التكرارُ في القُرآنِ
الحمدُ للهِ وسلامٌ على عبادهِ الذينَ اصطفى ، وسلامٌ على النَّبيّ ِالمُصطفى
أما بعد :-
قيلَ لي :- ما سببُ التكرارِ في القُرآنِ ؟ ، قلتُ للسائلِ : هلْ يمكن ، أنْ تُصوِّرَ الجامع صورة واحدة ، تُظْهِرُ كلّ جوانبه ؟ قال : لا ، فلا بُدَّ منْ عِدَّةِ لقطاتٍ من جوانبٍ مُختلفةٍ ، قلتُ : هذا سِرُّ التكرارِ في القرآنِ ، حتى قول اللهِ تعالى في سورةِ الرحمنِ : { فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ }الرحمن13، وهيَ أكثرُ آية تكررتْ في سورةٍ واحدةٍ ـ تكررت 31 مرَّة ـ فانَّ كلَّ مرَّة تُذكرُ فيها ، تُشيرُ إلى أمرٍ يُغايرُ ما سبقتْ لهُ في المرَّةِ السَّابقةِ ، فهي بعدَ كُلِّ مَقطعٍ قُرآني في السُّورةِ ، تُذكِّرُ بالنِّعمةِ ، التي أشارَ لها المَقطع ، والقارئُ الفاهمِ للقرآنِ ، لا يصعبُ عليهِ إدراك ذلكَ ، أما التكرارُ في القُصةِ القُرآنيَّةِ ، فيمكنكَ قارئي الكريم ، أنْ تُدركَ سرِّه ، أدناهُ ، والقصة التي اخترتها لكَ هي ـ قصةُ النَّاقةِ ـ ،وقد ذُكرتْ في السُّورِ الآتيةِ ( الأعراف – هود – الإسراء - الشُّعراء – القمر ـ الشّّمس ) ، ثُمَّ ، ذُكرتْ في ( النَّمل - الحِجر - فُصِّلت- الحاقَّة ) ، إشارة لا تصريحاً ، وألان مع الآياتِ :قال تعالى : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ . وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ . قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحاً مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ . قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ . فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ . فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ . فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِن لاَّ تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ }الأعراف 73 -79 ، والدَّارسُ للآياتِ ، يراها ، تكلمتْ عنْ النَّقاطِ الآتيةِ :-
أولاً :- ذَكرتْ أنَّ النَّاقةَ ، هي - ناقة اللهِ - نسبها اللهُ إليهِ ، تعظيماً لها0
ثانياً :- ذَكرتْ الجانب الحضاريّ ، في عهدِ ثَمود ( .. وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ... )0
ثالثاً :- ذَكرتْ الحوار ، الذي دارَ بينَ المُستكبرينَ والمُستضعفينَ ، منْ قومِ صالحٍ ، واستهانة المُستكبرينَ بالمُعجزةِ ، ثُمَّ عقرهم النَّاقة ، ثُمَّ تأتي سورةُ هودٍ ـ آية 61 – 68 ـ فتضيفُ جانباً جديد من الأخبارِ ، قال تعالى : { وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ . قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوّاً قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ . قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ . وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ . فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ . فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ . وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ . كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ } هود آية 61 – 68، فقد بينت ما يلي:-
أولاً : - حوارُ القومِ معَ صالحٍ عليهِ السَّلام ، وردَّهُ عليهم0
ثانياً :- تُحددُ المُدَّةِ ، التي عاشها ، القوم بعدَ عقرِ النَّاقةِ بثلاثةِ أيامٍ ، ثُمَّ أخذتهم الصَّيحة0
ثالثا ً :- بيَّنتْ أنَّ اللهَ تعالى ، نجَّا صالحاً ، والذينَ آمنوا معهُ ( ... فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ...) ، وكلّ هذهِ الأخبارِ، جديدة لمْ تُذكرُ في سورةِ الأعرافِ ، ثمَّ تأتي سورةُ الحجرِ ـ آية 80 - 84 ، قال تعالى : { وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ . وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً آمِنِينَ . فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ . فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، وتذكرُ المكان ، الذي دارتْ عليهِ ، حوادث القصةِ ، إنَّ اسمَ المكانِ ـ الحِجر ـ بكسر الحاء ، وهو مكانٌ بينَ الحجازِ والشَّامِ ، وتُسمى مدائنُ صالحٍ ، وفي سورةِ الشُّعراءِ ، تبرزُ ملامح جديدة في الآياتِ 141 - 159{ كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ . إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ . إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ . أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ . وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً فَارِهِينَ . فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ . وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ . الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ . مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ . قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ . وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ . فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ . فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ . وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ } ، وقد بينت التالي: -
أولاً :- تُبينُ ، أنَّ صالحاً ، لمْ يطلب أجراً ، على دعوتهِ ، (... وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ..)0
ثانياً :- تُخبرنا ، عنْ الجانبِ الزِّراعيِّ في بلادهمْ ، (... أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ . فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ ...)0
ثالثاً :- تُبينُ ، أنَّ القومَّ همْ الذينَ ، طلبوا مُعجزة ، منْ النَّبيِّ صالحٍ ، (... قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ . مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ..)0
رابعاً :- تُظهرُ ندمُ القومِ ، بعدَ عقر النَّاقةِ ، ( ... فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ.. ) ، ومعلومٌ أنَّهُ ندمُ مُشاهدةِ العذابِ ، وليسَ ندمُ التوبةِ ، أمَّا سورةُ النَّملِ ، من الآية 45 - 53 : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ . قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ . قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ . وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ . وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ . فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ . وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ } ، تُحدّثنا السُّورة :- عنْ مُؤامرةٍ ، لِزُعماءِ القومِ ، أرادوا ـ قتلَ صالح عليهِ السَّلامِ ـ وأهله ـ ولكنَّ اللهَ تعالى ، أبطلَ مكرهم وعذَّبهم، ( ... وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ . قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ...) ، وفي سورةِ فُصِّلتْ ، والذَّارياتِ والحاقةِ لمحاتٍ سريعةٍ ، كالتذكرةِ والعبرةِ ، ثُمَّ تأتي سورةُ القمرِ ـ الآيات 23 – 32 : { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ . فَقَالُوا أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ . أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ . سَيَعْلَمُونَ غَداً مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ . إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ . وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ . فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ . فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ . إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ . وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } ، فَتذكرُ لنا ، أنَّ القومَ جميعاً ، قد اشتركوا ، في عقرِ النَّاقةِ ، وذلكَ لأنَّهمْ ، ذهبوا إلى صاحبهمْ لعقرها ، (... فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ ...) ، كما تَذكرُ للمرَّةِ الأُولى ، أنَّ الذي ـ عَقَرَ ـ الناقة ، قدْ شربِ الخَمر ، قبلَ ، أنْ يرتكب جريمته ، لأن الخمرَ تُهَّون الجرائمِ ، ( ... فَتَعَاطَى فَعَقَرَ... )، أي تعاطى الخَمر ، وتأتي سورةُ الشَّمسِ ألآيات 11 – 15: { كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا . إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا . فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا . فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا . وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا } ، وهنا تظهرُ الملامحِ الأخيرةِ ، وتتلخصُ في نقطتينِ : -
الأولى :- أنَّ الرَّجُلَ ، الذي عقرَ النَّاقة ، هو أشقى القومِ ، (... إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا ...)0
الثانية :- أنَّ القومَ ، قدْ أُهْلِكُوا بذنوبهمْ ، لم يظلمهم اللهُ تعالى ، ( ...فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا . وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا )0
وبعد : - هذهِ لمحة سريعة ، أتقدمُ بها بينَ يديكَ أيُّها القارئ الكريم ، حولَ هذا الموضوعِ العظيمِ ، تاركاً لكَ الإجابةِ على هذا السُّؤالِ :- هلْ في القُرآنِ تِكرارٌ ؟ ، وأظنهُ قدْ وضحَ لكَ ذلكَ : أنَّ مجموعَ آيات القرآنِ ، في الموضوعِ الواحدِ ، تُعطي ـ صورة كاملة ـ عن الموضوعِ ، أقولُ ذلكَ: حتى لا تخطيء فهم القرآن0
منْ مُحاضراتِ الأستاذ الشَّيخ محمود محمد غريب / من علماءِ الأزهرِ الشَّريفِ
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24
{رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أََََََََََََََََنزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }آل عمران53
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }البقرة285