التكامل بين أجهزة «آبل».. بيئة متميزة مشوقة وفعالة
يؤمن تواصل البيانات بين الأجهزة الكومبيوترية والهاتفية
كومبيوتر «ماك» بشاشة «رتينا» قياس 27 بوصة درجة وضوحها «5كيه» - «آيفون» يفتح برامج تتواصل مع الكومبيوتر
نيويورك: «الشرق الأوسط»
شركة «آبل» هي الوحيدة بين شركات التقنية التي تنتج مجموعة كاملة من التقنيات الرقمية التي يستخدمها الناس يوميا، ابتداء من الأجهزة التي يحلو لنا استخدامها، إلى نظم التشغيل التي تسيرها، وصولا إلى التطبيقات والخدمات التي تجعلها مفيدة وفعالة، وفقا لما يقوله تيم كوك المدير التنفيذي للشركة. وخلال الأشهر الأخيرة القليلة طرحت الشركة سلسلة من الأجهزة التي تعمل جيدا كجزء من مجموعة متكاملة. فهي لم تعد تنتج منتجات فردية مستقلة، فهواتفها، وأجهزتها اللوحية، وكومبيوتراتها، ونظم تشغيلها، سواء للأجهزة الجوالة، أو المكتبية، قد اندمجت في عنصر واحد لا يتجزأ. ففي اللحظة التي تشرع في استخدام أحدها، تشعر بميل أكثر لاستخدام المعدات الأخرى، وكلما شاهدت المزيد من منتجات «آبل»، تحسنت خبرتك أكثر فأكثر.
* بيئة «آبل»
لكن حذار! فبيئة «آبل» هذه الجميلة هي كفندق رائع حالما تدخل إليه، فقد لا ترغب في مغادرته بتاتا، كما تقول «نيويورك تايمز». وقد يكون هذا من الأخطاء، إذ من الحكمة أن تجزئ نشاطاتك الكومبيوترية والمال الذي تنفقه على ذلك على المنصات التقنية السائدة، ففي حالة موت إحداها، أو أنها عملت بشكل مخالف لإرادتك، فقد لا يكون صعبا اللجوء إلى منصة أخرى. لكن تبقى الاستراتيجية الأفضل، وهي قم بشراء معدات «آبل» وأجهزتها، واستخدم خدمات «غوغل»، واحصل على الوسائط المتعددة من «أمازون»، وبذلك تحصل على الأفضل من العوالم كافة، فمعدات «آبل» وأجهزتها هي الأفضل، وخدمات «غوغل» موجودة في كل مكان، ووسائط «أمازون» هي رخيصة التكلفة، وتعمل في كل مكان، من دون الحاجة إلى الالتزام بواحد منها.
وقبل أسابيع، ولاختبار منتجات «آبل»، تجاهل خبير فني هذه النصيحة ودخل كليا في بيئتها، وقام باستخدام آخر هواتفها من «آيفون»، وأحدث أجهزتها من «آيباد»، والجهاز المكتبي الجديد الرائع الذي طرح للبيع أخيرا باسم «آيماك» بشاشة «ريتينا 5كيه». كذلك استخدم النسخة الأخيرة من نظام تشغيل «ماك» الذي يدعى «يوسمتي»، Yosemite، ونظام تشغيل الأجهزة الجوالة «آي أو إس 8.1» iOS 8.1 الموجود على أجهزة «آبل» اللوحية وهواتفها.
وبقدر استطاعته حاول الخبير أن يحول غالبية عمله إلى تطبيقات «آبل». وتخلى عن استخدام متصفح «غوغل كروم» لصالح «آبل سفاري»، كما غير من واجهة تفاعل «جي مايل ويب» إلى تطبيق «آبل مايل» وشرع في الكتابة على «باييجيس»، الذي هو تطبيق معالجة الكلمات في «آبل»، بدلا من «مايكروسوفت»، كما بدأ يسدد مدفوعاته، عن طريق «آبل باي» للمدفوعات.
وقد اكتشف في غالبية الأمور هو ما وعدت به «آبل»، وهو التكامل بين الأجهزة والبرمجيات التي تعمل بشكل بديهي وحدسي أثناء التنقل بين الأجهزة الرائعة جميعها.
وفي الماضي كان لـ«آبل» نظامان للتشغيل يشكلان جزيرتين متميزتين، والنظامان اللذان يشغلان «ماك» والأجهزة الجوالة، كان لهما مظهران مرئيان مختلفان بشدة، والذي يحصل في أي منهما يبقى هناك من دون تغيير. لكن حاليا مع «يوسمتي»، يقوم «ماك» بمشاركة «آيفون» بجمالياته الكاملة مع الكثير من الأيقونات التي تتوزع عبر المنصتين حاملة تشابها مثيرا.
* تشارك الأجهزة
والنتيجة تخفيض حميد في الحمل المعرفي، فعندما يجري التحول من آلة إلى أخرى، تقوم الأزرار وتوجيهات واجهة البيانات بالتحول أيضا، مما يقلل من التخمينات لدى الكبس على كل منها. فإذا كنت معتادا على زر التشارك في «آيفون» المربع المبهم بسهم متجه إلى أعلى، فإن ظهوره على جهاز «ماك» يكون منطقيا جدا. وفي «الباحث» (فايندر) يمكن النقر على «مشاركة» (شاير) لإرسال وثيقة بالبريد الإلكتروني، أو نشر صورة على «فيسبوك». وفي «سفاري» انقر على «مشاركة» للتغريد لأحد الروابط. وتعمل الكثير من الأزرار بالأسلوب ذاته عبر الأجهزة جميعها.
لقد باتت بيئة «آبل» متكاملة حاليا إلى درجة أن الأماكن التي لم تمتزج ببعضها حتى الآن، تبرز بنحو صارخ ومزعج. فبعض أيقونات «ماك» ورموزها تبدو حاليا مختلفة بنحو غير ضروري عن تلك الموجودة على أجهزة «آي أو إس»، وبعضها مختلف جدا حتى يظن أن ذلك عائد إلى خبث مصمميها. ففي «آي أو إس» تكون أيقونة تطبيق الرسائل خضراء وبيضاء، وفي «ماك» زرقاء وبيضاء، وفي هواتف «آيفون» الجديدة يكون زر الطاقة على الجانب الأيمن من الجهاز، أما في أجهزة «آيباد» الجديدة فموجود في الأعلى. وهذه ليست أخطاء كبيرة، إلا أن «آبل» مهووسة بالتفاصيل.
والجهد الواضح لترويج التكامل بين الأجهزة الجوالة و«ماك»، واضح في مجموعة من المميزات التي تدعوها «آبل» بـ«الاستمرارية»، وهي تتيح بشكل واسع التشارك في المصادر، مثل تواصل بياناتك الخليوية بين جهاز «ماك» وهاتفك، ومن ثم التقاط ما انقطع من هاتفك، أو جهازك اللوحي، أو الكومبيوتر. وللوهلة الأولى قد لا يبدو ذلك شيئا جديدا، فغالبية الهواتف بما في ذلك «آيفون»، لها القدرة منذ أمد طويل على التشارك بالاتصالات مع الكومبيوترات. فـ«غوغل» مثلا تتيح مزامنة البيانات عبر جميع أجهزتها، كما أن مجموعة من برامج المجموعة الثالثة، وأهمها «دروبوكس» تتيح لك المشاركة بالملفات.
بيد أن إنجازات «آبل» في كل هذه السمات تبرز جدا لبساطتها وسهولة استخدامها. ومثال على ذلك مزية «هوتسبوت» الفورية. فلدى التوجه إلى «واي - فاي» في لائحة مهام كومبيوتر «ماك» لاختيار التواصل مع الإنترنت، ترى أن هاتفك مدرج كطريقة للتواصل معه إذا كان قريبا منه. وعادة لا توجد خطوات تركيب مطلوبة، أو كلمة سر، فقط قم باختيار هذا الخيار ليعمل الأسلوب، ويصبح الكومبيوتر موصولا بالإنترنت عبر الهاتف.
إن هذا الاندماج والتكامل لدى «آبل» يحمل في طياته الكثير من الوعود في تسهيل واحد من الكثير من التحديات الصعبة في العصر الرقمي، ألا وهو إدارة التحول والانتقال بين الشاشات المختلفة التي نعمل عليها على أساس يومي.