الحفلة في بداية عام 1401 تقريبا....
عبدالله البيضاني
اول لقاء بين عيضة بن طوير وعبدالله البيضاني ويكفي هذا العنوان لتكونون مع حديث غير عادي...
انه الولادة الحقيقية لدكتور القصيد وعاصمة الشعر ...عبدالله البيضاني الذي اختار ان تكون البداية من عند اشهر شعراء زمانه ...انه الفحص الدوري معلم الشعراء والرقم الصعب الى وقتنا الحاضر (عيضة بن طوير)
لن اكثر من الكلام سوف اورد نص رائع كتبه الاستاذ الغالي محمد السوادي عن هذه الحادثة التي حضرها صغيرا ولازالت ذكراها في مخيلته...الى اليوم...
ارجوا العذر في عدم صفاء الصوت قليلا نظرا لقدم القصيدة وتواضع التسجيل آن ذاك ...
سماع ممتع للجميع....
وهنا من رفع الاخ سعد الحريري على تحميل الفنون في حالة تعطل موقعي على القوقل
التحميل هنا حفظ باسم...
بقلم الاستاذ والاديب محمد السوادي:
كثيرة هي اللقاءات الشعرية التي تبقى عالقة في الذاكرة فترة زمنية طويلة ، ولقاءات شعر العرضة ليست بمعزل عنها ، فكم من لقاءٍ خلَّده الزمن وبقي محفورًا في أذهان الناس عصورًا عديدة ، غير أن اللقاء الأول الذي جمع قطبي شعر العرضة الجنوبية ( عبدالله بن عيضة البيضاني ) و(عيضة بن طوير المالكي ) بقرية (قرن الشريف) بـ (الحجرة) سيظل الأولى بالتخليد في صفحات تاريخ شعر العرضة ، ورغم صغر سني آنذاك إلا أنه مما سكن ذاكرتي ولن يبرحها ، فالحدث لم يكن عاديـًا ..!
ذلك اللقاء الذي حوى كثيرًا من المتناقضات ، و حيكت حوله كثيرٌ من القصص التي يكاد يصل بعضها إلى درجة ((الخزعبلات)) ..!
اللقاء غريب وعجيب في آن واحد..تجسدت فيه كل معاني الثقة الشعرية..بدأت قصته من سوق الخميس بـ ( الشعراء ) حين سمع البيضاني بأن هنالك ( حفلة) ستقام في المساء يحييها (ابن طوير) و آخرون ، فيسأل عن مكان العرضة بل يدفع مبلغـًا من المال لمن يوصله إليها0
عجيبٌ أمر هذا الفتى الذي لم يبلغ العشرين ربيعـًا من عمره ، كيف اختار أن تكون انطلاقته من أمام جبل شعري هائل ، وبحر لا يعرف مداه؟؟
لا بد أن الثقة بالنفس بلغت منه مبلغها ..
بدأت العرضة ، وبينما عيضة يسرح ويمرح في الميدان وحيدًا و إذا بذلك الفتى يشق الصفوف متقدمـًا نحو المكان المعد للشعراء ، هكذا بلا استئذان ، حقا أنها المغامرة بعينها ، ثم يمسك بمكبر الصوت ويقول:
يا عيضة مالخميس ألفيت ساري
لي ولك منزل الاجواد منزل
ما تحرّيت مكتوبا ومرسـل
و سمعنا عن المحفل و جينا
فيبادره عيضه بقوله: رد ، نتمنى أن يكون الناس كلهم شعراء - قالها بسخرية - فيرد على قصيدته بنفسه :
يا حزا عن يميني وعن يساري
جيشهم طالعًـا ما هو بمنزل
يرسلونه على الخصمي ويرسل
وسمعنا عن المحفل وجينا
حي من ونس أقلوب العشاير ونـاس
باسلالا ومقلوتا ينوب البعيد
وإن تقدم سعد قامت صفوف آل مقبل
يتبعونه بثاره و البيارق معه
استمرت الحفلة ، غير أن الأمور سارت على غير ما كان يتوقعه ابن طوير ، فالذي أمامه ( مفاجأة ) لم يكن يحسب حسابها0
وبدأ اللقاء يأخذ طابع الحدَّة بين الشاعرين مما حدا بعيضة أن يعيب على خصمه قدومه للحفل دونما دعوة حيث قال:
ادخل البيت من بابه وليحانه
والقدم ما حسبت أخطاه و انقوله
فيجيبه البيضاني بقوله :
اسمع الهيض يا عيضة و ليحانة
والخطا ما نبي نرضاه ونقوله
وما كاد يصل اللقاء إلى منتصفه حتى خذل الجمهور عيضة أيما خذلان وانحاز إلى جانب البيضاني إذ لم يبقَ في صفه سوى نفرٍ قليل بعدد أصابع اليد الواحدة ، وبدأ البساط ينسحب من تحت قدميه ، وفي اعتقادي لو أن شاعرًا غير عيضة وقف هذا الموقف ؛ لولى هاربـًا لا يألو على شيء، لكنه عيضه وقف موقفـًا ربما كان أصعب موقف يمر به طوال سنوات عمره بل أجزم بأنه الأصعب فعلا ..!
استمر اللقاء إلى قبيل أذان الفجر ولم ( ينتهي ) حتى أرهق كل منهما خصمه و أخذ منهما التعب كل مأخذ0
هذا اللقاء كان حديث القرية إلى ما يقارب الشهرين حتى أن شريط (الكاسيت) تجاوزت قيمته في تلك الفترة الخمسين ريالا ؛ لشدة الإقبال على شرائه.
*حفل اللقاء بردود فعل من قبل كل شاعر تجاه الآخر ، فماذا قال كل منهما؟!
نقل الرواة – ولا أدري إن كان ما نقلوه حقا أم لا- عن عيضة قوله: إني رأيت قبل الحفلة بليال قليلة رؤيا رأيت فيها أن جسر بيتي انصدع،فحضرت هذا الحفل وأنا مشغول البال وعندما حضر هذا الولد- يعني البيضاني- ارتحت وفهمت أن الرؤيا ما هي إلا هو .. !
وقيل أن عيضة سمع رجلا يقول إن البيضاني شاعر يصيب الهدف مرة ويخطئ مرات، فقال : بل هو شاعر يصيب ولا يخطئ.
أما البيضاني فقد نقل عنه قوله : ابن طوير شاعر لا يؤمن له جانب إن لم تكن حذرا معه أكلك..!ونقل عنه أيضًا : الذي ساعدني في هذا اللقاء- بالإضافة إلى ثقتي بنفسي - عنصران، عنصر المفاجأة إذ لم يكن خصمي يعرفني ، وعنصر الجمهور الذي وقف إلى جانبي..!
وبعد.. فإن كان لي من وجهة نظر فإنني أعتبر هذا اللقاء بمثابة ( المكوك ) الذي صعد بالبيضاني إلى عالم الشهرة وحلَّق به في سماء الإبداع ..!
السوادي