخدام الرسائل الخاصه (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سـآمـح غيآبي (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: هاك عداد المواضيع والردود والزيارات والمرفقات للعضو (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك اظهار الوان الاعضاء في كافه انحاء المنتدى (آخر رد :تووفه الحربي)       :: مدونات المنتديات مدونة خاصة لكل عضو (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة قلت لها روحي (آخر رد :حمدفهد)       :: نبارك للأخت جوهرة بغداد على الفيتها الـ9,000 (آخر رد :الــســاهر)       :: نبارك للأخت البارونه على الفيتها الـ 2,000 (آخر رد :الــســاهر)       :: نبارك للمتألقة دوما تووفة الحربي على الفيتها الـ 75,000 (آخر رد :حمدفهد)       :: هاك رتب المجموعات بالالوان (آخر رد :تووفه الحربي)       :: مشاهدة الفيديو فى منتداك يظهر الفيديو من حوالى 28 موقع معرب (آخر رد :تووفه الحربي)       :: هاك التحكم بعدد الالبومات (آخر رد :تووفه الحربي)       :: رواية شياطين تدوس الارواح واو احلا رواية قريتها (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة في وادي النعمان مكة المكرمة (آخر رد :حمدفهد)       :: أو تبكي السماء والأرض (آخر رد :أسير الصمت)       :: تهنئه بـ الالفيه الرابعه للشاعر حمد فهد والف مبروك (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدة غريبة شكل (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة الإعجاب يسرني والتعليق يزيد الطاقة (آخر رد :حمدفهد)       :: وتكبر الدنيا بعيوني (آخر رد :تووفه الحربي)       :: اللحوم والدهون تسرطن الجلد (آخر رد :تووفه الحربي)       :: حين يكسرك القريب ويجبرك الغريب (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سلسلة احداث السيرة النبوية/الحلقة السادسة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سفراء النبي صلى الله عليه وسلم/5/العلاء بن الخضرمي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: الشاعرة والاديبة الفلسطينية مي زيادة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: علماء وعباقرة العرب/10/ابن ابي اصبيعة اخلاقيات الطب وتاريخه (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاريخ العراق القديم/البابليين يلجاون للاختباء خوفا من الاشوريين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاريخ العراق القديم/اتفاقيات الاشوريين للتجارة مع الاناضول (آخر رد :تووفه الحربي)       :: بغداد ياحسرة قلوب السلاطين (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روايه نور في غسق الدجى (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: روايةقلب المحب دليله رواية سعودية رومنسية (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قصيدة هيضت خافي أحزاني (آخر رد :حمدفهد)       :: ابسط وجهك للناس تكسب ودهم (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/سعدي يونس/لزوم ما لا يلزم (آخر رد :الــســاهر)       :: روائع الشعر العراقي/نازك الملائكة/اغنية الهاوية (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روائع الشعر العراقي/كريم العراقي/سبحان الله الغفار (آخر رد :تووفه الحربي)       :: يا نصفي الثاني من العمر مسموح (آخر رد :ناطق العبيدي)       :: قصيدة شوقي وذوقي (آخر رد :حمدفهد)       :: حدود دول وأقاليم غريبة تقع فعليًا داخل دول أخرى/بارل هرتوغ وبارل ناسو (آخر رد :عيونها لك)       :: توائم عن أشهر المعالم السياحية التاريخية في العالم/معبد أنغكور وات / معبد بوروبودور (آخر رد :تووفه الحربي)       :: قبائل منسية اختار البقاء بعيدا عن الحضارة /قبيلة تورومونا السكان الاصليين في بوليفيا (آخر رد :تووفه الحربي)       :: علاجات غريبة كان يعالجون فيها قديمًا /علاج جميع الامراض المزمنة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا الأصيله (آخر رد :تووفه الحربي)       :: بر الوالدين (وبالوالدين إحساناً) (آخر رد :أسير الصمت)       :: التفسير الموضوعي للجهل في القرآن: دراسة لآية “يحسبهم الجاهل أغنياء” (آخر رد :أسير الصمت)       :: قصيدةفي الجو الرهيب (آخر رد :حمدفهد)       :: قصيدة هلاك المحبين (آخر رد :حمدفهد)       :: طريقة عمل خبز الثريد (آخر رد :عيونها لك)       :: هل خطر ببالك يوما الأعمى ماذا يرى (آخر رد :عيونها لك)       :: عظمة بعض الكلمات (آخر رد :عيونها لك)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا ابو طلال (آخر رد :الــســاهر)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا ثلوج دافئة (آخر رد :الــســاهر)       :: قصيدة عزاه لمن دكه الهوجاس (آخر رد :حمدفهد)       :: سلسلة اعلام المسلمين/الامام الثقة عبدالله بن ابي نجيح (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تاريخ السلالات في التاريخ/11/الصفويون (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سيرة العشرة المبشرة/11/عمر بن الخطاب/ج2 (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سلسلة التعريف بسور القران الكريم/سورة العصر (آخر رد :تووفه الحربي)       :: تفسير اسماء الله الحسنى/الحكيم (آخر رد :أسير الصمت)       :: كلمات متوهجه (آخر رد :نظرهـ خجولهـ)       :: أصدقاؤك مثل أسنانك (آخر رد :نظرهـ خجولهـ)       :: رواية ليتني عرفتك باول العمر (آخر رد :تووفه الحربي)       :: روايةسئمت المثاليه فقررت الانحراف (آخر رد :تووفه الحربي)       :: رواية ذكريات قصر عمي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: سالم يقود الأخضر في خليجي 26والعقيدي يعودويعتذر (آخر رد :أسير الصمت)       :: التفاوت بين البشر وأعمالهم (آخر رد :أسير الصمت)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا أسير الصمت (آخر رد :عيونها لك)       :: رواية لو كرر التاريخ امرأه اخرى مـثلك لـعشقت الخيانة ياسيدتي (آخر رد :تووفه الحربي)       :: دعونا نرحب بضيفنا الجديد حياك الله يا فيرتي سبيرم (آخر رد :تووفه الحربي)       :: جنود مجندة (آخر رد :عاشق الكتابة)       :: لك غلا واحساس صادق مع البوح (آخر رد :تووفه الحربي)       :: رواية جبروت الأبتسامة (آخر رد :تووفه الحربي)       :: رواية امراة في ظل الاسلام (آخر رد :تووفه الحربي)      

 

{ شبكة همس الشوق  )
   
 
 
   
{ اعلانات شبكة همس الشوق ) ~
 
 
 
   
فَعاليِات شبَكة همَس الشُوقِ
 
 
Elegant Rose - Double Heart
 غير مسجل  : بصفتك أحد ركائز المنتدى وأعضائه الفاعلين ، يسر الإدارة أن تتقدم لك بالشكر الجزيل على جهودك الرائعه .. وتأمل منك فضلاً لا أمراً المشاركة في أغلب الأقسام وتشجيع كافة الأعضاء بالردود عليهم والتفاعل معهم بقدر المستطاع . ( بكم نرتقي . غير مسجل  . وبكم نتطور ) همس الشوق

اخي الزائر لديك رسالة خاصة من شبكة همس الشوق للقراءة ! اضغط هنا !


همس للخيمة الرمضانية



مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية

همس للخيمة الرمضانية


إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

بحث حول الموضوع انشر علي FaceBook انشر علي twitter
العوده للصفحه الرئيسيه للمنتدى انشاء موضوع جديد ردود اليوم ممنوع دخول الفضوليين مدونة القران الكريم
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19 - 9 - 2014, 04:11 AM   #91



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم
قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم
وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً

أنا وإياكم في مكان مبارك .. في ساعة مباركة ..في حضور مبارك.. في ليلة بعنوان
توبة صادقة ..
التوبة بداية حياة ونهاية حياة .. بداية مع الهداية ونهاية مع الغواية ..
التوبة منة وفضل من الله يمن بها على من يشاء من عباده فهو التواب الرحيم .
التوبة امتحان للتائبين ليُعرف الصادقون والكاذبون ..
التوبة ميلاد جديد وانطلاقة إلى عهد مديد .. إنها حياة شعارها الحياة مع الله .. إنها حياة شعارها الحياة مع الله ..
المطلوب هو الصدق مع الله لذا أسميتُ المحاضرة : توبة صادقة.
أحبتي كثير هم الذين يتوبون لكن قليل هم الذين يصدقون في توبتهم ويثبتون .
كتبت المحاضرة على مدى أيام وليالٍ طوال تنقلت فيها من كتاب إلى كتاب ، وسمعت أخباراً وأخبار فاخترت من أخبار الماضي والحاضر طرزتها بالآيات والأحاديث والآثار ، ضمنتها أبياتاً من الأشعار وأقوالاً للصالحين الأخيار .
أردت من طرح الموضوع تثبيت التائبين وتذكير الغافلين .
أردت أن أذكر الجميع أنه ما نزل ذنب إلا ببلاء وما رفع إلا بتوبة .
جعلت الحديث موجهاً للجميع ذكراناً وإناثا..ً نساءً ورجالاً.
فالتوبة وظيفة الجميع .. فهيا معاً .. فهيا معاً نركب قطار المستغفرين إلى ديار التائبين ، وننضم إلى قوافل العائدات والعائدين، ونبدل الحال من حال إلى حال قبل نزول مفرق الجماعات وهادم اللذات ، فلا ندري أين غداً تكون الدار إلى روضة من رياض الجنة أم إلى حفرة من حفر النار ، ومن أشرقت بدايته أشرقت نهايته ..من أشرقت بدايته أشرقت نهايته ..ومن كان مع الله كان الله معه .. إن من صدق مع الله في توبته صدق الله معه ووفقه لحسن خاتمته .
إن التوبة والنجاة بالاستغفار لا بالتمادي والاستهتار .
أنه من بذل الأسباب وصل إلى الأبواب .
عناصر اللقاء :
العنصر الأول : توبة كاذبة .
العنصر الثاني : باختصار مع الذين خُلفوا
العنصر الثالث : من ترك شيئاً لله
العنصر الذي يليه : ليست فاتنة بل ظالمة .
ثم أخيراً : اعتبروا يا أولي الأبصار .


العنصر الأول
توبة كاذبة

قال منصور بن عمار : كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب ، وكنت أراه كثيراً .. كنت أراه كثيراً من العباد والقوام والصوّام .. أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أياماً فقيل لي : هو مريض . فأتيت إلى داره فخرجت إليّ ابنته .
ف قالت : من تريد .
قلت : قولي لأبيك فلان .. فاستأذنت لي ثم دخلت فوجدته في وسط الدار وهو مضطجع على فراشه وقد اسودّ وجهه ، وأذرفت عيناه ، وغلظت شفتاه .
فقلت له وأنا خائف منه : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله .. ففتح عينيه فنظر إلي بشدة ثم غشي عليه .
فقلت له ثانياً : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله.. ثم كررتها عليه ثالثاً , ففتح عينيه فقال : يا أخي منصور هذه كلمة قد حيل بيني وبينها .. هذه كلمة قد حيل بيني وبينها ..
فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
ثم قلت له : يا أخي أين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام ..
فقال : كان ذلك لغير الله .. كان ذلك لغير الله ..وكانت توبتي كاذبة ، إنما كنت أفعل ذلك ليقال عني وأُذكر به ، وكنت أفعل ذلك رياء للناس ، فإذا خلوت إلى نفسي أغلقت الأبواب وأرخيت الستور وشربت الخمور وبارزت ربي بالمعاصي .. ودمت على ذلك مدة فأصابني المرض وأشرفت على الهلاك ، فقلت لابنتي هذه : ناوليني المصحف ، فقلت بعد أن أخذت المصحف : اللهم بحق كلامك في هذا المصحف العظيم إلا ما شفيتني وفعت عني البلاء ، وأنا أعاهدك أن لا أعود إلى ذنب أبداً .. ففرج الله عني .. ففرج الله عني .. فلما شفيت عدت إلى ما كنت عليه من اللهو واللذات وأنساني الشيطان العهد الذي بيني وبين ربي ، فبقيت على ذلك مدة من الزمن فمرضت مرة ثانية أشرفت حينها على الهلاك والموت فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كعادتي ثم دعوت بالمصحف وقرأت فيه ثم رفعته وقلت : اللهم بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك إلاّ ما فرجت عني ورفعت عني البلاء ، فاستجاب الله مني ورفع عني .. ثم عدت إلى ما كنت عليه من اللهو والضياع ما كأني عاهدت الله أن لا أعود..فوقعت في هذا المرض الذي تراني فيه الآن فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني ثم دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه .. دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه ..فعلمت ان الله سبحانه قد غضب علي فرفعت رأسي إلى السماء وقلت : اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض .. اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض ..فسمعت كأن هاتفاً يقول :

تتوب عن الذنوب إذا مرضت
فكم من كربة نجّاك منها
أما تخشى بأن تأتي المنايا
وترجع للذنوب إذا برأت
وكم كشف البلاء إذا بليت
وأنت على الخطايا قد لهوت

قال منصور بن عمار : فوالله ما خرجت من عنده إلا وعيني تسكب العبرات ، فما وصلت الباب إلا وقيل لي إنه قد مات ..
حيل بينهم وبين ما يشتهون ..
نعم أحبتي .. نعم أحبتي.. التوبة ليست نطق باللسان ، إنما هي ندم بالقلب وعزم على عدم العودة إلى الماضي المرير .
ومن شروط صحة التوبة أن تكون قبل معاينة أمور الآخرة فمن باشره العذاب أو عاين الموت فقد فاته موسم القبول ..من عاين الموت وباشر العذاب فقد فاته موسم القبول ..
والله ما صدق صادقٌ فرُدّ عن الأبواب ، ولا أتى الباب مخلصٌ فصُدّ عن رب الأرض والسماء ورب الأرباب .
إنما الشأن في صدق التوبة ، لذلك قال الله :( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )

يا ربي عفوك لا تأخذ بزلتنا
كم نطلب الله في ضر يحل بنا
ندعوه في البحر أن ينجي سفينتنا
ونركب الجو في أمن وفي دعة
وارحم يا ربي ذنباً قد جنيناه
لما تولت بلايانا نسيناه
لما وصلنا الشاطي عصيناه
وما سقطنا لأنَّ الحافظ الله

فأين الشباب اليوم ؟ أين الصادقون ؟ أين الذين يتوبون ثم يستقيمون ويصدقون .
إنَّ لأمة اليوم في أمس الحاجة لشبابها وفتياتها الذين يعتزون بدينهم ويتمسكون بعقيدتهم ويفخرون بماضيهم .. فوالله الذي لا إله إلاَّ هو لا زال في أمتنا خير وفي شبابها خير وفي فتياتها خير بل حتى في أطفالها خير..
مع البداية أهمس لك همسة ..أهمس لك همسة مع البداية ..
كان هناك فتاة عابدة صوّامة قوّامة في عمر الورود والأزهار من بنات هذا الجيل لا من بنات الأجيال الماضية ..تقدم لها شاب فترددت فقيل لها : لماذا التردد ولماذا لا توافقين ، قالت : أحب الصيام والقيام .. قالت :أحب الصيام والقيام ..فقيل لها : إنَّ خدمة الزوج عبادة وقربة إلى الله فأنت في خير وعبادة ، فاستخارت ثم قطعت التردد بالموافقة .. قالت : لكن بشرط .. قالت :لكن بشرط ..وشرط واحد ليس لي شرط سواه ..قالوا : وما هو.. قالت : أن يأذن لي بصيام ثلاثة أيام من كل أسبوع .. أن يأذن لي بصيام ثلاثة أيام من كل أسبوع ..فهي تعلم أنَّ صيام النافلة لا بدَّ أن يكون بإذن زوجها ..فأخبروه ففرح بالشرط ووافق , وفرحت هي بموافقته وزُفََّت إليه وبُني بيت على تقوى من الله ورضوان ..
الله أكبر.. نريد بيوتاً تبنى على مثل هذا .. على صيام بالنهار وقيام بالليل..
من مثل هذه البيوت يتخرج الرجال والأبطال ..
وإليك أنت أيضاً همسه.. أهمسها مع البداية ..
اعلم بارك الله فيك أن كل الأبطال تخرجوا من مدرسة الليل ، ففي الظلام تعلموا الإخلاص والإقدام ..
اعلم أنك لن تكون فارساً مغواراً بالنهار حتى تتعلم الفروسية والرهبانية بالليل ..
أُخبرت عن شاب نحيل الجسم ، كثير الحياء ، قليل الكلام ، همه الإسلام والعمل للدين ..لم يتجاوز السابعة والعشرين لكنه ذو رأي وقول سديد ..موفق والتوفيق بيد الله ..يقول أحد الشباب : رافقته مراراً في رحلات دعوية .. كم أصابنا فيها من التعب والإرهاق والمشقة والعناء , ومع هذا رأيت منه عجب العجاب .. كان صاحب قيام ليل وليس بأي قيام .. بل قيام طويل تتعب منه الأقدام ..
أحبتي كثير هم الذين يقومون لكن أين قيام من قيام .. من وقف دقيقة ليس كمن وقف ساعة ..
يقول الشاب عن صاحب ذلك الجسم النحيل كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن.. كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن وما تخلف عن ذلك ليلة واحدة مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال ..قلت : هكذا هم الصادقون .. قلت : هكذا هم الصادقون .. ( كانوا قليلاً من الليل مايهجعون وبالأسحار هم يستغفرون ) هكذا هم الصادقون .. ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ) ..
إن أمة تمتلك أمثال هؤلاء الفتيات والفتيان أمة لا تقهر ولا تغلب بإذن الله ..ولكنها تمتحن وتبتلى حتى يأتي أمر الله وحينها (يفرح المؤمنون) وحينها (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون)


العنصر الثاني
باختصار مع الثلاثة الذين خلفوا ..

إنه خبر توبة زكاها الله في القرآن ثم أمرنا الله أن نكون منهم ومعهم .. قال سبحانه : ( وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التوَّاب الرحيم ) ثم اسمع هذا النداء العظيم : ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
جاء خبرهم عند البخاري مفصلاً وأنا أسوقه لكم باختصار ..
أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ليتأهبوا للغزو وكان ذلك في غزوة تبوك ..كان الحر شديداً والسفر بعيداً والعدو كثيراً وعنيداً..
يقول كعب بن مالك راوي الحديث وأحد الثلاثة الذين خلفوا :
والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت في تلك الغزوة .. ولما انطلق النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه قلت : غداً ألحقهم .. غداً ألحقهم ..ولكن لم يقدر لي ذلك ، ولقد هممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت ، ولكن لم يقدر لي ذلك ليقضي الله أمراً كان مفعولاً..
ولقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم عني وهو في القوم بتبوك فقال رجل : يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفه .. فقال معاذ بن جبل : بئس ما قلت ..والله يا رسول الله ما علمت عنه إلا خيراً..
فأين هم الذين يدافعون عن أعراض إخوانهم اليوم ..
يقول كعب : فلما بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه قافلاً ..أي راجعاً ..حضرني همي وطفقت أتذكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غداً..
فلما قيل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حلّ بالمدينة قادماً زاح عني الباطل وعلمت أني لن أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب ، فأجمعت على أن أصدقه في الحديث ..
جاء المخلفون وكانوا بضعة وثمانين فطفقوا يعتذرون ويحلفون فقبل منهم النبي صلى الله عليه وسلم علانيتهم ووكل سرائرهم إلى الله ..
أحبتي ..الله لا ينظر إلى المظاهر ولكن الله سيبتلي السرائر ..
فما جئته تبسم تبسم المغضب ، فلما جلست بين يديه قال لي : ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟! قلت : بلى والله ، لقد علمت لئن حدثتك بحديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه إني لأرجو فيه عفو الله ..
أحبتي..قد تأخذ ما عند فلان أو فلان بالكذب أو الافتراء ، ولكن والله الذي لا إله إلا هو إنك لن تأخذ ما عند الله إلا إذا صدقت مع الله ..والله لن تأخذ ما عند الله إلا إذا صدقت مع الله .. قد تنصب على فلان وتضحك على فلان وتأخذ ما تشاء ، ولكن لن ينجيك من الله إلا أن تصدق مع الله ..
قال كعب : والله ما كان لي من عذر ، والله ما كنت قط أقوى و لا أيسر مني حين تخلفت عنك .. فقال صلى الله عليه وسلم :" أما هذا فقد صدق ، فقم حتى يقضي الله فيك "..
يقول كعب : فقمت فلامني من لامني وقالوا لي يسعك ما وسع غيرك ويكفيك استغفار النبي صلى الله عليه وسلم لك ، فقلت :هل قال مثل قولي أحد فذكرو لي لي رجلين هما مرارة بن الربيع وهلال بن أمية ، فمضيت حين ذكروهما لي .. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا نحن الثلاثة ، فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا حتى تنكرت لنا الأرض فلا هي الأرض التي نعرفها بل حتى تنكرت لنا أنفسنا التي بين جنوبنا فلا هي بالأنفس التي نعرفها .. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة .. أما صاحباي فقعدا في بيوتهما يبكيان .. أما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج لأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد .. كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه فأسلم عليه بعد صلاته وأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا ، ثم أصلي قريباً منه أسارقه النظر ، فلما طال الأمر و اشتدّ ذلك علي تسوّرت جدار حائط ابن قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلي.. فسلمت علي فوالله ما ردّ عليّ السلام .. قلت : أنشدك بالله.. أنشدك بالله.. يا أبا قتادة هل تعلمني أحب الله ورسوله فسكت.. فناشدته فسكت .. فناشدته في الثالثة فقال : الله ورسوله أعلم.. ففاضت عيناي ، وخرجت أمشي في سوق المدينة ، فإذا بنبطي من أهل الشام يقول : من يدل على كعب بن مالك .. فأشار الناس إلي .. فجاءني فدفع لي كتاباً من ملك غسان يقول فيه : لقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولن يجعلك الله بدار مضيعة أو هوان إلحق بنا نواسيك .. إلحق بنا نواسيك ..فعلمت أن هذا من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميته به ..
يمتحن العبد على قدر إيمانه .. إن كان في إيمانه شدة شدد عليه في البلاء وإن كان في إيمانه رقة خفف عنه في البلاء ..
يقول كعب : فعلمت أن هذا من زيادة البلاء فتيممت به التنور ورميته فيه .. فلما مضت أربعون من الخمسون ليلة جاءنا الأمر من النبي صلى الله عليه وسلم أن نعتزل نساءنا ..قلت : أأطلقها أم ماذا ؟ قال : بل اعتزلها فقلت لها- أي لزوجتي- : إلحقي بأهلك حتى يقضي الله في هذا الأمر .. ولقد قيل لصاحبيّ مثل ما قيل لي .. أما امرأة هلال بن أمية فجاءت للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم فهل تكره أن أخدمه ..فقال : لا..ولكن لا يقربنك .. فقالت : والله الذي لا إله إلا هو ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي من أمره إلى يومه هذا ..
هكذا حال الصادقين .. هكذا حال الصادقين .. دموعهم حارة مدرارة بالليل والنهار ..
قالت : والله الذي لا إله إلا هو ما به حركة إلى شيء ولا زال يبكي منذ أمره إلى يومه هذا ..
يقول كعب رضي الله عنه فلبثت بعد عشر ليال حتى كملت لنا خمسون ليلة من حين نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامنا فلما صليت صبح خمسين ليلة وأنا على ظهر بيت من بيوتنا وأنا على تلك الحال التي ذكر الله قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت إذا بصارخ يصرخ على جبل سلع بأعلى صوته : يا كعب بن مالك أبشر .. يا كعب بن مالك أبشر.. فخررت ساجداً وعرفت أنه قد جاء الفرج وأنه قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا ..فذهب الناس يبشروني ويبشرون صاحبي هلال ومرارة .. فلما جاء من يبشرني نزعت ثوبي فكسوته إياهما ببشارته ووالله ما أملك غيرهما ,ثم استعرت ثوبين ولبستهما و انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجاً بعد فوج يهنئوني بالتوبة ..يقولون لي : لتهنك توبة الله عليك .. لتهنك توبة الله عليك ..فلما دخلت المسجد قام لي طلحة بن عبيد الله .. قام لي مهرولاً فصحافحني وهنأني ووالله ما أنساها لطلحة .. يقول كعب : فلما سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم قال لي ووجهه يبرق من السرور ، وكان إذا سرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر ..
قال :" أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك ".. "أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك "..
قلت : أمن عندك يا رسول الله أم عند الله .. قلت : أمن عندك يا رسول الله أم عند الله ..
قال : " بل من عند الله " .. فلما جلست بين يديه .. قلت : يا رسول الله : إنما نجاني الله بالصدق وإن من صدق توبتي أن لا أحدث إلا صدقاً ما بقيت .. ووالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني..
تأمل أيها التائب وتأملي أيتها التائبة في قول النبي صلى الله عليه وسلم لكعب : " أبشر بخير يوم مرَّ عليك منذ ولدتك أمك " .. يا الله ما اجمل التوبة ..وما أجمل الرجوع إلى الله .. التوبة ابتلاء وامتحان ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيّ عن بينة )..
أحبني.. صدق أقوام في توبتهم فصدق الله معهم فعفا عنهم وزكاهم ..
واسمع واسمعي معي بعضاً من آثار توبة الصادقين والصادقات فمنهم من يحزن على اقتراف المعصية حزناً لا يفارقه حتى الموت ، ومنهم من يهجر الناس ويعتزلهم ويضج بيته بالبكاء ، ومنهم من يتمنى أن يكون تراباً حتى لا يحاسبه الله على ذنبه ومعاصيه ، ومنهم من يمرغ خده بالتراب حتى يذوق طعم الذلة علّ الله أن يرحمه على تلك الحال ، ومنهم من يتعلق بأستال الكعبة مطرقاً خاشعاً يطلب العفو من الله ، ومنهم من يجوب الصحراء هائماً على وجهه يعاهد الله عز وجل ألا يرجع إلى بيته إلا وقد تاب وتاب عليه الله ، ومنهم من يعتكف في بيت من بيوت الله يذكر الله ويتلو القرآن ويركع ويسجد والدموع تتزاحم في عينيه ندماً على ما فرض في جنب الله ، ومنهم من يحس بآلام ورعشة وببكاء واضطراب كالحية يتغشاها الألم ويخر مغشياً عليه حياء من الله ، ومنهم من يشهق شهقة يموت بعدها خوفاً ووجلاً من الله ، ومنهم من بلغ من عبادة ربه أنه يوم مات كأنه جذع محترق من عبادة الله .
أخي .. أخية..لا غرابة فيما ذكرت وقلت .. لا غرابة فيما ذكرت وقلت .. فالخوف من الله أرجف قلوب العصاة وكاد يخلعها من مكانها ..فكم رعدت بروق الخوف.. فكم رعدت بروق الخوف في القلوب القاسية فذهبت عنها سحب الغفلة .. وأمطرت دموع الخشية فصفا سماء القلب واستنار وطلعت عليه شمس النهار ..وسبحان الذي قال عن التائبين : ( يخافون يوماً تتقلب في القلوب والأبصار ) .. ( يخافون يوماً تتقلب في القلوب والأبصار ) ..

بذكرك يا مولى الورى نتنعم
إلهي تحملنا ذنوباَ عظيمة
ألست الذي قربت قوماً فوفقوا
لك الحمد عاملنا بما أنت أهله
وقد خاب قوم عن سبيلك قد عمو
أسأنا وقصرنا وجودك أعظم
ووفقتهم حتى أنابوا وأسلموا
سامح وسلمنا فأنت المسلم



العنصر الثالث
من ترك شيئاً لله

هذا مبتلىً بذنوب ومعاصي تركها من أجل الله فجاءه العوض من الله جل في علاه .. كان مولع بالغناء محباً للطرب ، ومما زاد حبه لهذه المعصية ذلك الصوت الجميل الذي وهبه الله له .. صوت شجي خلاب يحرك المشاعر والأحاسيس .. لم يكن يفكر في حرمة الغناء وعواقبه .. كان تفكيره كيف يكون مشهوراً ويظهر أمام الناس .. فسعى إلى شهرة الباطل وأخرج شريطاً غنائياً وأخذ يوزعه بين أهله وأصحابه وأقاربه .. زاره يوما أحد أقاربه من مدينة بعيدة ومعه شاب صالح ، وباتا عنده ، فلما سمع ذلك الشاب الصالح عنه وعن أغانيه وعن صوته الجميل قال له : ليت هذا الصوت الجميل كان يرتفع ويصدح بالقرآن بدل من مزامير الشيطان ..أما سمعت قول الله : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى وقال أأسجد لمن خلقت طينا ، قال أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتني إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ، قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤهم جزاءً موفورا ، واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ) فأثرت تلك الكلمات والآيات فيه ووجدت قبولاً في قلبه .. فلما جنَّ الليل ونام النائمون.. استيقظ التائبون .. يقول قريبه الذي كان يزوره بينما نحن نائمون يغطينا ظلام الليل الدامس والسكون يملأ المكان استيقظت على صوت بكاء فإذا بقريبي المغني ساجد لله في صلاته يشهق من البكاء ألماً وندماً على ما فرط في جنب الله .. ففرحت لبكائه ..ففرحت لبكائه وندمه .. ترك الماضي بكل ما فيه وأقبل على الله يرجو ما عنده .. فكان العوض من الله .. عوضه الله خيراً مما ترك .. أصبح يحب القرآن .. يغدو ويروح مع آياته .. يترنم بالآيات بالليل والنهار .. أخذ يتعلم علم القرآن وفن التلاوة حتى صار إماماً وقارئاً يشار إليه بالبنان لجمال صوته وخشوعه في صلاته .. فسبحان مغير الأحوال ..صدق في توبته فصدق الله معه .. وترك من أجل الله فعوضه الله خيراً مما ترك وأي عوض أجمل من القرآن .. أي عوض أجمل من القرآن ..
يا الله ما أجمل التوبة وما أجمل العودة إلى الله ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون )

قل للذي ألف الذنوب وأجرما
لا تيأسن من الجليل فعندنا
يا معشر العاصين جودي واسع
لا تقنطوا فالذنب مغفور لكم
وإني لغفار لمن تاب وآمن
وغدا على زلاته متندما
فضل ينيل التائبين تكرما
توبوا ودونكم المنا والمغنما
إني الجدير بأن أجود وأرحما
وعمل صالحاً ثم اهتدى

اعلم واعلمي.. أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب ..
اعلم واعلمي ..أن الذنوب الصغيرة تكبر وتعظم بأسباب ..منها الإصرار والمواظبة .. لذلك قيل لا صغيرة مع إصرار ولا كبيرة مع الاستغفار ..
قال ابن سيرين محمد رحمه الله : والله لا أبكي على ذنب أذنبته ولكني أبكي على ذنب كنت أحسبه هيناً وهو عند الله عظيم .. وتعظم الذنوب أيضاً باستصغارها ، فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى ، وكلما استصغره العبد كبر عند الله تعالى ..
جاء في الخبر أن المؤمن يرى ذنبه كالجبل فوقه يخاف أن يقع عليه وإن المنافق يرى ذنبه كذباب مرَّ إلى أنفه فأطاره بيديه ..
أوحى الله إلى بعض أنبيائه : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت .. لا تنظر إلى صغر الخطيئة لكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت ..وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها .. يظنون أن التمكن من الذنب نعمة.. ما دروا أنه غفلة وشقاوة .. يا حي يا قيوم برحمة نستغيث أصلح لنا شأننا كله ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين .. تعظم الذنوب إذا تهاون أصحابها بستر الله عليهم وحلمه عنهم وإمهاله إياهم .. ما درا أولئك أن الله يمهل ولا يهمل .. ما درا أولئك أن الله يمهل ولا يهمل ..و(أنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ) تعظم الذنوب إذا جاهر بها أصحابها فإن في ذلك كشف لستر الله الذي أسدله وتحريك لرغبة الشر في من أسمعه .. ثم والأعظم من ذلك قلة الحياء مع الله ..قال صلى االله عليه وسلم : ( كل أمتي معافى إلا المجاهرين ، يبيت أحدهم على ذنب قد ستره الله عليه فيصبح فيكشف ستر الله ويتحدث بذنبه ) قال بعضهم : لا تذنب فإن فعلت فلا تُرغب غيرك بالذنب .. لا تذنب فإن فعلت فلا تُرغب غيرك بالذنب فتكون كالمنافقين الذين قال الله فيهم : ( المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف )..الحمد لله الذي عافنا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلاً..


العنصر الرابع
أسوقها إليك هذه القصة التي هي بعنوان أنا لست فاتنة بل ظالمة

اختصرتها مع طولها ففيها من العبرة الشيء الكثير
اسمها فاتنة وهي كاسمها جريئة متحررة مثقفة في كل شيء إلا في الدين .. الدين عندها أن تكون ذات قلب طيب ولا عليها بعد ذلك.. تخالط من تشاء.. تلبس ما تشاء.. تفعل ما تشاء ..جمعت ليلة صويحباتها في الكلية للاحتفال بعيد ميلادها . عيد ما أنزل الله به من سلطان ورثناه عن الكفار تشبهاً وتقليداً ومن تشبه بقوم ..سأترك البقية لكم .. كانت في أجمل هيئة وأحسن مظهر.. بدأت تدور بين صويحباتها تطلق الضحكات هنا وهناك تسألهن :أتدرين يا بنات ماذا ينقص حفلتنا هذه ..فأجبنها إجابات وهي تقول لا، ثم لا وهي مصرة على سؤالها، ثم قالت مجيبة على سؤالها وهي تضحك: تنقصنا الشيخة علياء ..تنقصنا الشيخة علياء..فانطلقت موجات الضحك من كل مكان ..ثم قالت أحداهن مدافعة: لماذا كل هذا الضحك..لماذا كل هذا الضحك والاستهزاء بعلياء..أليست زميلتنا في الصف! ..أليست صديقتنا في الكلية ! ألم تكن إلى عهد قريب رفيقة لنا في سهراتنا وحفلاتنا وهي الآن في محرابها مع صلواتها وقرآنها ..إنها تبحث عن الآخرة ونحن عن ماذا نبحث ؟! فتجاهلن سؤالها ..قالت أخرى : لقد ذهبنا إليها - أي إلى علياء- لندعوها لعيد الميلاد ولكنها اعتذرت وأعطتنا محاضرة طويلة عريضة في الأخلاق والدين والعادات والاجتماعات.. قالت فاتنة: مسكينة علياء.. لقد كانت عاقلة متحررة قبل أن يصيبها هذا الهوس الديني الذي اختطفها من بيننا ..قلت أنا: سبحان الله أصبح الدين هوساً وجنوناً ..ثم تابعت فاتنة حديثها وهي تقول :فعلاً مسكينة علياء ..لقد انقلبت بسرعة وتسممت أفكارها وتغيرت هيئتها ، لقد أطالت ثيابها فأصبح منظرها ككبيرات السن ..لم تعد تؤمن بأن خير اللباس ما قل ودل ..والأدهى من ذلك شعرها أصبح بضاعة محرمة مغطاة تحت ذلك السواد مسكينة علياء نسيت أن الله يهمه منا القلب وكل ما عدا ذلك شكليات.. الله اكبر أصبح الحجاب والتمسك بالدين شكليات.. قاتل الله الشاشات و القنوات..ثم تابعت فاتنة حديثها عن علياء ..إنها تخوفنا من النار وأن الله سيحرق به أجسادنا المكشوفة ..أنها تنذرنا من شيء اسمه الموت و آخر تسميه الحساب ..بل اسمعوا يا بنات أنها تحملنا مسؤولية إغواء الشباب و إغراء الرجال ..فقالت أحداهن: لقد قتلتها الهواجس والوساوس ونسيت إن النساء للرجال خلقن ولهن خلق الرجال ..مسكينة علياء أين ستجد فتى أحلامها.. أين ستجد السعادة والأنس.. لقد قتلت نفسها وهي في ريعان الشباب ، ولا بد أن نصنع شيء لإنقاذها..مساكين ما دروا أنهن هن بحاجة إلى الإنقاذ .. فارتفعت الأصوات لا بد من إنقاذها إنها تقتل نفسها بطول العبادة وكثرة الصيام وقراءة القرآن ولزوم البيت فلا أسواق ولا حفلات.. ما هذا الفهم الخاطئ للدين إن الحياة متعة وحرية أما الموت فمالنا وله الآن.. نعم سنموت عندما نشيخ ونهرم إنه الأمل الطويل .. إنه الأمل الطويل ..ووالله ما حال بين الناس وبين الصدق في التوبة إلا طول الأمل ..ومن أطال الأمل أساء العمل ..قال الله تعالى عنهم ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل ) انتهى الاحتفال ودارت سنوات تخرجت فيه فاتنة وتخرجت علياء وثبتت على طريق الاستقامة والالتزام ..
فماذا حدث لفاتنة وماذا حدث لعلياء .. تعالوا أحبتي ..أعطوني المسامع نتابع القصة من مكان أخر..
في إحدى المستشفيات في الدور الرابع في غرفة من الغرف صوت أنين مريضة يملأ الغرفة ..إنها في تلك الغرفة منذ عدة أشهر ، ولقد آيس الأطباء من حالتها وأصبح صوت أنينها معتاداً مألوفاً في المستشفى ولا أحد يستطيع أن يفعل لها شيء ..لقد تعودت الممرضات على سماع أنينها ..أما الطبيبة المناوبة الجديدة في المستشفى فلم تستطع أن تتجاهل ذلك الصوت وذلك الأنين فقلبها مليء بالرحمة وهكذا الإيمان ..
فأخذت بعض العقاقير والمهدئات ,ودخلت لتلك الغرفة.. فتحت الباب فإذا بامرأة على السرير في شبه غيبوبة ..جست نبضها فإذا هو ضعيف على وشك التوقف ..أصغت إلى تنفسها فكان التنفس مضطرباً خافتاً ..جلست بجانبها وأعطتها بعض المنعشات.. فأفاقت بعد قليل واستوت على سريرها.. أدارت عينيها فيما حولها- المريضة- ثم ثبتت نظرها على وجه الطبيبة ثم أخذت تفرك عينيها بيديها الضعيفتين ..ثم زاد اضطرابها ثم قالت للطبيبة : أسألك بالله من أنت ؟!.. أسألك بالله من أنت ؟!.. فقالت: أنا الطبيبة يا أمي ..أنا الطبيبة يا أمي ..فقالت المريضة : أنا لا أسألك عن مهنتك ،أنا أسألك عن اسمك ..أسألك بالله ألست أنت علياء؟.. أسألك بالله ألست أنت علياء؟ فقالت الطبيبة باستغراب : بلى أنا علياء..وفي لحظات إذا بالمريضة تأخذ برأس علياء تطوقه بذراعيها وتضمه إلى صدرها وتقبله وتجهش بالبكاء ..زاد استغراب علياء وصعقت ..من عساها تكون هذه المرأة ؟!وهل بها مس من جنون ؟! كيف عرفتني وأنا لم أقابلها من قبل ولم يسبق لي علاجها بل هذه أول ليلة لي في هذا المستشفى كطبيبة مناوبة ..فرجعت علياء برأسها إلى الوراء وأخذت تنظر إلى المريضة مشدوهة لا تدري ماذا تفعل ،ثم قالت للمريضة من أنت يا خالة ، وكيف عرفتي اسمي ، وهل التقينا من قبل؟! فردت المريضة بصوت تخنقه العبرات: نعم يا علياء لقد التقينا مرات ومرات..إن اسمك وصورتك لم يفارقا خاطري خاصة عندما أصابني المرض قبل ثلاث سنوات.. آه يا علياء ..آه يا علياء ..أنا التي أكلت لحمك واستهزأت بك ..أنا فاتنة يا علياء..أنا فاتنة يا علياء ، ثم انفجرت بالبكاء والنحيب ..صدمت علياء ولم تستطع الكلام ثم قالت وهي لا تصدق ما سمعت: أقسمت عليك بالله أأنت فاتنة !..مستحيل فاتنة كانت كإسمها أصغر وأجمل وأنضر ، فقالت فاتنة بصوت خافت متقطع : نعم أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة ..أنا التي كان يقال لها ذات يوم فاتنة ..فأكبت عليها علياء تضمها إلى صدرها وتجهش بالبكاء المرير الأليم عليها .. فلما هدأ البكاء أخذت فاتنة تروي قصة سبع سنين منذ أن افترقتا ،قالت: تخرجت من البكالوريا وحاولت إكمال الدراسة ، فلم أستطع ..كنت لاهية متمردة على كل شيء.. لم أكن أشك بالله.. لم أكن اشك بالله.. ولكني كنت أعتقد بأن كل ما له عليّ أن أكون طيبة القلب وكفى ..تعرفت على كثير شبان وفتيات وفتيان..ثم ارتبط برجل تعرفت عليه في الوظيفة ..أحبني وأحببته.. لكننا كنا نعيش حياة غافلة بعيدة عن الله ثم بعد زواجنا بسنوات رزقنا الله بطفلة صغيرة جميلة رائعة سميتها سوسن على اسم صاحبتي التي تعرفينها ..ثم بدأت أشكو من آلام في بطني فقال الأطباء : إنها قرحة ..فقال الأطباء إنها قرحة ..فأخذت أتعالج دون فائدة ..أخذت آلامي تزيد وهمومي تزيد وبدلاً من أن أهرب إلى الله فررت إلى مزيد من الغفلة والضياع ..وبدلاً أن ألجأ إلى الله وأفر إليه فررت إلى مزيد من الغفلة والضياع .. ثم تدهورت صحتي وجاء التشخيص الجديد ليقول بداية تورم خبيث في المعدة.. وهكذا استحالت القرحة إلى سرطان ثم أخذ السرطان يستفحل ويزيد إلى أن أقعدني هنا أصارع الألم وأنتظر الموت في أية لحظة.. لم أرى ابنتي منذ أربعة أشهر.. عمرها الآن أربع سنوات.. وزوجي لم يأتي لزيارتي منذ أسبوعين، لقد تعب من التردد علي كل يوم ..لعله ملني أو كرهني ..فلما سمعت علياء قصتها لم تتمالك نفسها وانخرطت في بكاء شديد ..ثم تمالكت نفسها وقامت إلى فاتنة تضمها إلى صدرها تواسيها وتخفف عنها.. لا تجزعي يا فاتنة ..لا تجزعي يا فاتنة لقد عرفتك شجاعة قوية ..لا تقنطي من رحمة الله.. لا تستسلمي لليأس قد يكتب الله لك الشفاء وقد يكون هذا ابتلاء فاستسلمي إلى قضاء الله وقدره واصبري..فالصبر جميل والله مع الصابرين ..هدأت فاتنة وغطت وجهها بكفيها و أخذت تقول : عفوك يا الله عفوك ياالله لم يبقَ لي سواك فهل تقبلني .. رحماك يا الله ليته الابتلاء.. ليته الابتلاء ولكنه الانتقام لكم تجاهلت تلك الآيات تقرأ على مسامعي..لكم تجاهلت كلام أمي الصالحة الحنون ..إنه الانتقام للضحايا الذين فتنتهم وأغويتهم.. يا الله كم أغويت من شاب وكم أفسدت من فتاة ..ثم أخذت تردد وتقول: اقترب مني يا موت فلطالما خدعتني أوهامي لقد ظننت أنك لا تأخذ إلا الكبار والشيوخ وتترك الشباب ..لقد خدعتني نفسي وغرني أملي
يا غافلاً عن العمل
الموت يأتي بغتة
وغره طول الأمل
والقبر صندوق العمل

ثم أخذت تسأل علياء: أصحيح يا علياء أن القبر مظلم!..أصحيح أن القبر ضيق!.. فتجيب نفسها: نعم صحيح وعما قليل سأحمل إليه جسداً بارداً هامداً.. هناك لن يكون معي أهل ولا أحباب ، ولن يكون معي مال ولا ثياب ، لن يكون هناك زوج ولا أصحاب.. يا الله كيف سأفارق صغيرتي سوسن ..أنا لا زلت صغيرة ولم أشبع من الحياة ..ثم تلمست عينيها وقالت بكما أرى النور وكم أسقطت بنظراتي من شاب .. أحقاً سيأكلكما الدود وينهشكما التراب.. أخذتها علياء بين ذراعيها وضمتها إلى صدرها وأخذت تقرأ عليها القرآن وتدعوا لها بالشفاء، وأخذت تقول لها: كفى يا فاتنة لا تيأسي من رحمة الله ولا من شفاء الله.. قالت فاتنة أسألك بالله يا علياء : أيغفر الله لي وقد فعلت ما فعلت وأجرمت ما أجرمت ..فقالت علياء بصوت واثق : وكيف لا يا فاتنة ..أليس الله واسع المغفرة ..أليس الله تواب رحيم ..ألم تسمعي قول الله وهو يخاطب العصاة : (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم ) فقالت فاتنة: بربك يا علياء لا تناديني بعد الآن فاتنة.. ناديني ظالمة ..نعم ظالمة لقد ظلمت نفسي كثيراً وأجرمت في حق نفسي جرماً كبيراً .
.ثم وبقدرة عجيبة استوت فاتنة على سريرها ورفعت يديها إلى السماء وهي ترتجف ضارعة وأخذت تدعو الله برقة وخشوع : اللهم اشهد بأني قد رجعت إليك، وأنبت إليك، فها أنذا طريحة على بابك ..اللهم إن كنت قد كتبت لي الشفاء وهذا ليس صعباً عليك وقد أخفق الأطباء وعجز الحكماء فاشهد يا حكيم.. اشهد يا حكيم بأني لن أعصيك أبداً ما بقيت ..اللهم وإن كنت قد قدّرت علي الموت عاجلاً فاشهد يا رحيم بأني لن أيأس من رحمتك.. اللهم وإن كنت قد قدّرت علي الموت عاجلاً فاشهد بأني لن أيأس من رحمتك ولن أقنط من مغفرتك طالما بقي في صدري نفس يتردد يا رحمن الدنيا والآخرة.. يا الله ظلمت نفسي ظلماً كبيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت إنك أنت الغفور الرحيم..

إلهي: لئن جلت وعظمت خطيئتي
إلهي: لئن أعطيت نفسي سؤلها
إلهي: ترى حالي وفقري وفاقتي
إلهي: فلا تقطع رجائي ولا تزغ
إلهي: أجرني من عذابك إنني
إلهي: أذقني طعم عفوك يوم
فعفوك عن ذنبي أجل وأوسع
فها أنا في روضة الندامة أرتع
وأنت مناجاتي الخفية تسمع
فؤادي فلي في نهر جودك مطمع
أسيرٌ ذليلٌ خائفٌ لك أخضع
لا بنون ولا مالَ هناك ينفع

قال أحد الصالحين : إن ملك الموت عليه السلام إذا ظهر للعبد أعلمه أنه قد بقي لك من عمرك ساعة وأنك لا تسـتأخر عنها .. وأنك لا تسـتأخر عنها طرفة عين فيبدو للعبد من الأسف والحسرة ما الله به عليم فيتمنى على أن يضاف إلى تلك الساعة ساعة أخرى ليتدارك التقصير والتفريط فلا يجد إلى ذلك سبيلا ..وهذا معنى قول الله : ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) .. وإلى هذا أشار الله جل في علاه بقوله : ( من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب ) .. قيل الأجل القريب الذي يطلبه أنه يقول لملك الموت : أخرني يوماً .. أخرني يوماً أعتذر فيه لربي وأتوب وأتزود صالحاً لنفسي ، فيقول له : فنيت الأيام فلا يوم .. فنيت الأيام فلا يوم .. فيقول: فأخرني ساعة .. فيقول: فنيت الساعات فلا ساعة .. فيغلق عليه باب التوبة ..فيغلق عليه باب التوبة .. فيا خسارته ويا ندامته حين يموت على تلك الحال .. ( وما ظلمهم الله) ..( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم كانوا يظلمون ).. قال الله : ( وليست التوبة للذين يعملون السوء حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) .. إنما التوبة لمن ( للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً ) ..اللهم اجعل خير عمرنا آخره وخير عملنا خواتيمه وخير أيامنا يوم نلقاك ..


العنصر الأخير
اعتبروا يا أولي الأبصار

كتب لي أحد التائبين قصة توبته ورجوعه إلى الله بعد ضياع ومعناة استمرت سنوات .. قال في سطوره وفي رسالته : لا أدري كيف أبدأ وكيف أعبر عن قصة الرجوع .. أنا شاب أبلغ اليوم من العمر ستة وعشرين عاماً .. أنا أكبر أخوتي وأسرتي فقيرة جداً .. أما أصحابي فلا يصلون ولا يصومون .. حياتنا بكل صراحة سهر وخمر ومخدرات .. سبع سنوات على هذه الحال حتى مللنا من هذا الضياع فبدأنا بطريق آخر من.. وبدأنا رحلة جديدة من رحلات الغفلة .. اقترح أحدنا أن نسافر لبلاد الكفار بحثاً عن المتعة والتغيير .. ففعلنا وليتنا لم نفعل .. هناك تعلمنا فنون الزنا والخنا والنصب والاحتيال .. كنا نمكث في سفراتنا أشهراً طوال .. فإذا نفذت أموالنا اتصلنا على أهلنا ونحن في سكر شديد نطلب منهم أن يمدوننا بالمال حتى نستطيع الرجوع .. فإذا وصل المال مددنا فترة البقاء .. وهكذا في كل مرة كان أحدنا يتصل على أهله للكذب والاحتيال .. في مرة من المرات استأجرنا سيارة وذهبنا إلى أحد نوادي الضياع حيث الخمر والموسيقا والرقص كالأنعام.. بل حياة الأنعام أفضل من هذه الحياة .. بينما نحن جلوس نتبادل الحديث ونتبادل كؤوس الخمر إذ قال أحد أصحابنا سوف أذهب إلى مكان قريب وأرجع إليكم بسرعة .. فذهب وكان في حالة سكر شديد .. مضت الساعات ولم يرجع فخرجنا نبحث عنه وبعد بحث وجدناه وقد سقط وهوى بسيارته من مكان مرتفع ومات على أشنع حال .. بكينا وحزنا على موته ورجعنا إلى ديارنا محملين بالأحزان .. فما مضى شهران حتى عدنا إلى ما كنا عليه .. ياالله كم هي قاسية قلوبنا .. لم أكن أملك مالاً ولا دخلاً شهرياً بل كنت أنصب واحتال وتحمل أهلي بسبب ذلك ديوناً كثيرة بل كنت أقترض وأتحمل مصاريف السفر مع الأصحاب وأتحملها عنهم مع أنهم كانوا أكثر مني مالاً وأحسن حالاً وكنت أظن أن هذا من الكرم والجود على الأصحاب والخلان .. تراكمت الديون علي وساءت الأحوال وبدأ يتخلى عني الأصحاب .. أي أصحاب هؤلاء .. أصبحوا يسافرون ولا يخبروني بسفرهم وأنا الذي تحملت الديون من أجلهم .. اكتشفت حينها أنهم أصحاب مصلحة وضياع .. قلت أنا : اكتشاف متأخر..اكتشاف متأخر .. فصاحبت غيرهم ولم يكونوا بأحسن حال منهم .. صاحبت غيرهم ولم يكونوا بأحسن منهم حالاً ..جمعت أموالاً وسافرت أنا وإياهم مع ابن عم لي مع مجموعة من الأصحاب إلى بلد آسيوي مشهور بالمجون وفساد الأخلاق .. بعد يومين من وصولنا قال ابن عمي أنه سوف يرجع ، فلما سألته عن السبب قال : لقد رأيت في المنام أن الناس في هذه البلاد يحترقون .. رأيت في المنام أن الناس في هذه البلاد يحترقون وقد اشتعلت بهم النيران وأتاني رجل شديد البياض ... قال ارجع قبل أن تحترق معهم .. ارجع قبل أن تحترق معهم .. فرجع ابن عمي ورجعت معه .. فمكثت في البيت بلا مال وبلا أصحاب وأصابني من الهم والحزن والضيق ما الله به عليم .. في يوم من الأيام حانت ساعة الانتقال .. في يوم من الأيام جاءتني أمي باكية وكلمتني وقالت : لماذا لا تصلي ! لماذا لا ترجع إلى الله ! وأعطتني شريطاً وأقسمت علي أن أسمعه ثم ذهبت وتركتني .. فبدأت أسمع الشريط فأحسست أني أنا المخاطب..كان الشريط يتكلم عن اللذين يغرقون في الذنوب والمعاصي .. كان الشريط يتكلم عن أثر الصحبة في الإستقامة وأثرهم في الضياع ..أخذت أبكي وأبكي وأبكي فقررت التوبة ومراجعة الحسابات .. يقول صاحب الرسالة .. أتعرف يا شيخ من هو صاحب الشريط ..أتعرف يا شيخ من هو صاحب الشريط ..:إنه أنت , وأنا أحبك حباً شديداً ..وأنا أحبك حباً شديداً ..وكان اسم الشريط أحوال الغارقين ، ثم أعطتني أمي شريطاً آخر اسمه قوافل العائدين ..قلت أنا : اللهم اجعلنا خيراً مما يقولون وأحسن مما يظنون واغفر لنا ما لا يعلمون .. يقول : ها أنذا أكتب لك الرسالة وأنا أبكي بكاءً شديداً وأمي جالسة عندي تبكي معي وتدعو لك بالثبات .. وتدعو لك بالثبات حتى الممات وهي فرحة جداً بتوبتي .. يا شيخ إن قصتي أكبر وأعظم من هذا ولكني ذكرتها لك باختصار .. أما من أخباري الجديدة منذ أن بدأت الحياة الجديدة حياة التوبة والإستقامة فأنا انتقل من خير إلى خير، ومن نور إلى نور .. لقد حصلت على وظيفة وأنا الذي كنت عاطلاً لسنوات بل لست أملك شهادة كما يملك الغير ولكنه فضل الله يؤتيه من يشاء وأزيدك خبراً من الأخبار ستفرح لي عندما أخبرك به .. فزيادة على وظيفتي أنا الآن مؤذن في بيت من بيوت الله.. أنا الآن مؤذن في بيت من بيوت الله..أصدح بالأذان وأردد في اليوم مرات ومرات الله أكبر ..ولا إله إلا الله.. فادعو لي في الثبات وإني والله لأدعو لأصحاب الماضي بالهداية والصلاح وأتمنى أن يعتبر بقصتي أولو الأبصار ..
أحبتي ..أخيتي ..إن الذنوب والمعاصي باب كلنا ولجناه..وبحر كلنا سبحنا فيه.. ولا ينجو من ذلك إلا المعصومون ممن اصطفاهم الله واجتباهم من الأنبياء والرسل .. أما أنا وأنت وأنتِ فكلنا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون " وقال بأبي هو وأمي: " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم " رواه مسلم .. فالوبال والهلاك هو الاستمرار على المعصية التي زينتها النفوس الضعيفة والشياطين الخبيثة .. قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله : يا أيها الناس من ألمّ بذنب فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإن عاد فليستغفر الله وليتب ، فإنما هي خطايا مطوقة في أعناق الرجال ، وإن الهلاك كل الهلاك في الإصرار عليها ..
أخي .. أخية .. لا بد من الندم والبكاء بسبب المعصية والإقلاع عنها في الحال فالرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل .. ولن تطيب الحياة إلا بالعودة إلى الله والتمسك بالدين .. كثير هم المترددون .. كثير هم الذين يقولون ذنوبنا كثيرة .. معاصينا غزيرة فهل يغفر الله لنا .. أقول نعم وبأعلى الصوت يغفر الله لكم إن تبتم وندمتم ورجعتم .. بل ويفرح سبحانه بتوبتكم وعودتكم .. بل يحب التوابين ويحب المتطهرين .. تأمل وتأملي معي في هذه الآيات وهذه الكلمات النبويات .. قال الله : ( ورحمتي وسعت كل شيء )فالرحمة واسعة ..ونحن لا شيء وهو أرحم الراحمين .. تتدبر وتتبري وتأملي وتأملي في قول الرحمن الرحيم : ( إن الله يغفر الذنوب جميعاً ) .. نعم..يغفر الذنوب جميعاً ..بل من كرمه ومنه وجوده يبدل السيئات إلى حسنات ..قال سعيد بن المسيب في قوله تعالى : ( فإنه كان للأوابين غفوراً ) قال هو الرجل يذنب الذنب ثم يتوب .. ثم يذنب الذنب ثم يتوب .. فالباب مفتوح .. فالباب مفتوح ..ويداه سبحانه مبسوطتان بالليل والنهار ليتوب مسيء الليل ويتوب مسيء النهار ..
قال الفضيل : قال الله : بشر المذنبين ..بشر المذنبين بأنهم إن تابوا قبلت منهم .. وحذر الصديقين إني إن وضعت عليهم عدلي عذبتهم ..
قال صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي الصحيح :" إن الله قال : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له ولا أبالي .. من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب غفرت له على ما كان منه ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئاً "..
واعلم رعاك الله واعلمي بارك الله فيك ..أن نبي الهدى والرحمة قال : "التائب من الذنب كمن لا ذنب له" فلنسارع بارك الله في الجميع إلى التوبة والندم والرجوع إلى الله .. سارعوا بارك الله فيكم قبل أن نصيح بأعلى الصوت : رباه ارجعون .. رباه ارجعون .. فلا يستجاب لنا .. لكن الباب مفتوح ورحمة الرحمن واسعة .. بل أبشر أيها التائب وأبشري أيتها التائبة بهذه الآيات العظيمة التي تستغفر الملائكة فيها للتائبين .. قال الله : ( الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم ويؤمنون به ويستغفرون للذين آمنوا ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلماً فاغفر للذين تابوا .. فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ، ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم إنك أنت العزيز الحكيم وقهم السيئات ..وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم .. وذلك هو الفوز العظيم ) فالبدار البدار والمسارعة المسارعة فإن حياة النفوس في السمو ونجاتها في العلو ..
الله الله بالتوبة والإنابة ..
الله الله في الثبات حتى الممات ..
الله الله في الصدق في التوبة مع الله ..
الله الله في الصدق في التوبة مع الاستقامة ..
واعلم أن باب الاستقامة هو المحراب .. اعلم أن باب الاستقامة هو المحراب .. فالخير كل الخير في ارتياد المساجد .. وزاد المساجد هو خير زاد للإنطلاق ( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها في الغدو والآصال رجال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب في فيه القلوب والأبصار ) فما جزاء خوفهم ( ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب ) ..عمارة المساجد من الإيمان كما قال الله : ( إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين ) , وقال صلى الله عليه وسلم : " من غدا إلى المسجد أو راح بنى الله له نزلاً في الجنة كلما غدا او راح .. وأحب البقاع إلى الله المساجد وأبغضها إلى الله الأسواق".
قال الحسن بن علي رضي الله عنها : من أدام الاختلاف إلى المسجد أصاب ثماني خصال : آيةً محكمة ، وأخاً مستفاداً، وعلماً مستظرفاً ،ورحمةً منتظرةً ،وكلمةً تدله على هدى ،أو تردعه عن ردى ،وترك الذنوب حياءً ، أو خشيةً ..
ولله در القائل :

لا يصنع الأبطال إلا
في روضة القرآن في
شعب بغير عقيدة
من خان حي على الصلاة
في مساجدنا الفساح
ظل الأحاديث الصحاح
ورق يذريه الرياح
يخون حي على الكفاح

اللهم ارحم عباداً غرهم طول إمهالك، وأطمعهم دوام إفضالك ومدوا أيديهم إلى كرم نوالك وتيقنوا أن لا غنىً لهم عن سؤالك .
قولي وقل ولنردد : اللهم إن يكن الندم توبة إليك فإنا إليك من النادمين ، وإن يكن الترك لمعصيتك إنابة إليك فإنا لك يا رب لك من المنيبين ، وإن يكن الاستغفار حطة للذنوب فإنا لك من المستغفرين اللهم فتقبل توبتنا، واغسل حوبتنا، وثبت حجتنا، واهدي قلوبنا، واسلل سخيمة صدورنا، ولا ترجعنا مرجع الخيبة من رحمتك.. فإنك أنت التواب الرحيم الجواد الكريم .. يا غافر الذنب . يا قابل التوب يا أرحم الراحمين ..

يا من له وجب الكمال بذاته
سبحان من احيا قلوب عباده
من كان يعرف أنك الحق الذي
مولاي جودك لم يدع لي مطلباً
بل كل غاية فوزهم لقياه
بلوائح من فيض نور هداه
بهر العقول فحسبه وكفاه
إلاَّ وتممه إلى أقصاه


اللهم اجعلنا من التوابين ربنا ظلمنا أنفسنا وإلا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين أستغفر الله العظيم وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:12 AM   #92



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهدي الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لأشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .....
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً)
أما بعد .....
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .

عباد الله ..... كانت البشرية تموج بعواصف من الشهوات والمآثم ، كفر بالله واليوم الآخر ، عصبيات طائشة ، عادات وتقاليد ، ما أنزل الله بها من سلطان ، بطر وأشر وتكبر على البشر ، ثم آن الأوان لخروج النور ، وقبل طلوع الفجر آيات وعلامات تدل على قرب شروق الشمس .
عباد الله .... تذكرون قصة أصحاب الأخدود ، وكيف خدت لهم الأخاديد ، وقتل منهم قريب من عشرين ألفا ، ثبتوا على دينهم .
ذكر ابن إسحاق أنه لم ينج من أهل نجران إلا رجل واحد ، يقال له دوس ذو ثعلبان هرب على فرس له ، سلك الرمل طريقا في الصحراء ، فأعجزهم فمضى على وجهه ، فأتى إلى قيصر الروم ، فأستنصره على ذو نواس الملك الظالم الطاغية في بلاد نجران ، فاستنصره عليه وعلى جنوده ، وأخبره بما وقع منهم وما فعلوه بالمؤمنين ، ولأن قيصر كان نصرانيا فقال : " إن بلادكم بعيدة ولكن سأكتب إلى ملك الحبشة فإنه على هذا الدين يعني النصرانية ، وهو أقرب إلى بلادكم " فكتب إليه يأمره بنصر أهل نجران وأن يطلب بثأر أولئك اللذين خدت لهم الأخاديد .
فجاء دوس إلى النجاشي ومعه كتاب قيصر فبعث معه النجاشي سبعين ألفا من الحبشة وأمر عليهم رجلا يقال له أرياط ، ومعه من جنوده رجل يقال له أبرهة الأشرم ، ولم يكن أشرما حينها ، فركب البحر أرياط وجنوده ومعه دوس هذا الرجل الذي نجا من أهل نجران وسار إلى ذو نواس ، وخرج ذو نواس بحميَر ومن أطاعه من قبائل اليمن ، فلما التقوا انهزم ذو نواس ومن معه ، فلما رأى ذو نواس ما حل ونزل بقومه وجه فرسه في البحر ، ثم ضربه فدخل به وخاض به ضحضاح البحر ، أي رمل وصخر، فكان ذلك آخر العهد به ، هلك في البحر .

قال ابن إسحاق : فأقام أرياط في اليمن سنين في سلطانه ثم نازعه أبرهة حتى تفرقت الحبشة يعني أهل الحبشة اللذين كانوا في اليمن ، تفرقوا بينهما فانحازت طائفة منهم إلى أرياط ، وانحازت طائفة منهم إلى أبرهة ، ثم سار أحدهما إلى الآخر حتى يصبح الملك لواحد منهما فلما تقارب الناس للقتال أرسل أبرهة إلى أرياط أن أبرز لي وأنا أبرز لك فأينا أصاب صاحبه انصرف إليه جنده بدل ما تتقاتل الجنود نتقاتل أنا وإياك فأينا هزم الآخر جنود الثاني تنضم إليه حقنا للدماء فأرسل إليه أرياط أن أنصفت ، فخرج إليه أبرهة وكان قصيرا لحيما وكان ذا دين في النصرانية ، وخرج إليه أرياط وكان رجلا جميلا عظيما طويلا ، خرج أرياط وفي يده حربة له ، وكان خلف أبرهة غلام له يقال له عسوده يمنع ظهره ، فرفع أرياط الحربة فضرب ابرهة يريد يافوخه رأسه فوقعت الحربة على جبهته فشرم حاجبه وعينه وأنفه وشفته فبذلك سمي بأرهة الأشرم ثم فاجأ عسوده غلام أبرهة فأجأ أرياط من خلفه فقتله واجتمع جند أرياط على أبرهة فدانت بلاد اليمن إلى أبرهة ، فاجتمعت له اليمن بمن فيها الأحباش وغيرهم فلما بلغ ذلك الخبر إلى النجاشي ملك الحبشة الذي بعث الإثنين إلى اليمن ، غضب غضبا شديدا على أبرهة وقال : عدى على أميري فقتله بغير أمري ثم حلف لا يدع أبرهة حتى يطأ بلاده ويجز ناصيته يطأ على رأسه .
أبرهة ذكي فماذا صنع ، حلق رأسه وملأ جرابا من تراب اليمن ثم بعث إلى النجاشي وكتب إليه : " أيها الملك إنما كان أرياط عبدك وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك وكلنا طاعته لك ولكني كنت أقوى على أمر الحبشة وأضبط وأسوس منه وقد حلقت رأسي كله حين بلغني قسمك وبعثت معه في جراب تراب أرضي تضعه تحت قدميك فتبر قسمك " فلما انتهى ذلك إلى النجاشي أعجبه ورضي عنه وكتب له " أن أثبت على ملك اليمن حتى يأتيك امري "
قال ابن اسحاق : ثم إن أبرهه بنى القليس ، كنيسة لم يرى في زمانها على الأرض ،ثم كتب إلى النجاشي " أني قد بنيت لك كنيسة لم يبنى مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب أولئك اللذين يحجون إلى الكعبة فأصرفهم إلى هذه الكنيسة "
ذكر السهيلي : أن أبرهة أستزل أهل اليمن من العرب في بناء هذه الكنيسة وكان من يتأخر عن عمله حتى تطلع الشمس يقطع يده ، وجعل ينقل إليها من قصر بلقيس رخاما ، وأحجارا، وأمتعة عظيمة ، وركب فيها صلبانا من ذهب وفضة وجعل فيها منابر من عاج وأبنوس ، وجعل إرتفاعها عظيما ، وبقيت على حالها تلك بعد أن هلك أبرهه إلى زمن السفاح أول خلفاء بني العباس ، فبعث إليها جماعة من أهل العزم والحزم والعلم فنقضوها حجرا حجرا ودرست آثارها ومحيت إلى يومنا هذا .
قال ابن إسحاق : فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة إلى النجاشي الذي ذكر فيه أنه سيصرف العرب عن حجهم إلى بيت الله الحرام إلى كنيستة الخسيسة ، غضب رجل من النسأة من كنانة اللذين ينسأون شهر الله الحرام ، يؤخرون الشهر الحرام إلى الذي يليه يقدمونه شهرا ويؤخرونه شهرا كما قال الله ( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ) ...... فأتى هذا الرجل الذي من كنانة حتى بلغ كنيستهم فقعد في الكنيسة وأحدث فيها قذرها من حيث لا يراه احد ثم لحق بأرضه .
فأخبر أبرهة أن الذي صنع هذا هو من أهل ذاك البيت الذي تريد أن تصرف الناس عنه إلى بيتك هذا فغضب أبرهة وحلف ليسيرن إلى الكعبة فيهدمها ، فتجهز هو وجيشه وخرجت معه الفيلة والعرب لم تر الفيلة من قبل ، قيل أول من ذلل الفيلة رجل يقال له أفريدون إبن أدغيان ذكره ابن كثير في البداية والنهاية .

أما أول من سخر الخيل وركبها فطهمورس وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا ويقال أن أول من ركبها هو إسماعيل ابن إبراهيم عليهما السلام ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب والله أعلم .
يقال أيضا أن الفيلة مع عظيم خلقها إلا أنها تخاف من الهرة يعني من القطط فسبحان الذي خلق وفرق .
فلما خرج أبرهة وجيشه وسمعت بذلك العرب فأعظموا ذلك الأمر ورأوا جهاده حقا عليهم ، الجاهلية تدافع عن جاهليتها ، قال فلما خرج أبرهة وجيشه وسمعت بذلك العرب فأعظموا ذلك الأمر ورأوا جهاده حقا عليهم ، حينما سمعوا أنه يريد هدم الكعبة بيت الله الحرام ، فخرج له رجل من أشراف اليمن يقال له ذو نفر ومعه قومه ومن أجابه من سائر العرب فهزمهم أبرهة وأسره ولكنه لم يقتله لما قال له ذو نفر لا تقتلني عسى أن يكون بقائي معك خيرا من قتلي ، فلما بلغ أرض خثعم عرض له نفيل ابن حبيب الخثعمي في قبيلتي خثعم وهما شهران وناهس فهزمهم أبرهة وجيء بنفيل أسيرا فقال" يا أيها الملك لا تقتلني فأنا دليلك بأرض العرب وهاتان يداي عن قبيلتي خثعم شهران وناهس هاتان يداي عنهما بالسمع والطاعة فخلى سبيله وخرج معه ، فلما مر بالطائف خرج إليه مسعود ابن معتب في رجال من ثقيف فقالوا يا أيها الملك إنما نحن عبيدك ، (اسمع الخونة) ، يا أيها الملك إنما نحن عبيدك سامعون لك مطيعون لأمرك ليس بيننا وبينك خلاف فأنت لا تريد بيتنا كان عندهم بيت يسمى باللات إنما أنت تريد بيتهم حيث مناة والعزى حيث أصنام قريش وبيت قريش إنما تريد البيت الذي بمكة ونحن نبعث معك من يدلك فتجاوز عنهم أبرهة .
قال ابن اسحاق : واللات بيت لهم بالطائف كانوا يعظمونه أكثر من تعظيمهم للكعبة قال فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة حتى إذا أنزله بالمغمس مات أبو رغال فرجمت العرب قبره ، قال جرير :
اذا مات الفرزدق فارجموه كرجمكم لقبر أبي رغال
قال ابن اسحاق : فلما وصل ونزل أبرهة في المغمس بعث رجل من الحبشة يقال له الأسود ابن مقصود على خيل له فانتهى إلى مكة فساق إليه أموال أهل تهامة من قريش وغيرهم إستولى على أموالهم وأصاب منها مائتي بعير لعبد المطلب ابن هاشم وهو يومئذ كبير قريش وسيدها ، فهمت قريش وكنانة وهذيل ومن كان بذلك الحرم أن يقاتلوا أبرهة فعلموا أن لا طاقة لهم بقتاله فعدلوا عن ذلك ، وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة وقال له " إسأل عن سيد أهل البلد وشريفهم وقل له إن الملك يقول إني لم آت لحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت ، لم آت لقتالكم وحربكم إنما جئت لهدم هذا البيت فان لم تعرضوا لنا بحرب فلا حاجة لنا بدمائكم ، فإذا هو لم يرد حربي يقول أبرهة لمرسوله فإذا هو لم يرد حربي فأتني به " ،( جيبه أتفاهم أنا وإياه) ، فجاء حناطه إلى مكة وسأل عن سيدها وشريفها فقيل له عبد المطلب ابن هاشم ، فجاءه وأخبره بما أخبره به أبرهة فقال عبد المطلب " والله ما نريد حربه وما لنا بذلك من طاقه هذا بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم عليه السلام أو كما قال فأن يمنعه الله منه فهو حرمه وإن يخلي بينه وبينه فوالله ما عندنا دفع عن ذلك ، فقال حناطه اذا تعال معي إلى الملك " فجاءه وكان عبد المطلب من أوسم الناس وأعظمهم وأجملهم ، فلما رآه أبرهه أجله وأكرمه ونزل من سريره وجلس على بساطه وأجلسه معه ثم قال لترجمانه " قل له ما حاجتك ؟ فقال عبد المطلب أن يرد علي الملك مائتي بعير قد أصابها لي فلما قال ترجمانه ذلك قال أبرهة لقد كنت أعجبتني حين رأيتك ثم قد زهدت فيك حين كلمتني ، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك وتترك بيت هو دينك ودين آبائك وأجدادك قد جئت لأهزمك فلا تردني عنه ؟ فقال عبد المطلب أما الإبل فأنا ربها يعني سيدها ومالكها وأما البيت فله رب يحميه وله رب سيمنعك " ، فقال أبرهة : ماكان ليمتنع عني خاب وخسر كما خسر الذي قال : سنهزمهم ولو أن محمدا ورب محمد معهم ، فقال عبد المطلب أنت وذاك .
قال ابن إسحاق : قيل انه قد دخل مع عبد المطلب على أبرهة يعمر ابن نفاثه سيد بني بكر وخويلد ابن وائلة الهذلي فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عنهم ولا يهدم البيت فأبى عليهم ذلك والله أعلم إن صح هذا أم لا .

فلما إنصرفوا عنه انصرف عبد المطلب إلى قريش فأخبرهم بالخبر وأمرهم بالخروج من مكة والتحرز في شعف الجبال أي اللجوء إلى رؤوس الجبال ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة وقام معه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه على أبرهة وجنده وقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة " لاهم أي اللهم إن العبد يمنع رحله فامنع رحالك لا يغلبن طليبهم ومحالهم غدوا محالك إن كنت تاركهم وقبلتنا فأمر ما بدا لك "
قال ابن هشام هذا ما صح لي منها .
قال ابن اسحاق : ثم انطلق عبد المطلب وأهل مكة إلى الجبال يتحرزون فيها ينتظرون ما يفعل أبرهة ، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ فيلته وعبأ جيشه وكان أسم الفيل محمود وسائسه يسمى أنيس فلما وجهوا الفيل إلى مكة أقبل نفيل ابن حبيب الخثعمي سيد شهران وناهس وقام إلى جنب الفيل ثم أخذ بأذنه فقال أبرك محمود يخاطب الفيل في أذنه أبرك محمود أوأرجع راشدا من حيث أتيت فإنك في بلد الله الحرام ثم ترك أذنه فبرك الفيل .
قال السهيلي : أي سقط على الأرض وليس من شأن الفيله أن تبرك على الأرض ثم ولى نفيل ابن حبيب حتى صعد الجبل وضربوا الفيل ليقوم من مكانه فأبى فضربوا رأسه بالطربزين أي بالفأس فأبى فأدخلوا محاجن أي مثل الحديد المعقوف فأدخلوا المحاجن في مراقه أي ما رق ولان من جلده فأبى أن يقوم فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام فقام يهرول ووجهوه إلى المشرق فقام يهرول فوجهوه إلى مكة فبرك فبينما هم على تلك الحال والفيل يأبى عليهم ، إذ أرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس لا تصيب أحدا منهم إلا هلك ، وليس كلهم أصابت ، فولوا الأدبار هاربين يبحثون عن الطريق التي جاءوا منها ويسألون عن نفيل ابن حبيب ليدلهم على الطريق الذي يصلون به إلى اليمن في أسرع وقت فقال نفيل في ذلك

حمدت الله إذ أبصرت طيرا وخفت حجارة تلقى علينا
وكل القوم يسأل عن نفيل كأن علي للحبشان دينا

قال ابن اسحاق : فخرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل واد ، وأصيب أبرهة في جسده وخرجوا به معهم تساقط أناملة أنملة أنملة يتقطع جسده قطعة قطعة حتى قدموا به إلى صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فما لبث أن مات وأنصدع صدره عن قلبه حتى لا يتعدى على حرمات الله حتى لا يخطر على باله أن يتعدى على حرمات الله .
قال ابن اسحاق : فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم كان مما يعدد الله على قريش من نعمته وفضله ما رد عنهم من أمر الحبشة أصحاب الفيل .
فقال جل من قائل سورة نقرأها لكن هل إستشعرنا قدرة القادر تبارك وتعالى في هذه الأسطر القليلة سورة نكررها في كل يوم في صلواتنا وفي نوافلنا لكن هل إستشعرنا قدرة القادر في هذه الأسطر القليلة .......
بسم الله الرحمن الرحيم ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ ) أضعف المخلوقات طير أبابيل بأصغر الأسلحة حجارة ( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيل * أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ * وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ ) أثبتها الله في كتابه العزيز وأشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم في أصح كتب السنة عند البخاري ومسلم وأتت تفاصيلها في كتب السير والتاريخ وكتب التفاسير ، أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى إشارات منها .

فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية سار حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت فيه راحلته في ذلك المكان فقال الناس حل حل كلمة تقال للناقة إذا امتنعت عن المسير فألحت تمادت على عدم القيام فقالوا خلأت القصواء يقال ألح الجمل وخلأت الناقة إذا إمتنعت عن عن المسير فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل .

نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .


الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين وعلى من استن بسنته واهتدى بهديه إلى يوم الدين أما بعد أحبتي ....
أوصيكم ونفسي بتقوى الله ، اتقوا الله عباد الله ، ومن تقواه تأمل وتدبر مثل هذه الآيات العظام التي تدل على قدرة الباري والتي تبين أنه لا يعلم جنود ربك إلا هو ...
حادث الفيل حدث عظيم فيه إشارات وآثار إيمانية أولها :
بيان شرف الكعبة أول بيت وضع للناس كيف كان المشركون يعظمونها ولذا حسدهم أبرهة الحبشي فأراد هدمها كما هم يحسدوننا اليوم .
من الآثار أيضا زاد الإسلام الكعبة شرفا وحرمة فلم يكن إهلاك أبرهة ومن معه لحرمة سكان مكة فلم يكن فيهم إلا ذاك الحمل الطاهر الذي تحمله آمنة بنت وهب في أحشائها ، ولد النبي صلى الله عليه وسلم بعد هذه الحادثة بكم ؟ بخمسين يوما إذا هو في ذلك الحين كان حمل في بطن أمه ، وتذكر هذا وفي قوله تبارك وتعالى :
( أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ ) قال الرازي: أعلم أن الكيد هو مضرة بالغير على الخفية
( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً) فان قيل لما سماه كيدا وأمره كان ظاهرا ، فإنه كان يصرح بهدم البيت ...

قال الرازي : قلنا نعم لكن الذي كان في قلبه أشد مما كان يظهره لأنه كان يضمر الحسد للعرب وكان يريد هو أن يسلبهم ذلك الترف الحاصل لهم بسبب الكعبة يريد أن يصرف ذلك إلى كنيسته وبلده قال سبحانه ( وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) وقال تعالى ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ )

المطلوب ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) .

المطلوب ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )
المطلوب ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ )

من الآيات والعبر في سورة الفيل وحادث الفيل أن الله قهرهم حتى لا يظفروا فلو ظفروا سبيت أم النبي صلى الله عليه وسلم فسبي أطهر البشر .
من الآيات العظام والدلائل العظام ، لو أن أبرهة ظفر ، لسبي نساء مكة ولو سبي نساء مكة لسبيت أم النبي صلى الله عليه وسلم ولسبي أطهر البشر ، فكانت الآية لحرمة ذلك الجنين الذي في بطن أمه الذي أخرج الله به البشرية من الظلمات إلى النور .
قال شيخ الإسلام وقد تواترت قصة أصحاب الفيل ، فكان ذلك عام مولد النبي صلى الله عليه وسلم وكان جيران البيت مشركين يعبدون الأوثان ودين النصارى خير منهم ، فعلم بذلك أن هذه الآية لم تكن لأجل جيران البيت بل كانت لأجل البيت أو لأجل ذلك الحمل الذي كان في بطن أمه الذي ولد في ذلك العام عند البيت أو لمجموعهما حرمة البيت وحرمة ذلك الجنين ، وأي ذلك كان فهو من دلائل نبوته .

كيف نربط بين الأمس واليوم .... أقول الذي حمى البيت سابقا قادر على أن ينصر أهله الموحدين اليوم ، الذي حمى البيت سابقا وسكانه من المشركين قادر على أن ينصر أهله الموحدين وينتقم لكتابه من القوم الكافرين ولنا ،في هذا حديث في أسبوع قادم بإذن الواحد الأحد .

اللهم أحفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين ، اللهم أحفظ بلادنا وبلاد المسلمين وأصلح ولاة أمورنا وأصلح ولاة أمور المسلمين ، اللهم آمنا في أوطاننا وأصلح أأمتنا وولاة أمورنا ، إهدنا سبل السلام يا ذا الجلال والإكرام
اللهم عليك بالنصارى المشركين الصليبيين ، اللهم عليك بهم وباليهود الغاصبين وبالشيوعيين الحاقدين وبالوثنيين والمنافقين وأعداء الملة والدين ، اللهم زلزل الأرض تحت أقدامهم الذي أقذف الرعب في قلوبهم وأمطر عليهم حجارة من سجيل اللهم أجعل كيدهم في تظليل
اللهم من أرادنا ونساءنا وديننا وبلادنا وبلاد المسلمين بسوء فأشغله في نفسه وأجعل تدبيره تدميرا عليه يا رب العالمين
اللهم رد عنا كيد الكائدين ومكر الماكرين ، وحقد الحاقدين ، وحسد الحاسدين ، يا قيوم السماوات والأراضين ، أنصر المجاهدين في سبيلك اللذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك انصرهم في فلسطين ، والشيشان ، وفي العراق وفي أفغانستان وفي كشمير وفي الفلبين وفي السودان وفي كل مكان يا رب العالمين ، كن لهم عونا وظهيرا ومؤيدا ونصيرا .
اللهم كما حميت بيتك بطير تحمل حجارة من سجيل اللهم انصر اخواننا المستضعفين بجند من جندك يارب العالمين ، يا من لك جنود السماوات والأرض ويا من لا يعلم جنودك إلا أنت ، اللهم انصر الإسلام والمسلمين ودمر الشرك والمشركين وانصر عبادك الموحدين .
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا قيوم السماوات والأراضين .

عباد الله إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ، فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 19 - 9 - 2014, 04:13 AM   #93



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له
و أشهد إن لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد إن محمداً عبده و رسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
[ آل عمران/102]
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [ النساء/1]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً }
[ الأحزاب/71]
أما بعد'
فإن اصدق الحديث كلام الله ,وخير الهدي هدي محمدا صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثتاً بدعه, وكل بدعة ضلاله,
وكل ضلالة في النار.
معشر الأحبة'
المفترض والمتوقع إننا نتحدث عن رمضان فهوعلى وشك الحلول والقدوم ولكن جاء في التعاليم على أن يكون الحديث في هذه الجمعة مخصص للحديث عن الأيتام ,,ونِعم الحديث,,
أقول:الأمة مكلفة برعاية مصالحها وحقوقها,
مأمورة بالتعاون فيما بينها على البر والتقوى والمودة والنصرة
التفاضل فيما بينها بالتقوى والعمل الصالح والتسابق في البر والمعروف
والتنافس في الفضل والإحسان,و الإسلام اثبتا للأمة حقوقاً و واجبات في فئاتها وطبقاتها ،أنها حقوق و واجبات ثابتة مقرونة بحق الله تبارك وتعالى
في إفراده بالعبادة قال تعالى:
{ وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }
[ النساء/36]
وقال:
{ وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللّهِ أَوْفُواْ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ الأنعام/152]
إلى أخر الحقوق العشرة في قوله سبحانه وتعالى:
{ وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [ الأنعام/153]
حقوقاً عظمى, و وصايا كبرى التقصير فيها من الكبائر, والتفريط فيها من الموبقات,حقوقاً للوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وأبناء السبيل والجيران والأصحاب والأغراب ،،
وهذه وقفه أحبتي مع حق من هذه الحقوق تضمنته هذه الآيات الكريمات حق عظيماً يتأكد التذكير بهٍ والمسلمون بمشكلاتهم ومحنهم يتزايد فيهم صاحب هذا الحق وتتنوع في تكاثره الأسباب ،،
إنهُ حق اليتيم
حسب اليتامى أن يكون أسوتهم محمد صلى الله عليه وسلم فتلك وربك هي الانسانيه بجلالتها وهي الحقوق بأسمى معانيها وحسب الأوفياء ان يعلموا أن يُتم محمد صلى الله عليه وسلم قد رعاهُ ربه وتولاه فأواه وهداه
قال جل في علاه:
{ أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى } [ الضحى/6]
وحسبٌ كافل اليتيم إن يكون مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنات عدنً كهاتين وأشارا عليه الصلاة والسلام بأصبعه السبابة والوسطى وقد يرغبوا مُحبو الخير إن يعرفوا السر في بلوغ الكافل هذه المنزلةً العظيمة والرتبةً الشريفة ليكون قرينً بنبيه في المقام العظيم.
قال أهل العلم:إن محمداً صلى الله عليه وسلم كتب الله على يديهِ هداية قوم كانوا في ضلال مبين قام عليهم وأصلح شأنهم علمهم وأرشدهم ودلهم على الحق والصراط المستقيم وكذلك كافل اليتيم يحفظ يتيمه في حال صُغرهِ
لا يعقل ولا يفقه فيدله ويهديه ويهذبه ويربيه ،
وإذا ما بلغى مبلغ الرجال كان رجلاً سويًًا محفوظ الحقوق موفور الكرامة مع ما يتحمل الكافل من تبعات الوصايةِ والرعاية وشؤون التربيه وحسن العناية وما يحف بذلك من تقوى ونزاهةً وعفاف ،هذه هي الأنسانيه وهذه
هي حقوقها في دين الله جل في علاه .
عباد الله ان لليتيم حظًا موفوراً في نصوص الكتاب والسنة رعايةً وحفظًا و تربية ً وتأديبًا وعنايةً ًشديدةً في الكف حتى عن إيذاءه وقهرهِ وزجرهِ أو نهره ،في أوائل ما تنزل من القران المكي
فقال جلا في علاه:
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [ الضحى/9]
وقال ايضاً:
{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ(1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ }
[ الماعون/1/2].
وقال:{ كَلَّا بَل لَّا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ } [ الفجر/17]
وقال: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (11)و َمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ(12) َفكُّ رَقَبَةٍ (13) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَِتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ(15) أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ (16)[ البلد].
و في الحديث إني أحرج عليكم حق الضعيفين اليتيم و المرأة
وفي مسلم كافل اليتيم له أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة
قال الأمام ابن بطال ،،وأسمع بارك الله فيك...
حق على من سمع هذا الحديث ان يعمل بهٍ ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزله في الآخرة أفضل من ذلك،
أنا و اليتيم كهاتين في الجنة, قال:حق على من سمع هذا الحديث ان يعمل به حتى يكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة,
كان ابن عمر -رضي الله عنهما- لا يجلس على طعام إلا على مائدته أيتام
أحبتي'
اليتيم فرد من إفراد الأمة, ولبنةً من لبناتها, ان غير اليتيم يرعاه ابواه يعيش في كنفهما ,تضلله روح الجماعة ,يفيض عليه والداه من حنانِهما, ويمنحانه من عطفهما,ما يجعله بأذن الله بشراً سوياً وينشأ فيه إنشاءً متوازنً ,
أما اليتيم فقد فقد هذا الراعي و أحسَ بالعزلة ومال الى الانزواء ،
ينشدوا عطف الأبوة الحانية ويرموا إلى من يمسح رأسه ويخفف بؤسه, يتطلع الى من يُنسيه مرارة اليتم وألام الحرمان،كم من أم لأيتام يحوم حولها صبيتها وعينهم شاخصة تحول لعلهم يجدون عندها ما يسد حاجتهم ويكفيهم وان شئتم إن تذرفوا الدمع ساخنًا ،فاذكروا ساعة الاحتضار ودنو الأجل فتذكروا حال الصبية الصغار والذرية الضعاف الذين يتركهم هذا المحتضر ورائه يخشى عليهم ظروف الحياة وبلاء الدهر يتمنى لهم ولياً مرشدً يرعاهم كرعايته ويربيهم كتربيته يعوضهم بره وعطفه ،
من تذكر هذه الساعة وعاش هذه الحالة فـ ليذكر حال اليتيم ,
قال الله:
{و َلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً} [ النساء/9]
ان اليتيم اذا لم يجد من يستعيض به حنان الأب المشفقِ والراعي الرافقِي
فأنه,سيخرج نافر الطبع ويعيش شارد الذكر لا يحس برابطه, ولا يفيض بمودة وقد ينظر نظر الخائف الحذر ,بل قد ينظر نظر الحاقد المتربص وقد يتحول في نظراته القاتمة إلى قوةً هادمه.
عباد الله''
من خيِار بيوت المسلمين بيت فيه يتيم يُحسَن إليه فخفض الجناح لليتامى والبائسين دليل الشهامة وكمال المروءه ،
و كما قال -صلى الله عليه وسلم-:
((صنائع المعروف تقي مصارع السوء وتحفظ من المحن والبلايا )
ان كنت عبد الله ' تشكو قسوةً في قلبك فأدني مِنك اليتامى وامسح على رؤوسهم, وأجلسهم على مائدتك, وألن لهم جانبك ،
قال الله عن عباده الصالحين،،
{وَ يُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً (9) إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً(10) فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً(11)}
[ الإنسان]
عباد الله،،
و لا تقوم الحقوق على وجهها, ولا يحفظ للناس أشيائهم إلا حين يأخذون كتاب ربهِم بقوه,يرجون وعده ,ويخافون وعيده,
قال سبحانه:
{ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [ النساء/10]
وقال:
{وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً } [ النساء/2]
اي إثم عظيم جاء في سبب نزول هذه الآيات,فحرج الذين عندهم أيتام من أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- حين سمعوا هذه القوارء وهذا التهديد والوعيد ، خافوا فعزلوا طعام الأيتام وشرابهم فـصاروا يأكلون منفردين ويعيشون منعزلين وامتنع آخرون من كفالة اليتيم تحرُجاوتعففا وكان هذا موضع حرجً أخر,فعزل اليتيم و نبذه في ركن من أركان البيت وفصله عن إسراره من الأطفال له الأثر السيئ في تربيته وضياع ماله فسألوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، فنزل القران مجيبً لهم،

{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاء اللّهُ لأعْنَتَكُمْ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }
[ البقرة/220]
فرُفع الحرج,بتوجيه عميق وهدف عال, ' فُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ'
إن الغاية هي إصلاح اليتيم,إصلاحُ بكل معاني الإصلاح , من التهذيب والتربية والتنشئة على الدين والعلم والخلق القويم,وهذا أعظم واهم من الاشتغال بإصلاح المال وحده,وكل من الأصلاحين مطلوب ،
'وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ'
إنهم إخوانكم فَشُأنُ الأخوة المساواة والمخالطة في الكسب والمعاش ,
مخالطةً في أخوة صادقه مبنية على المسامحه , وانتفاء مظلة الطمع ,
اما إذا فسدت النوايا, واستغل ضعف اليتيم وقلة إدراكه, فقد جاء الوعيد
قال الله:
{ وَاللّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ } [ البقرة/220]
وكم من ضالم على أوقاف و أوصياء على أيتام انزلقوا في الشبهات ثم ترقوا الى المحرمات ,فغلبتهم أطماعهم حتى أصبح واحدهم غنيا من بعد فقر,قاسيًا من بعد لين فويلٌ لهم ثم ويلٌ لهم ،،
قال الله:
{إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً } [ النساء/10]
نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم,أقول ما تسمعون:, وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فأسغفروه انه هو الغفور الرحيم , و وسعوا لإخوانكم يوسع الله لكم ,,
الحمد لله على إحسانه, والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه , وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه, وأشهد ان محمدا عبده ورسوله داعي الى رضوانه اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى اله وصحبه و إخوانه, اما بعد:
أحبتي'
أوصيكم ونفسي بتقوى الله,أتقوا الله عباد الله, أتقوا الله و اتقوا يوماً ترجعون فيه الى الله ،اعلموا ,وفقنا الله وإياكم جميعاً المسلمين لما يحبه ويرضاه, ان لكفالة اليتيم والإحسان إليه والسعي على الأرامل والمساكين و الإحسان إلى الجار ,فضلا له فضل عظيم يوفق الله تعالى للقيام به من شاء من خلقه,
والله تبارك وتعالى يقول: في سورة آل عمران،،
{ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً } [ آل عمران/30]
ويقول: في سورة النبأ
{ يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ } [ النبأ/40]
فالسعيد حقا هومن وفق للقيام بهذه الأعمال واستعمل ماله في مصالح نفسه و أهله المشروعة, وكفالة الأيتام, والسعي على الأرامل والمساكين وسد الخلات والسعي على ذوي الحاجات ..
اما اليتيم' فهو الذي مات أبوه وهو لم يبلغ,,مات أبوه الذي كان يرعاه بنفسه وماله ويحبه من أعماق قلبه, ويؤثرُ مصلحتهُ على مصلحته, وان مما يذرف الدمع من العين ساخنًا ساعة الموت,, صبية صغار وذرية ضعفاء, يُخَلفهم الميت ورائه يخشى عليهم مصائب الدنيا وخروقها ويتمنى لهم من يقوم مقامه يرعاهم كرعايته , ويسوقهم كـسياقته ،يعزيهم ببره ولطفه عن أبيهم الراحل , ويشعرون معه بالعناية ,التي يجدونها عنده ,فكأن والدهم حي لم
يفقدوا منه الا جسمه , والذي يتعاهد اليتيم ,ويؤدبه ويلاحظه ويهذب نفسه و يحنوا عليه وتطمئن قلوب أقاربه اذا راءوه,,هذا الذي يتعامل مع اليتيم على هذا النحوحَريٌ بمرتبة المقربين من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الدين دل على ذلك حديث سهل ابن سعد, في صحيح البخاري وغيره
قال:قال صلى الله عليه وسلم:
((انا وكافل اليتيم في الجنة كهذا ,وقال بأصبعيه السبابة والوسطى))
اي قرن بين الأصبعين هاتين مبينًا قرب كافل اليتيم منه يوم القيامة ,وأشار بهما وقال:انا وكافل اليتيم في الجنة هكذا,وفي هذا ترغيب في كفالة الأيتام والعناية بأمورهم, فلهم حق عظيم على المسلمين يقوم به من وفقه الله تعالى لذالك ،ولقد أوصى الله جل وعلى باليتامى ليصيروا كمن لم يفقد والديه
فقال في سورة البقرة:
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ } [ البقرة/220]
اما الأرمله:
فهي التي فقدت زوجها فهي بحاجة الى الملاحظة لأنها ضعيفة وحاجات النساء كثيرة دقيقة وجليلة, الذي يتعاهد الأرملة التي فقدت زوجها الذي يرعاها من بعده مع أيتامها ,فيسليها عن الفجيعة,وعن تلك المصيبة .ويكفُ يدها عن السؤال عن ما في أيدي الناس ,ويصون ماء وجهها,,له عند الله اجرعظيم,يكفيه في ذلك ماقاله -صلى الله عليه وسلم- عند البخاري وغيره
من حديث ابي هريرة قال:عليه الصلاة والسلام,
((الساعي على الأرمله والمسكين ,كالمجاهد في سبيل الله,او كالذي يصوم النهار ويقوم الليل))
اما المساكين:
فهم الذين أسكنتهم الحاجة فلا يجدون كفاية لقوتهم وسكناهم وأمورهم ونفقاتهم , إما بسبب فقد المال, او بسبب العجز عن الكسب لكبر او لصغرٍأو عمى او شلل او نحو ذلك من الأسباب المقعدة و المسكنة عن تمكين المرء ان يجد كفاية نفسه وأهله ممن يعول ،فهؤلاء حريٌ بالمسلمين مساعدتهم وتفقد أحوالهم وأمورهم والسعي عليهم وإعانتهم على عمل يحسنونه من تعليم او صنعة, او زراعة او وظيفة يكفون بها وجوههم و أيديهم عن السؤال , وقد يكون المسكين قريبًا أو ذا رحمً فيعظم حقه ويكون السعي عليه بر, و صله , ومن يعيل المساكين, ويسعى عليهم,ويتفقدهم يتضاعف أجره عند الله إضعافً مضاعفه فهذه فرص ثمينة يوفق الله السعيد من خلقه ,
ومن يجمع المال بعرق الجبين لا لينفقه في ترف او تبذير او لذه او سمعه,بل ينفقه فيما يحب الله ويرضاه من القيام بمصالح نفسه واهله ولمواساة اهل الحاجات فهذا هو الذي يستفيد من المال في الدنيا ويجده مدخراً له يوم القيامة وهو أيضا الحري بمرتبة المجاهدين ومنزلة المقربين.

الناس بالناس مادام الحياة بهم والسعد لاشك تاراتٌ وتاراتُ،و أفضل الناس من بين الورى رجلٌ تقضى على يده للناس حاجات ،و أشكر فضائل صنع الله إذاجعل إليك لا لك عند الناس حاجات،،
قد مات قومٌ وما ماتت مكارمهم * * وعاش قومٌ وهم في الناس أمواتُ

ورمضان على الأبواب وحاجات المساكين والأرامل واليتامى تحتاج الى من يسدها ويقوم بها ,فساهموا معنا في ذلك فـلدينا من الأسر المحتاجه والأرامل واليتامى ما لله به عليم ، فـلنصحح النوايا قبل دخول رمضان ,
في رفع شعار الترابط والتكافل وشعار الجسد الواحد ,فيما بيننا البين
ان نرحم الفقير والمحتاج ., ان نعين الناس ,ونعين بعضنا بعضا على نوائب الدهرألا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه
فقال جل من قائل:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [ الأحزاب/56]
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
اللهم بلغنا رمضان
اللهم بلغنا رمضان
اللهم بلغنا رمضان
وارزقنا صيامه وقيامه إيماناً واحتساباً يـا ذا الجلال و الإكرام ,اللهم وفقنا لسد حاجات اليتامى والأرامل والمساكين ,واجعلنا إخوةً متحابين متعاونين يا قيوم السموات و الأراضين,
اللهم ارحم ضعفنا وتقصيرنا وجهلنا و إسرافنا في أمرنا يا أرحم الراحمين
اللهم حبب إلينا الإيمان,وزينهُ في قلوبنا ,وكره الينا الكفر والفسوق والعصيان,اجعلنا يا ربنا من الراشدين,أمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ,واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين,اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من اجل أعلاء كلمة دينك,,اللهم انصر من نصرهم , اللهم اخذل من خذلهم وقوي عزائمهم ,واربط على قلوبهم ,وثبت الأقدام ,وفك أسرانا وأسراهم يا رب العالمين ,
اللهم اكبت عدوك وعدوهم من يهود ونصارى وشيوعيين ومنافقين ,
يا جبار السموات و الأراضين
إنهم لا يعجزونك يا قوي يا عزيز,
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأ سوء ما عندنا يا علي يا عظيم
عباد الله'
ان الله يأمروا بالعدل والإحسان ،و ايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، أعظكم لعلكم تتذكرون ،فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ، ولذكر الله اكبر ، والله يعلم ما تصنعون


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:38 AM   #94



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له..وأشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
( يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ حقَّ تقاتهِ ولاْ تموتنَّ إلاّ وأنتمْ مسلمونَ )
( يا أيها الناسُ اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفسٍ واحدةٍ وخلقَ منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تسآءلونَ بهِ والأرحامَ إنَّ اللهَ كانَ عليكم رقيباً )
( يا أيها الذينَ آمنوا اتقوا اللهَ وقولوا قولاً سديداً ، يصلحْ لكم أعمالكم ويغفرْ لكم ذنوبكم ومن يطعِ اللهَ وَرسولهُ فقدْ فازَ فوزاً عظيماً )

أما بعد :
فإن أصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
معاشر الأحبة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم وسدد على طريق الحق خطاي وخطاكم .. أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجمعني وإياكم من دار كرامته إخواناً على سرر متقابلين .. أسأله سبحانه أن يفرج هم المهمومين ويكشف كرب المكروبين ويقضي الدين عن المدينين وأن يدل الحيارى ويهدي الضالين ويغفر للأحياء والميتين ..
أهلاً بكم أحبتي في ليلة مباركة عنوانها البداية والنهاية ...
ولكل شيء أحبتي بداية ونهاية ..
تعالوا نبدأ هذه البداية بنبأ عظيم رواه الله لنا في كتابه جل وعلا .. إنه نبأ عظيم غفل عنه الأكثرون .. تعال نسمع ونتدبر قوله جل في علاه بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : ( قلْ هوَ نبأٌ عظيمٌ ، أنتمْ عنهُ معرضونَ ، ما كانَ ليَ منَ علمٍ بالملأِ الأعلى إذْ يختصمونَ ، إنْ يوحى إليَّ إلاَّ أنما أنا نذيرٌ مبينٌ ، إذْ قالَ ربكَ للملائكةِ إني خالقٌ بشراً منْ طينٍ ، فإذا سويتهُ ونفختُ فيهِ منْ روحي فقعوا لهُ ساجدينَ ، فسجدَ الملائكةُ كلهمْ أجمعونَ ، إلاَّ إبليسَ استكبرَ وكانَ منَ الكافرينَ ، قالَ يا إبليسُ ما منعكَ أنْ تسجدَ لما خلقتُ بيديَّ أستكبرتَ أمْ كنتَ منَ العالينَ ، قالَ أنا خيرٌ منهُ خلقتني منْ نارٍ وخلقتهُ منْ طينٍ ، قالَ فاخرجْ منها فإنكَ رجيمٌ ، وإنَّ عليكَ لعنتي إلى يومِ الدينِ ، قالَ ربِّ فأنظرني إلى يومِ يبعثونَ ، قالَ فإنكَ منَ المنظرينَ ، إلى يومِ الوقتِ المعلومِ ، قالَ فبعزتكَ لأغوينّهم أجمعينَ ، إلاَّ عبادكَ منهم المُخلَصينَ ، قالَ فالحقُ والحقَ أقولُ ، لأملأنَّ جهنمَ منكَ وممنْ تبعكَ منهمْ أجمعينَ ، قلْ ما أسألكمْ عليهِ منْ أجرٍ وما أنا منَ المتكلفينَ ، إنْ هوَ إلاَّ ذكرٌ للعالمينَ ، ولتعلمنَّ نبأهُ بعدَ حينٍ )

ومنذ تلك اللحظة بدأت حكاية البداية والنهاية .. بدأت المعركة بين الحق والباطل .. معركة باطل يتزعمها إبليس وجنوده .. هدفهم إضلال البشرية وتزيين الباطل لهم وصدهم عن صراط الله المستقيم .. واستخدموا لذلك كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة ..
قال تعالى على لسان إبليس : ( قالَ فبما أغويتني لأقعدنَّ لهم صراطكَ المستقيمَ ، ثمَّ لآتينهمْ منْ بينِ أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجدُ أكثرهمْ شاكرينَ ).. فزينت الشياطين للبشر الضلالة والغواية .. وعود وأماني ( وما يعدهم الشيطانُ إلاَّ غروراً ) .. فزينوا للناس الدنيا والركون إلى شهواتها ولذاتها وأنسوهم الموت وسكراته والقبر وظلماته .. أنسوهم يوم الحشر وكرباته والحساب وشدته ..
فأرسل الله الرسل وأنزل الكتب وشرع الشرائع .. قال سبحانه : ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزاً حكيماً )
وقال سبحانه : ( يا أهلَ الكتابِ قدْ جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ) .. فأرسل الله إلينا خير رسله وأنزل علينا أحسن كتبه وشرع لنا أكمل الشرائع ..
من اتبع وأطاع وسلك طريق الهداية فليبشر بروح وريحان ، ومن ضل وعصا وسلك طريق الغواية فلا يلومن إلا نفسه..
من رحمة الله بنا أن جعل طريق الهداية والاستقامة طريقاً مستقيماً واضحاً بيناً ..عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : خط لنا النبي صلى الله عليه وسلم خطاً مستقيماً وخط على جوانبه خطوط ثم قال : " هذه سبل وعلى كل سبيل شيطان يدعو إليه ، وهذا – يعني الخط المستقيم – وهذا صراط الله مستقيماً " ثم قرأ قوله تبارك وتعالى ( وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) ".


فهيا بنا نبدأ الحكاية وستتكون من العناصر التالية :
أول المواعظ .
ثم بداية حياة ونهاية .
ثم بداية موت وقبر ونهاية .
ثم بداية حشر ونهاية .
ثم بداية حساب ونهاية
ثم آخر الكلام .

أول المواعظ : قدم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الشام متفقداً أحوالها فزار صاحبه أبا الدرداء في منزله ليلاً ، فدفع الباب فإذا هو بغير غلق ، ثم دخل في بيت مظلم لا ضوء فيه ، فلما سمع أبو الدرداء رضي الله عنه حسه قام إليه ورحب به ثم جلس الرجلان يتفاوضان الأحاديث والظلام يحجب كلاً منهما عن عيني صاحبه ،فجس عمر وساد أبي الدرداء فإذا هو برذعة ، وجس فراشه فإذا هو حصا ، وجس دثاره – يعني لحافه – فإذا هو كساء رقيق لا يفعل شيئاً في برد الشام ...فقال له عمر : رحمك الله يا أبا الدرداء : ألم أوسع عليك ؟! ألم أبعث لك ؟! فقال أبو الدرداء : أتذكر يا عمر حديثاً حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ،قال عمر : وما هو ؟! قال : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا: " ليكن بلاغ أحدكم من الدنيا كزاد الراكب " فماذا فعلنا بعده يا عمر!! فماذا فعلنا بعده يا عمر !! فبكى عمر وبكى أبو الدرداء وما زالا يتجاوبان البكاء والنحيب حتى طلع عليهما الفجر ..
فلا إله إلا الله والله أكبر .. كيف إذا جاء عمر وجاء أبو الدرداء ونظرا في أحوالنا !!! كم غيرنا !! وكم بدلنا !! وكم انفتحت الدنيا !!
ومضت الأيام قدماً وتوفي أبو الدرداء رضي الله عنه كما هو سبيل كل حي .. فرأى عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه.. رأى فيما يراه النائم .. رأى مرجاً أخضراً فسيح الأرجاء وارف الأفياء فيه قبة عظيمة من أدم حولها غنم رابضة لم ترَ العين مثلها قط ، فقال : لمن هذه ؟ فقيل : هذه لعبد الرحمن بن عوف .. فبينما هو يتأمل في حسن المرج وبهاءه إذ طلع عليه عبد الرحمن بن عوف من القبة ، وقال : يا ابن مالك هذا ما أعطانا الله عز وجل على القرآن .. هذا ما أعطانا الله عز وجل على القرآن .. ولو أشرفت على هذه الثنية لرأيت ما لم ترَ عينيك وسمعت ما لم تسمع أذنك .. ووجدت ما لم يخطر على قلبك .. أعده الله عز وجل لمن ؟! أعده الله لأبي الدرداء لأنه كان يدفع عنه الدنيا بالراحتين والصدر ..
وصدق الله العظيم حين قال : ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين ) وصدق الله العظيم حين قال : ( والسابقون السابقون ، أولئك المقربون ، في جنات النعيم ، ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين ، على سرر موضونة ، متكئين عليها متقابلين ، يطوف عليهم ولدان مخلدون ، بأكواب وأباريق وكأس من معين ، لا يصدّعون عنها ولا ينزفون ، وفاكهة مما يتخيرون ، ولحم طير مما يشتهون ، وحور عين ، كأمثال اللؤلؤ المكنون ، جزاء بما كانوا يعملون ، لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً ، إلا قيلاً سلاماً سلاماً ) .. جزاء بما كانوا يعملون ..ما غيروا وما بدلوا ..

هيا نسمع بداية الحياة ونهايتها .. تعال نسمع من أخبار الدنيا ..
قبل ان أبدأ في ذكر أخبار الدنيا أريدك أن تعرف أنه ما ذُمّت الدنيا من أجل الدنيا،إنما ذمت الدنيا لسوء فعل أهلها وغفلتهم عن الآخرة ، وإلاَّ فهي طريقنا إلى الآخرة وفيها نتزود من العمل الصالح .. ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " خيركم من طال عمره وحسن عمله ، وشركم من طال عمر وساء عمله " ..
أما من أخبارها فجديدها يبلى ، ملكها يفنى ، عزيزها يذل ، كثيرها يقل ، حيها يموت ، وخيرها يفوت ، لو لم يكن فيها عيب إلا أن أهلها يموتون لكفاها ..اسمع حقيقتها كما قال تعالى : ( اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفراً ثم يكون حطاماً وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان وما الحياة الدنيا إلاّ متاع الغرور )،هذه حقيقتها.. سريعة الفناء ، قريبة الانقضاء ، تعد بالبقاء ثم تخلف عند الوفاء ..
أحلام نوم أو كظل زائل ... إن اللبيب بمثلها لا يخدع .
طريق النجاة فيها (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم )
خلقها الله – يعني الدنيا – خلقها الله للامتحان والابتلاء كما قال سبحانه : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم احسن عملاً ، وإنّا لجاعلون ما عليها صعيداً جرزاً )
الناس فيها على صنفين ( منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة )
وهم أيضاً على حالين ( إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً )
اسمع رعاك الله ماذا أعد الله لهؤلاء وماذا أعد الله لهؤلاء ( فأما من طغى ، وآثر الحياة الدنيا ،فإن الجحيم هي المأوى ، وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فإن الجنة هي المأوى ) ..
وقال سبحانه: ( من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ).. النتيجة :(ثم جعلنا له جهنم يصلاها مذموماً مدحوراً ، ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً ، كلاً نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً ، انظر ( انظر ) كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلاً )
قال صلى الله عليه وسلم : " الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر " .
وقال " ما لي وللدنيا ،ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها "
وقال : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " .
وقال : " ما الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أ هلكتهم " .
مر صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه على شاة ميتة ، قال : " أترون هذه الشاة هينة على أهلها " قالوا : من هوانها ألقوها . قال : " والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه الشاة على أهلها ولو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافر منها شربة ماء " .
وقال :" إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون،وكل الناس غادي " .
تأمل بعد هذا الكلام من سيد المرسلين ..تأمل في حياته ومماته .. تأمل من البداية حتى النهاية .. لبس المرقع وهو قائد أمة جبت الكنوز وكسرت أغلالها لما رآها الله تمشي نحوه لا تريد إلا رضاه سعى لها ..
تقول عائشة : يمر الهلال ، ثم الهلال ، ثم الهلال لا توقد نار في بيوت آل محمد صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا خالة : ما طعامكم ، قالت : الأسودان التمر والماء .
قالت أيضاً : " ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز الشعير يومين متتاليين ..
تخبز فاطمة خبيزاً فتأتيته بكسرة خبز فيأكلها ثم يقول - بأبي هو وأمي - : " والله يا فاطمة ما دخل بطن أبيك طعام منذ أيام " .
يبكي عمر لما رأى حاله وقد أثر الحصير في جنبه وملوك فارس والروم تلبس الحرير وتنام على الوثير .. فقال يا عمر : " أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة ".. " أما ترضى يا عمر أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة " ..
يبغي من الله المكان الأرفعا .. ما لبس الحرير ولا وضع التاج على الرأس مرصعا ..
يقول الحسن البصري رحمه الله : دخلت بيوت النبوة بعد موته صلى الله عليه وسلم بحين فإذا جدرانها من طين ، سقفها من جريد ، فرشها من حصير ، طولها وعرضها أمتار..
يقول سعيد بن المسيب : لما هدمت بيوت النبوة لتوسيع المسجد ما رأيت باكياً كما رأيت في ذلك اليوم .. يقول : ليتهم أبقوها .. ليتهم أبقوها ..حتى ينشأ ناشئ الفتيان فينا ويروا كيف كانت حياة نبيهم صلى الله عليه وسلم وهو الذي حيزت له الدنيا بما فيها

ومما زادني شرفاً وتيهاً
دخولي تحت قولك يا عبادي
وكدت بأخمصي أطأ الثريا
وأن صيرت لي أحمد نبياً

ثم سار أصحابه من بعده على نهجه دربه.. ما شربوا المسكرات والمخدرات ، ولا اتخذوا الجواري والقينات ، وما أكلوا الأموال الربويات ، ولا ألهاهم عن ذكر الله شاشات و قنوات ، ولا ضيعوا الأوقات في مطاردة الفتيات في المجمعات .
اسمع من كلامهم وقل بارك الله فيك: أين نحن من هؤلاء ؟!
يقول أبو بكر لخالد رضي الله عنهم : فرّ من الشرف يتبعك الشرف ، واحرص على الموت توهب لك الحياة ، لا خير في مال لا ينفق في سبيل الله ، ولا خير في قول لا يراد به وجه الله ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم..
أتعبت من بعدك يا خليفة رسول الله ...
كتب عمر إلى ابنه عبد الله رضي الله عنها في غيبة غابها أما بعد:فإنه من اتقى الله وقاه،ومن اتكل عليه كفاه،ومن شكر له زاده،ومن أقرضه جزاه، فأهل التقوى أهل الله فاجعل التقوى عمارة قلبك وجلاء بصرك فإنه لا عمل لمن لا نية له ولا خير لمن لا خشية له .
كان يقول : كل يوم يقال مات فلان ومات فلان ولا بد من يوم يقال فيه مات عمر ..
ولقد مات عمر .. لكن على أي حال !! .
أما من كلام عثمان فقد كان يقول : لو أني بين الجنة والنار ولا أدري إلى أيتهما يؤمر بي لاخترت أن أكون رماداً قبل أن أعلم إلى أيتهما أصير .
كان يقول : لو طهرت قلبوكم ما شبعت من كلام ربها ..
لا عجب فقد كان يقوم الليل كله بالقرآن ..
ولعلي رضي الله عنه كلام ومقال .. اسمع وتفكر ..قال رضي الله عنه : ألا إن لله عباداً مخلصين كمن رأى أهل الجنة في الجنة فاكهين ورأى أهل النار في النار معذبين.. شرورهم مأمونة ، قلوبهم محزونة ، أنفسهم عفيفة ،حوائجهم خفيفة ، صبروا أياماً قليلة لعقبى راحة طويلة ، أما بالليل فصفوا أقدامهم في صلاتهم تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى ربهم : ربنا..ربنا ..يطلبون فكاك رقابهم وصلاح قلوبهم ، أما بالنهار فعلماء حلماء بررة أتقياء كأنهم القداح – يعني السهام وشبههم بالسهام لأن أجسامهم ضامرة من الصيام والقيام - يقول من ينظر إليهم الناظر فيقول : مرضى ووالله ما بالقوم من مرض ولكن خالط القوم أمر عظيم .. وما أحلى وما أجمل وصف الله لهم : ( وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ) فلما وصف نهارهم كان من المناسب أن يصف ليلهم فقال : ( والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً ، والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراماً ، إنها ساءت مستقراً ومقاماً ) ..
بكى أحد الصالحين عند موته فقيل له : ما يبكيك ، فقال : أبكي أن يصوم الصائمون ولست فيهم ،ويذكر الذاكرون ولست فيهم ،ويصلي المصلون لست فيهم ..
انظر على ماذا يبكون

والروح منك وديعة أودعتها
وغرور دنياك التي تسعى لها
والليل فاعلم والنهار كلاهما
وجميع ما حصلته وجمعته
تباً لدار لا يدوم نعيمها
ستردها بالرغم منها وتسلب
دار حقيقتها متاع يذهب
أنفاسنا فيها تعد وتحسب
حقاً يقيناً بعد موتك يذهب
ومشيدها عما قليل يخرب

الدنيا دار من لا دار له ، ومال من لا مال له ، ولها يجمع من لا عقل له ..من اشتاق للجنة هجر الشهوات واللذات في الدنيا..الدنيا كالحلم تمر مرّ السحاب ساعة من زمن ثم تنقضي .. ألا إنها رحلة بدأت وسوف تنتهي..وسوف تنتهي..هبّ الدنيا تساق إليك عفوا.. أليس مصير ذلك إلى انقضاء .. هب الدنيا تساق إليك عفواً .. أليس مصير ذلك إلى انتقال..ومادنياك مثل ظل أظلك حيناً ثم آذن بالزوال ..
أحبتي ليس المطلوب ترك الدنيا بتاتاً فإن هذا ليس بالإمكان .. ولكن المطلوب الاعتدال في طلبها على وجه المباح لا يصد عن ذكر الله وطاعته .. قال سبحانه : ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون )..
وقال : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جازٍ عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور )
لو لم يكن في الدنيا عيب إلا أن أهلها يموتون لكفاها ..


فهيا نسمع خبر الموت بداية ونهاية ..
الموت هو الحقيقة التي لا يستطيع الإنسان مؤمناً كان أو ملحداً أن يفر منها ..
ذكره يردع عن المعاصي ويلين القلب القاسي .. إنه أمر فظيع وأليم يفضح الأسرار ويهتك الأستار ويبدي العورات ويظهر الحسرات.. لو نجى منه أحد لنجى منه خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له : ( إنك ميت وإنهم ميتون ) فإنا لله وإنا إليه راجعون .. وقال له سبحانه : ( وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون ،كل نفس ذائقة الموت ).
جاء عند أحمد يإسناد جيد أن نبي الله داود عليه السلام رأى يوماً رجلاً في داره فقال : من أنت ؟ ، فقال : أنا الذي لا أهاب الملوك ولايمنعني الحجّاب ، فقال له دواد عليه السلام : فأنت والله إذاً ملك الموت .. لا يمنعه مانع ولا يحجزه حاجزٍ.
أما أحوال الناس عند الموت فقد جاء في الحديث المتفق عليه عن أبي قتادة رضي الله عنه قال : مرّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فقال : " مستريح ومستراح منه " قلنا : يا رسول الله ما المستريح وما المستراح منه ، فقال : " العبد المؤمن يستريح من تعب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله .. والفاجر يستريح منه البلاد والعباد والشجر والدواب".
قال لقمان لابنه : يا بني أمر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفاجئك .. أمر لا تدري متى يلقاك استعد له قبل أن يفاجئك ..
فكيف بك إذا نزل بك مرض الموت وحلت ساعة الاحتضار ووقف أبوك المشفق بجوارك وأمك الحنون وأولادك الصغار والكبار من حولك قد أحاطوا بك إحاطة السوار بالمعصم ينظرون إليك بعين الرحمة والعطف والشفقة..قد سالت دموعهم وحزنت قلوبهم يرجون لك الشفاء ويتمنون لك البقاء..ولكن هيهات هيهات ( حيل بينهم وبين ما يشتهون ) فلا يملك أحد من الخلق ان يزيد في عمرك أو يرد إليك عافيتك..إن الذي أعطاك الحياة بلا اختيار منك هو الذي يسلبها منك.." فلله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بمقدار ".إنا لله وإنا إليه راجعون..
فكأن أهلك قد دعوك فلم تسمع وأنت محشرج الصدر.
وكأنهم قد قلبوك على ظهر السرير وأنت لا تدري .
وكأنهم قد زودوك بما يتزود الهلكى من العطر .
يا ليت شعري كيف أنت إذا غسلت بالكافور والسدر .
أو ليت شعري كيف أنت على نبش الضريح وظلمة القبر.
قال سبحانه: ( قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) .
قال رجل لداود الطائي : أوصني ، قال : عسكر الموت ينتظرونك .. قال : أوصني : قال عسكر الموت ينتظرونك ..
كان مالك بن دينار يقول : والله لو استطعت أن لا أنام ما نمت ، فقيل : لماذا يا أبا يحيى ، قال : أخشى أن يأتيني ملك الموت وأنا نائم ولا أريد أن يأتيني إلا وأنا على عمل صالح ..
فلله درهم ..لكن قل لي بالله العظيم .. كيف ستكون الخواتيم ..
سمع عامر بن عبد الله المؤذن يؤذن لصلاة المغرب وهو يجود بنفسه في مرض شديد فقال: خذوا بيدي.. فقيل له : إنك عليل وقد عذرك الله .. فقال : والله إني أستحي أن أسمع منادي الله ولا أجيب .. والله إني لأستحي أن أسمع منادي الله فلا أجيب ..
الله اكبر .. كم هم اليوم الذين يسمعون ولا يجيبون ..
فدخل في صلاة المغرب فركع مع الإمام ركعة ثم مات..ركع مع الإمام ركعة ثم مات ..قل لي بالله العظيم كيف يبعث يوم القيامة (يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ، ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين)
فكيف أنت إذا بالماء والسدر غسلوك..
وكيف أنت إذا بالكفن الأبيض أدخلوك ..
وكيف أنت إذا في القبر المظلم أنزلوك ..
يقول أحد مغسلي الموتى : جيء بميت فلما ابتدأنا بتغسيله انقلب لونه كأنه فحمة سوداء ، وكان قبل ذلك أبيض البشرة ، فخرجت من مكان التغسيل وأنا خائف فوجدت رجلاً واقفاً فقلت:ما هذا..هذا الميت لكم ؟ قال : نعم ، قلت : أنت أبوه ، قال : نعم ، قلت : فما شأن ميتكم ؟! قال الأب : إنه لم يك من المصلين ..إنه لم يك من المصلين ..فقلت له : خذ ميتك فغسله أنت ..أما حكم الله ورسوله في مثل هذا فهو لا يغسل ولا يكفن ولا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين ولا يحمل على الأكتاف بل يجر على وجهه وتحفر له حفرة في الصحراء يكب فيها على وجهه ( وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ) .. فهل ترضى أن تكون مثل هذا ؟؟؟!!! فهل ترضى أن تكون مثل هذا ؟؟؟!!!
هذا من أخبار أولئك الذين سلكوا طريق الغواية ..
أما من أخبار أولئك الذين سلكوا طريق الهداية.. فيقول أحد مشايخنا : دفنا شاباً بعد صلاة الظهر .. كان داعية ..كان شاباً مواظباً ومحافظاً على الصلاة في المسجد .. لما غسلناه وكفّناه استنار وجهه وأشرق ..فلما أتينا القبر وكنت ممن نزل في قبره لإنزاله .. قلت: بسم الله وعلى ملة رسول الله .. فإذا به أُخذ مني واستقبل القبلة قبل أن أنزله ..قلت لصاحبي : شعرت بما شعرت أنا ، قال : سبحان الله .. أُنزل من يدي قبل ان أُنزله أنا في القبر .. فلما كشفت عن وجهه وجدته يضحك .. فلما كشفت عن وجهه وجدته يضحك ..فداخلني الخوف بأن يكون حياً وأنا الذي غسلته وكفنته .. فسبحان من وفق لحسن الختام أقواماً وخذل أقواماً .. ( ولا يظلم ربك أحداً )
قال ثابت البناني : كنا نشهد الجنائز فلا نرى إلا متقنعاً باكياً ..
واليوم اشهد الجنائز ترى عجب العجاب ..
قال الأعمش : كنا نشهد الجنازة ولا ندري من المُعزى فيها لكثرة الباكين ، وإنما كان بكاءهم على أنفسهم لا على الميت..
واليوم نشهد الجنائز وكثير من الناس يضحكون ويتحدثون ونداء ربهم يقرع مسامعهم ( اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون )
اعلم رعاك الله أن من حمل الجنازة اليوم سيُحمل غداً .. وأن من رجع من المقبرة إلى بيته اليوم سيرجع إليها غداً ..
اللهم لا تدعنا في غمرة ، ولا تأخذنا في غرة ، ولا تجعلنا من الغافلين ..


لا تظن أن الأمر بالموت قد انتهى بل هناك بداية ونهاية أخرى ..

ولو أنّا إذا متنا تُركنا
ولكنّا إذا متنا بُعثنا
لكان الموت راحة كل حي
ونُسأل بعدها عن كل شيء

نعم ..سيبعثر ما في القبور ، وسيحصل ما في الصدور ..
فهيا ننتقل من خبر إلى خبر .. تعال ننتقل إلى موقف عظيم ألا هو موقف الحشر .. والحشر هو جمع الخلائق يوم القيامة لحسابهم والقضاء بينهم .. الحشر هو جمع الناس أولهم وآخرهم ليوم لا ريب فيه ...سماه الله يوم الجمع ( يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن ) ..
وقال سبحانه : ( ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود وما نؤخره إلا لأجل معدود ).
وقال جل في علاه : ( إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم ) ..
تأمل حالهم ( يوم يخرجون من الأجداث سراعاً كأنهم إلى نُصب يوفضون ، خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ) .. فلا إله إلا الله على يوم مثل هذا .. قدرة الله أحاطت بهم فلا يعجزه شيء حيثما هلك العباد فإن الله قادر على الإتيان بهم ..إن هلكوا في أجواء الفضاء ، أو غاروا في أعماق الأرض ، إن أكلتهم الطيور الجارحة ،أو الحيوانات المفترسة ،أو أسماك البحار ، أو غيبوا في قبورهم في الأرض ..تأمل في قوله (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعاً إن الله على كل شيء قدير ) .
وكما ان قدرة الله محيطة بعباده يأتي بهم حيثما كانوا فكذلك علمه محيط بهم فلا ينسى منهم أحداً ولا يضل منهم أحد ولا يشذ منهم أحد ..لقد أحصاهم ولن يغادر منهم أحد ( إن كل من السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبداً ، لقد أحصاهم وعدهم عداً ، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً ) ،( وحشرناهم فلم نغادر منهم أحداً )
الناس فيه سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.. أسكرتهم الشدائد والأهوال ..
قال قتادة : ( يوم يقوم الناس لرب العالمين ) قال سمعت الحسن يقول : ما ظنك بأقوام قاموا لله عز وجل على أقدامهم مقدار خمسين ألف سنة لم يأكلوا منها أكلة ولم يشربوا فيها شربه تدنى الشمس من رؤوسهم مقدار ميل فيغرقون في عرقهم ..
فقل لي بالله العظيم كيف سيكون الحال؟!!..
عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : إن الكافر يلجم يوم القيامة بعرقه من طول ذلك اليوم .. وقال علي رضي الله عنه : من طول القيام حتى يقول ربي أرحني ولو إلى النار ..
فلك أن تتخيل أنت وأنا لا محالة من بينهم . لك أن تتخيل لا محالة أنا وأنت من بينهم.. فتوهم نفسك وتخيل قد علاك العرق وأطبق عليك الغم وضاقت نفسك في صدرك من شدة العرق والفزع والرعب والناس معك منتظرون لفصل القضاء إلى دار السعادة أو إلى دار الشقاء حتى إذا بلغ منك المجهود ومن الخلائق منتهاه وطال وقوفهم لا يُكلمون ولا يُنظرون في أمورهم .. فلما بلغ المجهود منهم ما لا طاقة لهم به كلم بعضهم بعضاً في طلب من يكرم على مولاه أن يشفع لهم في الراحة من مقامهم وموقفهم لينصرفوا إلى الجنة أو إلى النار .. ففزعوا إلى آدم ونوح ومن بعده إبراهيم وموسى وعيسى كلهم يقول : إن ربي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله .. فكلهم يذكر شدة غضب ربه عز وجل وينادي بالشغل بنفسه فيقول نفسي نفسي .. فيشتغل بنفسه عن الشفاعة لهم إلى ربهم لاهتمامه بنفسه وخلاصها ، وصدق الله حين قال ( يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها ) ، قال سبحانه ( ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً ، فيذرها قاعاً صفصفاً، لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً ، يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همساً ، يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولاً، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علماً ، وعنت الوجوه للحي القيوم وقد خاب من حمل ظلماً) فلا إله إلا الله على أهوال يشيب له الولدان وتذهل المرضعات عن الأطفال وتضع الأمهات الأحمال ..
كيف سيكون حالي وحالك (إذا دكت الأرض دكاً دكاً ، وجاء ربك والملك صفاً صفاً ، وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنّى له الذكرى ) لا إله إلا الله يؤتي بجهنم لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها ، لو تركت على أهل المحشر لأتت على برهم وفاجرهم (إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفيراً ) فإذا نظرت إلى الخلائق فارت وثارت وشهقت وزفرت نحوهم وتوثبت عليهم غضباً لغضب ربهم (إذا ألقوا فيها سمعوا لها شهيقاً وهي تفور ، تكاد تميّز من الغيظ كلما ألقي فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير ، قالوا بلى قد جاءنا نذير فكذبنا وقلنا ما نزّل الله من شيء إن أنتم في ضلال كبير ، وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير ) فتتساقط الخلائق حينئذ على ركبهم جثاة حولها قد أسبلوا الدموع ، ونادى الظالمون بالويل والثبور ( لا تدعو اليوم ثبوراً واحداً وادعو ثبوراً كثيراً ) ثم تزفر ثانية فيزداد الرعب والخوف في القلوب ، ثم تزفر الثالثة فتتساقط الخلائق على وجوههم ويشخصون بأبصارهم وهم ينظرون من طرف خفي خوفاً أن تبلغهم أو يأخذهم حريقها .. أجارنا الله منها ..
أيا من ليس لي منه مجير
أنا العبد المقر بكل ذنب
إن تعذبني فبسوء فعلي
بعفوك من عذابك أستجير
وأنت الفرد الواحد القدير
وإن تعفو فأنت به جدير

فتصور وتخيل أصوات الخلائق وهم ينادون بأجمعهم منفرد كل واحد منهم بنفسه يقول : نفسي نفسي فلا تسمع إلا قول نفسي نفسي .. فيا هول ذلك وأنت تنادي معهم بالشغل بنفسك والاهتمام بخلاصها من عذاب ربك وعقابه ..
إنه يوم قد بدأ وسوف ينتهي لكن قل لي بالله العظيم كيف ستكون النهايات وإلى أين المصير؟!
ما ظنك بيوم ينادي فيه المصطفى آدم والشكور نوح والخليل إبراهيم والكليم موسى والروح والكلمة عيسى مع كرامتهم على الله وعظم قدر منازلهم عند ربهم ..كل ينادي نفسي نفسي .. هذا حال أتقى البشر ، فكيف سيكون حالي وحالك !!! وكيف يكون خوفي وخوفك!!! ..
حتى إذا آيس الخلائق من شفاعتهم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه الشفاعة إلى ربهم فأجابهم لها وقال : أنا لها .. أنا لها ..
عند الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ آدم وما سواه إلا تحت لوائي " .
وروى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه انه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى ( عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً ) سُئل عنها فقال : " هي الشفاعة " فينطلق صلى الله عليه وسلم إلى العرش فيخر ساجداً فيفتح الله عليه من محامده والثناء عليه ما هو أهله ..ذلك كله بمسمعي ومسمعك وأسماع الخلائق أجمعين .. فيقال : يا محمد ارفع رأسك وسل تعطَ واشفع تشفع ..فيقول يا رب : أمتي أمتي .. فيجيبه ربه عز وجل إلى تعجيل عرضهم والنظر في أمورهم..( يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية) (وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة وهم لا يؤمنون ) ( إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون ) ( أزفت الآزفة، ليس لها من دون الله كاشفة ، أفمن هذا الحديث تعجبون،وتضحكون ولا تبكون،وأنتم سامدون ، فاسجدوا لله واعبدوا ).

إلا إنها شدة قد بدأت وانتهت وبدأت بعدها عقبة كؤود .. إنها الحساب وشدته وهو أعظم موقف وأشد عقبة ، فعلى ضوئها ونهايتها ستحدد البداية التي لا نهاية لها .. إما يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ، وإما يقال : يا أهل النار خلود فلا موت ..
فهيا نتابع الأحداث والأخبار .. تعال نتابع بداية حساب ونهايته ، لكن كيف ستكون البداية وكيف ستكون النهاية .. تعال نسمع رعاك الله ..
حسبك أن تعلم .. حسبك أن تعلم .. أن القاضي والمحاسب في ذلك اليوم هو الحكم العدل قيوم السماوات والأراضين ليتبين لك عظم هذا المشهد وجلالته ومهابته (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر وإلى الله ترجع الأمور ) .. نعم سيجيء الرحمن مجيئاً الله أعلم بكيفيته .. نؤمن به ونعلم أنه حق ولا نؤوله ولا نحرّفه ولا نكذب به .. وستجيء الملائكة في هذا الموقف الجليل .. ستجيء ومعها كتب الأعمال التي أحصت على الخلق أعمالهم وتصرفاتهم وأقوالهم ليكون حجة على العباد ..( ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ربنا يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً ) ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد )
ومعنى الحساب أن يوقف الحق تبارك وتعالى عباده بين يديه .. يعرفهم بأعمالهم التي عملوها أقوالهم التي قالوها وما كانوا عليه في حياتهم من إيمان او كفر أو استقامة او انحراف أو طاعة أو عصيان ..
فمن سلك طريق الهداية فيُعطى كتابه بيمينه ويحاسب حساباً يسيراً وينقلب إلى أهله مسروراً ..
ومن سلك طريق الغواية فيُعطى كتابه بشماله ويحاسب حساباً عسيراً ويدعو ثبورا
ستقام محكمة قاضيها الملك الديان ، شعارها : (لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب ). شعارها : " إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً " .
ستقوم المحاكمة على قواعد وأصول بينّها الله جل في علاه ..
منها : العدل التام الذي لا يشوبه ظلم . قال جل في علاه ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) .
ومنها : لا يُخذ أحد بجريره غيره . قال سبحانه ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
ومنها: إطلاع العباد على ما قدموه من أعمال ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً ) .
ومنها: إقامة الشهود . قال سبحانه ( اليوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما يعملون ، يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين )
عن ماذا سيكون السؤال ؟!! سيكون السؤال عن خمس فاستعد للجواب :
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تزول – أي إلى الجنة أو إلى النار – لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يُسأل عن خمس :
عن عمره فيما أفناه .. اسمع.. أيها الشاب .. عن عمره فيما أفناه ..وعن شبابه فيما أبلاه ، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه ،وماذا عمل فيما علم ..
الحساب فيه بالذرة ووالله إنه لحساب شديد ذلك الذي سنحاسب فيه بالذرة ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) ..
فتأمل عبد الله .. تأمل عبد الله موقفك غداً بين يدي العزيز القهار تنظر أيمن منك فلا ترى إلا ما قدمت .. تنظر أشأم منك فلا ترى إلا ما قدمت .. تنظر امامك فلا ترى إلا النار ..
إنها والله ساعة لا يخفى على الموقنين رهبتها ولا على المتقين شدتها

تذكر وقوفك يوم العرض عرياناً
والنار تلهب من غيظ ومن غضب
المشركون غداً في النار يلتهبون
مستوحشاً قلق الأحشاء حيرانا
على العصاة وربّ العرش غضبانا
والموحدون بدار الخلد سكانا

فتخيل نفسك عبد الله إذا تطايرت الكتب ، ونُصبت الموازين ، وعُرضوا على ربك صفاً ( لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة بل زعمتم ألن نجعل لكم موعداً )..
فتخيل نفسك عبدالله إذا نوديت باسمك على رؤوس الخلائق : أين فلان ابن فلان ! .. فلان ابن فلان..استعد للعرض والوقوف بين يدي الله ! وقد وُكلت الملائكة بأخذك فساقتك إلى الله لا يمنعها اشتباه الأسماء باسمك واسم أبيك إذا عرفت أنك المراد بالدعاء .. تخيل إذا قرع النداء قلبك فعلمت أنك أنت المطلوب فارتعدت فرائصك واضطربت جوارحك وتغير لونك وطار قلبك .. تُخطى بك الصفوف إلى ربك للعرض عليه والوقوف بين يديه وقد رفع الخلائق إليك أبصارهم وأنت في أيدي الملائكة قد طار قلبك واشتد رعبك لعلمك أين يراد بك .. فلا إله إلا الله إذا وقفت بين يدي ربك ليس بينك وبينه ترجمان ، في يدك صحيفة مخبرة بعملك لا تغادر بلية كتمتها ولامخبأة أسررتها وأنت تقرأ ما فيها بلسان كليل وقلب منكسر والأهوال محيطة بك من بين يديك ومن خلفك .. فكم من بلية قد كنت نسيتها ذكركها ، وكم من سيئة قد كنت أخفيتها أبداها وأظهرها ، وكم من عمل ظننت أنه سلم لك وخلص فرده عليك في ذلك الموقف وأحبطه بعد أن كان أمَلك فيه عظيماً .. فيا حسرة قلبك ويا أسفك على ما فرطت في طاعة ربك .
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال صلى الله عليه عليه وسلم : يدني الله العبد منه يوم القيامة حتى يضع عليه كنفه – يعني ستره – فيقرره بذنوبه حتى إذا ظن العبد أنه هلك ..اسمع بارك الله فيك ..اسمع رعاك الله .. فإذا كان ممن تاب وسلك طريق الهداية قال الله له بعد أن قرره بذنوبه : فإني قد سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم ، فيُعطى كتابه بيمينه ، فينطلق بين الملأ فرحاً مسروراً ضاحكاً مستبشراً يقول بأعلى صوته ( هاؤم اقرأوا كتابيه ، إني ظننت أني ملاق حسابيه ، فهو في عيشة راضيه ، في جنة عاليه ، قطوفها دانيه، كلوا واشربوا هنئياً بما أسلفتم في الأيام الخاليه ) ( وجوه يومئذ مسفرة ، ضاحكة مستبشرة ) ..
لكن قل لي بالله العظيم كيف لو كان ممن سلك طريق الغواية وجاءته النهاية بلا توبة ولا أوبة .. يقرره الله بذنوبه ثم يقول الجبار :يا ملائكتي خذوه ومن عذابي أذيقوه فلقد اشتد غضبي على من قل حياءه معي .. فيؤتي كتابه بشماله ،فيخرج إلى الملأ وهو يقول : ( يا ليتني لم أوت كتابيه ، ولم أدر ما حسابيه ، يا ليتها كانت القاضيه ، ما أغنى عني ماليه ، هلك عني سلطانيه ) ( ووجوه يومئذ عليها غبرة ، ترهقها قترة ، أولئك هم الكفرة الفجرة )

فأي مصير تريد ؟! ..أي مصير تريد ؟! ..
اسلك طريق الهداية وتجنب طريق الغواية .. استعن بالصبر والصلاة .. اصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم .. لا تحزن لقلة السالكين ولا تغتر بكثرة الهالكين .. أسهر ليلك بالقرآن والقيام .. واقطع نهارك بالظمأ والصيام .. صم في دنياك عن الشهوات والمعاصي والمنكرات ، وأفطر يوم تلقى الله وتنادى إلى جنة عرضها الأرض والسماوات ..
قال إبراهيم بن أدهم لأخ له في الله : إنه بلغني أن الله تعالى أوحى إلى يحيى بن زكريا عليهما السلام يا يحيى إني قضيت على نفسي أنه لا يحبني عبد من عبادي أعلم ذلك منه إلا كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ولسانه الذي يتكلم به ، وقلبه الذي يفهم به ،فإذا كان عبدي كذلك بغّضت إليه الاشتغال بغيري ، وأدمت فكرته ، وأسهرت ليله ، وأظمأت نهاره .. يا يحيى أنا جليس قلبه وغاية أمنيته وأمله ، أهبُّ له كل يوم وساعة فيتقرب مني وأتقرب منه .. أسمع كلامه وأجيب تضرعه ودعاءه فوعزتي وجلالي لأبعثنه مبعثاً يغبطه به النبيون والمرسلون ، ثم آمر منادياً ينادي : هذا فلان بن فلان ولي الله وصفيه وخيرته من خلقه دعاه إلى زيارته ليشفي صدره من النظر إلى وجهه الكريم ، فإذا جاءني رفعت الحجاب فيما بيني وبينه فنظر إلي كيف شاء وأقول له أبشر فوعزتي وجلالي لأشفينّ صدرك من النظر إلي ولأجددن كرامتك في كل يوم وليلة وساعة..


سبحانك سبحانك يا علي يا عظيم ، يا باري يا رحيم ،يا عزيز يا جبّار ، يا حي يا حليم ..
سبحان من سبحت له السماوات بأكنافها..
سبحان من سبحت له الجبال بأصواتها..
سبحان من سبحت له البحار بأمواجها..
سبحان من سبحت له الحيتان بلغاتها ..
سبحان من سبحت له النجوم بأبراقها ..
سبحان من سبحت له الأشجار بأصولها..
سبحان من ( يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال )
سبحانك لا إله إلا أنت وحدك ..

اللهم صلي على محمد في الأولين ..
اللهم صلي على محمد في الآخرين ..
اللهم صلي على محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين ..
اللهم اعصمنامن فتن الدنيا ووفقنا لما تحب من العمل وترضى وأصلح لنا شأننا كله وثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ..
اللهم اجمع شملنا ،وحد صفنا وأصلح ولاة امورنا وانصرنا يا قوي يا عزيز على القوم الكافرين
اللهم أصلح الشباب والشيب واحفظ النساء والبنين ..
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا يا ربنا من الراشدين ..
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ..
اللهم صلي على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..
أستغفر الله العظيم ..سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:39 AM   #95



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
﴿ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾ .. ﴿ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾..

أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..

كلٌ يسبح في السماوات *** العلا والأرض للمتفرد الخلَّاق
ولوجهه عنت الوجوه وسبَّح*** الملكوت من زهر ومن أشواك
يا بادئ الحياة من عدم*** ويا منشي الحياة وباسط الأرزاق
لك وحدك اللهم جال تفكري*** وهواك ملئ قلبي الخفاق

أحبتي حاضرين وحاضرات ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم ..
أنا وإياكم في ضيافة الرحمن الرحيم.. فهذا بيته ..الذي أذن أَن يُرفَع ويُذكر فيه اسمه ..
فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره..
عنوان ليلتنا هذه المباركة :

"الجنة تنادي "

نعم أحبتي ..
إنها ليست جنة ..
ولكنها جنان ..
فلقد جاءت أم حارثة رضي الله عنها تسأل عن حارثة رضي الله عنه بعد مقتله ، قالت : يا رسول الله أين حارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فاأفرح له ؟! ..
فقال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه :
( أهبلت يا أم حارثة !! إنها ليست جنة ..إنها ليست جنة ولكنها جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) ..
أحبتي ..
ذكر الجنة حياة للقلوب ، ونسيان الجنة موت للقلوب ..
فأردت من موضوعي الليلة في هذه الأيام والليالي المباركة ..
تحريك القلوب ..
وتشويق النفوس ..
ورفع الهمم لطلب أعلى الدرجات وعدم الرضا بالدنيات ..
فهيا ننطلق أنا وإياكم في رحاب أبواب الجنة التي تفتحت أبوابها ..
اعلموا رعاكم الله ..
مهما جال في خواطركم ..
أو تردد في أذهانكم ..
فإنَّ في الجنة ما هو أعلى منه وأتم ..
صرح بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم تصريحاً فقال :
( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ..
مصداق ذلك قوله تبارك تعالى في كتابه : ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا أيها المشتاقون ..فيا أيها المشتاقون ..
مهما كان جمال الوصف فلا يعدُّ شيئاً بجانب الحقيقة الساطعة التي طبعها الله عليها – أي طبع الجنة عليها - لأنَّ الله تعالى ..
إنما وصفها لنا على قدر عقولنا ..
وصوّرها على حسب تصورنا وفهمنا..
يقول ابن القيم رحمه الله : وكيف يقدر العقل القاصر الضعيف قدر ..
جنةٍ ..
غرسها الرحمن بيده ..
وجعلها جزاءً لأحبابه ..
وملأها برضوانه ورحمته ..
وزيَّنها وأتقنها بعظيم قدرته ..
ووصف نعيمها بالفوز العظيم ..
ووصف مُلكها بالمُلك الكبير ..
قال الله : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ ..
تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !! ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ﴾ ..
هذه هي أيام بذل الثمن في الوصول إلى تلك الدرجات وتلك الجنان ..
والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له تصويرا ..
ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ..
وليس الخبر كالمعاينة..
فانتظر ﴿ َإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ ..
إنها..
الجَنّة ، ودَارُ السَّلَام ، ودَارُ الخُلد ، ودَار المُقَامَة ، ودَارُ الحَيَوَان ..
إنها ..
جَنَّةُ المَأْوَى ، والمَقَامُ الأَمِين ، وجَنَّاتُ عَدْنٍ ، وجَنَّاتُ النَعِيْم ..
إنها ..
﴿ مَقْعَدُ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر ﴾ ..
إنها ..
الفِرْدَوْس .. وما أدراك ما الفردوس !!..
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ..فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ) ..
فإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء في سورة المؤمنون :
بسم الله الرحمن الرحيم :﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ ، فإذا اتصفوا بتلك الصفات فماذا لهم ؟!: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا أرحم الراحمين ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام ) متفق عليه ..
وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك...فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..
اسمع أيها المشتاق .. اسمع أيها المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ فإذا هم عندها بشجرة في أصلها عينان تجريان ، فيشربون من أحداهما فلا يترك في بطونهم قذىً ولا أذىً إلا رمته ، ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تخضل أبشارهم بعد هذا أبداً، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ ..فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الولدان ، فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من بعد غياب ، فينطلقون إلى أزواجهم فيخبرونهم – يخبرون الأزواج بقدوم الأحباب - فتقول : أنت رأيته ؟! فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته فيتكأ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أُسس على اللؤلؤ ، ثم ينظر في أخضر وأحمر وأصفر ، ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لاكتمع بصره – أي ذهب بصره من ذلك الجمال – فيقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبةٌ وبارد شرابها ...
اسمع أيها المستبشر.. واسمع أيها المشتاق ..
إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ الكمال في السعة والتمكين ..
قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..
وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..
وترابها المسك والزعفران ..
مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..
تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها الغدران ..
قال تعالى : ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ ..
وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ) ، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!، قال :
( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..
فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن الإمكان ..
أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..
التمتع بالنظر إلى وجه الرحمن ..
وهذا مؤكد في السنة و في آيات القرآن ..
قال تعالى : ﴿ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
{ فالحسنى } : هي الجنة ..
و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم ..

فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة *** أضاء لها نورٌ من الفجر أعظم
للهِ أفراح المحبين عندما*** يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم
وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا*** الضيم يغشاها ولا هي تسأم

والذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا ﴿ يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ..
سترى ربك ..سترى ربك..
سترى الذي خلقك وصورك ..
سترى الذي كساك وسقاك وأطعمك ..
سترى الذي للإسلام والإيمان هداك ووفقك ..
﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ ..
في الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ) ..
فما هو الثمن ؟؟؟!!!.. فما هو الثمن ؟؟؟!!!..
اسمع رعاك الله ..
ثم قال صلى الله عليه وسلم :
( فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين..
قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ..
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ... وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ...
وقال الحسن رحمه الله : لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت كبودهم كمداً..
عباد الله ..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ ..
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) ..
اللهم لا تحرمنا لقاءك ، والنظر إلى وجهك يا رب العالمين..

فيا بائعاً هذا ببخس مُعجّل*** كأنك لا تدري ، بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ*** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

هذا هو أعظم النعيم ..
وإنَّ أعظم العذاب في النار حرمانهم من النظر إلى وجه الجبار ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ ..
هذا هو أقسى عذابهم ..
كما أنَّ أعظم نعيم هو رؤيته جل جلاله ..
أما ما فيها من الثواب والنعيم ..
ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون ..
لا يموتون ، لا يمرضون ، لا يهرمون ..
فيها دور وقصور ..
وأنهار وأشجار..
وجنات من نخيل وأعناب ..
حدَّث رسولنا صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً فقال :
( بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امراة تتوضأ إلى جانب قصر ، قلت لمن هذا القصر ؟! قالوا : لعمر بن الخطاب ، فذكرت غيرتك يا عمر فوليت مدبراً ) .. فبكى عمر رضي الله عنه وقال : أعليك أغار يا رسول الله !! ..
وقال بأبي هو وأمي :
( إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً ، له فيها أهلون ، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً) ..
أما الأشجار..
فقد ذكر الله فيها : ﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ، وَمَاء مَّسْكُوبٍ ، وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ ..
وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكب الجوّاد المُضَمَّر السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها ) ..
أما الثمار..
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يوماً وصف بعض ثمر الجنة فقال :
( إنه عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت قطفاً من عنب لآتيكم به فحيل بيني وبينه ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينتقصونه )..
لباسهم السندس والاستبرق والحرير..
مجالسهم في ﴿ سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ ..
قال الله جل في علاه : ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ ..
هذا جزاؤهم ..
وهذا ثوابهم ..
فلطالما تعبت أبدانهم من الجوع والسهر ..
لطالما حفظوا جوارهم عن اللهو والبطر..
لطالما تغنوا بالقرآن وقت السحر ..
ثم أتبعوا ذلك بالدموع والاستغفار والدعاء والذكر ..
فهم ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾ ..
ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة ..
وينظرون إلى أعدائهم حين يعذبون ..
فيا حسنهم ..
والولدان بهم يحفون ، وبين أيديهم يقفون، وقد أمنوا مما كانوا يخافون ..
يقولون ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴾ ..
جاء في الحديث القدسي أنَّ الله تبارك وتعالى يقول :
( وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين ، من أمنني في الدنيا خوفته في الآخرة ، ومن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة )..
فـ ﴿ هُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ ..
فيا أيها الغافل ..
ربح القوم ..وخسرت ..
وساروا إلى الحبيب مسرعين ..وما سرت..
وقاموا بالأوامر ..وضيعت ما به أُمرت..
هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي تجري تحت تلك الدور والقصور ..
فإنها أنهار تجري من تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم ..
من يشرب من هذه الأنهار شربة لا يظمأ بعدها أبداً ..
وماؤها أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك ، لا تنقص بكثرة الشراب ، ولا تتغير بطول المكث ..
شربها يزيد في نور الوجوه والأجسام ، وينور القلوب والأرواح والأبدان ..
الشارب منها يزداد معرفة وقرباً وشوقاً ويقيناً..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ ﴾..
قال جل في علاه : ﴿ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ ..
عند البخاري من حديث أنس أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال :
( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر) ..
هذا من خبر الأنهار ..
أما العيون ..
فقد قال تعالى : ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ ..
وقال سبحانه ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ أنظر إلى من نسبهم في العبودية ﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ وهذا أعظم الشرف وأعظم النداء ..

ومما زادني شرفاً وتيهاً *** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي*** وأن صيَّرت لي أحمد نبياً

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ ..
وقال سبحانه :﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ، عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ﴾ ..
فأخبر سبحانه عن مزج شرابهم بالكافور والزنجبيل فإن في الكافور من البرد وطيب الرائحة ، وفي الزنجبيل من الحرارة وطيب الرائحة ، ومجيء أحدهما على إثر الآخرى حالة أكمل وأطيب وألذ..
قال مجاهد وقال عكرمة في قوله تعالى : ﴿ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ أي يتصرفون فيها حيث شاءوا ، وأين شاءوا، ومتى شاءوا ، تحت قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم ..
والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى : ﴿ وَقَاْلُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً ﴾ ..
والذي بعث محمداً بالحق ..والذي بعث محمداً بالحق لو قيل لك : سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
والله لو قيل لك في الدنيا .. سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
فكيف أنت بقصور تجري من تحتها الأنهار !!!!..
أليس ذلك من أعظم البشارات ، وأعظم الأعطيات !!!..
ولن يحلو المقام في تلك الدور والقصور والجنات والأشجار التي تتفجر فيها العيون وتجري تحتها الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
لن يحلو المقام في القصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
إنهنّ الخيّرات الحسان اللاتي لم يطمثهنَّ أنس قبلكم ولا جان ..
وصفهن الله فقال : ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ ..
إن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع..
وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة والامتاع..
وإن قبلَّت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل..
وإن نوَّلت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل..
وإن خاصرت فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة ..
وإن حاضرت فيا حسن تلك المحاضرة..
فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها وابتسامتها ..
وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
والحور : جمع حوراء ، وهي المرأة الشابة الحسناء ، الجميلة البيضاء ، شديدة سواد العيون العيون ..
أو هي التي يحار المرء في حسنها وجمالها ..
أو هي التي يحار بها الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون ..
حسان العيون .. يُرى ساقها من وراء ثيابها.. ويرى الناظر وجهه في وجهها من صفاء لونها فهنَّ بصفاء الياقوت ، وبياض المرجان ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( لو أنَّ امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) .. فلا إله إلا الله ..فلا إله إلا الله .. إذا كان نصيفها – أي خمارها - خير من الدنيا وما فيها ، فكيف بصاحبة الخمار!!.. فكيف بصاحبة الخمار!!..
قال الله : ﴿ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ، عُرُباً أَتْرَاباً ، لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ ..
وقال سبحانه : ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ ..
يروى عن ثابت أنه قال : كان أبي من القوّامين لله في سواد الليل.. يقول أبوه : رأيت ذات ليلة في منامي امرأة لا تشبه النساء ، فقلت لها : من أنت يا أمة الله ؟!
قالت : أنا حوراء من حور الجنة ..
فقلت : زوجيني نفسك ..
فقالت: اخطبني من عند ربي وادفع مهري..
فقلت : وما مهرك ؟! ..
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
اسمعوا يا نيام !!.. اسمعوا يا نيام !!..
ولله در من قال :

يا خاطب الحور في خدرها*** وطالباً ذاك على قدرها
انهض بجدٍ لا تكن وانياً*** وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه*** وصم نهاراً فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها*** وقد وبدت رمانتا صدرها
وهي تمشي بين أترابها*** وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي*** تراه في دنياك من زهرها

عن عامر بن عبد الواحد قال : بلغني أنَّ الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ..ثم يلتفت فإذا بامرأة أحسن ممن كانت معه تناديه فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ! ..
فيقول : من أنت يا أمة الله ؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم : ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ ..
فيمكث معها سبعين سنة ثم يلتفت ، فإذا بامرأة أحسن مما كانت معه ، فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ..
فيقول : من أنت يا أمة الله؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ ..
هل سمعت قول الله في سورة يس عن أصحاب الجنة ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ ، لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ، سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ ..
قال أهل التفاسير في قوله تعالى ﴿ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ قالوا في فضِّ الأبكار ، وكلما جامعها رجعت بكراً كما كانت ..
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أنصل إلى نساءنا في الجنة ؟ ..
فقال له :
( إن الرجل ليصل في اليوم إلى مئة عذراء ، وعدد الأزواج بحسب تفاوت الدرجات في الجنات )..
ولا تتعجب من ذلك ..فإن الرجل يؤتى في الجنة قوة مئة رجل..
فهل قدمت مهرها ؟!.. فهل قدمت مهرها ؟!..
وهل دفعت ثمنها ؟! ..
قال مالك بن دينار : كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة ، فنمت ذات ليلة فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة ، فقالت : أتحسن أن تقرأ ؟..
فقلت : نعم ، فدفعت إلي الرقعة ، فإذا مكتوب فيها فيها هذه الأبيات :
لهاك النوم عن طلب الأماني *** وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلداً لا موت فيها*** وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبّه من منامك إن خيراً*** من النوم التهجد بالقرآن

وأجمل الكلام كلام الرحمن الذي قال :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ، لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ﴾ ..
ستسمعون غناء الحور ..
وستسمعون كلامها .. الذي يسبي العقول بنغمة زادت على الأوتار والألحان ..
يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له ...
تقول عائشة رضي الله عنها حبيبة الحبيب التي طهَّرها الله وزكَّاها وأظهر براءتها من فوق سبع سماوات .. ألا لعنة الله على من يمس في عرضها أو يطعن في شرفها ..
تقول رضي الله عنها وأرضاها : إن الحور العين إذا قلنَ هذه المقالة ..
اسمعي بارك الله فيك..
إنَّ الحور العين إذا قلنَ هذه المقالة أجبنهنّ المؤمنات من نساء الدنيا :
نحن المصليات وما صليتن ..
ونحن الصائمات وما صمتن ..
ونحن المتوضئات وما توضئتن ..
ونحن المتصدقات وما تصدقتن ..
قالت عائشة : فغلبنهن _ أي نساء الدنيا المؤمنات غلبن الحور العين -..
فأنت أكرم عند الله من الحور العين..
وأنت أجمل منهن ..
أنت أكرم وأجمل ..
ولولا حياء المرأة لوصف الله ما أعد لهن في الجنان..
فشمري يا أمة الرحمن .. فشمري يا أمة الرحمن ..
فإن الله قال ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ﴾ ..
إليك أيها المستبشر..إليك أيها المشتاق ..
أخباراً من أخبار من سبقونا إلى الجنان..
ألم تسمع أيها المشتاق ..
ألم تسمع نداء الله وهو ينادينا للحاق بهم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ .. ﴿ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ ..
ولما نزل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ أغلق ثابت بن قيس خطيب الأنصار وخطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..أغلق بابه و دراه وجلس يبكي وطال مكثه على هذه الحال ، حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فدعاه ، فجاء ثابتٌ وقال : يا رسول الله إني أحب الثوب الجميل والنعل الجميل ، وقد خشيت أن أكون من المختالين .. وقد خشيت أن أكون من المختالين .. حين قال الله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ ، فقال الشافع المشفع صلى الله عليه وسلم وهو يضحك :
( إنك لست منهم بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ) ..
إنك لست من المختاين ، بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ..
قال الله عنهم وعمن سار على دربهم : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ..
وإليك أنت أيضاً أيتها المستبشرة المشتاقة ..
إليك من أخبار من سبقوكِ إلى الجنان من الصادقات..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : هذه خديجة قد أتت ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني السلام.. فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني السلام.. وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ ..
أما سمعتِ رعاك الله ..
عن آسية بنت مزاحم التي صبرت على أذى فرعون وقومه ..
لمّا علم فرعون بخبر إسلامها وإيمانها سامها أشد العذاب ..
فخرج على قومه وقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟!..فأثنوا عليها فقال لهم : إنها تعبد رباً غيري .. فقالوا : اقتلها ..
فسمّر يديها ورجليها ، وألقى بها في الشمس ، ووضع الرحى على ظهرها ..
يا الله كم تحملوا وصبروا على ما أوذوا وما نكصوا على أعقابهم ..
فسمّر يديها ورجليها – وهي المرأة الضعيفة - وألقى بها في الشمس ، ووضع الرحى والصخر على ظهرها ..فإذا آذاها وهج الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها ..
فلما اشتد عذاب فرعون وظلمه وشماتته قالت آسية رضي الله عنها ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ..
فأطلعها العلي القدير حتى رأت مكانها في الجنة فرأت بيتها في الجنة يبنى أمامها - قيل إنه درة من اللؤلؤ - فضحكت رضي الله عنها حين رأت ذلك ..
ووافق ذلك حضور فرعون فقال للملأ : ألا تعجبون من جنونها إنّا نعذبها وهي تضحك ..
رأت ما لا عين رأت .. رأت ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر..
رأت جزاء ثباتها ، ورأت جزاء صدقها ، فعجل الله لها بشراها في دنياها ..
فقبض الله روحها ، ونجاها من القوم الظالمين ، ورفعها إلى الجنة ..
فهي بجوار رب العالمين .. أليست هي التي طلبت الجوار قبل الدار..
عجباً ..
لمن يعلم أن الجنة موجودة تزخرف ، وتُفتح أبوابها ثم لا يشتاق إليها ويسعى لها !!..
قال صلى الله عليه وسلم :
( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إنَّ سلعة الله غالية ..ألا إن سلعة الله الجنة ) ..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها ..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها لكرامتها على الله ..
إنها الجنة ..
التي اشتاق إليها الصالحون..
وقدم مهرها الصادقون ..
فاسألوا عنها جعفر الطيار ، وعمير بن الحمام ، وحرام بن ملحان..
اسألوا أنس بن النضر ، و عامر بن أبي فهيرة..
واسألوا عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن أبي رواحة ..
اسألوا خطاب عنها ، وأبا الوليد ..
إنها الجنة ..
دار كرامة الرحمن فهل من مشمر لها !! ..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر مقامك فيها ..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر شوقك إليها ..
إنها الجنة ..
دار الموقنين بوعد الله ..
المتهجدين في ظلام الليل ..
والصائمين في الهواجر ..
والله الذي لا إله إلا هو ما حُلّيت الجنة ولا زُينَّت لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
والله ما حُلّيت الجنة ولا زُينَّت لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
ومع هذا ..
لا نرى لها عاشقاً ..
ولم نسمع لها طالباً ..
فيا أيها المشتاق ..
ويا أيتها المشتاقة ..
اسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلّقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين ) ..
نعم ستفتح حقيقة لا خيال ..
وسيناديك المنادي ..
يا باغي الخير أقبل ..
ويا باغي الشر أقصر..
فأين المشمرات ؟؟!!!..
وأين المشمرون ؟؟!!!..
ولمن الجنة تكون ؟!..
﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ ..
فإذا أردت اأن تكون من أهلها وسكانها فإليك صفاتهم علك تفوز بها : ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ نعم يذنبون .. ولكنهم لا يُصرّون على الذنب .. ويتوبون ويستغفرون ﴿ أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ ..
مرَّ إعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ :﴿ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ﴾ ..
فقال الإعرابي : كلام من هذا ؟..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( هذا كلام الرحمن ) ..( هذا كلام الرحمن )..
فقال الإعرابي : بيع والله مربح لا نقيله ولا نستقيله ..
فخرج إلى الغزو في سبيل الله واسشتهد.. فربح البيع .. والله ..
إنه كلام الرحمن .. ﴿ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ..
إذا أردت أن تكون من أهلها..
فكن من الخائفين ..
كن من الخائفين من العذاب ، الراجين الثواب ..
قال الله :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ .. قال صلى الله عليه وسلم :
( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ..
( وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)..
قال سبحانه : ﴿ فَأمَّا مَن طَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ..
فأين هي جنة المأوى ؟!.. ﴿ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ ..
وأنت أيضاً أيتها المشتاقة المستبشرة ..
إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان فاسمعي بعضاً من صفات نسائها ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بنساءكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود التي إذا ظلمت قالت لزوجها هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً ولا أنام حتى ترضى ) ..
وقال أيضا مبشراً الصادقات القانتات المطيعات :
( إن المرأة إذا صلت خمسها ، وصامت شهرها ، وحصَّنت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)..
فماذا تريدين !!! ..
بل اسمعي هذا الخبر العجيب من الرسول الحبيب ..قالت عائشة رضي الله عنها : جائتني امرأة معها جاريتان أو ابنتان تسألني حاجة فلم عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فبدل أن تأكلها قسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة بخبرها مع ابنتيها ، وأخبرته بفعلها ، فقال:
( إن الله قد تعجَّب من فعلها ، وإن الله أوجب لها بها الجنة و أعتقها بها من النار ) ..
بتمرة .. يا حليم .. يا غفار ..
أمة الله إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان ..
فاسألي خديجة ، واسألي فاطمة ، واسألي أم عمارة ، والغميصاء ..
واسألي النساء في العراق وفلسطين ..
واسألي نساء الشيشان ..
واسألي الصادقات المؤمنات وسيري على طريقهن .. يا رعاك الله..
اعلموا أيها المشتاقون ..اعلموا أيها المستبشرون ..
أن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد ها هنا في الدنيا .. إن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد ها هنا في الدنيا ..
فوا عجباً من مضيع لحظة فيها فتسبيحة واحدة تغرس لك فيها شجرة أكلها دائم وظلها ..
في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال :
( إنَّ أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ) ..
قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم !..
قال : ( لا والله .. والذي نفسي بيده يبلغها رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين )..
فيا أيها الخائف ..
فيا أيها الخائف من فوق ذلك شجع قلبك بالأمل والرجاء..
فمنذ خروج الروح تنكشف هذه المنازل لأصحابها لتستقر تلك الأرواح في حواصل طير تعلق في أشجار الجنة ..
فالبدار البدار ..
فالبدار البدار ..قبل أن تصفر شمس العمر، وقبل أن يحين الغروب..
فمن تخيل دوام اللذة في الجنة ..
هان عليه في الدنيا كل بلاء وشدة ..
هان عليه كل بلاء وشدة.. قاله ابن الجوزي رحمه الله ..


اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ..
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار ..
لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ، ولا همَاً إلا فرجته ، ولا ديناً إلا قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ..
اللهم إنا نسألك الجنة ..اللهم إنا نسألك الجنة .. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل..
نعوذ بك اللهم من النار..نعوذ بك اللهم من النار.. نعوذ بك اللهم من النار وما قرب إليها من قول أو عمل..
إلهنا تمَّ نورك .. فهديت فلك الحمد ..
عَظُم حلمك .. فغفرت فلك الحمد ..
وبسطت يدك للمسيئين فأعطيت فلك الحمد..
تُطاع فتشكر ، تُعصى فتغفر ، وتجيب المضطر ، وتكشف الضر ، وتغفر الذنب ، وتستر العيب ، وتقبل التوب..
وجهك أكرم الوجوه ، وجاهك أعظم الجاه ، وعطيتك أفضل العطايا..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك السريرة ..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك السريرة ..
يا حسن التجاوز ، ويا واسع المفغرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ..يا باسط اليدين بالرحمة ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المن ، يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها..
يا من له وجب الكمال بذاته***بل كل غاية فوزهم لقياه ..
أنت الذي لما تعالى جده ***قصرت خطا الألباب دون سناه..
أنت الذي امتلأ الوجود بحمده***لما اغتدى ملآن من نعماه ..
إنك ترى مكاننا، وتسمع كلامنا ، وتعلم سرنا ونجوانا ..
نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا ووالدينا وأهلينا وذرياتنا ممن سبقت لهم منك الحسنى .. أن تجعلنا ووالدينا وأهلينا وذرياتنا والمسلمين ممن سبقت لهم منك الحسنى ..
وأن ترزقنا الأعلى في الجنة من غير محنة ولا فتنة يا أرحم الراحمين ..
يا من خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ..
يا من تتحبب إلينا بالنعم و أنت غني عنا ..
و نبتعد إليك بالمعاصي ونحن فقراء إليك ..فقراء إليك .. فقراء إليك ..
أنت أحق من ذُكر ، و أحق من عُبد ، وأعظم من اقتضي ، وأرأف من ملك ، وأجود من سُئل ، وأوسع من أعطى..
أنت الله .. أنت الله .. أنت الملك لا شريك لك ، والفرد لا ندَّ لك ..
كل شيء هالك إلا وجهك .. لن تطاع إلا بإذنك ، ولن تعصى إلا بعلمك ..لا راد لفضلك ، ولا معقب لحكم ..أسرع الحاكمين ، وأحكم الحاكمين وقيوم السماوات والأراضين ..
نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض ، وبكل حق هو لك أن تجيرنا من النار بقدرتك.. أن تجيرنا من النار بقدرتك.. أن تجيرنا من النار بقدرتك ..
وأن تسكنّا الجنة برحمتك.. وأن تسكنّا الجنة برحمتك .. وأن تسكنا الجنة برحمتك ..
يا عزيز يا غفار يا ذا الجلال والإكرام ..
اللهم انصرمن نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك الموحدين .
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك ..
انصر من نصرهم ..اخذل من خذلهم ..قوي عزائمهم ..اربط على قلوبهم ..أفرغ عليهم صبراً .. ثبت الأقدام ..
اللهم فك أسرانا .. اللهم فك أسرانا .. اللهم فك أسرانا ..
لقد تتابع عليهم رمضان ثم رمضان ثم رمضان..
كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً ..
أنزل عليهم رحماتك، وهيء لهم من أمرهم رشداً ، وهيء لهم من أمرهم مرفقاً..
يا من كنت مع الفتية في الكهف والغار كن مع أسرانا .. كن مع أسرانا ..
اللهم من سعى في فكاكهم ففك رقبته من النار .. اللهم من خذلهم فاخذله يا قهار يا جبار..
اللهم أمّن المستضعفين في العراق والشيشان وفي فلسطين وكشمير وأفغانستان ..
اللهم اجبر مصابنا في باكستان والسودان وفي كل مكان..
آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ..
اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين..
نسألك علماء ربانيين ، وولاة أمر صالحين ، ودعاة مخلصين ..
وشابات وفتيان صالحين وصالحات يا رب العالمين ..
احفظنا ونساءنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
اجعل بلدنا هذا آمناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين..
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن كثير تقصيرنا وآثامنا ..
اللهم اجعل عملنا في رضاك .. اللهم اجعل عملنا في رضاك . اللهم اجعل عملنا في رضاك ..
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم ، ونستغفرك اللهم لما لا نعلم ..
لا تؤاخذنا بالتقصير ، واعفو عنا الكثير ، وتقبل منا اليسير..
إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير..
اللهم كما جمعتنا في هذا المكان الطاهر المبارك فاجمعنا في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا رحيم يا قهار..
اللهم عاملنا بما أنت أهله ، ولا تعاملنا بما نحن أهله إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة..
اللهم صلي على محمد عدد ما طار طير وطار ، وعدد ما استغفر المستغفرون في الأسحار ، وعدد ما تعاقب الليل والنهار ..
اللهم لا تحرمنا رؤيته.. اللهم لا تحرمنا رؤيته.. اللهم لا تحرمنا رؤيته واتباع سنته ..
اللهم اجعلنا من أنصار دعوته ، أوردنا حوضه ، واسقنا من يده ، ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله يا رب العالمين..
اللهم اجمعنا بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة أجمعين وعلى من سائر على نهجهم ، واجعلنا ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك اللهم ونتوب إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:39 AM   #96



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
﴿ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾ .. ﴿ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾..

أما بعد :
فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..
وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..
وشرَّ الأمور محدثاتها ..
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..

كلٌ يسبح في السماوات *** العلا والأرض للمتفرد الخلَّاق
ولوجهه عنت الوجوه وسبَّح*** الملكوت من زهر ومن أشواك
يا بادئ الحياة من عدم*** ويا منشي الحياة وباسط الأرزاق
لك وحدك اللهم جال تفكري*** وهواك ملئ قلبي الخفاق

أحبتي حاضرين وحاضرات ...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
حياكم الله وبياكم ..
أنا وإياكم في ضيافة الرحمن الرحيم.. فهذا بيته ..الذي أذن أَن يُرفَع ويُذكر فيه اسمه ..
فله الحمد كله ، وله الشكر كله ، وبيده الخير كله ، وإليه يرجع الأمر كله علانيته وسره..
عنوان ليلتنا هذه المباركة :

"الجنة تنادي "

نعم أحبتي ..
إنها ليست جنة ..
ولكنها جنان ..
فلقد جاءت أم حارثة رضي الله عنها تسأل عن حارثة رضي الله عنه بعد مقتله ، قالت : يا رسول الله أين حارثة في النار فأبكيه ، أم في الجنة فاأفرح له ؟! ..
فقال الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه :
( أهبلت يا أم حارثة !! إنها ليست جنة ..إنها ليست جنة ولكنها جنان ، وإن حارثة أصاب الفردوس الأعلى ) ..
أحبتي ..
ذكر الجنة حياة للقلوب ، ونسيان الجنة موت للقلوب ..
فأردت من موضوعي الليلة في هذه الأيام والليالي المباركة ..
تحريك القلوب ..
وتشويق النفوس ..
ورفع الهمم لطلب أعلى الدرجات وعدم الرضا بالدنيات ..
فهيا ننطلق أنا وإياكم في رحاب أبواب الجنة التي تفتحت أبوابها ..
اعلموا رعاكم الله ..
مهما جال في خواطركم ..
أو تردد في أذهانكم ..
فإنَّ في الجنة ما هو أعلى منه وأتم ..
صرح بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم تصريحاً فقال :
( قال الله : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ) ..
مصداق ذلك قوله تبارك تعالى في كتابه : ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا أيها المشتاقون ..فيا أيها المشتاقون ..
مهما كان جمال الوصف فلا يعدُّ شيئاً بجانب الحقيقة الساطعة التي طبعها الله عليها – أي طبع الجنة عليها - لأنَّ الله تعالى ..
إنما وصفها لنا على قدر عقولنا ..
وصوّرها على حسب تصورنا وفهمنا..
يقول ابن القيم رحمه الله : وكيف يقدر العقل القاصر الضعيف قدر ..
جنةٍ ..
غرسها الرحمن بيده ..
وجعلها جزاءً لأحبابه ..
وملأها برضوانه ورحمته ..
وزيَّنها وأتقنها بعظيم قدرته ..
ووصف نعيمها بالفوز العظيم ..
ووصف مُلكها بالمُلك الكبير ..
قال الله : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً ، عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِن فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ﴾ ..
تأمل وتدبَّر معي من الذي سقاهم !! ﴿ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ، إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاء وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُوراً ﴾ ..
هذه هي أيام بذل الثمن في الوصول إلى تلك الدرجات وتلك الجنان ..
والله إنه لنعيمٌ لا يستطيع الخيال له تصويرا ..
ولا يستطيع اللسان عنه تعبيرا ..
وليس الخبر كالمعاينة..
فانتظر ﴿ َإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ ﴾ ..
إنها..
الجَنّة ، ودَارُ السَّلَام ، ودَارُ الخُلد ، ودَار المُقَامَة ، ودَارُ الحَيَوَان ..
إنها ..
جَنَّةُ المَأْوَى ، والمَقَامُ الأَمِين ، وجَنَّاتُ عَدْنٍ ، وجَنَّاتُ النَعِيْم ..
إنها ..
﴿ مَقْعَدُ صِدْقٍ عِنْدَ مَليكٍ مُقْتَدِر ﴾ ..
إنها ..
الفِرْدَوْس .. وما أدراك ما الفردوس !!..
ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس ..فإنه أعلى الجنة ، وأوسط الجنة ، ومنه تُفجّر أنهار الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ) ..
فإذا أردت أيها المشتاق أن تكون من أهل الفردوس فاسمع أوصافهم كما جاء في سورة المؤمنون :
بسم الله الرحمن الرحيم :﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ ، فإذا اتصفوا بتلك الصفات فماذا لهم ؟!: ﴿ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا أرحم الراحمين ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، ثم الذين يلونهم على أشدّ كوكب دريّ في السماء إضاءة ، لا يبولون ، ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ، ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ، ورشحهم المسك ، ومجامرهم الأُلُوَّة ، أزواجهم الحور العين ، على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم عليه السلام ) متفق عليه ..
وعن كعب رضي الله عنه قال : ما نظر الله إلى الجنة إلا قال : طيبي لأهلك...فتزداد ضعفاً حتى يدخلها أهلها ..
اسمع أيها المشتاق .. اسمع أيها المشتاق وزد شوقاً واستبشاراً..
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن أبواب الجنة هكذا بعضها فوق بعض ، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ فإذا هم عندها بشجرة في أصلها عينان تجريان ، فيشربون من أحداهما فلا يترك في بطونهم قذىً ولا أذىً إلا رمته ، ويغتسلون من الأخرى فتجري عليهم نضرة النعيم فلا تشعث رؤوسهم ولا تخضل أبشارهم بعد هذا أبداً، ثم قرأ قوله تعالى ﴿ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ ..فيدخل الرجل وهو يعرف منزله ويتلقاهم الولدان ، فيستبشرون برؤيتهم كما يستبشر الأهل بالحميم يقدم من بعد غياب ، فينطلقون إلى أزواجهم فيخبرونهم – يخبرون الأزواج بقدوم الأحباب - فتقول : أنت رأيته ؟! فيقوم إلى الباب فيدخل إلى بيته فيتكأ على سريره فينظر إلى أساس بيته فإذا هو قد أُسس على اللؤلؤ ، ثم ينظر في أخضر وأحمر وأصفر ، ثم يرفع رأسه إلى سماء بيته فلولا أنه خلق له لاكتمع بصره – أي ذهب بصره من ذلك الجمال – فيقول: ﴿ الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَـذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللّهُ لَقَدْ جَاءتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُواْ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ ..
فيا حبذا الجنة واقترابها .. طيبةٌ وبارد شرابها ...
اسمع أيها المستبشر.. واسمع أيها المشتاق ..
إن الله جلت قدرته أعد في الجنة غرفاً شفافة يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، متألقة كأنها النجوم بلغت حدَّ الكمال في السعة والتمكين ..
قصورها من ذهب لا يشاكله ذهب الدنيا ولا يماثله لأنه جوهر شفاف في غاية الصفاء..
وحصباء أرضها الياقوت والجوهر..
وترابها المسك والزعفران ..
مفروشة بالفُرش الناعمة من السندس والأطاليس والاستبرق في غاية الرقة والنعومة ..
تتشقق في أرجائها الأنهار ، وتجري في وسطها الغدران ..
قال تعالى : ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ ..
وروى الترمذي في جامعه عن علي رضي الله عنه قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(إنَّ في الجنة لغرفاً يُرى ظاهرها من بطونها ، وبطونها من ظهورها ) ، فقام إعرابي فقال : يا رسول الله لمن هذه الغرف ؟!، قال :
( لمن طيّب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى بالليل والناس نيام )..
فهذا هو الثمن فادفعوه ما دمنا في زمن الإمكان ..
أما أعظم نعيم في الجنان فهو ..
التمتع بالنظر إلى وجه الرحمن ..
وهذا مؤكد في السنة و في آيات القرآن ..
قال تعالى : ﴿ وَاللّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلاَمِ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ،لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ ..
{ فالحسنى } : هي الجنة ..
و{ الزيادة } : هي النظر إلى وجهه الكريم ..

فيا نظرة أهدت إلى الوجوه نضرة *** أضاء لها نورٌ من الفجر أعظم
للهِ أفراح المحبين عندما*** يخاطبهم من فوقهم ويُسلِّم
وللهِ أبصار ترى الله جهرة فلا*** الضيم يغشاها ولا هي تسأم

والذي لا إله إلا هو لقد أخبر الله بهذا ، وأخبر به الذي لا ﴿ يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ..
سترى ربك ..سترى ربك..
سترى الذي خلقك وصورك ..
سترى الذي كساك وسقاك وأطعمك ..
سترى الذي للإسلام والإيمان هداك ووفقك ..
﴿ تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾ ..
في الصحيحين عن جرير بن عبد الله قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر فقال : ( إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ) ..
فما هو الثمن ؟؟؟!!!.. فما هو الثمن ؟؟؟!!!..
اسمع رعاك الله ..
ثم قال صلى الله عليه وسلم :
( فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ) ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين ..
فأبشروا يا أهل صلاة الفجر والعصر .. ويا خسارة النائمين.. ويا خسارة المتخلفين..
قال ابن مسعود رضي الله عنه : والله ما منكم من إنسان إلا أن ربه سيخلو به يوم القيامة كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ..
وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : إن أدنى أهل الجنة منزلة مَن ينظر إلى ملكه ألفي عام يرى أدناه كما يرى أقصاه ، وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ... وإن أفضلهم منزلة لمن ينظر إلى وجه الله في كل يوم مرتين ...
وقال الحسن رحمه الله : لو علم العابدون في الدنيا أنهم لا يرون ربهم في الآخرة لذابت أنفسهم في الدنيا ولتقطعت كبودهم كمداً..
عباد الله ..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ﴾ ..
ومن دعائه صلى الله عليه وسلم :
( اللهم إني أسألك لذة النظر إلى وجهك ، والشوق إلى لقاءك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ) ..
اللهم لا تحرمنا لقاءك ، والنظر إلى وجهك يا رب العالمين..

فيا بائعاً هذا ببخس مُعجّل*** كأنك لا تدري ، بلى سوف تعلم
فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةٌ*** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

هذا هو أعظم النعيم ..
وإنَّ أعظم العذاب في النار حرمانهم من النظر إلى وجه الجبار ﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ﴾ ..
هذا هو أقسى عذابهم ..
كما أنَّ أعظم نعيم هو رؤيته جل جلاله ..
أما ما فيها من الثواب والنعيم ..
ففيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وهم فيها خالدون ..
لا يموتون ، لا يمرضون ، لا يهرمون ..
فيها دور وقصور ..
وأنهار وأشجار..
وجنات من نخيل وأعناب ..
حدَّث رسولنا صلى الله عليه وسلم أصحابه يوماً فقال :
( بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امراة تتوضأ إلى جانب قصر ، قلت لمن هذا القصر ؟! قالوا : لعمر بن الخطاب ، فذكرت غيرتك يا عمر فوليت مدبراً ) .. فبكى عمر رضي الله عنه وقال : أعليك أغار يا رسول الله !! ..
وقال بأبي هو وأمي :
( إن للمؤمن في الجنة لخيمةً من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً ، له فيها أهلون ، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضاً) ..
أما الأشجار..
فقد ذكر الله فيها : ﴿ فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ ، وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ ، وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ ، وَمَاء مَّسْكُوبٍ ، وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ ، لَّا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ ﴾ ..
وروى الشيخان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
( إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكب الجوّاد المُضَمَّر السريع في ظلها مئة عام لا يقطعها ) ..
أما الثمار..
فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه يوماً وصف بعض ثمر الجنة فقال :
( إنه عرضت علي الجنة وما فيها من الزهرة والنضرة فتناولت قطفاً من عنب لآتيكم به فحيل بيني وبينه ولو أتيتكم به لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينتقصونه )..
لباسهم السندس والاستبرق والحرير..
مجالسهم في ﴿ سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ ، وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ ، وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ ، وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ ﴾ ..
قال الله جل في علاه : ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ، عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ، تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ ، يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَخْتُومٍ ، خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ﴾ ..
هذا جزاؤهم ..
وهذا ثوابهم ..
فلطالما تعبت أبدانهم من الجوع والسهر ..
لطالما حفظوا جوارهم عن اللهو والبطر..
لطالما تغنوا بالقرآن وقت السحر ..
ثم أتبعوا ذلك بالدموع والاستغفار والدعاء والذكر ..
فهم ﴿ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ ﴾ ..
ينظرون إلى ما أعطاهم الله من الكرامة ..
وينظرون إلى أعدائهم حين يعذبون ..
فيا حسنهم ..
والولدان بهم يحفون ، وبين أيديهم يقفون، وقد أمنوا مما كانوا يخافون ..
يقولون ﴿ إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ ، فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ، إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ ، فَذَكِّرْ فَمَا أَنتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴾ ..
جاء في الحديث القدسي أنَّ الله تبارك وتعالى يقول :
( وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي أمنين ولا خوفين ، من أمنني في الدنيا خوفته في الآخرة ، ومن خافني في الدنيا أمنته في الآخرة )..
فـ ﴿ هُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ ..
فيا أيها الغافل ..
ربح القوم ..وخسرت ..
وساروا إلى الحبيب مسرعين ..وما سرت..
وقاموا بالأوامر ..وضيعت ما به أُمرت..
هل جاءك من خبر العيون والأنهار التي تجري تحت تلك الدور والقصور ..
فإنها أنهار تجري من تحت غرفهم وقصورهم وبساتينهم ..
من يشرب من هذه الأنهار شربة لا يظمأ بعدها أبداً ..
وماؤها أشد بياضاً من اللبن ، وأحلى من العسل ، وأبرد من الثلج ، وأطيب ريحاً من المسك ، لا تنقص بكثرة الشراب ، ولا تتغير بطول المكث ..
شربها يزيد في نور الوجوه والأجسام ، وينور القلوب والأرواح والأبدان ..
الشارب منها يزداد معرفة وقرباً وشوقاً ويقيناً..
قال الله جل في علاه : ﴿ مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَاءهُمْ ﴾..
قال جل في علاه : ﴿ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ﴾ ..
عند البخاري من حديث أنس أن رسولنا صلى الله عليه وسلم قال :
( بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوَّف ، فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك ، قال فضرب الملك بيده فإذا طينه مسك أذفر) ..
هذا من خبر الأنهار ..
أما العيون ..
فقد قال تعالى : ﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ﴾ ..
وقال سبحانه ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ أنظر إلى من نسبهم في العبودية ﴿ عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ ﴾ وهذا أعظم الشرف وأعظم النداء ..

ومما زادني شرفاً وتيهاً *** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي*** وأن صيَّرت لي أحمد نبياً

﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ ..
وقال سبحانه :﴿ وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْساً كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلاً ، عَيْناً فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً ﴾ ..
فأخبر سبحانه عن مزج شرابهم بالكافور والزنجبيل فإن في الكافور من البرد وطيب الرائحة ، وفي الزنجبيل من الحرارة وطيب الرائحة ، ومجيء أحدهما على إثر الآخرى حالة أكمل وأطيب وألذ..
قال مجاهد وقال عكرمة في قوله تعالى : ﴿ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيراً ﴾ أي يتصرفون فيها حيث شاءوا ، وأين شاءوا، ومتى شاءوا ، تحت قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم ..
والتفجير هو الإنباع كما قال تعالى : ﴿ وَقَاْلُوا لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنبُوعاً ﴾ ..
والذي بعث محمداً بالحق ..والذي بعث محمداً بالحق لو قيل لك : سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
والله لو قيل لك في الدنيا .. سنعطيك داراً بجانب النهر لطرت فرحاً وسروراً ..
فكيف أنت بقصور تجري من تحتها الأنهار !!!!..
أليس ذلك من أعظم البشارات ، وأعظم الأعطيات !!!..
ولن يحلو المقام في تلك الدور والقصور والجنات والأشجار التي تتفجر فيها العيون وتجري تحتها الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
لن يحلو المقام في القصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار إلا بمعانقة الحور ، وفضِّ الأبكار في الدور والقصور وتحت الأشجار وعلى ضفاف الأنهار ..
إنهنّ الخيّرات الحسان اللاتي لم يطمثهنَّ أنس قبلكم ولا جان ..
وصفهن الله فقال : ﴿ كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ ..
إن غنت فيا لذة الأبصار والأسماع..
وإن آنست وأمتعت فيا حبذا تلك المؤانسة والامتاع..
وإن قبلَّت فلا شيء أشهى إليه من ذلك التقبيل..
وإن نوَّلت فلا ألذ ولا أطيب من ذلك التنويل..
وإن خاصرت فيا لذة تلك المعانقة والمخاصرة ..
وإن حاضرت فيا حسن تلك المحاضرة..
فما ظنك بامرأة إذا ضحكت في وجه زوجها أضاءت الجنة من ضحكها وابتسامتها ..
وإذا انتقلت من قصر إلى قصر قلت هذه الشمس متنقلة في بروج فلكها..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
سماهنّّ الله بالحور العين ..
والحور : جمع حوراء ، وهي المرأة الشابة الحسناء ، الجميلة البيضاء ، شديدة سواد العيون العيون ..
أو هي التي يحار المرء في حسنها وجمالها ..
أو هي التي يحار بها الطرف من رقة الجلد وصفاء اللون ..
حسان العيون .. يُرى ساقها من وراء ثيابها.. ويرى الناظر وجهه في وجهها من صفاء لونها فهنَّ بصفاء الياقوت ، وبياض المرجان ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( لو أنَّ امرأة من نساء أهل الجنة اطلعت على الأرض لأضاءت ما بينهما ، ولملأت ما بينهما ريحاً ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها ) .. فلا إله إلا الله ..فلا إله إلا الله .. إذا كان نصيفها – أي خمارها - خير من الدنيا وما فيها ، فكيف بصاحبة الخمار!!.. فكيف بصاحبة الخمار!!..
قال الله : ﴿ إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء ، فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَاراً ، عُرُباً أَتْرَاباً ، لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾ ..
وقال سبحانه : ﴿ فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ ..
يروى عن ثابت أنه قال : كان أبي من القوّامين لله في سواد الليل.. يقول أبوه : رأيت ذات ليلة في منامي امرأة لا تشبه النساء ، فقلت لها : من أنت يا أمة الله ؟!
قالت : أنا حوراء من حور الجنة ..
فقلت : زوجيني نفسك ..
فقالت: اخطبني من عند ربي وادفع مهري..
فقلت : وما مهرك ؟! ..
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
فقالت : مهري طول التهجد ، والقيام في الظلام ....
اسمعوا يا نيام !!.. اسمعوا يا نيام !!..
ولله در من قال :

يا خاطب الحور في خدرها*** وطالباً ذاك على قدرها
انهض بجدٍ لا تكن وانياً*** وجاهد النفس على صبرها
وقم إذا الليل بدا وجهه*** وصم نهاراً فهو من مهرها
فلو رأت عيناك إقبالها*** وقد وبدت رمانتا صدرها
وهي تمشي بين أترابها*** وعقدها يشرق في نحرها
لهان في نفسك هذا الذي*** تراه في دنياك من زهرها

عن عامر بن عبد الواحد قال : بلغني أنَّ الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ..ثم يلتفت فإذا بامرأة أحسن ممن كانت معه تناديه فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ! ..
فيقول : من أنت يا أمة الله ؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم : ﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ ..
فيمكث معها سبعين سنة ثم يلتفت ، فإذا بامرأة أحسن مما كانت معه ، فتقول له : وليَّ الله.. أما آن أن يكون لنا فيك نصيب ؟ ..
فيقول : من أنت يا أمة الله؟ ..
فتقول : أنا من الذين قال الله فيهم ﴿ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ ..
هل سمعت قول الله في سورة يس عن أصحاب الجنة ﴿ إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ، هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ ، لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُم مَّا يَدَّعُونَ ، سَلَامٌ قَوْلاً مِن رَّبٍّ رَّحِيمٍ ﴾ ..
قال أهل التفاسير في قوله تعالى ﴿ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ ﴾ قالوا في فضِّ الأبكار ، وكلما جامعها رجعت بكراً كما كانت ..
سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم : أنصل إلى نساءنا في الجنة ؟ ..
فقال له :
( إن الرجل ليصل في اليوم إلى مئة عذراء ، وعدد الأزواج بحسب تفاوت الدرجات في الجنات )..
ولا تتعجب من ذلك ..فإن الرجل يؤتى في الجنة قوة مئة رجل..
فهل قدمت مهرها ؟!.. فهل قدمت مهرها ؟!..
وهل دفعت ثمنها ؟! ..
قال مالك بن دينار : كان لي أحزاب أقرؤها كل ليلة ، فنمت ذات ليلة فإذا أنا في المنام بجارية ذات حسن وجمال وبيدها رقعة ، فقالت : أتحسن أن تقرأ ؟..
فقلت : نعم ، فدفعت إلي الرقعة ، فإذا مكتوب فيها فيها هذه الأبيات :
لهاك النوم عن طلب الأماني *** وعن تلك الأوانس في الجنان
تعيش مخلداً لا موت فيها*** وتلهو في الخيام مع الحسان
تنبّه من منامك إن خيراً*** من النوم التهجد بالقرآن

وأجمل الكلام كلام الرحمن الذي قال :﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ ، فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ، يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ ، كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ ، يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ ، لَا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ، فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ، فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ، فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ﴾ ..
ستسمعون غناء الحور ..
وستسمعون كلامها .. الذي يسبي العقول بنغمة زادت على الأوتار والألحان ..
يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له ...
تقول عائشة رضي الله عنها حبيبة الحبيب التي طهَّرها الله وزكَّاها وأظهر براءتها من فوق سبع سماوات .. ألا لعنة الله على من يمس في عرضها أو يطعن في شرفها ..
تقول رضي الله عنها وأرضاها : إن الحور العين إذا قلنَ هذه المقالة ..
اسمعي بارك الله فيك..
إنَّ الحور العين إذا قلنَ هذه المقالة أجبنهنّ المؤمنات من نساء الدنيا :
نحن المصليات وما صليتن ..
ونحن الصائمات وما صمتن ..
ونحن المتوضئات وما توضئتن ..
ونحن المتصدقات وما تصدقتن ..
قالت عائشة : فغلبنهن _ أي نساء الدنيا المؤمنات غلبن الحور العين -..
فأنت أكرم عند الله من الحور العين..
وأنت أجمل منهن ..
أنت أكرم وأجمل ..
ولولا حياء المرأة لوصف الله ما أعد لهن في الجنان..
فشمري يا أمة الرحمن .. فشمري يا أمة الرحمن ..
فإن الله قال ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ ﴾ ..
إليك أيها المستبشر..إليك أيها المشتاق ..
أخباراً من أخبار من سبقونا إلى الجنان..
ألم تسمع أيها المشتاق ..
ألم تسمع نداء الله وهو ينادينا للحاق بهم ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ .. ﴿ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ ..
ولما نزل قوله تعالى : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ أغلق ثابت بن قيس خطيب الأنصار وخطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم ..أغلق بابه و دراه وجلس يبكي وطال مكثه على هذه الحال ، حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فدعاه ، فجاء ثابتٌ وقال : يا رسول الله إني أحب الثوب الجميل والنعل الجميل ، وقد خشيت أن أكون من المختالين .. وقد خشيت أن أكون من المختالين .. حين قال الله : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ﴾ ، فقال الشافع المشفع صلى الله عليه وسلم وهو يضحك :
( إنك لست منهم بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ) ..
إنك لست من المختاين ، بل تعيش بخير ، وتموت بخير ، وتدخل الجنة ..
قال الله عنهم وعمن سار على دربهم : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ..
وإليك أنت أيضاً أيتها المستبشرة المشتاقة ..
إليك من أخبار من سبقوكِ إلى الجنان من الصادقات..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أتى جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله : هذه خديجة قد أتت ومعها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني السلام.. فإذا هي أتتك فأقرأ عليها من ربها ومني السلام.. وبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ﴿ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ ..
أما سمعتِ رعاك الله ..
عن آسية بنت مزاحم التي صبرت على أذى فرعون وقومه ..
لمّا علم فرعون بخبر إسلامها وإيمانها سامها أشد العذاب ..
فخرج على قومه وقال لهم : ما تعلمون من آسية بنت مزاحم ؟!..فأثنوا عليها فقال لهم : إنها تعبد رباً غيري .. فقالوا : اقتلها ..
فسمّر يديها ورجليها ، وألقى بها في الشمس ، ووضع الرحى على ظهرها ..
يا الله كم تحملوا وصبروا على ما أوذوا وما نكصوا على أعقابهم ..
فسمّر يديها ورجليها – وهي المرأة الضعيفة - وألقى بها في الشمس ، ووضع الرحى والصخر على ظهرها ..فإذا آذاها وهج الشمس أظلتها الملائكة بأجنحتها ..
فلما اشتد عذاب فرعون وظلمه وشماتته قالت آسية رضي الله عنها ﴿ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ ..
فأطلعها العلي القدير حتى رأت مكانها في الجنة فرأت بيتها في الجنة يبنى أمامها - قيل إنه درة من اللؤلؤ - فضحكت رضي الله عنها حين رأت ذلك ..
ووافق ذلك حضور فرعون فقال للملأ : ألا تعجبون من جنونها إنّا نعذبها وهي تضحك ..
رأت ما لا عين رأت .. رأت ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر..
رأت جزاء ثباتها ، ورأت جزاء صدقها ، فعجل الله لها بشراها في دنياها ..
فقبض الله روحها ، ونجاها من القوم الظالمين ، ورفعها إلى الجنة ..
فهي بجوار رب العالمين .. أليست هي التي طلبت الجوار قبل الدار..
عجباً ..
لمن يعلم أن الجنة موجودة تزخرف ، وتُفتح أبوابها ثم لا يشتاق إليها ويسعى لها !!..
قال صلى الله عليه وسلم :
( من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إنَّ سلعة الله غالية ..ألا إن سلعة الله الجنة ) ..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها ..
إنها الجنة ..
التي لا يُسأل بوجه الله العظيم غيرها لكرامتها على الله ..
إنها الجنة ..
التي اشتاق إليها الصالحون..
وقدم مهرها الصادقون ..
فاسألوا عنها جعفر الطيار ، وعمير بن الحمام ، وحرام بن ملحان..
اسألوا أنس بن النضر ، و عامر بن أبي فهيرة..
واسألوا عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن أبي رواحة ..
اسألوا خطاب عنها ، وأبا الوليد ..
إنها الجنة ..
دار كرامة الرحمن فهل من مشمر لها !! ..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر مقامك فيها ..
إنها الجنة ..
فاعمل لها بقدر شوقك إليها ..
إنها الجنة ..
دار الموقنين بوعد الله ..
المتهجدين في ظلام الليل ..
والصائمين في الهواجر ..
والله الذي لا إله إلا هو ما حُلّيت الجنة ولا زُينَّت لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
والله ما حُلّيت الجنة ولا زُينَّت لأمة من الأمم مثلما حُليت وزُينّت لأمة محمد صلى الله عليه وسلم ..
ومع هذا ..
لا نرى لها عاشقاً ..
ولم نسمع لها طالباً ..
فيا أيها المشتاق ..
ويا أيتها المشتاقة ..
اسمعوا قوله صلى الله عليه وسلم :
( إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة ، وغلّقت أبواب جهنم ، وسلسلت الشياطين ) ..
نعم ستفتح حقيقة لا خيال ..
وسيناديك المنادي ..
يا باغي الخير أقبل ..
ويا باغي الشر أقصر..
فأين المشمرات ؟؟!!!..
وأين المشمرون ؟؟!!!..
ولمن الجنة تكون ؟!..
﴿ تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً ﴾ ..
فإذا أردت اأن تكون من أهلها وسكانها فإليك صفاتهم علك تفوز بها : ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ، الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ، وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ نعم يذنبون .. ولكنهم لا يُصرّون على الذنب .. ويتوبون ويستغفرون ﴿ أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ ..
مرَّ إعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ :﴿ إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ ﴾ ..
فقال الإعرابي : كلام من هذا ؟..
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( هذا كلام الرحمن ) ..( هذا كلام الرحمن )..
فقال الإعرابي : بيع والله مربح لا نقيله ولا نستقيله ..
فخرج إلى الغزو في سبيل الله واسشتهد.. فربح البيع .. والله ..
إنه كلام الرحمن .. ﴿ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ ..
إذا أردت أن تكون من أهلها..
فكن من الخائفين ..
كن من الخائفين من العذاب ، الراجين الثواب ..
قال الله :﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ .. قال صلى الله عليه وسلم :
( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن ) ..
( وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن)..
قال سبحانه : ﴿ فَأمَّا مَن طَغَى ، وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ، فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى ، وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ، فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ ..
فأين هي جنة المأوى ؟!.. ﴿ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ، عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ، إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ، مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ، لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ﴾ ..
وأنت أيضاً أيتها المشتاقة المستبشرة ..
إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان فاسمعي بعضاً من صفات نسائها ..
قال صلى الله عليه وسلم :
( ألا أخبركم بنساءكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود التي إذا ظلمت قالت لزوجها هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً ولا أنام حتى ترضى ) ..
وقال أيضا مبشراً الصادقات القانتات المطيعات :
( إن المرأة إذا صلت خمسها ، وصامت شهرها ، وحصَّنت فرجها ، وأطاعت زوجها دخلت من أي أبواب الجنة شاءت)..
فماذا تريدين !!! ..
بل اسمعي هذا الخبر العجيب من الرسول الحبيب ..قالت عائشة رضي الله عنها : جائتني امرأة معها جاريتان أو ابنتان تسألني حاجة فلم عندي غير تمرة واحدة فأعطيتها إياها فبدل أن تأكلها قسمتها بين ابنتيها ثم قامت فخرجت ، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته عائشة بخبرها مع ابنتيها ، وأخبرته بفعلها ، فقال:
( إن الله قد تعجَّب من فعلها ، وإن الله أوجب لها بها الجنة و أعتقها بها من النار ) ..
بتمرة .. يا حليم .. يا غفار ..
أمة الله إذا أردت أن تكوني من أهل الجنان ..
فاسألي خديجة ، واسألي فاطمة ، واسألي أم عمارة ، والغميصاء ..
واسألي النساء في العراق وفلسطين ..
واسألي نساء الشيشان ..
واسألي الصادقات المؤمنات وسيري على طريقهن .. يا رعاك الله..
اعلموا أيها المشتاقون ..اعلموا أيها المستبشرون ..
أن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد ها هنا في الدنيا .. إن منازل الجنة إنما تكون على قدرالاجتهاد ها هنا في الدنيا ..
فوا عجباً من مضيع لحظة فيها فتسبيحة واحدة تغرس لك فيها شجرة أكلها دائم وظلها ..
في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال :
( إنَّ أهل الجنة ليتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم ) ..
قالوا : يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم !..
قال : ( لا والله .. والذي نفسي بيده يبلغها رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين )..
فيا أيها الخائف ..
فيا أيها الخائف من فوق ذلك شجع قلبك بالأمل والرجاء..
فمنذ خروج الروح تنكشف هذه المنازل لأصحابها لتستقر تلك الأرواح في حواصل طير تعلق في أشجار الجنة ..
فالبدار البدار ..
فالبدار البدار ..قبل أن تصفر شمس العمر، وقبل أن يحين الغروب..
فمن تخيل دوام اللذة في الجنة ..
هان عليه في الدنيا كل بلاء وشدة ..
هان عليه كل بلاء وشدة.. قاله ابن الجوزي رحمه الله ..


اللهم إنّا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ..
اللهم إنا نسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر ، والفوز بالجنة والنجاة من النار ..
لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ، ولا همَاً إلا فرجته ، ولا ديناً إلا قضيته ، ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة هي لك رضاً إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ..
اللهم إنا نسألك الجنة ..اللهم إنا نسألك الجنة .. اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل..
نعوذ بك اللهم من النار..نعوذ بك اللهم من النار.. نعوذ بك اللهم من النار وما قرب إليها من قول أو عمل..
إلهنا تمَّ نورك .. فهديت فلك الحمد ..
عَظُم حلمك .. فغفرت فلك الحمد ..
وبسطت يدك للمسيئين فأعطيت فلك الحمد..
تُطاع فتشكر ، تُعصى فتغفر ، وتجيب المضطر ، وتكشف الضر ، وتغفر الذنب ، وتستر العيب ، وتقبل التوب..
وجهك أكرم الوجوه ، وجاهك أعظم الجاه ، وعطيتك أفضل العطايا..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك السريرة ..
يا من أظهر الجميل ، وستر القبيح ..
يا من لا يؤاخذ بالجريرة ، ولا يهتك السريرة ..
يا حسن التجاوز ، ويا واسع المفغرة ، يا باسط اليدين بالرحمة ..يا باسط اليدين بالرحمة ، يا كريم الصفح ، يا عظيم المن ، يا مبتدأ بالنعم قبل استحقاقها..
يا من له وجب الكمال بذاته***بل كل غاية فوزهم لقياه ..
أنت الذي لما تعالى جده ***قصرت خطا الألباب دون سناه..
أنت الذي امتلأ الوجود بحمده***لما اغتدى ملآن من نعماه ..
إنك ترى مكاننا، وتسمع كلامنا ، وتعلم سرنا ونجوانا ..
نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا أن تجعلنا ووالدينا وأهلينا وذرياتنا ممن سبقت لهم منك الحسنى .. أن تجعلنا ووالدينا وأهلينا وذرياتنا والمسلمين ممن سبقت لهم منك الحسنى ..
وأن ترزقنا الأعلى في الجنة من غير محنة ولا فتنة يا أرحم الراحمين ..
يا من خيرك إلينا نازل ، وشرنا إليك صاعد ..
يا من تتحبب إلينا بالنعم و أنت غني عنا ..
و نبتعد إليك بالمعاصي ونحن فقراء إليك ..فقراء إليك .. فقراء إليك ..
أنت أحق من ذُكر ، و أحق من عُبد ، وأعظم من اقتضي ، وأرأف من ملك ، وأجود من سُئل ، وأوسع من أعطى..
أنت الله .. أنت الله .. أنت الملك لا شريك لك ، والفرد لا ندَّ لك ..
كل شيء هالك إلا وجهك .. لن تطاع إلا بإذنك ، ولن تعصى إلا بعلمك ..لا راد لفضلك ، ولا معقب لحكم ..أسرع الحاكمين ، وأحكم الحاكمين وقيوم السماوات والأراضين ..
نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض ، وبكل حق هو لك أن تجيرنا من النار بقدرتك.. أن تجيرنا من النار بقدرتك.. أن تجيرنا من النار بقدرتك ..
وأن تسكنّا الجنة برحمتك.. وأن تسكنّا الجنة برحمتك .. وأن تسكنا الجنة برحمتك ..
يا عزيز يا غفار يا ذا الجلال والإكرام ..
اللهم انصرمن نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك الموحدين .
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك ..
انصر من نصرهم ..اخذل من خذلهم ..قوي عزائمهم ..اربط على قلوبهم ..أفرغ عليهم صبراً .. ثبت الأقدام ..
اللهم فك أسرانا .. اللهم فك أسرانا .. اللهم فك أسرانا ..
لقد تتابع عليهم رمضان ثم رمضان ثم رمضان..
كن لهم عوناً وظهيراً ومؤيداً ونصيراً ..
أنزل عليهم رحماتك، وهيء لهم من أمرهم رشداً ، وهيء لهم من أمرهم مرفقاً..
يا من كنت مع الفتية في الكهف والغار كن مع أسرانا .. كن مع أسرانا ..
اللهم من سعى في فكاكهم ففك رقبته من النار .. اللهم من خذلهم فاخذله يا قهار يا جبار..
اللهم أمّن المستضعفين في العراق والشيشان وفي فلسطين وكشمير وأفغانستان ..
اللهم اجبر مصابنا في باكستان والسودان وفي كل مكان..
آمنا في أوطاننا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ..
اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا رب العالمين..
نسألك علماء ربانيين ، وولاة أمر صالحين ، ودعاة مخلصين ..
وشابات وفتيان صالحين وصالحات يا رب العالمين ..
احفظنا ونساءنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..
اجعل بلدنا هذا آمناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين..
اللهم تقبل صيامنا وقيامنا وتجاوز عن كثير تقصيرنا وآثامنا ..
اللهم اجعل عملنا في رضاك .. اللهم اجعل عملنا في رضاك . اللهم اجعل عملنا في رضاك ..
اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم ، ونستغفرك اللهم لما لا نعلم ..
لا تؤاخذنا بالتقصير ، واعفو عنا الكثير ، وتقبل منا اليسير..
إنك يا مولانا نعم المولى ونعم النصير..
اللهم كما جمعتنا في هذا المكان الطاهر المبارك فاجمعنا في جنات عدن في مقعد صدق عند مليك مقتدر..
اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا رحيم يا قهار..
اللهم عاملنا بما أنت أهله ، ولا تعاملنا بما نحن أهله إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة..
اللهم صلي على محمد عدد ما طار طير وطار ، وعدد ما استغفر المستغفرون في الأسحار ، وعدد ما تعاقب الليل والنهار ..
اللهم لا تحرمنا رؤيته.. اللهم لا تحرمنا رؤيته.. اللهم لا تحرمنا رؤيته واتباع سنته ..
اللهم اجعلنا من أنصار دعوته ، أوردنا حوضه ، واسقنا من يده ، ولا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله يا رب العالمين..
اللهم اجمعنا بأبي بكر وعمر وعثمان وعلي والصحابة أجمعين وعلى من سائر على نهجهم ، واجعلنا ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين..
سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك اللهم ونتوب إليك وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:40 AM   #97



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



{ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ }


يا أخوان الأمة لن تقوم إلا إذا عظمت الله .

إلا إذا وقرت ربها ..

إلا إذا عبدت رب السماوات والأرض كما ينبغي ..

سبحان الله.. قليل هم الذين يغارون على الله ..

يغار كل منا على ممتلكاته ..
يغار كل منا على أشيائه ..لكنه لا يغار لله..
بدليل الجرائد والمجلات التي امتلأت بها القمامات تحمل اسم من ؟!

هذه الجرائد والمجلات التي نرميها ا في اليوم مرات ومرات تحمل اسم ؟!

أليس من بين سطورها العزيز ، والحكيم ، والقوي ، والرحمن ،والرحيم..

اسم الرحمن يمتهن في القمامات ..

بل أصبحت الجرائد والمجلات سفراً للطعام والشراب ، وتلزق على الجدران يمسح بها الزجاجات..

نعيد الفتوى مرات ومرات فلا ينتبه أحد ..
اسم الله يمتهن ونحن راضون .. في المزابل والقمامات ..
كيف يتغير الواقع ؟!. ليس هذا فقط بل آيات القرآن .. بل آيات القرآن تداس وتمتهن بالأقدام .
اسمع بارك الله فيك ..يقال لبشر الحافي : يا بشر إن لك اسماً له هيبة كأسماء الأنبياء ، فما سر هذا؟!.
ما سر هذا الاسم الذي يحمل كل هذه الهيبة ؟!الأمر بسيط ..قال : كنت أسير بطريق في مره من المرات فإذا بورقة ملقاه على جانب الطريق .. رفعتها فإذا مكتوب فيها الرحمن .. قلت : اسم الرحمن ما يمتهن .. فرفعت الورقة وطويتها وطيبتها ثم وضعتها في جيبي..فجاءني آت في منامي قال : رفعت اسمنا فرفعناك , وطيّبت اسمنا فطيبناك
..ورقة .. ورقة رفعها ..انظر في القمامات .. انظر في المزابل..
انظر ماذا يستعملون في الورش وفي المطاعم بل في بيوتنا على الأرفف ..اسم الله يمتهن في كل مكان ..كيف تقوم لنا قائمة وما قدرنا الرحمن حق قدره؟؟؟!!!!
جعلنا الحاويات عند المساجد.. جعلنا الصناديق في كل مكان .. اجمعوا فيها الجرائد والمجلات .. اجمعوا فيها الكتب المدرسية التي تحمل الآيات ..أمة تهين اسم ربها .. كيف تنتصر .؟؟!!!
لم ننتهي من الزنا والفواحش والمنكرات حتى أهنا الرحمن ..فاتقوا الله .. اتقوا الله.. وعظموا الله واقدروه حق قدره ..انبشوا القمامات .. مش عيب .. ليس عيباً اننا ننبش القمامات ونخرج اسم الرحمن منها ..هذا عز وشرف وكرامة لناانصحوا الناس .. لا تأكلوا على الجرائد والمجلات..
لا تضعوا اسم الرحمن على الرفوف ..
إن فعلنا وقدرنا الله حق قدره هناك سيتغير الواقع ويتبدل الحال..عندك جرائد .. عندك مجلات أكل الدهر عليها وشرب ..إإت بها هنا سنضع حاوية عند المسجد ..الله الله يا شباب .. الله الله يا شباب لا يهان اسم الرحمن وانتم ترون وتسمعون .. وأنتم ترون وتسمعون .. وستخرجون وسترون الجرائد والمجلات ملقاه في كل مكان ..ارفعها لا كرامة لما كتب فيها ولكن كرامة لاسم الرحمن ..ولا تخلو جريدة من الجرائد ولا مجلة من المجلات حتى تلك التي تحمل صور الفاجرات لا تخلوا من اسم للرحمن من هنا أو هناك ..فاتقوا الله وامنعوا أؤلئك الذين يأكلون على الجرائد والمجلات و، وأولئك الذين يضعونها في مصانعهم وفي أمكانهم ...
ألا فلنوقر الرحمن كما ينبغي .. فإذا فعلنا يتغير الحال ويتبدل الواقع ..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:40 AM   #98



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم



{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }

{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }

{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }


أما بعد :

فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..

وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..

وشرَّ الأمور محدثاتها ..

وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ...




عباد الله ..

قال الله جل في علاه واصفاً عباده المؤمنين إذا سمعوا آياته وبيناته : { إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً } .

وقال عنهم : { وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع ، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم ) .

وعن أبي الجلد جيلان بن فروة قال قرأت في مسألة داود عليه السلام أنه قال :

إلهي ما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجنتيه ؟.

قال : جزاؤه أن أحرّم وجهه على لفح النار ، وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.

فاللبكاء عباد الله قيمة شرعيه تعبديه..

والبكاء من خشية الله مفتاح لرحمته ..

والبكاء من خشية الله مفتاح لرحمته ..[/b]

ألم يرث البكاء أناس صدق ***** فقادهم البكا خير المعاب
ألم يقل الإله إليَّ عبدي ***** فكل الخير عندي في المعاد

وأنا حين أسوق إليك هذا الموضوع وما فيه من الأخبار ..

لا أقول أننا لا نبكي ..لا وألف لا ..بل نبكي..

ولكن السؤال على ماذا نبكي ؟؟!!..

نبكي على مصائبنا وآلامنا ..

هذا يبكي على أبٍ أو أم ..

وذاك يبكي على أخٍ أو أخت ..

وآخر يبكي على صاحب أو حبيب أو قريب ..

وذاك يبكي لخسارة مادية أو مشكلة اجتماعية ..

بل الأدهى والأطم هناك من يبكي على أحداث في مسلسلات وشاشات وقنوات ..

وآخر يبكي على خسارة في المباريات ..فيا خسارة هؤلاء ..

شتان والله بين دموعهم ودموعنا ..

بكت أم أيمن ..

[b]بكت أم أيمن رضي الله عنها لما جاءها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما يزورانها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالا لها :

يا أم ما يبكيك ؟..

يا أم أيمن ما يبكيك أما تعلمين أن ما عند الله خير لرسوله !!..

قالت : بلى أعلم أنَّ ما عند الله خير لرسوله ، ولكن أبكي انقطاع الوحي من السماء ..

بكت همَّا وحزنا وخوفاً على الأمة بعد نبيها ..

فماذا عساى أن أقول عنهم وعن أخبارهم..

فمنهم من بلَّ الأرض بدموعه ..

ومنهم من إذا ذُكرت النار خرَّ على وجهه مغشياً عليه ..

بل منهم من إذا سمع الأذان ارتعدت فرائصه ..

ومنهم من إذا توضأ للصلاة احمَّر وجهه ، وسالت دموعه ..

اسمع وافتح القلب قبل أن تفتح الآذان ..

زارت امرأة زوجة الأوزاعي ، فدخلت إلى مصلاه في البيت فإذا هو مبلول ، فجاءت تقول لزوجته : ثكلتك أمك .. غفلت عن الصبيان فبالوا في مصلى الأوزاعي..

فقالت زوجة الأوزاعي : ويحك هذه دموع الأوزاعي في مصلاه ..

بكى الباكون للرحمن ليلاً ***** وباتوا دمعهم ما يسأمونا
بقاع الأرض من شوقٍ إليهم ***** تحنّ متى عليها يسجدونا

ما أغلى تلك الدموع ..

وما أغلى ثمنها ..

إنَّ القلوب لتحيى بسماع أخبار الصالحين وآثارهم ..

وتحصل السعادة باقتفاء آثارهم ..

عباد الله..

إياكم أن تقولوا أنَّ للبكاء علاقة بضعف الشخصية ..

أو أن البكاء لا يليق بأهل الشجاعة والبأس..

نعم ..

لا يليق البكاء عند الوقوف في وجه الأعداء ..

ولا يليق البكاء عند سماع صهيل الخيل ، ومقارعة السيوف ، وتطاير الأشلاء ..

فهذا فعل الجبناء..

فالبكاء الذي نعنيه وما نحن بصدده ..

هو البكاء :

خشية ..

ورهبة ..

وخضوعاً ..

وذلاً ..

وعبودية لله ربِّ العالمين ..

إنه بكاء الذل والمسكنة لذي الجلال والعزة والجبروت ..

إنه البكاء خوفاً من الحي الذي لا يموت ..

فهذا عبد الله بن الشّخّير رضي الله عنه يقول عن سيد الخلق أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء .

يبكي وهو سيد الشجعان وأشجع الفرسان..

ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمروا أبا بكر للصلاة في الناس في مرضه صلى الله عليه وسلم ، قالت عائشة رضي الله عنها :

إنَّ أبا بكر رجل أسيف – أي رقيق القلب ، سريع البكاء – إن يقم مقامك يبكي فلا يقدر على القراءة ..

وفي رواية إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء..

لكن انظر إلى حزمه وقوته وصلابته أيام الردة يوم أن تصدى للمرتدين ..

وما أكثرهم اليوم ..

فتصدى لهم الصديق رضي الله عنه ، ونصر الله به الدين رغم كثرة المخالفين..

أما الفاروق عمر فمعروف أنه شديد ، القوة شديد البأس ومع هذا كان حاضر الدمعة ، رقيق القلب ..

روى البخاري عن عبد الله بن شداد قال : سمعت نشيج عمر وأنا في آخر الصفوف وهو يقرأ { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ } ..

قل لي واصدقني المقال..

أما تبكيك آيات القرآن !!!..

أما تبكيك آيات القرآن وهي تخبرك ..

عن الجنة وأوصافها ..

وعن النار وأخبارها ..

قال الله عن كتابه ، وعن أثر آياته على عباده الصالحين :{ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ }.

يقول ابن مسعود كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي : ( اقرأ علي القرآن )..

قلت : أقرأ عليك وعليك أُنزل !!.

قال صلى الله عليه وسلم : ( إني أحب أن أسمعه من غيري )..

قال ابن مسعود فافتتحت سورة النساء حتى إذا بلغت قوله تبارك وتعالى : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً } – والخطاب له صلى الله عليه وسلم { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً } ..

قال : فلما بلغت ذلك قال لي صلى الله عليه وسلم : ( حسبك يا ابن مسعود )..

قال : فنظرت إليه فإذا عيناه تذرفان ..

تذرفان خوفاً وخشية من الجبار ..

تذرفان شفقة ورأفة بأمته ..

وسأكمل لكم ، وأقرأعليكم الآية التي تليها حتى تعلم عظيم ذلك الموقف ، وذلك المشهد العظيم قال الله { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيداً ، يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلاَ يَكْتُمُونَ اللّهَ حَدِيثاً }..

يالله .. أما بكيت شوقاً لله !! ..

أما بكيت شوقاً لله ، وسكنى جنته في جواره ..

أما بكيت خوفاً من دخول النار ، والحرمان من رؤية القهَّار ..

اسمع ماذا قال الله عن أهل النار { كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ،كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ ،ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ ،ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ }

والله .. والله .. والله...

ما في الجنة نعيم ألذ وأحلى وأعظم من ...

رؤية الرحمن الرحيم ...

ووالله .. والله.. والله ...

ما في النار عذاب أشد وأعظم من ...

الحرمان من رؤية وجهه الكريم ..

قال ابن عثيمين رحمه الله : والله لو أنَّ القلوب سليمة لتقطّعت ألماً ولتفطّرت حزناً وهي تقرأ قول الله مخاطباً عباده:{ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } ..

وأي بشارة أعظم من لقاء الحبيب ...

فكل حبيب يشتاق إلى لقاء حبيبه ...

قال صالح المري بلغني عن كعب الأحبار أنه كان يقول :

من بكى خشية من ذنب ، غُفر له ..

ومن بكى اشتياقاً إلى الله ، أباحه النظر إليه تبارك وتعالى يراه متى شاء..

وحدث عيسى المعلم عن ذادان أبي عمر قال :

بلغنا أنه من بكى خوفاً من النار ، أعاذه الله منها ..

ومن بكى شوقاً إلى الجنة ، أسكنه الله إياها ..

اللهم لا تحرمنا فضلك ..

عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول : ( لا تنسوا العظيمتين ).. ( لا تنسوا العظيمتين )..

قلنا : وما العظيمتان ،؟!.

قال : ( الجنة والنار ) .

قال فذكر سول الله صلى الله عليه وسلم ما ذكر ثم بكى حتى جرى أوائل دموعه جانبي لحيته ثم قال : ( والذي نفس محمد بيده لو علمتم ما أعلم من علم الآخرة لمشيتم إلى الصعيد ، ولحسيتم على رؤوسكم التراب )

وفي حديث آخر : ( والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، ولما تلذذتم بالنساء على الفرش ، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ) ..

فلما سمع أبو ذر هذا قال : وددت أني كنت شجرة تعضد ..

والله لو أن القلوب سليمة لتقطّعت ألماً من الحرمان ..

ولكنها سكرى بحب حياتها الدنيا وسوف تفيق بعد زمان ..

قال ابن القيم رحمه الله : فمن لم يتقطّع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفاً لتقطّع في الآخرة إذا حقت الحقائق، وظهرت الأمور..

فلا بدّّ من تقطّع القلب ..

إما في الدنيا ..

وإما في الآخرة ..

ولك الخيار..

الفرق بيننا وبينهم أنَّ الكلمات القليلة البسطية تذكرهم وتبكيهم ..

ونحن نسمع الزواجر والروادع مرات مرات ولا يتغير الحال ..

أراد عمر بن عبد العزيز أن يضرب غلاماً له على خطأ أخطأه ..

فقال له الغلام : يا عمر ..اتق الله ..

فقال له الغلام : يا عمر ..اتق الله يا عمر ..واذكر ليلة صبيحتها يوم القيامة ..

قال : فبكى عمر ، ولم يتوقف بكاءه إلا عندما سمع المنادي يناديه ، وهو في ساعات احتضاره ، وهو يقرأ عليه { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ }..

أسألك مرة أخرى ..

وأكرر عليك السؤال ..

أما تبكيك الذنوب ؟!.

أما يبكيك تجرأك على علام الغيوب ؟!.

اسمعوا يا أصحاب الذنوب .. وكلنا ذاك ..

عن عقبة بن عامر قال : قلت يا رسول الله ما النجاة ؟

قال :

( أمسك عليك لسانك ..

وليسعك بيتك ..

وابك على خطيئتك )

إبكي ..

قبل أن تشهد عليك الجوارح والأركان ..

إبكي ..

قبل أن تقف في ذلك الموقف العظيم ، ثم يقررك الملك العلام..

يقررك بذنوبك فيقول لك : أتذكر ذنب كذا ؟! أتذكر ذنب كذا ؟! وأنت لا تجد مفراً من السؤال ..

إبكي..

قبل أن يسألك ربك :

ألم تكن تظن أني أراك وأنت تعصاني ؟؟!!.

أما استحييت مني وأنت تختبأ عن أعين الناس وتنساني؟؟!!..

إبكي ..

فإن العبد إذا بكى بين يدي سيده رحمه ..

إبكي ..

فإن العبد إذا بكى بين يدي سيده رحمه ..

إبكي ..

فإن الطفل إذا بكى رحمته أمه ، وربنا أرحم بنا من إمهاتنا ..بل حتى من أنفسنا..

وعظ مالك بن دينار يوماً فتكلم ، فبكى حوشب وكان في العبَّاد عارفاً ، وعن الدنيا عازفاً ، فضرب مالك بيده على منكبه – أي على منكب حوشب – وقال : ابك يا أبا بشر .. ابك يا أبا بشر – وكانت هذه كنيته –

إبكي ..

فقد بلغني أنَّ العبد لا يزال يبكي حتى يرحمه سيده فيعتقه من النار ..

إبكي ..

فقد بلغني أنَّ العبد لا يزال يبكي حتى يرحمه سيده فيعتقه من النار ..

واعلم بارك الله فيك ..

أنَّ كثرة الدموع وقلتها على قدر احتراق القلب ..

وإنَّ القليل من التذكرة ليشعل النار في القلوب الحية ..

وحياة القلوب ترك الذنوب ..

يقول مكحول الشامي : أرقُ الناس قلوباً أقلهم ذنوباً ...

إنَّ أصحاب القلوب الرقيقة هم الذين..

تشتعل في قلوبهم الأنوار بمجرد تلاوة آية ..

وتتدفق من عيونهم الدموع الغزيرة بمجرد التذكير بعظمة الجبار ..

وترتعش أجسامهم وتضطرب بمجردالتذكير بأهوال الآخرة ..

تأمل معي هذا المشهد ..

عند البخاري من حديث أبي سعيد قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يقول الله تعالى يوم القيامة : يا آدم ..

فيقول : لبيك ربنا وسعديك ..

فينادى بصوت : إن الله يأمرك ان تخرج من ذريتك بعثاً إلى النار ..

قال : يا ربي وما بعث النار ؟!.

قال من كل ألف أراه قال – يقول الرواي – أراه قال تسعمئة وتسعة وتسعون إلى النار.. قال صلى الله عليه وسلم فحينها يشيب الولدان وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد )..

إبكي..

اليوم على خطئتك قبل أن لا ينفع البكاء ..

واعلم أنَّ البكاء من مفاتيح التوبة ..

ألا ترى أن القلوب ترق حينها فتندم ..

اسمع قول المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يقول : ( عينان لا تمسهما النار:عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) .

إذا أردت أن تعرف قيمة الدموع وأثرها !!.

فاسأل التائبين ..

اسأل التائبين عندما يتوجهون إلى ربهم بقلب كسير وعيون خاشعة ذليلة فتنهمر الدموع لتكون دليلاً على الندم والتوبة ..

هنيئاً لهم ف { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ }

من واجب الناس أن يتوبوا ***** ولكن ترك الذنوب أوجب
والدهر في صرفه عجيب ***** ولكن غفلة الناس عنه أعجب
وكلما ترتجي قريب لكن ***** الموت دون ذلك أقرب

عن حمزة الأعمى قال : ذهبت أمي إلى الحسن فقالت : يا أبا سعيد ابني هذا قد أحببت أن يلزمك ويرافقك ، فلعل الله أن ينفعه بك ، قال : فكنت أختلف إليه ..

فقال لي يوماً يا بنيَّ :

أَدم الحزن على خير الآخرة ، لعله أن يوصلك إليه ..

وإبكي..

في ساعات الخلوة لعل مولاك يطلع عليك فيرحم عبرتك فتكون من الفائزين ..

يقول وكنت أدخل عليه منزله وهو يبكي ، وآتيه مع الناس وهو يبكي ، وربما جئت وهو يصلي فأسمع بكاءه ونحيبه..

فقلت له يوماً : يا أبا سعيد إنك لتكثر من البكاء ..

فبكى ثم قال :

يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبكي ! ..

يا بني فما يصنع المؤمن إذا لم يبكي ! ..

يا بني إنَّ البكاء داعٍ إلى الرحمة ، فإن استطعت ألا تكون عمرك إلا باكياً فافعل لعله يراك على حالة فيرحمك بها ، فإذا رحمك فإنك نجوت من النار وفزت بالجنة ..

أليست الأم ترحم وليدها إذا بكى !! ..

أليست الأم ترحم وليدها إذا بكى !!..

أتظن أن الأم تقذف بوليدها في النار؟! ..

سأترك الجواب لك ...

عن أنس بن مالك قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( يا أيها الناس ابكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ، فإن أهل النار يبكون حتى تصير في وجوههم الجدوال ، فتنفذ الدموع فتقرح العيون حتى لو أنَّ السفن أجريت فيها لجرت )..

آه ثم آه ثم آه من القلوب القاسية ..

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رجلاً شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال : ( إن أحببت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم وأطعم المسكين )

عباد الله ..

إلى متى وقلوبنا قاسية ..

وأنفسنا لاهية ؟؟!!..

أما آن أن نستجيب لنداء ربنا وهو يخاطبنا قائلاً :{ أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} !!..

يقول ابن مسعود والله ما بين إسلامنا ونزول هذه الآيات إلا سنوات حتى لامنا ربنا ..

وكان أصحاب القلوب الحية إذا سمعوا هذه الآية بكوا ، وقالوا :

بلى يا ربي قد آن قد آن ..

عباد الله ..

الناس في غفلة والموت يوقظهم ***** وما يفيقون حتى ينفد العمر
يشيعون أهاليهم بجمعم وينظرون ***** إلى ما فيه قد قُبروا
ويرجعون إلى أحلام غفلتهم ***** كأنهم ما رأوا شيئاً ولا نظروا

وهذه حال أكثر الناس ..

وهذا حال اكثر الناس..

فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات ، فإنها أقبح الحالات ..

قال ابن القيم رحمه الله : ما ضُرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب ، والبعد عن الله..

وما خلقت النار إلا لإذابة القلوب القاسية ..

وإنَّ أبعد القلوب من الله القلب القاسي ..

وإنه إذا قسى القلب قحطت العين ..

قال يزيد الرقاشي : إذا أنت لم تبكي على ذنبك ، فمن يبكي لك عليه بعدك ؟!..

إذا أنت لم تبكي على ذنبك ، فمن يبكي لك عليه بعدك ؟!..



نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم .. أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم



الخطبة الثانية :


الحمد لله على إحسانه والشكر له سبحانه على توفيقه وامتنانه ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له تعظيماً لشأنه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه

اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه ..



أما بعد ..

عباد الله ..

أوصيكم ونفسي بتقوى الله ..

اتقوا الله عباد الله { وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ }..

تقول الأخبار والسير بكى أحد التابعين عشرين سنة شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

بكى أحد التابعين عشرين سنة شوقاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى رآه في المنام.

وأنت ، وأنا، حقاً وصدقاً هل بكينا لمصيبة فقده وموته !!..

إنها المصيبة التي أسالت عيوناً ، وأذهلت عقولاً ..

هل تمنيت ، وبكيت أملاً في رؤيته ؟!

هل حدثت نفسك أن ترد حوضه، وتشرب من يده ؟!!..

لسان حال المحبين الصادقين :

تسلى الناس في الدنيا وإنّا ***** لعمر الله بعدك ما سلينا
إن كان عزَّ في الدنيا اللقاء ففي ***** مواقف الحشر نلقاكم ويكفينا

وإليك هذا المشهد الذي يحرك قلوب المحبين الصادقين لنبيهم..

اسمع رعاك الله فإنَّ في هذا المشهد روعة لا تقاوم ..

لما انتهى المسلمون من غزوة حنين ظافرين غانمين ، وزع النبي صلى الله عليه وسلم الغنائم على المسلمين ، واهتمَّ خاصة بالمؤلفة قلوبهم ليكون ذلك تثبيتاً لهم على إسلامهم ، ووكل أصحاب الإيمان إلى إيمانهم وإسلامهم ..

فتساءل الأنصار في مرارة : لماذا لم يعطهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حظهم من الفيء والغنائم ، وأخذوا يتهامسون بذلك ..

فسمع سعد بن عبادة همسهم وكلامهم ، فذهب من فوره إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : يا رسول الله إنَّ هذا الحي من الأنصار قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت في هذا الفيء الذي أصبته .. قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاماً في قبائل العرب ، ولم يك في هذا الحي من الأنصار منها شيء ..

فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : (وأين أنت من ذلك يا سعد ؟) ..

فأجاب سعد بصراحة قائلاً : ما أنا إلا واحد من قومي ..

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذاً فاجمع لي قومك ) ..

فجمع سعد قومه من الأنصار ، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم ألا يدخل عليهم أحد وهو معهم ..

فجاءهم بأبي هو وأمي ، فنظر في وجوههم ، فتبسم في وجوههم ابتسامة متألقة ..ابتسامة عرفان وتقدير لصنيعهم ..

ثم قال : ( يا معشر الأنصار ماقالة بلغتني عنكم ؟ وجدةٌ وجدتموها عليّ في أنفسكم ؟ ..

ألم آتكم ضلالاً ..فهداكم الله بي !.

وعالة ..فأغناكم الله بي !.

وأعداءً ..فألَّف الله بين قلوبكم بي !.)

قالوا : بلى الله ورسوله أمنُّ وأفضل ..

فقال صلى الله عليه وسلم : ( ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ؟ )

قالوا : بمَ نجيبك يا رسول الله ؟ لله ورسوله المنُّ والفضل ..

فقال صلى الله عليه وسلم : ( أما والله لو شئتم لقلتم ولصدقتم وصُدِّقتم :

أتيتنا مُكذَّباً فصدَّقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وعائلاً فآسيناك ، وطريداً فآويناك ..

يا معشر الأنصار ..

أوجدتم في أنفسكم في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا ووكلتكم لإسلامكم ؟

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعون أنتم برسول الله في رحالكم ؟! ..

ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعون أنتم برسول الله في رحالكم ؟! ..

فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ..

ولو سلك الناس شعباً لسلكت شعب الأنصار!

اللهم ارحم الأنصار ..

اللهم ارحم الأنصار ..

وأبناء الأنصار ..

وأبناء أبناء الأنصار ) ..

فبكى الأنصار حتى أخضلوا لحاهم ، واختلطت دموعهم بدموع حبيبهم ..

فصاحوا جميعاً وسعد معهم : رضينا برسول الله قسماً وحظاً ..

يالله ..

ما أجمله من منظر ..

وما أروعه حين يعبر الصادقون بدموعهم عن حبهم وشوقهم لحبيبهم..

فداً لك من يقصر عن فداك ***** فما شهمٌ إذاً إلا فداك
أروح وقد ختمت على فؤادي ***** بحبك أن يحل به سواك
إذا اشتبكت دموعٌ في خدود ***** تبيَّن من بكى ممن تباكى


{ لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}

فأسألك بالله هل اشتقت لرؤياه ؟!.

أسألك بالله هل اشتقت لرؤيته ولقياه ؟!.

أما بكيت حزناً على فرقاه ؟؟!!..

إن كنت محباً صادقاً فهذه سنته ، وهذا هديه بين يديك ..

فخذ منه بقوة ولا تكن من المتهاونين ..

ولا تظننّ أنَّ كل الدموع صادقة ..

بل هناك دموع كاذبة ، فلقد جاء أخوة يوسف أباهم عشاء يبكون بعد أن فعلوا ما فعلوا بيوسف واتهموا الذئب وهو بريء من ذلك الدم ..

عبد الله ..

أنا أعلم أنك اليوم وأيام مضت لم تصلِ الفجر في جماعة المسلمين..

بل ..ولا زلت تصر على أن تكون في عداد النائمين ..

لكن هل كلما استيقظت ..

وقد فاتتك صلاة الفجر في الجماعة ، ولم تفز بذمة ربِّ العالمين..

هل بكيت ؟!.

هل ندمت ؟!.

هل عزمت على التغيير؟!.

إنَّ الفرق بيننا وبين من كانوا قبلنا أنَّ دموعهم حارة ، ودموعنا باردة ..

إنَّ الدموع الحارة هي التي ..

يبقى أثرها بالليل والنهار..

وتغير مجرى الحياة ..

ويبكي أصحابها لفوات الطاعات ..

أما الدموع الباردة ..

فأثرها يذهب بعد نزولها بلحظات ..

وسبحان من زكَّى أصحاب الدموع الحارة وبيَّن صدقهم ..

قال العوفي عن ابن عباس أنَّ النبي صلى لله عليه وسلم أمر الناس أن ينبعثوا غازين معه ، وأن يستعدوا للجهاد ، فجاءته عصابة – جماعة منهم – فجائته عصابة من أصحابه ، وكانوا أهل حاجة ..

فقالوا يا رسول الله : احملنا معك..

فقال صلى الله عليه وسلم : (والله لا أجد ما أحملكم عليه ) ..

فتولوا وهم يبكون ..

تولوا وهم يبكون ..

وعزَّ عليهم أن يجلسوا عن الجهاد ، ولا يجدون نفقةً ولا محملاً ..

فلما رأى الله حرصهم على محبته ، ومحبة رسوله أنزل عذرهم في كتابه ، وبيَّن صدقهم ، فقال سبحانه : { لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ، وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } ..

هم بكوا على عدم القدرة على الجهاد ، وطلب الاستشهاد ..

وأنا وأنت على ماذا نبكي ؟!..

أما تبكيك مآسي المسلمين في الفلبين ، وتايلاند ، والهند ، وأندونسيا ، والصين ؟؟!!.

قتلٌ وتشريدٌ وهتك محارمٍ ***** فينا وكأس الحادثات دهاق
أطفالنا ناموا على أحلامهم ***** وعلى لهيب القاذفات أفاقوا
يبكون.. كلا بل بكت أعماقهم ***** ولقد تجود بدمعها الأعماق
أوما يحدثك الذي يجري لهم ***** أوما يثيرك جرحنا الدفاق

أما قال ربنا : {وإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً }؟؟!!..

أما قال نبينا صلى الله عليه وسلم أننا ( كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ؟؟!!.

أما يبكيك صوت الأرامل ، والأيامى ؟؟!!..

وصوت الشيوخ ، واليتامى؟؟!!

اما سمعت صياح و نداء فاطمة العراقية التي هتك عرضها عباد الصليب ؟؟!!..

فمن يجيب ندائها ؟؟!!،..

ويسمع صياحها؟؟!!.

من يجيب على نداء فاطمة الفلسسطينية ، وفاطمة الشيشانية ، وفاطمة الأفغانية ؟؟!!..

من يجيب على نساء المسلمين ؟؟!!..

بعد أن ..

كنا نغنم نساءهم في الجهاد ***** سبايا أضحت نساؤنا لهم سبايا
قد استردَّ السبايا كل منهزم ***** لم يبقَ في أسرهم إلا سبايانا
وما رأيت سياط الذل دامية ***** إلا رأيت عليها لحم أسرانا
وما نموت على حدِّ الظبا ***** ألوفاً حتى خجلت منا منايانا
لكننا رغم ليل اليأس في ثقة ***** بأن فجر العلى لا بدَّ يغشانا

والله لو استشعرت ما يجري حولك فلن تحتاج إلى كبير عناء حتى تبكي ..

فإن القلوب قد تراكمت عليها أحزان الزمان ، وآلم القلوب قهر المتسلطين ، وشماتة الأعداء والمنافقين ..

وحين تشعر أنك لا تفعل شيئاً ، أو أنك لا تقدر على أن تفعل شيئاً تجد أنك بحاجة إلى البكاء..

فلا شيء يخفف من حرقة القلب مثل الدموع ..

دموع الذكر ، والشكر..

دموع الخشية ، والرهبة ..

دموع الولاء ، والبراء ..

دموع الانتماء لهذا الدين العظيم ..

وأخيراً .. يا ولا ة الأمور كما سعيتم مشكورين لإصلاح أمور دنيانا ، فاسعوا إلى صلاح ديننا وأخرانا .. اسعوا إلى صلاح ديننا وأخرانا حتى تكتمل فرحتنا ، ويعمَ السرور ، وإننا والله متفائلون ..

فبنصر الدين عز الدنيا ، ونعيم الآخرة ..

وبنصر الدين يكون النصر والتمكين ..

قال مالك الملك :{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ } ..

ووالله لن تفرح قلوبنا إلا إذا حُرر أقصانا ، وفك أسرانا ، وخرج الكلاب من عراقنا ، ومن سائر بلاد المسلمين أذلة صاغرين ..

والله لن تفرح قلوبنا إلا إذا حُرر أقصانا ، وفك أسرانا ، وخرج الكلاب من عراقنا ، ومن سائر بلاد المسلمين أذلة صاغرين ..




اللهم انصر دينك وكتابك ، وسنة نبيك وعبادك الموحدين ..

اللهم انصر من نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك الموحدين..

اللهم إنا نسألك حبك ، وحب من يحبك ، وحب عمل يقربنا إلى حبك يا ربّ العالمين..

اللهم إنا نعوذ بك من قلب لا يخشع ، و عين لا تدمع ، وأذن لا تسمع ، ونفس لا تشبع ، وعلم لا ينفع ، ودعوة لا ترفع ..

الله حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسق والعصيان..

اجعلنا يا ربنا من الراشدين ..

آمنا في أوطاننا .. وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا .. اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك
يا ربّ العالمين

اللهم اغفر ذنب المذنبين ، واقبل توب التائبين ..

واكشف كرب المكروبين ، وفرج هم المهمومين ، واقض الدين عن المدينين ..

ودل الحيارى ، واهد الضالين ..

واغفر ربنا للأحياء ، وللميتين..

عباد الله ..

{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بَالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِيْ القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعْلَكُمْ تَذَكَّرُونَ } .

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروا على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله ما تصنعون..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:41 AM   #99



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }..

{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }..

{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيِمَاً }..

أما بعد :

فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..

وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..

وشرَّ الأمور محدثاتها ..

وكل محدثة بدعة ..

وكل بدعة ضلالة ..

وكل ضلالة في النار .

عباد الله :

لم أكن سأتحدث في هذا الموضوع الذي سأحدثكم فيه ..

ولكن رسالة جوال وصلتني هي التي جعلتني أنتبه ..

وأنبّهكم إلى الأمر الذي غفلنا عنه..

وكان صلى الله عليه وسلم يكثر الحديث فيه وعنه ...

كانت قلوبهم حية ..

ومع هذا كانوا يكثرون الحديث في هذا الأمر العظيم..

وقلوبنا لاهية ..

ساهية ..

غافلة ..

فهي والله أحوج ..

لتكرار الحديث عن هذا الأمر مرات ومرات ..

تقول الرسالة من أحد الثقات : لقد تمَّ تغسيل وتكفين ( 737 ) جنازة في أربع مغاسل للموتى في الرياض خلال الشهر الذي مضى فقط ..

لقد تمَّ تغسيل وتكفين ( 737 ) جنازة في أربع مغاسل للموتى في الرياض خلال الشهر الذي مضى فقط ..[/b]

فكم هو العدد في مغاسل البلاد من مشرقها ومغربها ؟!

بل كم هو العدد الذي يموت في كل يوم هنا وهناك ؟!..

السُنَّةُ ماضية ..

السُنَّةُ ماضية ..

أناس تحيا..

وأناس تموت ..

وأكثر الناس عن الموت غافلون ..

من أجل هذا جعلت الحديث عن الموت وعظاته ..

جعلت الحديث عن الخَطب الأفظع ..

والأمر الأشنع ..

إنه ..

هادم اللذات ..

وقاطع الراحات ..

وجالب الكريهات ..

إنه ..

فراق الأحباب ..

وانقطاع الأسباب ..

ومواجهة الحساب ..

نصحنا نبينا ووعظنا وأبلغ فقال :

( أكثروا من ذكر هادم اللذات )

ذكر الموت حياة ..

ونسيانه غفلة ..

ومن استحيا من الله حقَّ الحياء ..

لم يغفل عن الموت ..

ولا عن الاستعداد للموت ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( من استحيا من الله حقَّ الحياء ..

فليحفظ الرأس وما وعى ..

وليحفظ البطن وما حوى ..

وليذكر الموت والبلى ..

ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا ) ..

وما ترك النبي صلى الله عليه وسلم فرصة إلا ..

ذكَّر أصحابه ..

بالموت وما بعده ..

يقول البراء بن عازب رضي الله عنه : بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ أبصر جماعة ، فقال :

( علامَ اجتمع هؤلاء ؟ )

قيل : على قبر يحفرونه ، قال : ففزع النبي صلى الله عليه وسلم وقام من بين يدي أصحابه مسرعاً حتى انتهى إلى القبر فجثا عليه ..

قال البراء : فاستقبلته من بين يديه لأنظر ما يصنع ..

قال فبكى حتى بلَّ الثرى من دموعه ..

ثم أقبل علينا فقال :

( أي أخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا )..

( لمثل هذا اليوم فأعدوا).

وهكذا سار السلف من بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم ..

يذكرون الموت ..

ويُذكّرون الناس به..

فهذا أويس القرني رحمه الله يخاطب أهل الكوفة قائلاً :

يا أهل الكوفة..

توسدوا الموت إذا نمتم ..

واجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم .

عباد الله ..

إنَّ في ذكر الموت أعظم الأثر في ..

إيقاظ النفوس ..

وانتشالها من غفلتها ..

فكان الموت أعظم المواعظ ..

قيل لبعض الزهَّاد :

ما أبلغ العظات ؟ ..

قال : النظر إلى محلة الأموات ..

وقال آخر :

من لم يردعه القرآن والموت ..

من لم يردعه القرآن والموت ..

فلو تناطحت الجبال بين يديه لم يرتدع .

إنَّ زيارة القبور ..

وشهودالجنائز ..

ورؤية المحتضرين ..

وتأمل سكرات الموت..

وصورة الميت بعد مماته ..

يقطع على النفوس لذاتها ..

ويطرد عن القلوب مسراتها ..

من استعدَّ للموت ..

جدَّ في العمل ،..

وقصَّر الأمل ..

يقول اللبيدي : رأيت أبا اسحاق في حياته يُخرج ورقة يقرؤها دائماً ..

فلما مات نظرت في الورقة فإذا مكتوب فيها :

أحسن عملك فقد دنا أجلك ..

أحسن عملك فقد دنا أجلك ..

أحبتي ..

إنَّ الذي يعيش مترقباً للنهاية ..

يعيش مستعداً لها ،..

فيقلُّ عند الموت ..

ندمه وحسراته.

لذا قال شقيق البلخي رحمه الله :

استعد إذا جاءك الموت أن لا تصيح بأعلى الصوت تطلب الرجعة ..

فلا يستجاب لك .

أردت من هذه الموعظة ..

إيقاظ القلوب ..

إيقاظ القلوب من سباتها ..

وزجر النفوس عن التمادي في غيها وشهواتها .

أردت من هذه الموعظة ..

أن يزيد الصالح في صلاحه..

وأن يستيقظ الغافل قبل حسرته وقبل مماته .

لقد رأيت الحياة تمضي مسرعة ..

ومعظم أهلها في غفلة ..

ناس يأتون ..

وآخرون يرحلون ..

أرحام تدفع ..

وأرض تبلع ..

والناس غافلون ..

ولا يستيقظون إلا ..

عند معاينة الموت وسكراته ..

أحبتي ..

إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة ..

إنَّ الحياة على ظهر هذه الحياة موقوتة محدودة ..

وستأتي النهاية حتماً ..

سيموت ..

الصالحون ، والطالحون..

ويموت ..

المتقون ، والمذنبون..

ويموت ..

الأبطال المجاهدون ، والجبناء القاعدون..

ويموت ..

الشرفاء الذين يعيشون للآخرة ، ويموت الحريصون الذين يعيشون لحطام ومتاع الحياة..

يموت ..

أصحاب الهمم العالية ، ويموت التافهون الذين لا يعيشون إلا من أجل شهوات الفروج والبطون ..

قال الله جل في علاه : { كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ } ..

وقال : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ } ..

ستموت ..

نعم ستموت ..

إنها الحقيقة التي ..

نهرب منها دائماً ..

إنها الحقيقة التي ..

يسقط عندها ..

جبروت المتجبرين ..

وعناد الملحدين ..

وطغيان البغاة المتألهين ..


إنها الحقيقة التي ..

شرب من كأسها ..

العصاة ، والطائعون ..

وشرب من كأسها ..

الأنبياء ، والمرسلون ..

قال الله :{ وَ مَاْ جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الخُلْدَ أَفَإِنْ مِّتَّ فَهُمُ الخَاْلِدُونَ } ..

إنها الحقيقة التي ..

تعلن على مدى الزمان والمكان ..

في أذن كل سامع ..

وفي عقل كل عاقل ..

وفي قلب كل حيّ ..

أنَّ الكل سيموت ..

[b]أنَّ الكل سيموت إلا ذو العزة والجبروت .

قال الله جلَّ َفي شأنه : { كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ } ..

إنها الحقيقة التي ..

لا مفرَّ منها ولا مهرب طال الزمان أو قصر { قُلْ إِنَّ المَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلِى عَالِمِ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }..

نعم ..

إنه ملاقيكم ..

في أي مكان تكونون ستموتون

أيها القوي ..

أيها القوي الفتيّ..

أيها الذكي العبقري ..

أيها الأمير والكبير..

أيها الفقير والصغير ..

كل باكٍ سيُبكى ..

وكل ناعٍ سيُنعى ..

وكل مذخور سيفنى ..

وكل مذكور سيُنسى ..

ليس غير الله يبقى ..

من علا فالله أعلى ..

اعلم رعاك الله ..

أنه من عاش مات ..

ومن مات فات ..

وكل ما هو آتٍ آت ..

{ مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لآتٍ } ..

إنَّ حياتك ..

إنما تبدأ ..

بعد مماتك ..

يا ابن آدم أنت الذي ولدتك أمك باكياً ***** والناس حولك يضحكون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا***** في يوم موتك ضاحكاً مسروراً

اعلم بارك الله فيك ..

أن لا سبيل للخلود في هذه الحياة ..

اعلم بارك الله فيك ..

أن لا سبيل للخلود في هذه الحياة ..

فالكل سيموت ..

قال علي رضي الله عنه وأرضاه :

فلو أنَّ أحداً يجد إلى البقاء سلَّماً ..

أو لدفع الموت سبيلاً ..

لكان ذلك سليمان ابن دواد عليه السلام الذي سُخرَّ له مُلك الجنّ والإنس مع النبوة وعظم الزلفى ..

فلما استكمل أجله ومدته جاءته نبال الموت..

فأخذته ..

فأصبحت ..

الديار منه خالية ..

والمساكن معطلة ..

قال الله : { وَ لِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَ رَوَاحُهَا شَهْرٌ وَ أَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدِيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذَقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُوادَ شُكْرَاً وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ، فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيِهِ المَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأكُلُ مِنسَأتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الجِنُّ أن لَو كَانُوا يَعْلَمُونَ الغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي العَذَابِ المُهِينِ }

عباد الله..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

أعظكم ..

بالموت ، وسكراته ..

أعظكم ..

بالقبر ، وظلماته ..

أعظكم ..

بالموت ..

وكفى بالموت واعظاً ..

إنه ..

أعظم المصائب ..

وأشدُّ النوائب ..

سمَّاه الله لعظيم أمره مصيبة ، فقال سبحانه : { إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتُْكُم مُّصِيبَةُ المَوْتِ } ..

إنه المصيبة العظمى ..

والرزية الكبرى ..

ولا نجاة منه ..

ولا نجاة منه ..

إلا أن يكون العبد في دنياه ..

إلا أن يكون العبد في دنياه ..

لله طائعاً ..

وبشرعه عاملاً ..

إنها الساعة التي ..

تنكشف فيها الحقائق ..

وتتقطع فيها العلائق ..

ويتمنى الإنسان وليس له ما تمنى ، حينها { يَتَذَكَّرُ الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى ، يَقُولُ يَا لَيْتََني قَدَّمتُ لِحَيَاتِي } ..

إنها الساعة التي ..

يُعرف فيها المصير ..

إما إلى نعيم دائم ..

أو إلى عذاب مقيم ..

يقول أحدهم : شهدت ساعة احتضار أحد رفقائي العصاة ..

شهدت ساعة احتضار واحداً من رفقائي العصاة المدبرين عن الدين ، المضيعين لأوامر ربِّ العالمين ..

فسألته في ساعة احتضاره : كيف أنت ؟!..

سألته: كيف أنت ؟! ..

قال : سأدخل النار ..

قال : سأدخل النار أنا وفلان وفلان ، وأنت إن لم ترجع إلى الله ..

وأنت أيضاً ستدخل النار إن لم ترجع إلى الله ..

إنه الموت ..

أعظم المواعظ وأبلغها ..

وهو أول خطوة إلى الآخرة ..

فمن مات قامت قيامته ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( القبر أول منازل الآخرة ) .

فدارنا أمامنا ..

وحياتنا الحقيقية هي ..

بعد موتنا .

أين الأكاسرة ؟! ..

أين الجباربرة والعتاة الأُول ؟!

أخذ أموالهم سواهم ..

أخذ أموالهم سواهم والدنيا دول..

ركنوا إلى الدنيا الدنية ..

وتبوؤا الرتب السنية ..

حتى إذا فرحوا بها صرعتهم أيدي المنية ..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

كم ظالم تعدى وجار وما راعى الأهل ولا الجار!!.

أين من عقد عقد الإصرار ؟!..

حلَّ به الموت ..

فحلَّ من حلية الإزرار{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } ..

خرج المغرور من الدنيا ..

ما صحبه سوى الكفن ..

إلى بيت البلى والعفن ..

آه لو رأيته ..

قد حلَّت به المحن ..

وتغيَّر ذلك الوجه الحسن ..

أفق من سكرتك أيها الغافل ..

وتحقق أنك عن قريب راحل ..

يا سالكاً طريق الغافلين***** ويا راضياً بطريق الجاهلين
متى تُرى هذا القلب القاسي يلين ***** متى تبيع الدنيا وتشتري الدين
ليت شعري بعد الموت أين تذهب***** رحم الله من اعتبر وتأهب
ليت شعري بعد الموت أين تذهب***** رحم الله من اعتبر وتأهب

إني سألت الترب ما فعلت***** بعدي وجوه فيك متعفرة
فأجابني صيَّرت ريحهم ***** تؤذيك بعد روايح عطرة
وأكلت أجساداً منعمة ***** كان النعيم يهزها نضرة
لم يبقَ غيرُ جماجم تعرَّت***** بيض تلوح وأعظم نخرة

أين الحبيب الذي كان وانتقل ؟!..

أين كثير المال وطويل الأمل ؟!..

أما خلا كلٌّ في لحده مع العمل !!.

أين من تنعَّم في قصره ؟!..

أليس في قبره نزل!!..

آه لو تعلم ..

كيف غدا وصار ..

لقد سال في اللحد صديده ..

وبلى في القبر جديده ..

وهجره حبيبه ووديده ..

وتفرَّق عنه حشمه وعبيده ..

أين تلك المجالس العالية ؟! ..

وأين تلك العيشة الصافية الراضية ؟! ..

خلا والله بما صنع ..

وما أنقذه الندم وما نفع ..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

انتبهوا من رقادكم قبل الردى { أَيَحْسَبُ الإنسَانُ }{ أَيَحْسَبُ الإنسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدَىً }..

إنما هي ..

جنة ..

أو نار ..

إنما هي ..

جنة ..

أو نار ..

{ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأَبْصَارِ } ..

كأنك ..

لم تسمع بأخبار من مضى ..

ولم ترَ في الباقين ما يصنع الدهر ..

فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم..

فإن كنت لا تدري فتلك ديارهم ..

محاها مجال الريح بعدك والقبر..

أين الهمم المُجدَّة ؟! .

أين النفوس المستعدَّة ؟! .

أين المتأهبين قبل الشدة ؟! .

أين المتيقظ قبل انقضاء المدة ؟! .

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

إنَّ العاقل..

من راقب العواقب ..

والجاهل من مضى قُدُماً ولم يراقب..

كم يوم غابت شمسه وقلبك غائب ! ..

وكم ظلام أُسبل ستره وأنت في معاصي وعجائب ! ..

وكم أسبغ الله عليك وأنت على معاصيه تواظب ! ..

وكم صحيفة قد ملأتها بالذنوب والمَلَكُ كاتب !..

وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك من حولك وأنت ساه ولاعب !..

وكم أنذرك الموت يأخذ أقرانك وأنت ساه ولاعب !..

أفق من سكرتك ..

وتذكر نزول حفرتك ..

تذكرهجران الأقارب ..

وتذكر ..

إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَة ..

آه ..

لألسنٍ نطقت بالآثام ..

كيف غفلت عن قول ربَِّ الأنام { اليَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهمْ }..

آه ..

لأيدٍ امتدت إلى الحرام ..

كيف نسيت قول الملك العلام { وتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ }..

آه ..

لأقدامٍ سعت في الإجرام ..

كيف لم تتدبر{ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ }..

آه..

لأجساد تربَّت على الربا ..

كيف لم تفهم ( ما نبتَ على السُحت فالنار أولى به )..

رأى أحدهم قريباً له ميتاً في المنام ، فقال له : كيف أنت ، قال : ندمنا على أمر عظيم ..

ندمنا على أمر عظيم ..

نعلم ولا نعمل ..

وأنتم تعلمون ولا تعملون..

وأنتم تعلمون ولا تعملون..

والله ..

لتسبيحة أوتسبيحتان ..

أو ركعة أو ركعتان في صحيفة أحدنا أحبّ إلينا من الدنيا وما فيها ..

أين أثر المواعظ ..

أين أثر المواعظ والآيات في قلوبنا ؟!!! ..

أين أثر كلام الرحمن في حياتنا ؟!!! ..

اسمع رعاك الله ..

وتدَّبر الكلام ..

قال الله : { أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ ، ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُواْ يُوعَدُونَ ، مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَّا كَانُوا يُمَتَعُونَ } ..

تلا بعض السلف هذه الآيات وبكى ، وقال :

إذا جاء الموت ..

لم يُغني عن المرء ما كان فيه من اللذة والنعيم ..

يا ابن العشرين ..

كم مات من أقرانك وتخلَّفت ؟!..

يا ابن العشرين ..

كم مات من أقرانك وتخلَّفت ؟!..

يا ابن الثلاثين ..

أدركت الشباب فما تأسفت ؟!..

يا ابن الأربعين ..

ذهب الصبا وأنت على اللهو قد عكفت ؟!..

يا ابن الخمسين ..

أنت زرع قد دنا حصاده ..

أنت زرع قد دنا حصاده ..

لقد تنصّفت المئة وما أنصفت ؟!..

يا ابن الستين ..

هيا إلى الحساب فأنت على معترك المنايا قد أشرفت ؟!..

يا ابن السبعين ..

ماذا قدمَّت وماذا أخرت ؟! ..

يا ابن الثمانين ..

لا عذر لك فقد أُعذرت ؟!..

والله ..

وأقسم بالله ..

من حمل نعشاً اليوم ..

سيأتي يوم ويُحمل هو على الأكتاف ..

ومن دخل المقبرة اليوم زائراً ..

سيدخل يوماً ولن يخرج منها ..

ومن عاد إلى بيته اليوم ..

سيأتي يوم ولن يعود ..

ومن عاد إلى بيته اليوم ..

سيأتي يوم ولن يعود ..

كان عمر رضي الله عنه يردد دائماً ويقول :

كل يوم يقولون مات فلان ، ومات فلان ، وسيأتي يوم وسيقولون مات عمر ..

ومات عمر ، ولكن كيف مات !!..

مات عمر ولكن كيف مات !!..

تفكّروا أحبتي وتيقنوا..

تفكّروا أحبتي وتيقنوا ..

أنَّ الموت حقّ لا بدَّ منه..

قال عمر بن عبد العزيز لبعض العلماء : عظني ..

فقال :

لست أول خليفة تموت ..

قال : زدني ..

قال :

ليس من آبائك أحد إلى آدم إلا ذاق الموت ..

وسيأتي دورك يا عمر ..

وسيأتي دورك يا عمر ..

فبكى عمر وخرَّ مغشياً عليه .

كان أبو الدرداء يقول : إذا ذُكر الموتى فعُدَّ نفسك منهم ..

بنى ابن المطيع داراً..

فلما سكنها بكى ثم قال :

والله لولا الموت..

والله لولا الموت ..

لكنت بكِ مسروراً ..

ولولا ما تصير إليه من ضيق القبور ..

لقرَّت أعيننا بالدنيا ..

ثم بكى بكاءً شديداً حتى ارتفع صوته ..

في الصحيح :

( ما منكم من أحد إلا ويُعرض عليه مقعده بالغداة والعشي ) ..

( ما منكم من أحد إلا ويُعرض عليه مقعده بالغداة والعشي ..

إما مقعده في الجنة ..

أو مقعده في النار ..

فيُقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله )

وصدق من قال :

لا تبت وأنت مسرور ..

حتى تعلم عاقبة الأمور ..

تفكّروا وتيقنوا ..

أنَّ الأعمال بالخواتيم ..

فالخوف من سوء الخاتمة هو الذي ..

طيَّش قلوب الصديقين ..

وحيَّر أفئدتهم في كل حين ..

أسألك بالله ..

أما أقضَّ مضجعك هذا الخبر من سيد المرسلين والذي يقول فيه :

( والذي نفسي بيده..

إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلاَّ ذراع ..

فيسبق الكتاب فيعمل بعمل أهل النار (فيعمل بعمل أهل النار) ..

فيدخلها ..

و إنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع ..

فيعمل بعمل أهل الجنة ..

فيدخلها ..

وإنما الأعمال وبالخواتيم ) ..

نعم صدق الذي قال :

لا تبت وأنت مسرور ..

حتى تعلم عاقبة الأمور ..

نعود بالله ..

من الحور بعد الكور ..

ومن الضلالة بعد الهدى ..

ومن المعصية بعد التقى ..

يا مقلِّب القلوب ثبِّت قلوبنا على دينك

يا مقلِّب القلوب والأبصار ثبِّت قلوبنا على دينك..

الموت غيب ..

لايدري إنسان متى يدركه ..

لذا كان لا بدَّ من الاستعداد ..

قال أبو حازم : كل عمل تكره الموت من أجله فاتركه ثم لا يضرك متى متّ ..

آه لو تعلم بأحوال أهل القبور ! ..

كم من الموتى في قبورهم يتحسرون !..

وكم منهم يسأل الرجعة فلا يقدرون ! ..

أما قال الله :{ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَشْتََهُونَ } ..

ما قيمة الحياة ..

ما قيمة الحياة إذا لم تكن ..

في طاعة الله ..

والاستعداد للقائه ..

أما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( خيركم من طال عمره وحسُن عمله ، وشركم من طال عمره وساء عمله ) ..

قال ميمون بن مهران :

لا خير في الحياة إلا ..

لتائب ..

أو رجل يعمل في الدرجات ..

قال الله : { فََلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ }..{ فََلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعدُّ لَهُمْ عَدَّاً }..

إنَّ النَفَس قد يخرج ولا يعود ..

وإنَّ العين قد تطرف ولا تطرف الأخرى إلا بين يدي الله عز وجل ..

قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تبارك وتعالى : { إِنَّمَا نَعدُّ لَهُمْ عَدَّاً }، قال : نعد أنفاسهم في الدنيا ..

قال : نعد أنفاسهم في الدنيا ..

وتدبَّر في قوله تبارك وتعالى : { الَّذِي خَلَقَ المَوْتَ والحَيَاةََ } فقدَّم الموت على الحياة تنبيهاً على أنَّ ..

الحياة الحقيقية هي الحياة بعد الموت ..

عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( اللهم من آمن بك وشهد أني رسولك ..

فحبب إليه لقاءك ..

وسهِّل عليه قضاءك ..

وأقلل له من الدنيا ..

ومن لم يؤمن بك ولم يشهد أني رسولك ..

فلا تحبب إليه لقاءك ..

ولا تسهِّل عليه قضاءك ..

وأكثر له من الدنيا ) ..

والناس في الدنيا عباد الله ..

ثلاثة :

والناس في الدنيا عباد الله ..

ثلاثة :

إما منهمك في الدنيا ، مكبٌّ على غرورها ، محبٌّ لشهواتها ..

وإما تائب مبتدي ..

وإما عارف منتهي ..

فأما المنهمك ..

فلا يذكر الموت ..

ويغفل عنه ..

وإذا ذُكر عنده كره ذكره ..

لأنه سيقطع لذته ..

ويقطع شهوته ..

مسكين ..

سيموت لا محالة شاء أم أبى ..

وأما التائب ..

فإنه يكثر من ذكر الموت ..

ويحذر منه خوف أن يتخطفَّه قبل تمام التوبة والتزوّد من الزاد ..

فلا بأس على هذا ..

فلا بأس على هذا فهو في طريقه للاستعداد.

وأما العارف ..

فإنه يذكر الموت دائماً ..

لأنه موعد لقاء حبيبه ..

والمحب لا ينسى قط موعد لقاء الحبيب..

قال حذيفة لما حضرته الوفاة : حبيب جاء على فاقة ..

حبيب جاء على فاقة لا أفلح من ندم .

فالموت ..

هائل ..

وخطره عظيم ..

والناس في غفلة عنه لقلة تفكرهم وذكرهم له ..

والموت فاذكره وما وراءه***** فما لأحدٍ عنه براءة
وإنه للفيصل الذي به***** يُعرف ما للعبد عند ربه

نعم ..

ربما نذكر الموت ولكن بقلوب غافلة ..

ربما نذكر الموت ولكن بقلوب غافلة ..

فليتك تقف على القبر..

فليتك تقف على القبر ..

وتذكر أقرانك الذين مضوا قبلك ..

تأمل أحوالهم تحت التراب ..

كيف تبددت أجزاؤهم في قبورهم ..

وكيف ترمَّلت نساؤهم ..

وتيتَّمت أولادهم من بعدهم ..

وقُسمَّت أموالهم ..

وخلت منهم مساجدهم ومجالسهم ..

وانقطعت آثارهم ..

وأنت على هذا الطريق تسير ..

والله لن تخرج الأرواح ..

والله لن تخرج الأرواح من الدنيا ..

حتى تسمع إحدى البُشريين :

إما أبشر يا عدو الله بالنار ..

أو أبشر يا وليَّ الله بالجنة ..

والله لن تخرج الأرواح من الدنيا ..

حتى تسمع إحدى البشريين :

إما أبشر يا عدو الله بالنار ..

أو أبشر يا وليَّ الله بالجنة ..

فإن أردت حسن الختام..

فالزم الاستقامة ..

واعلم أنها أعظم الكرامة ..

أما قال الله : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا } ..

وإياك ..

إياك من ..

التسويف ..

وطول الأمل ..

فوالله أكثر بكاء أهل النار من ..

سوف ..

ولعل ..

وعسى ..

اعلم بارك الله فيك ..

أنَّ كل شيء تفعله باختيارك إلا الموت ..

إلا الموت فلا خيار لك..

ستموت ..

شئت ..

أم أبيت ..

قال الحسن :

فاتق الله يا ابن آدم ..

لا تجتمع عليك خصلتان ..

سكرة الموت ..

وحسرة الفوت والندامة ..

والذي نفسي بيده ..

إنَّ غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة ..

والذي نفسي بيده ..

إنَّ غاية أمنية الموتى في قبورهم حياة ساعة يستدركون فيها ما فاتهم ..

بتوبة ..

وعمل صالح ..

فماذا أعددت لذلك اليوم ؟!..

فماذا أعددت لذلك اليوم الذي ..

ستوسد فيه التراب ..

وستفارق فيه الأهل والأصحاب ؟!..

عن ابن شهاب الزهري أنَّ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لما حضرته الوفاة دعا بخَلَق جبة له من صوف ، فقال : كفنوني فيها فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ، وإنما كنت أخبؤها لهذا اليوم ..

فإني لقيت المشركين فيها يوم بدر ، وإنما كنت أخبؤها لهذا اليوم ..

لله درَّك يا سعد وما أحلى كلامك !..

يقول ابنه مصعب : لقد كان رأس أبي في حجري وهو يقضي ـ يعني يحتضر ـ فرفع رأسه إليَّ فقال : أي بنيّ ما يبكيك ، قلت : لمكانك وما أرى قد حلَّ بك ، قال :لا تبكِ فإنَّ الله لا يعذبني أبداً ..

قال :لا تبكِ فإنَّ الله لا يعذبني أبداً ..

وإني من أهل الجنة ..

قال الذهبي : صدق والله ..

قال الذهبي : صدق والله ..

أليس هو من العشرة المبشرين.

أولئك أصحاب النبي وحزبه***** ولولاهمُ ما كان في الأرض مسلمُ
ولولاهمُ كادت تميد بأهلها***** ولكن رواسيها وأوتادها همُ
ولولاهمُ كانت ظلاماً بأهلها***** ولكن همُ فيها بدورٌ وأنجمُ

قال تعالى :{ وَ جَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالَحقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تََحِيدُ }..

قال ابن كثير : يقول الله عز وجل { وَ جَاءَتْ } أيها الإنسان { سَكْرَةُ المَوْتِ بِالَحقِّ } : أي كُشفت لك عين اليقين الذي كنت تمتري فيه ..{ ذَلكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تََحِيدُ } : أي هذا هو الذي كنت منه تفر قد جاءك فلا محيد ولا مناص ولا فكاك ولا خلاص ..

{كَلا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ،وَقِيْلَ مَنْ رَاقٍ،وَظَنَّ أِنَّهُ الفِرَاقُ،وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ } ..

يطلب أهلك الأطباء علهم ينقذونك أو يساعدونك ..

إنَّ الطبيب له علم يدّلُّ به***** ما كان للمرء في الأيام تأخير
حتى إذا ما انتهت أيام رحلته***** حار الطبيب وخانته العقاقير

{ فَلَولا إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ }..

فيا لها من ساعة لا تشبهها ساعة ..

يتألم فيها أهل التقى ..

فكيف بأهل الإضاعة ؟!..

يتألم فيها أهل التقى ..

فكيف بأهل الإضاعة ؟!..

فتخيل نفسك عبد الله ..

في نزع الموت ..

وكربه ..

وغصصه ..

وسكراته ..

وغمّه ..

وآهاته ..

وقد بدأ المَلك ..

يجذب روحك من قدمك ..

وبدأت الروح تخرج من أعضائك عضواً عضواً ..

فبردت القدمان ..

ثم بردت اليدان ..

ثم يبست الشفتان ..

وشخصت العينان ..

ثم بلغت الحلقوم { فَلَولا إِذَا بَلَغَتِ الحُلْقُومَ ، وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } ..

أما يوم الجنائز ..

فيوم راحة للطيبين ..

ويوم راحة من العصاة والكافرين ..

عن أبي قتادة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مُرَّ عليه بجنازة فقال :

( مستريح أو مستراح منه ) ..

قالوا يا رسول الله : ما المستريح وما المستراح منه ؟ ..

قال :

( العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله ..

والعبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب ) ..

فكم آذاهم بمعاصيه ..

فكيف حالك !!

فكيف سيكون حالك إذا ..

على اللوح وضعوك ..

وأخذوا بتغسيلك وتقليبك ..

وأنت لا تملك من الأمر شيئاً ..

ثم كيف أنت إذا ..

حُملت على الرقاب ..

بماذا ستُبَّشر ؟!..

وبماذا ستُنادى ؟!..

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( إذا وُضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم ..

فإن كانت صالحة قالت : قدموني ..

وإن كانت غير صالحة قالت : يا ويلها ( يا ويلها ) أين يذهبون بها ؟!..

يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان ولو سمعها لصعق )..

اسمع ..

ما لأرواح المؤمنين المطيعين من البشارات عند الموت ..

أولها وأعظمها ..

سلام الله عليه يبلغه إياه مَلَك الموت ..

ثم يُبشره مَلَك الموت برَوْحٍ وريحان ..

فيعلم مكانه من الجنة قبل موته ..

ثم تتابع البشارات ..

فيرى ملائكة الرحمة بوجوههم الطيبة ..

وتخرج روحه بسهولة ..

ويشهد خروج الروح ملأٌ من الملائكة معهم ..

كفنٌ من أكفان الجنة ..

وحنوطٌ من حنوط الجنة ..

ثم تفوح منه أطيب الروائح ..

وتناديه الملائكة بأحبّ الأسماء ..

ثم يشيعه ملائكة السماء إلى السماء ..

حتى تصل الروح إلى السماء السابعة ..

ثم تبكي عليه بقاع الأرض ..

ثم تبكي عليه بقاع الأرض التي سار ومشى عليها ..

وتبكي عليه أبواب السماء التي كان يعرج منها عمله الصالح ..

ثم أعظم الكرامات ..

يوم أن تصل روحه إلى السماء السابعة ينادي الرحمن :

أن صدق عبدي ..

فاكتبوا كتابه في عليين ..

وأعيدوه إلى الأرض ..

فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى ..

أما أرواح العصاة والكافرين ..

فحسرات وندامات : { حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَا يَشْتََهُونَ }..

فتتابع ..

الحسرات ..

والمخازي ..

والندامات ..

أولها ..

طلب الرجوع ..

أولها طلب الرجوع فلا يستجاب لهم : { حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ المَوْتُ قََالَ رَبِّ ارْجِعْونِ } ..

ثم إذا عاين مَلَك الموت وملائكة العذاب : { يَوْمَ يَرَونَ المَلائِكَةَلا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلِمُجْرِمينَ وَيَقُولُونَ حِجْرَاً مَحْجُورَاً }..

ثم يبدأ القرع والتوبيخ : { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفََّتْهُمُ المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْباَرَهُمْ } ، { إِذْ يَتَوَفَّى الّذَِيِنَ كَفَروا المَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَ أَدْباَرَهُمْ وَ ذُوقُوا عَذَابَ الحَرِيق ، ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيسَ بِظَّلامٍ لِلِعَبيدِ }..

ثم يقال له : يا أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ..

اخرجي ذميمة ..

وأبشري بحميم وغسَّاق وآخر من شكله أزواج ..

تُنزع روحه حتى تتقطع العروق والأعصاب ..

ثم تلعنه الملائكة ..

وتغلق دونه أبواب السماء ..

ويُنادى بأقبح الأسماء ..

وتخرج منه أنتن الروائح ..

ثم يُنادى :

أن كذب ..

فاكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى ..

ويا له من سجين ..

ويا له من سجن وحبس ضيق مع حزب الشيطان .

فأي خسارة أعظم من هذه الخسارة!!! ..

يرى مقعده من النار ..

ويُضيَّق عليه في قبره ..

ويصيح بأعلى صوته :

ربِّ لا تُقم الساعة ..

ربِّ لا تُقم الساعة ..

إني أبدأك من حديثي***** والحديث له شجونُ
فارقتُ موضع مرقدي ***** يوماً ففارقني السكونُ
القبر أول ليلةٍ بالله***** قل لي ما يكونُ

قال عبد الله بن العيزار :

لا بدَّ لابن آدم من بيتين ..

بيت على ظهر الأرض ..

وبيت في بطن الأرض ..

فعمد إلى الذي على الأرض فزخرفه وزينه ..

وجعل فيه أبواباً للشمال ..

وأبواباً للجنوب ..

وضع فيه ما يصلحه لصيفه وشتائه ..

ثم عمد إلى الذي في بطن الأرض ..

فخرَّبه ودمَّره ..

ثم أتى عليه آتي فقال :

أرأيت هذا البيت !..

أرأيت هذا البيت الذي أراك قد أصلحته ..

كم تقيم فيه ؟!..

كم ستقيم فيه ؟! ..

قال : لا أدري ..

قال : فهذا الذي خربته كم تقيم فيه ؟! ..

قال : هنا مقامي ..

فقال: تقرّ بهذا !..

تقرّ بهذا وتدّعي أنك عاقل ..

والله ..

لو علم أهل العافية ..

ما تضمنته القبور من الأجساد البالية ..

لجدّوا واجتهدوا في أيامهم الغالية ..

خوفاً ليوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ..

تنبَّه قبل الموت إن كنت تعقلُ***** فعمَّا قريب للمقابر تُحملُ
وتمسي رهيناً في القبور وتنثني***** لدى جدثٍ تحت الثرى تتجندلُ
فريداً وحيداً في التراب وإنما***** قرين الفتى في القبر ما كان يعملُ
دعي اللهو نفسي واذكري حفرة***** البِلى وكيف بنا دودُ المقابر يفعلُ
إلى الله أشكو لا إلى الناس حالتي***** إذا صرت في قبري وحيداً أُململُ

قال مالك بن دينار: كنا مع الحسن في جنازة فسمع رجلاً يقول لرجل :

من هذا الميت ؟!..

قال الحسن : هذا أنا وأنت ..

قال الحسن : هذا أنا وأنت رحمك الله ..

فأي موعظة هذي ..

لو كان بالقلوب حياة ..

ولكن...

أسمعت لو ناديت حيَّاً..

ولكن ..

أسمعت لو ناديت حيَّاً ..

ولكن لا حياة لمن تنادي ..

أفق من سكرتك قبل حسرتك ..

وتذكر نزول حفرتك ..

وهجران الأقارب ..

وانهض عن بساط الرقاد ، وقل :

أنا تائب ..

وبادر تحصيل الفضائل ..

قبل فوت المطالب..

فالسائق حثيث ..

والحادي مُجدّ ..

والموت طالب ..

اسألوا المقابر عن سكانها ..

اسألوا المقابر عن سكانها ..

واسألوا اللحود عن أهلها ..

هل بعد الشباب إلا الهرم ؟! ..

وهل بعد الصحة إلا السقم ؟! ..

أنتم اليوم في الدور ..

وغداً ستكونون من سكان القبور ..

أنتم اليوم في الدور ..

وغداً ستكونون من سكان القبور ..

فيا أيها ..

المغتر بصحته ..

أما رأيت ميتاً من غير سقم !..

وأيها ..

المغتر بطول المهلة ..

أما رأيت مأخوذاً من غير علة !..

والله ..

ستبيت في القبر وحدك ..

وسيباشر التراب خدك ..

وستنهش الديدان لحمك وعظمك ..

وستبقى رهين عملك ..

فاعتبر بمن مات قبلك ..

وربي ستندم ..

وربي ستندم ..

على تفريطك في صلواتك..

وربي ستندم ..

على تفريطك في صلواتك ..

وستندم ..

على ضياع أوقاتك ..

ولن ينفعك الندم ..{ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيْهِ مِنْ تَذَكَّرُ وَجَاءْكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلِظَالِمينَ مِنْ نَصِيرٍ }.. { أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيْهِ مِنْ تَذَكَّرُ وَجَاءْكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلِظَالِمينَ مِنْ نَصِيرٍ }..

تزوَّد من الذي لا بدَّ منه***** فإنَّ الموت ميقات العباد
وتبّ مهما جنيت وأنت حيٌّ***** وكن متنبهاً قبل الرقاد
ستندم.. ستندم إذا رحلت بغير زادٍ***** وستشقى عندما يناديك المناد
أترضى أن تكون رفيق قومٍ***** لهم زادٌ وأنت بغير زاد

قال الحارث بن إدريس :

قلت لداود الطائي : أوصني ..

قال :

عسكر الموت ينتظرونك ..

قلت : أوصني ..

قال : عسكر الموت ينتظرونك ..

ما أبلغ مواعظهم وما أوجزها..

كان زيد النميري يقول :

لو كان لي من الموت أجل أعرف مدته ..

لكنت حرياً بطول الحزن والكمد حتى يأتيني وقته ..

لو كان لي من الموت أجل أعرفه ..

لكنت حرياً بطول الحزن والكمد حتى يأتيني وقته ..

فكيف وأنا لا أعلم متى أموت!!!..

فكيف وأنا لا أعلم متى أموت في الصباح أم في المساء !!!..

آخر الكلام ..

إن كان لك قلب ..

آخر الكلام ..

إن كان لك قلب ..

قال عبد الرحمن بن يزيد - وكان له حظٌ من دين وعقل - قال لبعض أصحابه الغافلين :

يا أبا فلان الحال التي أنت عليها ترضاها للموت..

الحال التي أنت عليها أترضاها للموت ..

قال : لا ..

قال : فهل نويت التحويل إلى حال ترضاها للموت ..

قال :لا ، ما تاقت نفسي إلى ذلك بعد ..

قال : فهل بعد الموت دار فيها معتمل ..

قال : لا ..

قال : فهل تأمن أن يأتيك الموت وأنت على هذه الحال ..

قال : لا ..

قال : والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال..

والله ما رأيت عاقلاً يرضى بهذه الحال..

أليس هذا هو حالنا ؟! ..

أليس هذا هو حالنا ..

وحال أكثرنا..

نومٌ عن الصلوات ..

وتجرأ على المعاصي والمنكرات ..

سؤال أخير ..

أسألك إياه :

هل أنت راضٍ عن حالك ؟!..

وهل أنت مستعد للموت لو أتاك اليوم ؟! ..

هل أنت مستعد ؟!..

يا غافلاً تتمادى..

غداً عليك يُنادى ..

خذ الوصية ..

من سيد المرسلين ..

قبل فوات الأوان..

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجلٍ وهو يعظه :

( اغتنم خمساً قبل خمس ) ( اغتنم خمساً قبل خمس :

اغتنم شبابك قبل هرمك ..

وصحتك قبل سقمك ..

وغناك قبل فقرك ..

وفراغك قبل شغلك ..

وحياتك قبل موتك ) ..

فأنت في زمن الإمكان ..

فأنت في زمن الإمكان ..

أصلح ما بقي ..

يُغفر لك ما مضي وما بقي ..

وإلا ..

ستُأخذ بما مضي وما بقي ..

متى سنعرف قيمة الحياة !!!..

متى نعرف قيمة الحياة !!!..

إذا عاينا الموت ..

إذا عاينا الموت ..

عرفنا قيمة الحياة ..

نُنادي حينها فلا يستجاب لنا ..

فاتقوا الله عباد الله ..

اتقوا الله عباد الله ..

واعتبروا بمن مضى من القرون وانقضى ..

واخشوا مفاجأة القضا ..

اللهم أعنا على الموت وسكراته والقبر وظلماته ، ويوم القيامة وكرباته ..

اللهم امنن علينا بتوبة نصوح قبل الموت ، وبشهادة عند الموت ، وبرحمة بعد الموت

يا رب العالمين ..

اللهم اجعلنا من التوابين واجعلنا من المتطهرين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ..

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، كره إلينا الكفر والفسوق والعصيان

اجعلنا يا ربنا من الراشدين ..

اللهم اجعل خير عمرنا آخره ، وخير عملنا خواتيمه ، وخير أيامنا يوم نلقاك ..

اللهم اجعل خير أيامنا يوم نلقاك ..

اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا و لا مبلغ علمنا ..

اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين .. اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين .. اللهم اغفر لموتانا وموتى المسلمين ..

اللهم نوّر على أهل القبور قبورهم.. اللهم نوّر على أهل القبور قبورهم.. اللهم نوّر على أهل القبور قبورهم ..

اللهم اغفر لهم ، وارحمهم ، ويسر أمورهم ..

اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه تحت التراب وحدنا..

اللهم لاتحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ..

يا حيّ يا قيّوم ..

اغفر لوالدينا ووالد والدينا ولكل من له حق علينا يا ذا الجلال والإكرام ..

آمنا في أوطاننا ، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا ، اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ربَّ العالمين..

انصر من نصر الدين ، واخذل من خذل عبادك الموحدين..

انصر المجاهدين في سبيلك الذين يقاتلون من أجل إعلاء كلمة دينك ..

انصر من نصرهم ، واخذل من خذلهم ..

قوي عزائمهم ..

اربط على قلوبهم..

أفرغ عليهم صبراً ..

ثبِّت الأقدام ..

فك أسرانا وأسراهم يا ربَّ الأنام ..

اللهم انتقم لقرآننا ..

اللهم انتقم لقرآننا ..

اللهم انتقم لقرآننا ..

يا ربَّ العالمين ..

اللهم عليك باليهود ومن هاودهم ، والنصارى ومن ناصرهم ، والشيوعيين ومن شايعهم اللهم عليك بهم وبأعوانهم إنهم لا يعجزونك، و لا يخفون عليك

يا عليم ، يا خبير ، يا قوي ، يا عزيز ..

نذرأ بك في نحورهم ونعود بك اللهم من شرورهم ..

ربَّنا ظلمنا أنفسنا وإلا تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين

أستغفر الله العظيم

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
قديم 21 - 9 - 2014, 12:43 AM   #100



 عضويتي » 2702
 جيت فيذا » 15 - 12 - 2012
 آخر حضور » 2 - 11 - 2014 (08:40 PM)
 فترةالاقامة » 4395يوم
مواضيعي » 203
الردود » 4733
عدد المشاركات » 4,936
نقاط التقييم » 145
 ابحث عن » مواضيعي ردودي
تلقيت إعجاب » 0
الاعجابات المرسلة » 0
 المستوى » $51 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتى الحبيبه
جنسي  »
العمر  » سنة
الحالة الاجتماعية  »
مشروبى المفضل  » مشروبى المفضل
الشوكولاته المفضله  » الشوكولاته المفضله
قناتك المفضلة  » قناتك المفضلة
ناديك المفضل  » ناديك المفضل
سيارتي المفضله  » سيارتي المفضله
 
الوصول السريع

عرض البوم صور بحـہة بكـى عرض مجموعات بحـہة بكـى عرض أوسمة بحـہة بكـى

عرض الملف الشخصي لـ بحـہة بكـى إرسال رسالة زائر لـ بحـہة بكـى جميع مواضيع بحـہة بكـى

اصدار الفوتوشوب : My Camera:

بحـہة بكـى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية



بسم الله الرحمن الرحيم



إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ..

ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ..

من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاْ تَمُوتُنَّ إِلاّ وَأنتُمْ مُسلِمُونَ }..

{ يَآ أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُم رَقِيباً }..

{ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً ، يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً }..

أما بعد :

فإنَّ أصدق الحديث كلام الله ..

وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم ..

وشرَّ الأمور محدثاتها ..

وكل محدثة بدعة ..

وكل بدعة ضلالة ..

وكل ضلالة في النار ..



عباد الله ..

كان بين العرب قبل الإسلام أشياء مشتركة كثيرة ..

كاللغة والعادات والتقاليد وغيرها ..

ولكنها لم تربط بينهم ..

بل كانوا في عداوة وحروب طاحنة لا يعلمها إلا الله ..

فكان لا بدَّ من آصرة ورابطة تجمع ذلك الاختلاف وتؤلف بينه ..

فجعل الإسلام رابطة العقيدة هي الأساس الأول ..

هي الأساس الأول في ارتباط الناس وتآلفهم ..

كما أقرَّ بعض الأواصر الأخرى التي لا تخالف الدين ..

فحافظ الإسلام على التقسيم القبلي ..

ولكنه فرغه من العصبية ، والتعالي ، والأحقاد ..

ورفع الإسلام شعار ..

أن الناس عند الله سواسية كأسنان المشط ..

وأن قيمة الناس عند الله ..

بتقواهم ، وإيمانهم ..

لا بأحسابهم ، ولا بأنسابهم ..

{ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } ..

وقال أيضاً جل في علاه : { وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى} ..

ويوم أن ودّع ؛ نبي الأمة ؛ الأمة في حجة وداعه قام فيهم خطيباً صلى الله عليه وسلم وقال :

( يا أيها الناس ..

إن ربكم واحد ..

وإن أباكم واحد ..

ألا لا فضل لعربي على أعجمي ..

ولا لعجمي على عربي ..

ولا لأحمر على أسود ..

ولا لأسود على أحمر ..

إلا بالتقوى ..

ألا هل بلغت ) ..

قالوا : بلى ..

قال : ( اللهم فاشهد ) ..

نعم عباد الله ..

كانت الحياة قبل بعثته صلى الله عليه وسلم ظلاماً ، ولا يجهل ذلك أحد ..

وكان الظلم ولم يكن غيره ، ولا يشك في ذلك أحد ..

كان الحق للقوة ..

والعدل للرجل لا للمرأة ..

ومع البعثة ..

ولدت الحياة وارتوى الناس بعد الظمأ ..

لما أطل محمد زكت الربا *****واخضر في البستان كل هشيم

فكانت بعثته صلى الله عليه وسلم ..

إعلان لإهلاك الطاغوت ، والطغاة ..

وولادة فجر جديد ..

شعاره ..

العدل ..

الذي لا يتحقق إلا إذا ..

عُبَد الله وحده ..

وحُكِّم في الناس شرعه ..

يقول جعفر رضي الله عنه للنجاشي يوم أن حاوره وناظره :

أيها الملك ..

كنا قوماً أهل جاهلية ..

نعبد الصنام ..

ونأكل الميتة ..

ونأتي الفواحش ..

ونقطع الأرحام ..

ونسيء الجوار ..

يأكل القوي منا الضعيف ..

فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولاً منا ..

نعرفه ..

ونعرف نسبه ..

ونعرف صدقه وأمانته ..

ونعرف عفافه ..

قال الله : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ } ..

جاء الإسلام ..

ليوحد الصفوف ..

ويؤلف القلوب ..

وينبذ أمور الجاهلية ..

ومن تلك الأمور ..

بل من أخطرها ..

النعرات الجاهلية ..

والتعصبات القبلية ..

فخر بالأحساب ..

وطعن بالأنساب ..

فأصبح الناس يتعاظمون ، ويتفاخرون ، ويتكبرون على الناس ..

بعرض مناقب الآباء ومآثرهم ..

عباد الله ..

إن الإسلام نهى عن الفخر ولو كان بحق ..

فكيف إذا كان بغير حق ..

قال تعالى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً } ..

وقال صلى الله عليه وسلم :

( إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد ، ولا يبغي أحد على أحد ) ..

أليس هو صلى الله عليه وسلم سيد البشر ، وسيد المرسلين ، ومع هذا يقول لنا :

( أنا سيد ولد آدم ولا فخر ..

وأنا أول من تنشق الأرض عنه ولا فخر ..

وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر ..

ولواء الحمد بيدي يوم القيامة ولا فخر ) ..

و ياليت الذين يفتخرون بأبائهم ..

قدّموا ولو شيئاً يسيراً مما قدّم آبائهم وأجدادهم من فتوحات وبطولات !!..

فالذي يفتخر بالمجد ..

لا بد أن يسير على هذا المجد بالأفعال ، وليس بالأقوال ..

وصدق المتنبي حين قال :

ليس الفتى من قال هذا أبي ***** إنما الفتى من قال ها أنا ذا

كم نرى ونسمع دعاة الجاهلية يتبجحون بالكلام ..

وهم لا يساوون عند الله جناح بعوضة ..

ما ضرَّ سلمان أنه فارسي ، ما دام تقي ..

وهو الذي أشار على النبي صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق ..

ما ضرَّ بلال أنه حبشي ، ما دام تقي ..

فلقد كان مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم ومن أقربهم عنده مجلساً ..

وما ضرّ عكرمة بن أبي جهل أنَّ أباه فرعون الأمة ..

فلقد كان من فضلاء الصحابة وممن أبلى بلاءً حسناً ..

وما ضرّ خالد بن الوليد أنَّ أباه أحد رؤوس الضلالة ومن كبار المستهزئين بكتاب ربّ العالمين ..

بل كان ذراع النبي صلى الله عليه وسلم الأيمن وسيفه المسلول ..

وما ضرّ أبا عبيدة أنَّ أباه أحد المشركين المعادين للدين ..

ولم يضره أبداً فهو أحد العشرة المبشرين بالجنة ..

فكل هؤلاء ..

من خيرة خلق الله ..

وممن باعوا أنفسهم ابتغاء مرضاة الله ..

أفيحق أن يُقال لهؤلاء :

ما هو أصلكم ، وفصلكم حتى نلبسهم لباس الشرف وتاج السيادة ..

وهل يُفتخر بالكفار والمشركين أصلاً !..

وفي المقابل عباد الله ..

لم ينتفع أبو طالب من كونه عمّ للنبي صلى الله عليه وسلم وممن يدافعون عنه بكل قوة ، فهو من أهل النار ..

وكذا أبو لهب عمّ النبي صلى الله عليه وسلم الذي تبَّت يداه ..

بل هل انتفع كنعان من كون أبيه نوح عليه الصلاة السلام !!..

بل هل يصح أن ننتقص رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحداً من صحابته لأنَّ آباؤهم أو أعمامهم كانوا كفاراً من أهل النار ..

لعمر الله ما الإنسان إلا بدينه ***** فلا تترك التقوى اتكالاً على النسب

لقد رفع الإسلام سلمان فارس***** وقد وضع الشرك النسيب أبا لهب

فالإنسان يوزن ويقيّم ..

بدينه وإيمانه ..

لا بنسبه ..

وأنت يا عبد الله ..

لن تُسأل يوم القيامة عن نسبك ..

وإنما ستُسأل :

من ربك ؟؟ ..

ومن نبيك ؟؟ ..

وما دينك ؟؟ ..

فـأعدد للسؤال جواباً ..

وكثير من الشباب اليوم أفنى شبابه ..

في البحث عن نسبه ..

والطعن في نسب الآخرين ..

اعلم رعاك الله ..

اعلم رعاك الله ..

إنَّ أول من افتخر ب حسبه وبأصله و وطعن في أصل الاخرين ..

هو إبليس ..

فهو أسوة ..

للمفتخرين بالأحساب ..

وللطاعنين في الأنساب ..

هو الذي قال متكبراً ومتعاظما لما أمره ربه بالسجود لآدم عليه الصلاة والسلام { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ }..{ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } ..

ولقد أخبر صلى الله عليه وسلم أنَّ ..

الفخر بالأحساب ..

والطعن بالأنساب ..

من خصال أهل الجاهلية يا أهل الإيمان ..

أخبر أن ذلك من خصال أهل الجاهلية يا أهل الإيمان ..

عند مسلم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

( أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن ..

الفخر في الأحساب ..

والطعن في الأنساب ..

والاستسقاء بالأنواء ..

والنياحة على الميت ) ..

افهم الكلام !!..

أما قوله صلى الله عليه وسلم :

( لا يتركونهن ) : لا يعني أنه لا يُنكر ذلك على الناس ..

معناه : أنه لا يُترك الناس على ذلك ..

بل لا بد من بيان الحق ..

وإزهاق الباطل ..

لأن السكوت على ذلك ..

سبب لانتشار الفتن ، والأحقاد في المجتمع ..

عند أبي داود في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :

( إن الله قد أذهب عنكم عبية أهل الجاهلية _ أي تكبر أهل الجاهلية _ أذهب عنكم عبية أهل الجاهلية وفخرها بالآباء ، مؤمن تقي ؛ وفاجر شقي ، أنتم بنو آدم ..أنتم بنو آدم ؛ وآدم من تراب..

ليدعنّ رجال من فخرهم بأقوامم إنما هم من فحم جهنم

أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ) ..

بل أسألكم بالله ..

أسأل كل واحد منا ..

هل أنت اخترت أن تكون :

فلان ابن فلان ؟؟ ..

أو اخترت القبيلة أو العائلة التي أنت منها ؟؟..

سبحان الله ..

إنه اختيار الله ..

إنه اختيار الله ..

فكيف نطعن بأمر الله واختياره ..

أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند ؛ قال صلى الله عليه وسلم :

( انتسب رجلان على عهد موسى عليه الصلاة والسلام ..

فقال أحدهما : أنا فلان ابن فلان ؛ حتى عدَّ تسعة منهم ..

ثم قال للآخر : فمن أنت لا أم لك ؟!..

فقال الآخر : أنا فلان ابن الإسلام ..

فقال الآخر : أنا فلان ابن الإسلام ..

فأوحى الله تبارك وتعالى إلى موسى عليه الصلاة والسلام أن قل لهذين المنسبين :

أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم ..

أيها المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم ..

وأما أنت المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة ) ..قال الهيثمي في مجمع الزوائد : رجاله رجال الصحيح ..

عباد الله ..

وهذه الخصلة من نعرات الجاهلية وتعصبات القبلية لا يزال لها وجود وانتشار بين كثير من المسلمين ..

وكثير منهم لا يشعر بأنه واقع فيها ..

لأنها _ ويا للأسف _ صارت من المألوفات عندهم في المجتمعات ..

فما أكثر ما نسمع ويسمع الناس من يتغنى بأمجاده وأمجاد آبائه ..

بل ويتعالى بها عليهم ..

بل ما أكثر ما نسمع من يتمدح ويتشدق بفعل آباء لا يُعرف عنهم سوى الفجور الطغيان ..

ولو سلمنا من الفخر بالأحساب ..

لم نسلم من الطعن في الأنساب ..

والمراد بالطعن في الأنساب : الوقوع فيها بالعيب والنقص ..

كقولهم هذا ليس من آل فلان ..

أو آل فلان ليس نسبهم جيداً ، أو لاأصل لهم !!..

عجيبٌ أمرهم !! ..

إن لم يكن لهم أصل .. فمن أين أتوا ؟؟!!..

إن لم يكن لهم أصل .. فمن أين أتوا ؟؟!!..

أليس ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) ..

أفيقوا أيها الناس ..

ولما عيَّر أبو ذر بلالاً رضي الله عنه بأمه قائلاً له : يا ابن السوداء ..

قال له صلى الله عليه وسلم غاضباً منتصراً للحق :

( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ..

( إنك امرؤ فيك جاهلية ) ..

نعم عباد الله ..

فكيف يعير الناس بالعصبيات والعنصريات والألوان ..

هل اختار فلان أن يكون أبيضا ؟!..

أو اختار فلان أن يكون أسوداً ؟!..

الله { يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ } ..

تأثر أبو ذر وتحسر ، وتندم يوم أن قال ما قال ..

يقول رضي الله عنه : وددت والله لو ضُرب عنقي بالسيف ، وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ..

ويضع أبو ذر خده على التراب ويقول :

لن أرفع خدي حتى تضع قدمك عليه يا بلال ..

يريد أن يكسر تكبر الجاهلية وعنجهيتها وأن يزيح الظلام ..

فيبكي بلال وتذرف عيناه الدموع ويقول :

يغفر الله لك يا أبا ذر ..

يغفر الله لك يا أبا ذر ..

والله ما كنت لأضع قدمي على جبهة سجدت لله تعالى ..

فيعتنقان ، ويبكيان ، وذهب ما في قلوبهما ..والخبر عند البخاري ..

كانوا إذا ذُكّروا تذكروا ..

وعند حدود الله وأومره واقفين ..

من هو بلال !!..

من هو بلال !!..

اسمع ما يقول عمر رضي الله عنه وأرضاه ..أبو بكر سيدنا وأعتق بلالاً سيدنا ..

اسمع عمر القرشي المخزومي يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق بلالاً سيدنا ..

عباد الله ..

لا يُفهم من الكلام هذا أنَّ الدين ضد معرفة الأنساب والأمجاد ..

لا والله .. فلا حرج على الإنسان أن يعرف نسبه وأهله ..

لكن الدين يحارب ..

التعصب للأنساب ..

والطعن فيها ..

ويحذر من أن نجعل الأنساب ..

هي الميزان عند الناس ..

ومقياس الشرف والرجولة ..

وأنا والله لا أقدح بآل فلان ولا فلان ..

ولكن الكلام للجميع عام ..

عباد الله ..

إن الإسلام حرَّم العصبية والظلم ..

وأوجب التسامح والعدل ..

كانت الجاهلية تقول :

انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ..

ويعنون بذلك ظاهر الكلام ، فهم ينصرونه في الحالين سواء كان ظالماً أو مظلوماً ، ولم يقصد أنهم يكفونه عن الظلم كما أمر الإسلام ..

يقول أحدهم :

إذا أنا لم أنصر أخي وهو ظالم ***** على القوم لم أنصر أخي حين يظلم

قال تعالى : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}..

ووصف النبي صلى الله عليه وسلم الذي ينصر قومه تعصباً بوصف شنيع ينبأ عن شناعة فعله ..

ففي الحديث الذي أخرجه داود في سننه وابن حبان في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال :

( من نصر قومه على غير حق فهو كالبعير الذي ردي ، فهو ينزع بذنبه ) ..

سُئل زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم ؛ عن التعصب المذموم فقال : العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خير من خيار قوم آخرين ..

اسمع بارك الله فيك ..

العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خير من خيار قوم
آخرين ..

وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ..

ولكن من العصبية أن يعين قومه على الظلم ..

عباد الله ..

لقد أصبحت القبلية هي المقياس عند كثير من الناس ..

عجيبٌ أمرهم ..

يغضبون للقبلية ، ولا يغضبون للدّين !!..

ينتصرون للقبلية ، ولا ينتصرون للدّين !!..

يُعادون ويوالون للقبلية ، ولا يوالون للدّين !!..

أصبحنا نعظم العادات والتقاليد أكثر من تعظيمنا للشرع والدين ..

يسرق أحدهم ، ويزني ، ويرابي ، ويعلم هذا عنه فلا يُنكر عليه ..

ولو زوَّج ابنته لرجل من غير قبيلة لثارت ثائرته ، واشتعلت عنده الحمية حمية الجاهلية ..

أصبحت مجتمعاتنا محكومة بنظرة التعالي وتغليب معيار القبلية على كل المعايير ولو على حساب الدين ..

أحبتي ..

إن منهج لا إله إلا الله جاء ليضمن مبدأ المساواة بين الناس ..

وأنهم كلهم عند الله سواسية كأسنان المشط ..

فكان اتباع الأنبياء هم الضعفاء والفقراء ..

لأنهم استشعروا العدل والإنصاف في ظل لا إله إلا الله ..

قال سادة القوم لنوح عليه السلام لما التف حوله الضعفاء : { أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ، إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ ، وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُّبِينٌ } ..

وكذا قال كبراء القوم من قريش لنبينا صلى الله عليه وسلم لما رأوا حوله بلالاً وابن مسعود والضعفاء من القوم ..

قالوا اطردهم حتى نؤمن بك ونجلس معك ..

فقال الله لنبيه : { وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَـؤُلاء مَنَّ اللّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ } ..

أما علم أهل الترفع وأهل العصبية ، أنَّ من يحتقرونهم ومن يزدرونهم قد يكونون أحسن منهم عند الله ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( ربَّ أشعث أغبر مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره ) ..

تقول السير والأخبار أن جبلة ملك غسان أسلم ..

أسلم على زمن عمر وجاء إلى المدينة في موكب ما رأت المدينة مثله ، فبايع عمر ثم مضى إلى مكة للعمرة ..

فبينما هو يطوف على الكعبة ، وقد جرَّ إزاره فداسه إعرابي _ داس الإزار إعرابي _ دون أن يقصد ذلك ، فصفعه جبلة على وجهه ، فذهب الإعرابي يشتكي عند عمر رضي الله عنه وأرضاه فاستدعى عمر جبلة وسأله عن الأمر فقال : نعم صفعته ..

قال : نعم صفعته ، ولولا حرمتك يا أمير المؤمنين لقطعت رقبته ..

فال عمر رضي الله عنه :

أما و قد اعترفت فلا بدّ من القصاص ..

أما و قد اعترفت فلا بدَّ من القصاص ..

لا بدّ أن يصفعك كما صفعته إلا أن يتنازل عن ذلك ويسمح ..

فقال جبلة الذي لا تزال رواسب الجاهلية باقية في عقله :إيصفعني وأنا ملك ..

أيصفعني وأنا ملك وهو من سوقة الناس ..

فقال عمر رضي الله عنه _ واسمع وافهم ما قال _ ..

قال : إنَّ الإسلام قد ساوى بينكما ..

إنَّ الإسلام قد ساوى بينكما ..

الكل عند الله سواسية ..

لا فضل لأحد على أحد ..

كلكم لآدم وآدم من تراب ..

فقال جبلة : أمهلني إلى الغد ..

فأمهله عمر رضي الله عنه ..

ففرَّ إلى الشام مرتداً عن دينه ، ولو علم الله فيه خيراً لأسمعه ..

هذه هي معتقدات وأفكار الجاهلية التي جاء الإسلام لينبذها ويحاربها ويعيد الأمور إلى نصابها ..

إن الإسلام عباد الله ..

يرفض العصبية ، والنعرات الجاهلية ، ويحارب هذه الأفكار الدنيئة التي تجعل تفرقة بين المسلم وأخيه ..

ونحن إذ نطلق هذه الكلمات من هذا المنبر لنحذر الناس من مغبة العصبية القبلية..

فإنَّ من أسباب ضعف المسلمين وضعف العرب خاصة هذه الإنقسامات وهذه الجاهلية التي مزقت وحدة الأمة وكانت سبباً في إضعافها ..

فأصبحت مصالح القبلية مقدمة على مصالح الآخرين ..

بل حتى على مصالح الإسلام والدين ..

وصلنا إلى حالة ضاع فيها الولاء والانتصار للدين ..

وأصبح الولاء ، والانتصار ، والغضب للقبيلة والجاهلية ..

إن هذا الدفاع المصرف والتعصب القبلي كان مصدراً لكثير من الحروب النزاعات ..

وهذا التعصب ساعد على انتشار عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان ..

في بعض المجالس يُستهزأ بدين الله ، فلا ينتصر للدين أحد ..

ولو ذكرت قبيلة فلان أو فلان أو انتقصت ، لاقتتل المجلس ..

ولقد شهدت هذا بأم عيني ..

والله شهدت مثل هذا بأم عيني ..

ولوكان بأيدي القوم السلاح لاقتتلوا ..

أين الاحتكام للشرع والغيرة على الدين !..

والمجتمع يغرق في الربا ، والزنا ، والمحرمات !..

لي فيك يا ليل آهات أرددها ***** أوّاه لـو أجت المحــزون أوّاه

أنَّا التفـت للإسـلام في بلد ***** وجدته كالطير مقصوصاً جناحاه

وصل الأمر عباد الله إلى حد لا يُسكت عليه ..

ذهبت إلى إحدى مدن الشمال منذ أشهر لإلقاء محاضرة هناك ..

فوصلت عصراً ، وكانت الأجواء متوترة ، وغيوم الحقد منتشرة ..

فالتقيت رئيس المحاكم أول ما وصلت ..

فكان من كلامه لي أن تكلم في محاضرتك عن خطر التعصب القبلي ، وآثاره على المجتمع ..

فقلت : وما سبب هذا الكلام ؟!..

اسمع رعاك الله ..

لقد وصل الأمر إلى درجة أنه حتى أفراد القبيلة الواحدة بينها فروقات ، ومفاضلات ، ودرجات ..

وأصبحنا نربي صغارنا ونغرس في أنفسهم مثل هذه النعرات ..

ألا فليفرح وليشمت فينا الأعداء ..

قال لي رئيس المحاكم :

حدثت عندنا اليوم جريمة قتل راح ضحيتها أحد الشباب

وكاد القوم يقتتلون ولكن الله سلم ..

ما القصة ، وما الخبر !!..

هما شابان من طلاب الثانوية لم تتجاوز أعمارهما السابعة عشرة من الأعمار ينتميان إلى نفس القبيلة ، لكن هذا من طبقة وهذا من طبقة أخرى _ كما يقولون _ ..

الذي حدث أن أحدهما عيَّر صاحبه بشيء من ماضي أهله ، فثارت ثائرة الشاب وحرَّضه الأصحاب ..

فتربص لصاحبه حين خرج من المدرسة فأطلق في رأسه النار ..

وأطلق في رأسه النار فأرداه قتيلاً ..

ألا فليفرح الآباء !!..

ألا فليفرح الآباء بمثل هذا على مرأى ومسمع من الجميع انتصاراً للماضي الذي قد مضى وكان ..

واجتمع أهل هذا وأهل ذاك ، وكادت تكون مقتلة ولكن الله سلم ..

ووالله لقد سمعت في مجلس من المجالس ابن العاشرة يسأل قرينه :

ما أصلك أنت ، وما فصلك ؟!..

ابن العاشرة يسأل قرينه ..

ما أصلك أنت ، وما فصلك ؟!..

وتعالت أصوات الصغار في المجلس ..

ألا فليفرح الآباء على مثل هذه التربية !!..

بدل أن يحببوهم بالإسلام وبدينهم ؛ يرغبونهم بماضي الآباء والأجداد !!..

اتقوا الله عباد الله ..

اتقوا الله عباد الله ..

هذه هي ..هي الجاهلية التي حاربها الإسلام ..

من كنا قبل الإسلام ، وماذا صرنا بعد الإسلام ..

لقد علم نبينا صلى الله عليه وسلم أنَّ الأمة لا تقوم لها قائمة إلا بالأخوة بين أفرادها وقبائلها..

فكانت أول خطوة بعد الهجرة من مكة إلى المدينة ..

أن آخى بين المهاجرين والأنصار ..

وبلغت الأخوة الإيمانية ذروتها ..

فكان الأنصاري يقول لأخيه من المهاجرين :

هذا مالي اقسمه بيني وبينك ..

ولي زوجتان أطلق إحداهما فتتزوجها أنت ..

وقد أغضب أعداء الله من يهود ومنافقين ومشركين ما رأوا من حب ، وودّ ووئام بين المسلمين ، وكيف زالت بينهم الطبقية والعصبية تحت راية الإسلام ..

فحرصوا على إيقاد الفتن ، وإشعال النيران ..

وما وجدوا إلى ذلك سبيلاً إلا عن طريق النعرات الجاهلية والتعصبات القبلية ..

فمرَّ أحد أحبار اليهود الحاقدين ، وكان عظيم الحقد على المسلمين ؛ عظيم الكفر ؛ ومن رؤوساء المنافقين ..

مرَّ على نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فغاظه ما رآهم عليه من ألفة ومحبة ، وهم الذين كانوا إلى عهد قريب لا يلتقون إلا في معارك تسيل فيها الدماء ، وتزهق فيها الأرواح ..

فقال بكل حقد : لا والله مالنا معهم إذا اجتمع ملأهم في المدينة من قرار ..

مالنا في المدينة معهم من قرار إذا ظلوا على هذه المحبة والمودة ..

علموا أن ..

قوتنا في اعتصامنا ..

وتآلف قلوبنا ..

وزوال آثار الجاهلية من مجتمعاتنا ..

فأمر ذلك اليهودي أحد الشباب اليهود أن يندس بين بين جمع الأوس والخزرج ، وأن يثير بينهم أخبار الجاهلية ، ونعرات القبلية ، ويذكرهم بالذكريات الأليمة ..

وخاصة يوم بعاث ذلك اليوم الذي تقاتل فيه الأوس والخزرج لأتفه الأسباب ..

حصدت فيه الأرواح من الفريقين ومن الخزرج خاصة ، وكاد الأوس يبيدون أخوانههم من الخزرج عن بكرة أبيهم ..

فاندس الخبيث بين الجمع وأخذ باشعال النار ، وإيقاد الفتنة ، وأخذ ينشد الأشعار ، ويذكر بما كان في حرب بعاث من أخبار ..

فظهرت الفتنة ، وتلاسن الحيّان ، وأخذ كل منهما يفاخر الآخر وينازعه ..

وتحول الجدل إلى ما هو أخطر من ذلك ..

فقام أحد زعماء الخزرج متحدياً للأوس قائلاً : إن شئتم رددناها ..

إن شئتم رددناها ..

فاشتط الغضب بالفريقين ، وتواعدوا للحرب ، وأعلنوا النفير ، وأخذوا سلاحهم ، وتوجهوا للمكان المحدد ..

وكاد اليهود ينجحون في أهدافهم الخبيثة لولا لطف من الله تبارك وتعالى ..

بلغ الخبر النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فقام مسرعاً ، فوجد القوم قد اجتمعوا وعلى وشك الاقتتال ؛ فقام بينهم خطيباً فقال :

( يا معشر المسلمين ) _ ما قال أوس أو خزرج _ ..

قال :

( يا معشر المسلمين .. الله .. الله ..أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ..

الله .. الله ..أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ..

دعوها فإنها منتنة ..

بعد أن هداكم الله للإسلام ، وأكرمكم به ..

وقطع عنكم أمر الجاهلية ..

واستنقذكم به من الكفر ..

وألَّف بين قلوبكم ) ..

فلما سمع الرجال الكلام عادوا إلى رشدهم ، وأدركوا أنها مكيدة يهودية ، فأغمدوا سيوفهم ، ونكسوا رماحهم ، ثم استرجعوا ، وبكوا ، وأخذ الرجال من القبيلتين يعانق بعضهم بعضاً ..

فأنزل الملك العلَّام :{ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } ..

نعم عباد الله ..

القوة ..

في الاعتصام ، والاجتماع ..

والضعف ..

في الفرقة ، والانشقاق ..

وحبل الله هو القرآن الذي { لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ } ..

كيف كنا قبل القرآن ، وقبل الاعتصام بكلام الرحمن !!..

كنا قبائل متناحرة متقاتلة لأتفه الأسباب ..

يسطو القوي على الضعيف ، وكأنها حياة في الغاب ..

فألف الإسلام بين القلوب ..

وزكّى تلك النفوس ..

ورفع الإسلام شعار :

{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} ..

أي في الدين والحرمة لا في النسب ..

ولهذا قالوا وأكدوا ..

أن أخوة الدين أثبت وأقوى من أخوة النسب ..

فإنَّ أخوة النسب ..

تنقطع بمخالفة الدين ..

وأخوة الدين ..

لا تنقطع بمخالفة النسب ..

قال الله : { لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ } ..

إنه الإيمان ..

الذي يصنع مثل تلك المواقف ..

ويصنع أولئك الرجال ..

قال صلى الله عليه وسلم :

( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ..التقوى ها هنا _ ويشير إلى صدره ثلاث مرات _ بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ) ..

( كل المسلم على المسلم حرام ) ..

لسان حال المسلم الصادق :

إذا اشتكى مسلمٌ في الهند أرّقني ***** وإن بكى مسلمٌ في الصـين أبكاني

مصر ريحانتي ، والشام نرجستي ***** وفي الجزيرة تـاريخـي وعنـواني

أرى بُخـارى بلادي وهي نائيةٌ ***** وأستريح إلى ذكـرى خراسـانِ

وأينما ذكر اسـم الله في بـلد ***** عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني

شـريـعة الله لـمّت شـملنا ***** وبَنَـت لنا معـالم إحسانٍ وإيمـانِ

القضية يا عباد الله ..

ليست قضية من أنا ؟!..

القضية يا عباد الله ليست ..

قضية من أنا ؟!..

لكن القضية ..

قضية إسلام يُنتهك هنا وهناك ..

ونحن لا زلنا نقول : أنت ابن من ، وتنتمي إلى من ؟!..

بلال ..حبشي ..

وصهيب ..رومي ..

وسلمان ..فارسي ..

وصلاح الدين ..كردي ..

والبخاري ..بخاري ..

وغيرهم ، وغيرهم ..

سطَّر التاريخ أسماءهم ..

ليس لانتمائهم ، ولا لأصولهم ..

ولكن لأفعالهم ..

العالم الغربي ساد وشاد ، وبلغ بعلومه القمر ، والكواكب ، والنجوم ..

ولا زلنا نقول : أنت ابن من ؟!..

ولا زلنا نقول : أنت ابن من ؟!..

إنَّ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ..

إنَّ الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل ..

هم ارتقوا ..

ونحن تأخرنا لأننا عدنا إلى الجاهلية التي جاء الإسلام ليخرجنا منها ..

عن محمد بن سعد إنَّ حكيم بن حزام رضي الله عنه بكى يوماً فقال له ابنه :

ما يبكيك أبتاه ؟!..

قال خصال كلها أبكتني ..

أما أولها فتأخر إسلامي حين سُبقت في مواطن كلها صالحة ..

ونجوت يوم بدر و أحد فقلت : لا أخرج أبداً من مكة ولا أوضع مع قريش ما بقي ..

فبقيت في مكة ويأبى الله إلا أن يشرح صدري للإسلام ، وذلك أني نظرت إلى بقايا قريش لها أسنان متمسكين بما هم عليه من أمر الجاهلية فأقتدي بهم ..

ويا ليتني لم أقتدي بهم ..

ويا ليتني لم أقتدي بهم ..

ما أهلكنا _ والله _ إلا الاقتداء بآبائنا ، وكبرائنا على غير حق ..

وصدق الله حين قال:{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } ..

عباد الله ..

ومما ورثت مجتمعاتنا وفي الجزيرة خاصة ما يجري من بعض الناس _ ويا للأسف_ من التفريق بين ما يسمى القبيلي والخضيري ..

وأصبح شغل الناس الشاغل ..

هذا له أصل ..

وهذا لا أصل له ..

سلم منا اليهود والنصارى ..

ولم نسلم من بعضنا البعض ..

وأصبح هذا هو المقياس ..

ومع الأسف الشديد ..

أنَّ هذا يقع حتى من بعض المنتسبين إلى العلم والصلاح ..

للأسف الشديد ..

أنَّ هذا يقع حتى من بعض المنتسبين إلى العلم والصلاح ..

فأصبح المجتمع ..

لا يزوج بعضه بعضاً ..

ويرى البعض البعض دونهم في المنزلة ..

ويصفون الناس بصفات لا تليق ..

ولا ريب ولا شك أنَّ هذا ..

مخالف للنصوص الشرعية ..

ومخالف لمفاهيم الدين التي جاءت ..

لتجمع الكلمة ..

وتوحد الصف ..

وتساوي بين المسلمين ..

لقد فرط الناس _ عباد الله _ في أسباب عزهم وكرامتهم من ..

طاعة لله ..

وتقواه ..

وحفظ كتابه ..

والإخلاص له ..

وتطبيق سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ..

وفرطوا في الأعمال الصالحة التي فيها ..

يتنافس المتنافسون ..

ولمثلها يعمل العاملون ..

واستبدلوه بما يذلهم ويجلب العداوة بينهم ..

والذي فيه العودة إلى حطام الجاهلية العمياء ، والتعصب للجنس واللون ..

أما علم المتعصبون للنسب أنَّ الله خلقنا ليختبرنا على حسن أعمالنا كما قال هو سبحانه : { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ ( نسبا !!) } .. بل { أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } ..

أما علموا أنَّ الله جعل مقياس القبول هو ..

التقوى ..

لا الشعارات التي يرفعونها ..

كما قال الله : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} ..

كنا نتوقع أن طلبة العلم والصالحين هم أبعد الناس عن هذا التعصب الأعمى ..

ولكن من المحزن والمؤسف ..

أن نرى بعضهم يتزعمون هذه الأفكار الدنيئة ..

تناسوا قوله صلى الله عليه وسلم :

( من بطَّأ به عمله لم يسرع به نسبه ) رواه مسلم ..

فيا ليت المتعصبين للأحساب والأنساب ، يعرفون مضمار السباق الحقيقي لا المزيف الذي يعيشونه ..

أبي الإسلام لا أبا لي سواه ***** إن افتخروا بقيس أو تميم

عباد الله ..

ومن جراء هذا العصبية ظُلم كثير من أفراد المجتمع ظلماً ظاهراً ..

وخاصة النساء والفتيات ..

اللاتي أصبحن ضحايا هذه الحروب القبلية في كثير من المناطق عندنا ..

فمحرّم عليها أن تتزوج ..

إلا من ابن عمها ..

حتى ولو كان أفجر الفاجرين ..

ويُرد من أتى لخطبتها ..

لأنه ليس فصيلتنا ..

حتى لو كان أتقى العابدين ، وأفضل الزاهدين ..

فهو حقير ذليل ليس له أصل ، أو أنَّ أصلنا يفوق أصله ..

أصبحت الفتاة هي الضحية ..

بل يرى أهل التعصب ..

أنَّ الرجل يحق له أن يتزوج ممن هي أقل منه ..

لكن يستحيل ذلك على الفتاة ..

ألا ترون عباد الله ..

أنَّ هذا يخلق جواً من العداء ، والحساسية ..

ويولد جواً من الحقد ، والحسد بين أفراد المجتمع الواحد ..

وما جاء الإسلام ليقرَّ هذا ..

ما جاء الإسلام ليقرَّ هذا ..

بل والله ..

من أجل التعصب والجاهلية ضربوا بعرض الحائط ..

الأدلة والبراهين من الكتاب والسنة ..

وحرفوها إلى ما يناسب هذا التعصب وهذه الجاهلية ..

فلو قيل لهم إن الله يقول : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } قالوا : هذا في الآخرة وليس في الدنيا ..

وعلى هذا يكون أبو جهل القرشي الكافر المشرك خير من بلال الحبشي المسلم المؤمن ..أليس كذلك ؟!..

ثم يستدلون بأدلة ليس لها من الصحة شيئاً ..

ولا يُعمل بها لضعفها ومنها قولهم :

( تخيروا لنطفكم فإنَّ العرق دسَّاس ) هذا ضعيف لا يُعمل به ..

والأصح منه ما قال صلى الله عليه وسلم :

( تخيروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفَّاء ) ..

( تخيروا لنطفكم ولا تضعوها في غير الأكفَّاء ) صححه الحاكم ..

ولو على فرض أن قلنا أنَّ العرق دسَّاس ..

فالمقصود تخيروا الصلاح وبيوت الصلاح ، لا بيوت الفاسد كما قال صلى الله عليه وسلم :

( إياكم وخضراء الدمن ) ..

قالوا : وما خضراء الدمن يا رسول الله ؟..

قال :

( المرأة الحسناء في المنبت السوء ) ..

اسمع كيف يضربون بالأدلة الشرعية عرض الحائط ولا يبالون ..

عشرات المرات تأتي مثل هذا الاتصالات من الفتيات المظلومات ..

قالت لي : تقدم لي صاحب الأخلاق والدين وممن يشهد الجميع بصلاحه ..

فرده أبي لأنه ليس من قبيلتنا _ كما قال _ ..

وبلهجته التي يتلكم بها هذا ليس منا ولا فينا _ كما يقول _ ..

قلت : أبي ..هو حافظ للقرآن ، ومحافظ على أوامر الرحمن ..

قال : قرآنه له ..

فقال : قرآنه له ..

أما أنا فأريد الأصل والفصل ..

وليته سكت ..

وليته سكت ..

بل زاد وقال : لو أتاك سكيّر ، عربيد ، قاطع طريق ؛ من قبيلتنا تتزوجيه رغم أنفك ..

تتزوجيه رغم أنفك ..

وأخرى تقول : تقدم لي منذ ثلاث سنوات من عُرف عنه الصلاح والفلاح فوافق أبي واعترض أخي لهوىً في نفسه ..

ثم عاد وطلبني مرة ثانية بعد ثلاث سنوات ما تقدم لي فيها أحد ..

تزوجت صويحباتي ، وأنا في البيت تمر عليَّ السنوات ، فرده مرة ثانية وقال _ قال الأب _ أنا لا أريد أن أخسر ولدي ..

أنا لا أريد أن أخسر ولدي ..

الله أكبر ..

أما هي فتخسرها !!..

أما هي فلا بأس أن تخسرها لأنها لا قيمة لها !!..

القيمة للولد ، ولا قيمة للفتاة ..

هل هذا هو العدل والانصاف !!..

هل هذا هو العدل والانصاف الذي أمرنا الله به !!..

{ وَالسَّمَاء رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ، أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ، وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} ..

وصاحبة مأساة أخرى تقول باكية : يريدون تزويجي من ابن عمي وهو معروف عنه أنه لا يصلي ، ولا يصوم ، وأنا حافظة للقرآن ..

قلت : ألا يوجد مستقيم بين أخوانك !..

قالت : بلى ..ليته لم يوجد ..

قالت : بلى ..

قلت : عرضت عليه الأمر !..

قالت : عرضت عليه الأمر ..

فقال : لعل هدايته على يديك ..

لعل هدايته على يديك ..

يخاطرون بي ..

تقول : يخاطرون بي ، وبديني ، وبقرآني من أجل عاداتهم وقبليتهم ..

تقول : أقسم بالله إني أكرههم واحداً واحداً ..

تقول باكية : أقسم بالله إني أكرههم واحداً واحداً ..

إنهم يرضون أنفسهم ، وقبليتهم على حساب سعادتي أنا ..

هل تلومونها !!..

لوموا أنفسكم يوم أن سكتنا على هذا الظلم والعار ..

وآخر ردَّ صاحب الأخلاق والدين وقيل له في ذلك فقال : دينه له ..

فقال : دينه له ..

ثم قال وزاد : ماذا سأقول للناس ..

ماذا سأقول للناس إذا قبلت به ..

الله أكبر ..

وماذا ستقول لربّ الناس ؟!..

ماذا ستقول لربّ الناس حين يسألك : أتاك من يحمل ديني ، ويتزين بأخلاق الإسلام فرددته إرضاء لفلان وفلان ؟..

أما قال صلى الله عليه وسلم :

( من ابتغى رضا الله في سخط الناس ..

رضى الله عنه وأرضى الناس عنه ..

ومن ابتغى رضا الناس في سخط الله ..

سخط الله عليه وأسخط الناس عليه ) ..

عباد الله ..

البنت ليست سلعة ..

وعقد الزواج ليس صفقة تجارية ..

والعاقل هو الذي يبحث عمن يسعد ابنته ..

ولا يكون ذلك إلا بالمواصفات التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم ، قال :

( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير ) ..

قالوا : يا رسول الله وإذا كان فيه ما كان ؟!..

قال :

( إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه ) ..قالها ثلاث مرات ..

هذا هو المقياس في نظر الإسلام ..

فكفاءة المرء منوطة ..

بكمال ..

خلقه ..

ودينه ..

لا بماله ..

لا بمنصبه ..

لا بحسبه ..

كما قال الله : { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ } في الدنيا وفي الاخرة ، لا كما يزعمون ..

فكفاءة الدين ، والخلق ..

هي المرجح الأول لقبول الخاطب ..

أما كفاءة الوسط الاجتماعي التي تتحدد بالمال ، والمنصب ، والنسب ..

فلا يصح بحال من الأحوال أن تُقدم على دين ربّ العالمين ..

لا يصح ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقدم العادات على ميزان ربّ العالمين ..

فإنه حينها يكون تغليباً للاعتبارات الوثنية الجاهلية على اعتبارات الإسلام بمثله العليا ..

وهو من الفتنة والفساد الكبير الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم ..

وأي فتنة _ عباد الله _ أعظم ..

وأي فساد أكبر ..

حين توضع الفتاة المؤمنة بين يدي رجل متحلل ..

لا يعرف للدين قيمة ..

مفرط في الصلوات ..

متهاون في الطاعات ..

فكم من فتاة أصبحت مستهترة بدينها وعقيدتها ، نبذت الفضيلة والأخلاق ، وطرحت الشرف يوم أن تزوجت بذلك الذي لا دين فيه ولا خُلق ..

ولك أن تتخيل ماذا ستنتج لنا هذه البيوت ..

وأي رجال أو أبطال سيربون لنا ويخرّجون ..

عباد الله ..

لا بد من تصحيح المفاهيم ..

ولا بد من تصحيح الموازين ..

عند البخاري من حديث سهل بن سعد قال :

مرَّ رجل علينا ونحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لرجل عندنا : ( ماذا تقول في هذا الرجل ؟!) ..

قال : يا رسول الله هذا من أشراف أهل المدينة ..

هذا من أحسنهم حسباً ونسباً ..

هذا من أكثرهم مالا ..

هذا حري ..

إن خطب يخطب ..

وإن تكلم يُسمع ..

وإن شفع يُشفع ..

فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ..

ثم مرَّ رجل آخر فقال للرجل نفسه :

( فماذا تقول لهذا الرجل ؟!) ..

قال يا رسول الله : هذا من فقراء الأنصار ..

هذا لا حسب ولا نسب ..

هذا حري ..

إن خطب ما يُخطب ..

وإن تكلم ما يُسمع ..

وإن شفع ما يُشفع ..

فقال الصادق المصدوق :

( هذا _ يعني الفقير اللي لا حسب ولا نسب _ هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ) ..

هذا _ الذي في نظرك الذي إذا تكلم ما يسمع ، وإذا شفع ما يشفع ، وإذا خطب ما يخطب ..( هذا خير من ملء الأرض من مثل هذا ) ..

عجيب أمرنا ..

أصبح عندنا من التعصب ، والانتصار والغيرة على عادات القبيلة أكثر مما هو على الدين وأعراض والمسلمين ..

أخبرني صاحب لي أنَّ عمه زوَّج ابنته على شاب صالح من قبيلة أخرى ، فثارت ثائرة بني عمومتها ، فجاء أحدهم ووضع السلاح على رأس ذلك الشاب حتى طلقها ..

وضع السلاح على رأسه حتى طلقها ..

الله أكبر ..

أين شجاعتك ؟!..وأين سلاحك الذي ثار من أجل الجاهلية !!..

أين أنت عن أعراض المسلمات التي تنتهك في العراق وفلسطين والشيشان ..

أين أنت وشجاعتك حتى تدافع عن الأعراض المنتهكة في كل مكان ..

أما عن العادات والجاهلية والقبلية فعندنا استعداد أن نثور ونتقاتل ..

سلم اليهود والنصارى من سيوفنا ..

ولم يسلم أخواننا منها ..

سلمت أعراض اليهود والنصارى من ألسنتنا ..

ولم تسلم أعراض المسلمين منها ..

العين تبكي من مصابك أمتي ***** فإلى متى يا أمتي ننعاك

شتات ، وتناحر ، وتكبر ، وانشغال بتوافه الأمور ..

وأعداؤنا يفعلون بنا ما يفعلون ..

عباد الله ..

لن ننتصر على الجاهلية ..

إلا إذا قوي في قلوبنا الإيمان ..

لن ننتصر على الجاهلية ..

إلا إذا قوي في قلوبنا الإيمان ..

فالإيمان هو القوة التي أزالت الجاهلية بكل ما فيها ..

واسمع معي الأخبار ..

أطلت عليكم ..

لكن الأمر مهم ..

والحاضر لا بد يبلغ الغائب ..

قال الله جل في علاه :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً } ..

سبب نزول هذه الآية ..

روى قتادة وابن عباس ومجاهد : أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب زينب بنت جحش _ وكانت بنت عمته _ فظنت أن الخطبة لنفسه ، فلما تبين أنه يريدها لزيد _ عبد من عبيدهم ، مولى من مواليهم _ كرهت ، وأبت ، وامنتعت ، وامنتع أخواها لنسبها من قريش ، وأن زيداً كان بالأمس عبداً ..

فنزلت الآية ..

فقال أخواها للنبي صلى الله عليه وسلم : مرني بما شئت .. مرني بما شئت ..

فزوجها من زيد ..

قال أهل العلم الراسخين :

وفي هذه الآية دليل بل نص في أن ..

الكفاءة لا تعتبر في الأحساب ..

وإنما تعتبر بالدين ..

ودليل ذلك أن الموالي العبيد تزوجت من قريش أشرف القبائل ، ومن أحسنها نسباً ..

فتزوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت الزبير ..

وزوَّج أبو حذيفة مولاه سالماً من فاطمة بنت الوليد بن عتبة ..

وتزوج بلال الحبشي أخت عبد الرحمن بن عوف ..

بل تقول السير أن بلالاً تزوج من أربع من القرشيات ..

أنَّ بلال العبد الحبشي زوّج من أربع من القرشيات ..

يوم أن كان الميزان ..

هو التقوى ..

انتصر الإيمان ..

فالله أمرنا بطاعته وطاعة رسوله ..

والله أخبرنا أننا أخوة في الإيمان وأنه خلقنا { شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا } ..

وأن الميزان هو ..

ميزان التقوى ..

فما بال أقوام يُقال لهم: { إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ }..فلا يبالون ..

ويُقال لهم : إذا أتاكم صاحب الخلق والدين فزوجوه ..فيقولون : بل نزوّج من أصله وفصله ..

ولو خالف أحدهم عاداتهم وتقاليدهم قاطعوه وهجروه ..

ألا {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}..

اسمع كيف انتصر الإيمان ..

أخبرني أحد الثقات الذين أعرفهم عن رجل فاضل من قبيلة معروفة ..

رجل عُرف عنه الصلاح ، والمحافظة على الحضور للمسجد للصلوات ..

وكان قد تميز في مسجدهم شاب صغير ، أسمر اللون ، يشع نور الإيمان من وجهه ..

يؤمهم في الصلوات ..

يقيم لهم الدروس والكلمات..

فأعجب الرجل به لدينه ، وأخلاقه ، وإيمانه ..

فجاءه يوماً وقال له : عندي بنيات صغيرات جميلات ، فما رأيك أزوجك إحداهن ؟..

فقال : ولكنني لا أملك شيئاً من المال ، ولست من بني فلان أو من بني فلان ..

فقال الرجل الفاضل : والله ما اخترتك لأنك ابن فلان أو ابن فلان ..

ولكنني أخترتك لدينك ، وإيمانك ، وأخلاقك ؛ فعلى بركة الله ..

فزوجه ..

وسمع رجال قبيلته من بني عمومته وغيرهم بذلك ..

فأزبدوا ، وأرعدوا ، وهددوا بمقاطعته ، وعدم الزواج من بناته ..

فأعلناه صريحة لكل هؤلاء :

من رضي بما رضي به الله ورسوله فأهلاً وحيَّا وهلا ..

ومن لم يرضَ فلا أرضاه الله ..

من رضي بما رضي الله به ورسوله فأهلاً مرحباً ..

ومن لم يرضَ فلا أرضاه الله ..

نحن لا نريد مشاكل ، ولا مشاحنات ..

ولكن إلى متى ينتصر الباطل ويسكت أهل الحق عن نصرة الحق ..

ألا ترون أن هذا من أسباب الهوان !!..

عباد الله ..

إن مفهوم الأمة الذي يجب أن نفهمه اليوم ..

أمة تربط أفرادها رابطة العقيدة ..

وليس الدم والنسب ..

فيتحد شعورهم ..

وتتحد أفكارهم ..

وتتحد قبلتهم ووجهتهم ..

ولاؤهم لله ..

وليس للقبيلة ..

احتكامهم للشرع ..

وليس للعرف والجاهلية ..

{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} ..

عبد الله ..

حتى تعرف أن الكل عند الله سواسية ..

ألم ترَ منظر الحجيج يوم الحج الأكبر !!..

ألم ترَ منظر الحجيج يوم الحج الأكبر !!..

بلباس واحد ..

بنداء واحد ..

( كلكم لآدم وآدم من تراب ) ..

أليست هذه الكلمات التي أطلقها نبينا في ذلك المكان !!..

قال علي رضي الله عنه :

الناس من جهة الآباء أكفـاء ***** أبـوهـم آدم ، والأم حــواء

فإن يك لهم من أصلهم شرف ***** يفـاخرون بـه فالطـين والمـاء

وقيمة المرء ما قد كـان يحسنه ***** والجـاهلون لأهل العلم أعـداء

فقم بالعلم ولا تقبـل له بـدلاً ***** فالناس موتى ، وأهل العلم أحياء

آخر الكلام ..

إن قوتنا وعزتنا في..

الاعتصام ..

والاجتماع ..

ونبذ الفرقة وأسبابها ..

يذكر جماعة من النمل رأت جملاً قائماً ..

فقالت أحداهن : تفرقن عنه لا يحطمنّكم بخفه ..

فقالت حكيمة منهن : اجتمعن عليه فاقتلنه ..

اجتمعن عليه فاقتلنه ..

فاتقوا الله عباد الله ..

وأصلحوا ذات بينكم ..

اتقوا الله عباد ..

الله وأصلحوا ذات بينكم ..

وعودوا إلى دينكم ..

وافهموا إسلامكم ..

وحققوا توحيدكم ..

و { اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ..

ما أحسن أن نكون ..

كأسنان المشط ..

وكالبنيان المرصوص ..

متحابين ،بعيدين عن هذه النعرات والجاهليات التي ما أنزل الله بها من سلطان ..





اللهم طهر قلوبنا من النفاق ..

وأعمالنا من الرياء ..

وألسنتنا من الكذب ..

وأعيننا من الخيانة ..

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين ، وقاعدين ، وراقدين ..

اللهم اجمعنا على الإسلام ، وطهر قلوبنا من الجاهلية وأهلها يا ربَّ الأنام..

و الله من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل ..

اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا ..

أصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام ..

آمنا في أوطاننا ، أصلح أئمتنا وولاة أ مورنا ، اجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ربّ العالمين ..

اللهم لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا يا حي يا قيوم ..

عباد الله ..

{ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بَالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِيْ القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعْلَكُمْ تَذَكَّرُونَ } .

فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروا على نعمه يزدكم ولذكر الله أكبر والله ما تصنعون..


 توقيع : بحـہة بكـى



رد مع اقتباس
إنشاء موضوع جديد  إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مدونة, والخطب, المحاضرات, الاسلامية

جديد منتدى همس للخيمة الرمضانية

مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3)
 

الأعضاء الذين قاموا بتقييم هذا الموضوع : 0
لم يقوم أحد بتقييم هذا الموضوع


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة


المواضيع المتشابهه لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية لموضوع: مدونة المحاضرات والخطب الاسلامية
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مع الله من اروع المحاضرات محمد العوضي همسة الشوق همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 20 27 - 9 - 2021 11:23 PM
من اجمل المحاضرات للشيخ نبيل العوضي بعنوان هموم الشباب (ياسمين) همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 12 25 - 3 - 2019 01:03 AM
قسم طلبات المحاضرات والدروس التائب إلى الله همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 5 4 - 7 - 2017 12:33 AM
روع المحاضرات المغربية - الشيخ كمال فهمي - تارك الصلاة نسائم خير همس الصوتيات و المرئيات الإسلامية 7 29 - 12 - 2015 08:56 PM
هم المعالم الاسلامية في اسبانيا همسة الشوق همس للسياحه والسفر 2 22 - 4 - 2015 12:48 AM

Google Pagerank mérés, keresőoptimalizálás

 

{ إلا صلاتي   )
   
||

الساعة الآن 06:52 AM



شبكة همس الشوق ترحب بكل العرب

SEO by vBSEO